هل يُنقذ الصغار صناعة الموضة؟

المصممون يعقدون آمالاً كبيرة على قطاع ملابس الأطفال

من مقترحات «ليم» للأم والابنة
من مقترحات «ليم» للأم والابنة
TT

هل يُنقذ الصغار صناعة الموضة؟

من مقترحات «ليم» للأم والابنة
من مقترحات «ليم» للأم والابنة

عالم الموضة مطبوع بالتفاؤل. فهو يرى الكأس نصف مملوءة رغم تراجع المبيعات خلال الجائحة، لا سيما بعد الانفراج التدريجي الذي يشهده العالم بفضل عملية التلقيح وتخفيف السلطات الصينية سياستها الصارمة بإعلانها السماح للأزواج بالإنجاب ثلاثة أطفال، في خطوة تضع نهاية لسياسة الطفلين فقط. فالأطفال هم المستقبل، ليس بالنسبة للصين وغيرها من الدول التي لا تريد أن تشيخ فحسب، بل أيضاً بالنسبة لصناع الموضة، الذين يولون اهتماماً أكبر بملابس الأطفال في الآونة الأخيرة. فهذا القطاع واعد يُسجل ارتفاعاً بنسبة تقدر بـ17.2 في المائة منذ عام 2020. وهو ما يُثلج الصدر. شركة «يورومونيتور» للأبحاث أكدت أن مبيعاته فاقت مبيعات قطاع الأزياء النسائية والرجالية في سوق الصين، ويتوقع أن تصل أرباحه إلى 40 مليار دولار بنهاية هذا العام.
من هذا المنظور ليس غريباً أن نرى تهافت أسماء جديدة على دخول هذا القطاع، مُرجحين كفة الربح على كفة الخسارة، إذ لا يبدو أن تعرض بعض الشركات المتخصصة في هذا المجال للإفلاس أو التقليص مثل «ماماس وباباس»، التي أغلقت 27 فرعاً من فروعها هذا العام، وشركة «ماذركاير» التي كانت في الماضي أشبه بمؤسسة تلجأ لها كل أم بريطانية لشراء ملابس مولودها وأطفالها، أثر على شهيتها المفتوحة على توسيع رقعة زبائنها. كذلك النظرة السائدة بأن المستقبل بيد الأطفال يجعل هذا القطاع مُغرياً إلى درجة أن مصممين مستقلين يدخلونه ولأول مرة في عز أزمة «كورونا». هؤلاء استغلوا هدوء الوضع لتنفيذ أحلام كانت معلقة بسبب ضيق الوقت، مثل المصممة الماليزية هانغ تشونغ مؤسسة ماركة «سيلف بورتريت» Self Portrait المعروفة بأزيائها الأنثوية المطبوعة بالدانتيل، التي أطلقت مؤخراً خط أطفال لمن هم تحت الـ12 سنة. المصممة ريجينا بيو بدورها دخلت هذا المجال، مُبررة الأمر بأنه بدافع الحاجة إلى ملابس تغذي نظرتها كأم تريد كل ما هو أنيق ومريح لطفلها. وتشرح أنها فوجئت بعدم توفر ملابس متنوعة بالسوق يمكن أن تناسب طفلها البالغ من العمر أربع سنوات. وجدت أن ملابس الأطفال تفتقد أي ابتكار يُذكر وكانت «تكتفي بالأزرق والوردي للتفريق بين ملابس الذكور والإناث وعلى بعض الرسمات الكارتونية لإدخال البهجة إليها». بالنسبة لريجينا لم يكن هذا مقبولاً.
في الإمارات شوهدت نفس الظاهرة على يد علامة «ذي غيفينغ موفمنت» The Giving Movement التي أضافت تشكيلة للأطفال إلى مجموعاتها للمرة الأولى. وبما أن هذه العلامة معروفة بأسلوبها المستقى من الشارع والملابس الرياضية فقد راهنت على أن الأطفال مثل الكبار يحتاجون إلى تصاميم مريحة ومنطلقة تتيح لهم اللعب إلى جانب المظهر العملي والأنيق.
وإذا كانت هذه أول تشكيلة تطلقها كل من «سيلف بورتريت» و«دي غيفينغ موفمنت» وريجينا بوي للصغار، فإن بيوت أزياء كبيرة مثل «ديور» و«دولتشي آند غابانا» و«غوتشي» و«بيربري» وغيرها لم تتوقف عن إنتاج هذا الخط، الذي من الخطأ القول إنه جاء وليد جائحة «كورونا». فهذه أعطت فقط فرصة وقت لمن كان يفكر فيه منذ زمن. فقد بدأ في الألفية، وزاد قوة في عام 2010 بدخول مصممين وبيوت أزياء على الخط لأول مرة، من أمثال روكساندا إلينشيك، وستيلا ماكارتني، ومارك جايكوبس، و«فندي»، و«لانفان» و«دولتشي آند غابانا». كان دافعهم آنذاك كسب رضا زبائنهم المخلصين ممن يريدون رؤية أطفالهم امتداداً لهم ولأسلوبهم، الأمر الذي يفسر بأن معظم التصاميم كانت نسخة مصغرة عما يقدمونه للكبار وتخضع لنفس الحرفية في مشاغلهم الخاصة.
فقد تأكد لصناع الموضة أن هذا القطاع ما دام يُحركه حب الآباء غير المشروط تجاه فلذات أكبادهم، وتلك الرغبة الملحة في رؤيتهم في أحسن حال وحلة سيبقى متماسكاً ومستمراً.
بيد أن هناك أيضا نظرة تجارية بعيدة المدى مبنية على التجربة وعلى ما يتابعونه على وسائل التواصل الاجتماعي من صور مؤثرات مع أطفالهم. فبعد أن شح المحتوى لجأ الكثير منهم إلى استعراض فلذات أكبادهم في صور مثيرة عززت هذا القطاع وروجت له بشكل واضح. غني عن القول إن من يرسمون الخريطة الشرائية حالياً ويفرضون رأيهم على الساحة كانوا بالأمس القريب أنفسهم أطفالاً. أمر تعرفه دار «ديور» منذ عقود، حيث تطلق مجموعات حسب المواسم، ولا تبخل عليها بحرفيتها العالية وتفاصيلها المستقاة من عروضها. مثل غيرها من بيوت الأزياء العالمية، تعرف أن الاهتمام بالأطفال طريق مهم لكسب ولاء الكبار. لهذا لم يكن غريباً أن تلعب تشكيلتها الأخيرة «توال دو جوي» Toile de Jouy على رموزها الأيقونية التي لا تخطئها العين. هذه الرموز سلاحها الأقوى لخلق ما تطمح إليه الأم أن يكون طفلها امتداداً لها ولأسلوبها.
لكن لا بد من الإشارة إلى أن هذا القطاع ليس بالبساطة التي تظهر بها الأزياء. فهو يخضع لعدة قوانين تتعلق بالسلامة والصحة، أقلها أن الخامات يجب أن تكون بنوعية لا تسبب حساسية أو حكة للجلد والأخذ بعين الاعتبار ألا تعوق أي تفاصيل مثل الأربطة وغيرها، حركة الطفل أو تسبب له الأذى.
كل هذه المحاذير والقوانين تُعقد عملية الإنتاج وتجعلها مكلفة، على الأقل بالنسبة للمصممين المستقلين. فبينما يمكن لبيوت مثل «ديور» أو «بيربري» أو «غوتشي» وغيرها أن تُعوض هذه التكاليف برفع أسعارها، فإن أسماء أخرى لا تحظى بنفس التاريخ أو الولاءات، الأمر الذي يحتم عليها طرحها بأسعار تنافسية وإنتاجها بكميات أقل مع ضخها بجرعات ابتكار أكبر، لتبقى المسألة بالنسبة لهؤلاء حالة شغف وحب أو بناء للمستقبل في الوقت الحالي، لأن الأرباح لا تعكس الجهد والوقت المبذول في إنتاجها.


مقالات ذات صلة

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

لمسات الموضة أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

للكثير من بيوت الأزياء أو المجوهرات ولادتان: ولادة تأسيسية؛ بمعنى تاريخ انطلاقها، وولادة ثانية تكون في الغالب إبداعية تبث فيها روحاً فنية تغير مسارها وتأخذها…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة حشد من رجال الشرطة والجيش لتأمين العاصمة الفرنسية قبل افتتاح ألعاب باريس (رويترز)

ماذا أرتدي في الأولمبياد؟ كن أنيقاً وابقَ مرتاحاً

الإرشادات المناسبة للملابس لتحقيق التوازن بين الأناقة والراحة عند حضور الألعاب الأولمبية الصيفية هذا العام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
لمسات الموضة من مجموعة "عريس صيف 2024" للمصمّم اللبناني نمر سعادة (دار أزياء نمر سعادة)

«عرسان» نمر سعادة يرتدون البدلة الملوّنة

ذهب مصمّم الأزياء اللبناني المتخصّص في الموضة الرجاليّة إلى أقصى الجرأة، عندما قرّر أن يُلبِس عريس الموسم بدلة ملوّنة.

كريستين حبيب (بيروت)
لمسات الموضة يقدر سعرها بأكثر من مليون دولار والأحجار هي السبب (فابيرجيه)

بيضة «فابيرجيه» الجديدة بمليون دولار… فمن يشتري؟

بيضة بمليون دولار.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أشرف على المشروع فريق  من الباحثين من مختلف المجالات وكبار الخبراء في الذكاء الاصطناعي، واستغرق العمل عليه 3 سنوات (برونيللو كوتشينيللي)

كيف زاوج برونيللو كوتشينيللي بين الأعمال اليدوية والتكنولوجيا

من المفترَض ألا يفاجئنا المصمم برونيللو كوتشينيللي، وهو يقدم لنا درساً عن الزواج المثالي بين الإبداع البشري وقدرات الذكاء الاصطناعي، وهو الذي يبيع لنا بدلات…

جميلة حلفيشي (لندن)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».