التصدي للتشكيك في اللقاحات يواجه اتهامات التضييق على «حرية التعبير»

التصدي للتشكيك في اللقاحات يواجه اتهامات التضييق على «حرية التعبير»
TT

التصدي للتشكيك في اللقاحات يواجه اتهامات التضييق على «حرية التعبير»

التصدي للتشكيك في اللقاحات يواجه اتهامات التضييق على «حرية التعبير»

فيما بدا محاولة للحد من انتشار «الأخبار الكاذبة» بشأن لقاحات فيروس «كوفيد - 19»، يتجه الاتحاد الأوروبي إلى فرض «قيود» على مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل دفعها لتكثيف جهودها للتحقق من الأخبار، ومواجهة المعلومات الخاطئة والمضللة، خاصة المتعلقة بالجائحة. وبينما يؤكد متخصصون في الإعلام على أهمية تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي لمواجهة الأخبار الزائفة والحد من انتشارها على مواقع التواصل، يخشى مراقبون من توسع هذه الإجراءات لما هو أبعد من الجائحة والمعلومات الخاصة باللقاح، وتحولها إلى قيود على حرية الرأي والتعبير، التي ميزت مواقع التواصل منذ ظهورها.
مفوضية الاتحاد الأوروبي كشفت نهاية الشهر الجاري عن مقترح «مدونة سلوك» خاصة بمنصات التواصل الاجتماعي، تهدف إلى «تكثيف الجهود المتعلقة بتدقيق المعلومات والتحقق منها»، على خلفية ما وصفته بـ«الحملات الضخمة ضد لقاح كوفيد - 19». ووفق المقترح الجديد ينبغي على «مواقع التواصل مثل فيسبوك وغوغل وتويتر، وحتى واتساب، أن تقدم دلائل على حظر نشر المعلومات الخاطئة». وستعمل مدونة السلوك المقترحة جنباً إلى جنب مع «قانون الخدمات الرقمية» الذي يسمح بفرض غرامة تصل نسبتها إلى 6 في المائة من إيرادات الشركة، حال فشلها في حظر ومسح محتوى غير قانوني ثبتت أضراره.
جوناثان غروبرت، الصحافي والمدرب وصانع البودكاست الأميركي المقيم في هولندا، يرى أنه «حتى الآن لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه القيود الجديدة ستقتصر على المعلومات الخاصة المتعلقة بـ(كوفيد - 19) واللقاح الخاص به، أم ستمتد لتشمل ما هو أبعد من ذلك، وهنا سيكون لهذه القواعد الجديدة تأثير على حرية الرأي والتعبير». ويضيف غروبرت لـ«الشرق الأوسط» معلقاً «مثل هذه الأمور لا بد أن تخضع لنقاش مجتمعي حول هل يمكن للحكومات، وهنا نتحدث عن الاتحاد الأوروبي، فرض قيود على حرية التعبير على مواقع التواصل؟ خاصة مع الحديث عن حكومات تنوي فرض غرامة تصل نسبتها إلى 6 في المائة على شركات خاصة، لتقييد قدرتها على التعبير».
من جهته، قال أحمد عصمت، الخبير المصري في الإعلام الرقمي، لـ«الشرق الأوسط» إن «المرحلة الحالية تشهد إعادة تعريف للعلاقة بين المنصات الرقمية والحكومات. إذ ترى الحكومات أن هذه المنصات أصبحت إمبراطوريات مستقلة تدير الرأي العام داخل الدول من خلال التأثير على ما يتلقاه المواطنون. وفي المقابل بدأت منصات التواصل في إعادة صياغة رؤيتها حول قضايا مثل الإعلانات الرقمية، وبناء علاقات مباشرة مع الجمهور ومع الناشرين». وتابع عصمت أن «الحكومات تسعى لاستعادة سيطرتها على مجال الإعلام الجديد بشكل أو بآخر، من خلال إعادة الهيكلة، وفرض غرامات، كما رأينا في فرنسا وأستراليا أخيراً... والصراع الآن هو على كيفية بناء الرأي العام داخل الدول، بعدما ظهرت أخيراً قوة منصات التواصل في توجيهه». وهنا نشير إلى أن أستراليا سنّت أخيراً قانوناً يفرض على مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» و«غوغل» دفع أموال لوسائل الإعلام مقابل استخدام المحتوى الخاص بها، كما أعلن «تويتر» اتجاهه للتعاون مع الناشرين. وكانت فرنسا قد فرضت ضرائب على «غوغل» و«فيسبوك» العام الماضي.
من جهة ثانية، ينتظر أن تدخل القيود الجديدة التي يعتزم الاتحاد الأوروبي فرضها على منصات التواصل الاجتماعي حيز التنفيذ العام المقبل، وفق تصريحات فييرا جوروفا، نائبة رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي، التي أكدت أن «القواعد الجديدة لا تستهدف الحد من حرية الرأي والتعبير، بل كل غايتها دفع هذه المنصات لبذل جهود أكبر في التحقق من المعلومات، وأن يكون التحقق من المعلومات جزءاً من منهجية عمل هذه المؤسسات». وذكرت جوروفا أن «المفوضية أجرت العديد من المناقشات حول المسألة على خلفية ما فعلته منصات التواصل مع الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، وكيف حظر تويتر حسابه... ونحن نسعى إلى التفريق بين الرأي والمعلومة، فالرأي ليس من اختصاصنا».
مع هذا، يرى غروبرت أن مدوّنة السلوك هذه سيكون لها تأثير على حرية الرأي والتعبير، مضيفاً «الوضع مختلف عما فعله تويتر مع ترمب عندما حظر حسابه الشخصي. ذلك أن تويتر شركة خاصة لا يشملها التعديل الأول من الدستور الأميركي، الذي يمنع الحكومات من تقييد حرية الرأي والتعبير، في حين أن المقترح الجديد يظهر اتجاهاً عند حكومات لفرض غرامات على شركات خاصة لتقييد قدرتها على التعبير)». وبشكل عام يعتقد غروبرت أن «أوروبا تفرض قيوداً أكبر على حرية التعبير من أميركا، حيث توجد مثلاً قوانين متعلقة بخطاب الكراهية». ويشدد على «ضرورة توضيح مضمون مدونة السلوك الجديدة قبل إطلاقها، والتأكيد على أنها ستقتصر على الجائحة واللقاح».
جدير بالذكر، أنه «منذ بدء تفشي (كوفيد - 19) وضعت منصات التواصل الاجتماعي قيوداً على نشر المحتوى المزيف، والمعلومات المضللة. وحاولت توجيه الجمهور نحو المعلومات الصحيحة والمصادر الرسمية. غير أن هذه الإجراءات لم تنجح حتى الآن في وضع حد لانتشار التضليل الإعلامي»، وفقاً لمراقبين ودراسات رصدت انتشار «المعلومات المضللة» بشأن الجائحة، وأخيراً تصريحات مفوضية الاتحاد الأوروبي عن انتشار «الحملات المضادة للقاحات».
أحمد عصمت يرى «وجود مشكلة تتمثل في ضعف إقبال المواطنين من مختلف دول العالم على تلقي اللقاح... والمسألة بدأت بصراع داخل الاتحاد الأوروبي للحصول على لقاحات معينة. وبسرعة تطوّر إلى مهاجمة بعض اللقاحات باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي». وأردف «أن المشكلة تتفاقم مع انقسام العالم رقمياً، فنصف العالم غير موجود على الشبكة العنكبوتية، وبالتالي يعتمد على السمع في الحصول على المعلومة، وهو ما يسبب إشكاليات في تدني مستوى حصول الناس على المعلومات، على عكس جيل (زد) أو جيل (ما بعد الألفية) الذي يُعتبَر مستخدماً أصيلاً للإنترنت... وهو الجيل الذي يمكن الاعتماد عليه في الترويج للقاح». ومن ثم، يطالب عصمت منصات التواصل الاجتماعي «بتطوير تقنيات الذكاء الصناعي لتكون أكثر فاعلية في مواجهة الأخبار المضللة، بالتزامن مع تطوير مهارات الإعلاميين في المجال العلمي، لنشر الأخبار المتعلقة بتأثيرات اللقاح».
وما يستحق الإشارة هنا، أن هذه ليست «مدونة السلوك» الأولى من نوعها، ففي عام 2018 وقّعت مواقع «غوغل» و«فيسبوك» و«تويتر» و«تيك توك» و«مايكروسوفت» على «مدونة سلوك» لـ«مكافحة الأخبار المضللة» لكن المراقبين يرون أن هذا المسعى فشل.
وفي حين تعتقد جوروفا أنه كان «من الضروري وضع مدونة سلوك وقواعد أكثر صرامة لمنع التكسب من الأخبار المضللة، ومنع انتشارها، مع الحفاظ على حرية الرأي والتعبير»، يؤكد غروبرت رغم رفضه تقييد حرية التعبير أن «حرية التعبير المطلقة في الولايات المتحدة لم تضمن الاستقرار، إذ لا يستطيع أحد وقف المعلومات المضللة». ومن ثم، يتساءل غروبرت «هل يتطلب تطبيق مدوّنة السلوك الجديدة توقيع كل دولة من دول الاتحاد الأوروبي عليها منفردة؟ هذا أمر معقد جداً».


مقالات ذات صلة

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.