هل تغيّر العقوبات على القطاع العسكري الروسي من تصرفات موسكو؟

روسيا تتجه إلى الصين للتعويض عن استيراد مكونات نظم وآلات التشغيل الغربية

كانت تحصل موسكو على بعض مكونات طائرات «سوخوي سو 57» من دول حليفة لواشنطن وأدت العقوبات إلى تأخر عمليات تطوير الجيل الخامس من المقاتلات الروسية (رويترز)
كانت تحصل موسكو على بعض مكونات طائرات «سوخوي سو 57» من دول حليفة لواشنطن وأدت العقوبات إلى تأخر عمليات تطوير الجيل الخامس من المقاتلات الروسية (رويترز)
TT

هل تغيّر العقوبات على القطاع العسكري الروسي من تصرفات موسكو؟

كانت تحصل موسكو على بعض مكونات طائرات «سوخوي سو 57» من دول حليفة لواشنطن وأدت العقوبات إلى تأخر عمليات تطوير الجيل الخامس من المقاتلات الروسية (رويترز)
كانت تحصل موسكو على بعض مكونات طائرات «سوخوي سو 57» من دول حليفة لواشنطن وأدت العقوبات إلى تأخر عمليات تطوير الجيل الخامس من المقاتلات الروسية (رويترز)

السؤال الذي يتردد الآن على لسان المراقبين للوضع الدولي هو هل يمكن أن تضر العقوبات، التي فرضتها واشنطن على دفعات خلال الفترة القصيرة الماضية ضد موسكو، بقطاع الصناعات العسكرية في روسيا بشكل يكفي لكبح تصرفات الكرملين؟
والسؤال هو محور تقرير أعده جون باراتشيني الباحث الدولي البارز في مجال الدفاع، وريان باوير المحلل العسكري، في مؤسسة الأبحاث والتطوير (راند) الأميركية، غير الربحية.
وأضافت أميركا مؤخراً 32 كياناً روسياً إلى قائمة العقوبات التي تضم بالفعل أكثر من 700 من الأفراد والشركات والكيانات الروسية. وذكر التقرير أن ثمة إشارات قليلة على أن التأثير التراكمي للعقوبات الأميركية والأوروبية ضد روسيا، يدفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أن يكون أكثر حذراً. وبعدما حشدت روسيا حوالي 100 ألف من قواتها على الحدود مع أوكرانيا، سحبت موسكو بعض هذه القوات، ولكنها تركت كميات من العتاد، مما يمثل تهديداً. كما تشير مشاركة بوتين في قمة المناخ برعاية الرئيس الأميركي جو بايدن، وأيضاً احتمال عقد قمة أميركية - روسية في يونيو (حزيران) المقبل، إلى أن بوتين يهدئ نهج تعامله مع الإدارة الأميركية الجديدة، رغم أن سجل زعيم الكرملين لا يشير إلى أنه سيتراجع، أو سيتخذ مساراً أكثر مسؤولية. وسعى نظام بوتين إلى إيجاد سبل للتخفيف من الضغوط الاقتصادية الغربية على روسيا. ويقول باراتشيني وباوير، كما نقلت عنهما الوكالة الألمانية، إن من شأن القيود المفروضة على قدرة روسيا على استيراد مكونات نظم مهمة، وآلات التشغيل ذات الأداء العالي، أن يكون لها تأثير ملحوظ على قطاع التصنيع في مجال التكنولوجيا المتقدمة في روسيا، مع مرور الوقت. وفي مسعى لتخفيف تداعيات العقوبات على قطاع التصنيع، أطلقت روسيا برنامج استيراد بديلاً في القطاعات الصناعية الرئيسية، ولكنها سعت جاهدة لتحقيق أهدافها المنشودة. ومثال على ذلك، سعي روسيا المستمر من أجل تعويض مكونات النظام الرئيسي مثل المحركات والمواد المركبة الخاصة بأجنحة الطائرات، التي كانت تأتي من جهات التصنيع في أوكرانيا والغرب في الماضي. وقد أدى هذا إلى تأخر عمليات التطوير للطائرات العسكرية، مثل الجيل الخامس من المقاتلات الروسية «سو 57»، وأيضاً الطائرات المدنية مثل «إم سي 21».
وأقر أمين عام مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف، العام الماضي، بأن الصناعات العسكرية الروسية «لا تزال تعتمد على تكنولوجيات أجنبية». واتجهت روسيا إلى الصين بشكل متزايد للحصول على هذه المكونات التي لم تستطع أن تضاهي جودة تلك التي كانت تحصل عليها موسكو من أوكرانيا أو دول حليفة لأميركا، مثل ألمانيا أو اليابان. وبعيداً عن صادرات النفط والغاز الطبيعي، تشكل أسلحة روسيا التقليدية المتقدمة الصادرات الرئيسية للبلاد.
ورغم جهود روسيا في الترويج والتفاوض من أجل بيع أسلحتها، لا تحقق هذه الصادرات حالياً ما كانت تحققه من إيرادات في السابق. وكشف تقرير أعده «معهد أبحاث السلام الدولي» في استوكهولم، عن تراجع صادرات الأسلحة الروسية خلال أربع سنوات (2016 - 2020) بنحو 22 في المائة، مقارنة بالفترة من 2011 إلى 2015. وترك التدخل الدبلوماسي لأميركا، مدعوماً بالتلويح بفرض عقوبات، تداعيات سلبية على مبيعات الأسلحة الروسية، حيث بدأت دول عدة البحث عن بدائل من أجل احتياجاتها الأمنية. ولم يوقف ذلك مبيعات الأسلحة الروسية، ولكنه أدى إلى ارتفاع التكلفة التي يتعين على الجيش الروسي أن يدفعها من أجل عمليات التحديث العسكري المقررة، حيث إن اقتصادات الإنتاج لن تكون مربحة بشكل كبير. واتخذت روسيا إجراءات أخرى لدعم مبيعات أسلحتها الخارجية، فقد سعت موسكو، على سبيل المثال، إلى التكيف مع العقوبات من خلال استكمال صفقات الأسلحة مقابل العملات المحلية، وليس بالدولار الأميركي، وأيضاً قبول الدفع بكميات من السلع الأساسية، مثل زيت النخيل.
كما بدأت روسيا فرض قيود على المعلومات الخاصة بمبيعات الأسلحة، بهدف حماية الشركات الروسية التي لم تتعرض لعقوبات. وحققت هذه السبل نجاحاً محدوداً، وكشفت في الوقت نفسه أن روسيا ليست محصنة ضد الضغوط الدولية. ودفع تهديد الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الدول التي تشتري أسلحة من روسيا، بعضاً منها إلى إعادة التفكير، وقد نجمت عن ذلك مشكلات في العلاقات الثنائية لأميركا. وذكر التقرير أنه عندما تحجم الدول عن شراء الأسلحة الروسية بسبب تصرفات موسكو، يضعف ذلك من قدرة روسيا على استخدام هذه المعاملات لتمديد نفوذها في أنحاء العالم، ويحرمها من تمويل أنشطتها الخبيثة. وعوضاً عن الأسلحة الروسية، تحتاج الدول إلى بدائل للوفاء باحتياجاتها الأمنية. وهناك العديد من الدول المنتجة للسلاح التي تستطيع تقديم البديل. ولكن يتعين ألا تكون الأسلحة هي البديل الوحيد، حيث يمكن كذلك بحث السبل الدبلوماسية متعددة الأطراف والترويج لها كسبيل للحد من خطر الصراع بين الدول. وفي الوقت الذي تكافح فيه الدول في وجه الخسائر الصحية والاقتصادية الناجمة عن جائحة «كورونا»، هي بحاجة إلى تخصيص المزيد من مواردها الوطنية لتوفير احتياجاتها المحلية. وفي ختام التقرير، أشار باراتشيني وباوير إلى أنه يبدو أن العقوبات الأميركية الموجهة لقطاع التصنيع العسكري الروسي، كانت لها آثار ملحوظة. ولكن سلوك روسيا المستمر لا يبشر بتعديل في تصرفاتها على المستوى الدولي. وربما تحتاج أميركا وحلفاؤها، عبر سبل متنوعة، إلى تذكير بوتين والنخبة الحاكمة التي تدعمه، بأن هناك مقابلاً تتكلفه روسيا نتيجة أنشطتها الضارة في النظام الدولي.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.