بودلير... الشاعر «المنحوس» الذي أحدث خرقاً في تاريخ الآداب الفرنسية

هامشي متمرد على الحياة والوجود

الشاعر بودلير
الشاعر بودلير
TT

بودلير... الشاعر «المنحوس» الذي أحدث خرقاً في تاريخ الآداب الفرنسية

الشاعر بودلير
الشاعر بودلير

على عكس فيكتور هيغو، فإن هذا المسكين التعيس شارل بودلير لم يحظ بأي شهرة ولا أمجاد ولا فلوس في حياته. لقد مات فقيراً مدقعاً بل ومجهولاً تقريباً ولم تنفجر شهرته كالقنبلة الموقوتة إلا بعد موته. وهكذا تنطبق عليه كلمة نيتشه الشهيرة: «هناك أشخاص يولدون بعد موتهم»! ومعلوم أنه قالها وهو يفكر في حالته الشخصية. وذلك لأنه هو الآخر لم تنطلق شهرته الأسطورية إلا بعد موته تماماً كبودلير، الذي ولد ومات في القرن التاسع عشر: أي في القرن العظيم الذي شهد ظهور كبار شعراء فرنسا من أمثال فيكتور هيغو ولامارتين ورامبو ولوتريامون ومالارميه، إلخ. وهو القرن الذي تبلورت فيه الحداثة الشعرية على يد بودلير بالذات، ثم رامبو من بعده وبقية الآخرين. ويمكن القول بأن هذا الشاعر الفرنسي المنحوس كان معجباً بشاعر منحوس آخر لا يقل عنه عظمة وسوداوية وجنوناً: عنيت إدغار آلان بو! ومعلوم أن بودلير أمضى قسماً كبيراً من حياته في ترجمته من الإنجليزية إلى الفرنسية. وكان يفتخر بذلك كل الافتخار. لأول مرة يلتقي بودلير بشخص يشبهه، شخص ملعون ومنبوذ مثله. لقد كان بودلير، مثل إدغار آلان بو، ينتمي إلى فئة الشعراء المنحوسين، أو المفجوعين، أو المجروحين من الداخل جرحاً غائراً لا علاج له ولا شفاء منه. بدءاً من تلك اللحظة يصبح الأدب ممكناً.
لكن دعونا نطرح هذا السؤال: من هو شارل بودلير؟
لقد ولد هذا الشاعر غريب الأطوار في باريس عام 1821 وفيها مات عام 1867 عن عمر لا يتجاوز السادسة والأربعين، أي في عز الشباب. ولذلك قال عنه سارتر في بداية كتابه الجميل الممتع المكرس له: لم يعش الحياة التي يستحقها... ولكن متى عاش الشاعر الكبير الحياة التي يستحقها؟ هل عاش المتنبي الحياة التي يستحقها؟ لقد قُتل وهو في الخمسين أي في أوج تفجره الشعري العبقري. وأقسم بالله حتى هذه اللحظة لم نستطع أن نقيم الحداد عليه. لم نستطع أن نبلع القصة. ظلت شوكة في حلقنا، حسرة في قلوبنا. كم كان سيتحفنا بقصائد جديدة لو أنه عاش عشر سنوات إضافية أي حتى الستين فقط؟ كل هذا حرمنا منه إلى الأبد...
فقد شارل بودلير والده وهو في السادسة من عمره، ثم تزوجت أمه من شخص مهم يدعى الجنرال أوبيك الذي أصبح سفيراً فيما بعد وعضواً في مجلس الشيوخ الفرنسي. بل وكان القائد العسكري لمنطقة باريس إبان ثورة 1848. ولذلك حمل بودلير البندقية لأول مرة في حياته ودعا الثوار إلى السير نحو مقر القيادة العليا للجيش بغية اغتياله. ولم يكن يعرف كيف يستخدم البندقية أصلاً. ولكنه كان يكرهه كره النجوس لأنه سرق أمه منه ودمر طفولته. ثم لأنه يمثل الدولة والبورجوازية: أي سلطة القمع. وبودلير كان يحتقر كل هذه الأشياء. بودلير كان هامشياً، صعلوكاً، متمرداً على الحياة والوجود. وسيظل كذلك حتى النهاية. وعلى هامش هذه الهامشية الراديكالية ترعرع الشعر كأعظم ما يكون.
ثم تعرف على فتاة زنجية وأحبها وبالغ في الاهتمام بها نكاية بالمجتمع والعائلة والبورجوازية الفرنسية كلها. وكان يتبختر معها في الشوارع ويعانقها قصداً، ويتلذذ بإغاظتهم إلى أقصى حد ممكن. ثم راح يصرف عليها دونما حساب. وقد أحبها عن جد وخلدها في قصائد شهيرة كقصيدة «الشرفة» أو «البلكون».
ثم تعرف على بعض الأصدقاء من الشعراء، خصوصاً تيوفيل غوتييه الذي سيصبح صديقه الكبير بعدئذ. ويروي عنه هذا الأخير الحكاية التالية: في أحد الأيام زارني شارل بودلير في منزلي بشكل مفاجئ، وما إن جلس حتى رأى كأساً من الماء على الطاولة فقال لي: أبعد هذا الماء عن وجهي، أرجوك، إني لا أحب منظر الكؤوس المليئة بالماء. ففهمت مقصده فوراً وعرفت أنه يريد مشروباً من لون آخر، من لون الأحمر القاني.
وعندئذ عرضت عليه زجاجتين من الخمر المعتق لكي يختار بينهما، فإذا به يقول لي: أفضل أن أجرب الاثنتين معاً! وهكذا كان. فقد راح يفرغ الكأس بعد الكأس وهو ينظر إليّ من طرف عينه من وقت لآخر لكي يعرف فيما إذا كنت منزعجاً منه أم لا. ولكني لم أحرك ساكناً وتركته على حاله بكل حرية. فظل يشرب ويشرب حتى فرغ من القارورتين تماماً... ثم نهض وقال لي: شكراً لك، لقد أمضينا وقتاً طيباً معاً!
في عام 1857 نشر بودلير ديوانه الشعري الشهير: «أزهار الشر». وقد أدانته محاكم باريس فوراً بتهمة الخروج على القانون العام والأخلاق الفاضلة. واتهمت بعض القصائد بأنها فاحشة ومخلة بالحياء، وقالت بأن بعضها الآخر يمثل انتهاكاً للدين والمقدسات، بخاصة قصيدة «جحود القديس بطرس»... ولم تتراجع المحاكم الفرنسية عن إدانة هذا الديوان «الشرير» إلا عام 1949: أي بعد مائة سنة من ذلك التاريخ! لم تتراجع إلا بعد أن أصبح ديوانه مفخرة المفاخر للشعر الفرنسي. ولكن في ذلك الوقت كان بودلير قد أصبح مثقلاً بالديون وملاحقاً بشكل شبه يومي من قبل الدائنين. ولهذا السبب فقد هرب إلى بروكسل لكي يلقي محاضراته هناك عن الشعر. وكانت محاضرات فاشلة لأنه كان مرهقاً جداً من الناحية النفسية ومثقلاً بالهواجس والهموم. ويقال بأنه كان يبدو كشيخ هرم وهو لم يتجاوز الأربعين إلا قليلاً. لقد دمرت الحياة بودلير. وعن هذا الدمار نتجت القصائد العبقرية. ويقال بأنه كان ينسى نفسه أحياناً أثناء المحاضرة فيفتح حقيبته ويستخرج منها سندويشة ويبدأ بالتهامها أمام دهشة الحاضرين وذهولهم. وربما كان يشرب كأساً أو كأسين علاوة على ذلك! وهكذا تتحول المحاضرة إلى مسرحية جنونية، إلى نوع من مسرح المعقول واللامعقول.

- معلومات جديدة عن بودلير
هل يعلم القارئ أن ديوانه هو أحد أفضل المبيعات الفرنسية في مجال الآداب. فقد بيع منه حتى الآن ما لا يقل عن ثلاثة ملايين ونصف المليون نسخة في الطبعة العادية، وحوالي مليوني نسخة في طبعة الجيب الصغيرة: أي أكثر من خمسة ملايين نسخة.
وهل يعلم القارئ أن رسالة بودلير إلى عشيقته الزنجية بيعت عام 1984 بما يعادل المليون دولار حالياً؟ وقد اشتراها أحد الأغنياء الكبار الذين يحبون جمع آثار العظماء. وهي مكتوبة بخط بودلير شخصياً. وأما مقدمته لـ«أزهار الشر» التي لا تزيد على 11 صفحة فإنها بيعت عام 1992 بما لا يقل عن مليوني دولار بالسعر الحالي! وهي مكتوبة بخط يده أيضاً.
هكذا نلاحظ أن بودلير الذي كان جائعاً تقريباً في السنوات الأخيرة من عمره وكان يشحذ الفلوس من الناس أصبحت نصوصه تباع بالملايين من دون أن يستفيد منها أي شيء. لقد حصل له ما حصل لذلك المجنون العبقري الآخر فينسنت فان غوخ الذي كان يتضور جوعاً والذي تباع لوحاته الآن بعشرات الملايين من الدولارات. بعض لوحاته بيعت بأكثر من خمسين أو ستين مليون دولار. أما هو فلم يبع في حياته كلها إلا لوحة واحدة بعشرين دولاراً فقط.
وبيعت النسخة المهداة إلى الرسام دولاكروا من ديوان «أزهار الشر» عام 1985 بحوالي المليون ونصف المليون فرنك فرنسي، أي مع يعادل المليون دولار حالياً. وكل ذلك لأنه كتب عليها بخط اليد إهداءً بسيطاً لا يتجاوز بضع كلمات عادية أو عبارات تقريضية لصديق.

- ماذا قالوا عن بودلير؟
قال عنه الناقد الهمام لجريدة «ألفيغارو» بعد صدور الديوان مباشرة: «عندما نقرأ هذا الكتاب نكاد نشك في الصحة العقلية للسيد شارل بودلير. فهل هو مجنون يا ترى؟ هل فقد عقله؟ وهل يمكن لصحيح العقل أن ينشر قصائد فاسدة ومنحلة أخلاقياً وتافهة إلى مثل هذا الحد؟»، هل كان هذا الناقد «العبقري» يعرف أن هذه القصائد «التافهة» سوف تصبح أعظم ديوان في تاريخ الشعر الفرنسي؟
أما فيكتور هيغو الذي يكبر بودلير بعشرين سنة، والذي كان أشهر شاعر فرنسي في ذلك الزمان، فقد كتب له رسالة يقول فيها ما معناه: «إدانتك من قبل محاكم باريس وسام شرف على صدرك. (أزهار شرك) تشع على العالم كالكواكب والنجوم. ما الذي تفعله عندما تكتب قصائدك أيها الشاعر؟ إنك تقتحم، تقتحم إلى الأمام... إنك تزود سماء الفن بشعاع جنائزي حزين. إنك تخلق رعشة جديدة في الآداب الفرنسية»!
لكن بودلير للأسف لم يعش الوقت الكافي لكي يشهد صعود نجمه في سماء الفن والشهرة. لم يعش الوقت الكافي لكي يدرك حجم الخرق الذي أحدثه في تاريخ الآداب الفرنسية. ولم يعش الوقت الكافي لكي يشهد حجم الثورة الشعرية التي دشنها من خلال قصائد عبقرية تبقى على الدهر. ولم يعش الوقت الكافي لكي يسمع رامبو يقول عنه هذه الكلمات الخالدة: إنه ملك الشعر المتوج، إنه قمة الشعر!



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.