«مصادفات هائلة» وراء الاعتقاد أن «كورونا» تسرب من مختبر صيني

ضغوط أميركية وأوروبية على «الصحة العالمية» لكشف الغموض حول منشأ الفيروس

أفراد أمن أمام معهد ووهان لعلم الفيروسات خلال زيارة فريق لمنظمة الصحة العالمية للتقصي حول أصل فيروس «كورونا» (رويترز)
أفراد أمن أمام معهد ووهان لعلم الفيروسات خلال زيارة فريق لمنظمة الصحة العالمية للتقصي حول أصل فيروس «كورونا» (رويترز)
TT

«مصادفات هائلة» وراء الاعتقاد أن «كورونا» تسرب من مختبر صيني

أفراد أمن أمام معهد ووهان لعلم الفيروسات خلال زيارة فريق لمنظمة الصحة العالمية للتقصي حول أصل فيروس «كورونا» (رويترز)
أفراد أمن أمام معهد ووهان لعلم الفيروسات خلال زيارة فريق لمنظمة الصحة العالمية للتقصي حول أصل فيروس «كورونا» (رويترز)

منذ تفشي فيروس «كورونا» الذي ظهر في مدينة ووهان بوسط الصين في ديسمبر (كانون الأول) 2019. يحاول العلماء حل اللغز حول منشئه.
واكتسبت نظرية تسرب الفيروس من مختبر متخصص في هذا المجال في ووهان مزيداً من الزخم في الولايات المتحدة مؤخراً، بعدما اعتُبرت طويلاً أنها مجرّد نظرية مؤامرة يمينية، فيما رفضتها بكين بشكل قاطع.
وحاول تقرير لشبكة «سي إن إن» الأميركية كشف الأسباب حول الاعتقاد أن «كوفيد - 19» تسرب من معمل ووهان، مشيراً إلى أن هناك العديد من «المصادفات الهائلة» حول المعمل.
وتابع التقرير أن أول تلك الأسباب أن ووهان، حيث بدأ المرض بشكل شبه مؤكد في الصين، هي موطن لمختبر الصين الرئيسي وهو معهد ووهان لعلم الفيروسات، وكان هو ومعملان آخران في ووهان تجري أبحاثاً على فيروسات «كورونا»، بعضها في الخفافيش.
كما قام معهد ووهان لعلم الفيروسات بوضع تسلسل الكود الجيني لأقرب سلف معروف في الخفافيش إلى «سارس كوف - 2»، وهو فيروس يسمى «راتغ 13»، وإنها مطابقة بنسبة 96.2 في المائة للفيروس التاجي الجديد الذي تسبب في الوباء.
وثانياً أنه أصيب ثلاثة من موظفي معهد ووهان لعلم الفيروسات بالمرض في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، قبل بدء التفشي المعروف، وفقاً لتقارير المخابرات الأميركية.
وقال التقرير إنهم بحاجة إلى دخول المستشفى. وذكرت الشبكة الأميركية: «إننا لا نعرف ما هو المرض. كما أننا لا نستطيع الوصول إلى أي عينات مأخوذة منهم عندما كانوا مرضى، أو نتائج أي اختبارات للأجسام المضادة بعد مرضهم».
وقال تقرير لـ«منظمة الصحة العالمية» في هذه القضية، بالاعتماد على البيانات المقدمة من الحكومة الصينية، استنتاجاً مختلفاً. وذكر التقرير أن برنامج مراقبة صحة الموظفين في المعامل الثلاثة في ووهان لم يظهر أي نتائج إيجابية لاختبار الأجسام المضادة، أو سجلات لأمراض من نوع «كوفيد - 19». في الأسابيع التي سبقت ديسمبر (كانون الأول) 2019.
وهناك مصادفة ثالثة، حيث قام مركز ووهان لـ«السيطرة على الأمراض والوقاية منها»، وهو مفتاح الوقاية من الفيروسات والكشف عنها، بنقل مختبره في ووهان في 2 ديسمبر (كانون الأول) 2019.
وعدت الشبكة الأميركية أن هذه المصادفات الثلاث تعزز نظرية التسرب في المختبر، وتعني أنها لم تختفِ بعد. ورغم ذلك، لا يعتبر أي منها دليلاً قوياً أو حتى مقنعاً على حدوث تسرب في المختبر بشكل قاطع. وأكد عدد من العلماء الدوليين البارزين على وجوب التعمّق في الفرضية ودراستها علمياً بشكل أكبر.
وارتبطت نشأة فيروس «كورونا» بأسواق ووهان الشعبية للمأكولات البحرية، التي كانت «سيئة السمعة» حول تفشي الوباء في هذه المدينة بوسط الصين. ووفقاً لـ«سي إن إن»، يعد تتبع أصل الفيروس في الحيوانات - حيث تم ظهوره لأول مرة - أمراً صعباً للغاية في بيئة مفتوحة ومتساهلة. لا يزال الأمر أكثر صعوبة في الصين، حيث لم يتم تسليم عدد كبير من البيانات المفيدة إلى فريق «منظمة الصحة العالمية» من قبل الحكومة الصينية.
وأرسلت «منظمة الصحة العالمية» أخيراً فريقاً من الخبراء الدوليين إلى ووهان بؤرة الوباء الأولى في الصين في يناير (كانون الثاني) ، بعد أكثر من عام على ظهور أولى الإصابات بـ«كوفيد - 19»، في المدينة أواخر 2019، للمساعدة في التحقيق لكشف مصدر الوباء.
لكن تقرير «منظمة الصحة العالمية»، الذي نُشر أواخر مارس (آذار) بعد تأخير طويل، لم يتضمن أي استنتاجات ثابتة، واكتفى الخبراء الدوليون والصينيون بطرح سلسلة نظريات رتّبوها بناء على مدى احتمال صحّتها، وفق اعتقادهم. وجاء في التقرير أن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أن يكون الفيروس انتقل من الخفافيش إلى البشر عبر حيوان وسيط، بينما صنّف نظرية تسرّب الفيروس من مختبر بأنها «مستبعدة بدرجة كبيرة».
وواجه التحقيق والتقرير انتقادات لغياب الشفافية والقدرة على الوصول إلى المعلومات الضرورية، ولعدم تعمّقه بشكل أكبر في نظرية تسرّب الفيروس من مختبر إذ خصّصت 440 كلمة فقط ضمن التقرير للتطرق إلى هذه الفرضية ودحضها.
وأفادت الناطقة باسم «منظمة الصحة العالمية» فاضلة شايب، أمس (الجمعة)، بأن «منظمة الصحة العالمية» تعتقد أنه «ستكون هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات في مجالات عديدة، بما في ذلك الكشف المبكر عن الحالات ومجموعات الإصابات، والدور المحتمل لأسواق الحيوانات وانتقاله (الفيروس) عبر السلسلة الغذائية إضافة إلى فرضية الحادث المخبري».
وأكدت «منظمة الصحة العالمية» أنها لا تزال بانتظار الحصول على إرشادات من الخبراء في وقت تواجه ضغوطا متزايدة لإجراء تحقيق جديد ومعمّق أكثر بشأن منشأ فيروس «كورونا المستجد»، مشيرة إلى عدم وجود إطار زمني لذلك.
وأمر الرئيس الأميركي جو بايدن أجهزة الاستخبارات في الولايات المتحدة بالتحقيق حول ما إذا كان وباء «كوفيد - 19» ظهر في الصين من مصدر حيواني أم نتيجة حادث مختبر. وتمثل الخطوة مؤشراً على نفاد صبر جهات دولية عديدة بانتظار تحقيق نهائي لـ«منظمة الصحة العالمية»، بشأن كيفية انتشار الوباء الذي أودى بأكثر من 3.5 مليون شخص حول العالم، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
كما ضغط الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الأخرى خلال اجتماع جار للدول الأعضاء في منظمة الصحة من أجل الحصول على توضيحات حيال الخطوات المقبلة التي تنوي الهيئة الأممية اتّخاذها لكشف الغموض حول منشأ «كورونا المستجد»، وهو أمر أساسي من أجل تجنّب أوبئة مستقبلية.


مقالات ذات صلة

«أولمبياد 2024»: إصابة رياضيين بلجيكيين بـ«كوفيد» قبل السفر لباريس

رياضة عالمية رياضيو بلجيكا اضطروا إلى تأجيل مغادرتهم إلى باريس (رويترز)

«أولمبياد 2024»: إصابة رياضيين بلجيكيين بـ«كوفيد» قبل السفر لباريس

ثبتت إصابة كثير من الرياضيين البلجيكيين المشاركين في دورة الألعاب الأولمبية بفيروس «كوفيد-19» مؤخراً، واضطروا إلى تأجيل مغادرتهم إلى باريس.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

طبيب: نتائج اختبار بايدن لـ«كوفيد» جاءت سلبية

أعلن طبيب البيت الأبيض في رسالة، اليوم (الثلاثاء)، أن نتيجة اختبار جو بايدن لـ«كوفيد-19» جاءت سلبية، في الوقت الذي عاد فيه الرئيس إلى واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية آنا ميريس رئيسة بعثة أستراليا خلال حديثها لوسائل الإعلام (رويترز)

بعثة أستراليا: عزل لاعبة كرة ماء في أولمبياد باريس بعد إصابتها بكوفيد

قالت آنا ميريس رئيسة بعثة أستراليا في أولمبياد باريس اليوم الثلاثاء إن لاعبة في فريق كرة الماء المحلي تم عزلها بعد إصابتها بفيروس كورونا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم عودة السفر الجوي إلى طبيعته بعد طفرة دامت سنوات في أعقاب جائحة كورونا وسط إحجام المصطافين والمسافرين بسبب ارتفاع الأسعار (رويترز)

الطلب على السفر الجوي يعود إلى طبيعته بعد الطفرة التي أعقبت «كورونا»

قال مسؤولون تنفيذيون في شركات طيران كبرى مشاركون بمعرض «فارنبورو» للطيران في إنجلترا، الاثنين، إن الطلب على السفر الجوي يعود إلى طبيعته بعد «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم كبار السن وضعاف المناعة معرضون بشكل خاص للمتغيرات الفرعية الجديدة للفيروس (أرشيفية - رويترز)

لماذا ينتشر فيروس «كورونا» هذا الصيف؟

في شهر يوليو (تموز) من كل عام، على مدى السنوات الأربع الماضية، لاحظ علماء الأوبئة ارتفاعاً مفاجئاً في حالات الإصابة بفيروس «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.