حرب الـ11 يوماً... التي أعادت «حل الدولتين» إلى الطاولة

العالم يتحرّك من أجل خلاص شامل بينما تستعد تل أبيب وغزة لجولة قتال أخرى

حرب الـ11 يوماً... التي أعادت «حل الدولتين» إلى الطاولة
TT
20

حرب الـ11 يوماً... التي أعادت «حل الدولتين» إلى الطاولة

حرب الـ11 يوماً... التي أعادت «حل الدولتين» إلى الطاولة

عندما قصفت «كتائب القسام» التابعة لـ«حركة حماس» مدينة القدس الساعة السادسة مساءً في 10 مايو (أيار) الحالي، بعد تهديد لم يستمر سوى ساعات قليلة، دشنت الحركة ما يمكن أن نسميه عهداً جديداً في فلسطين وإسرائيل، واتضح لاحقاً أنه يؤسس لمرحلة جديدة، كان كثيرون يتوقون لها. لم يكن الأمر متعلقاً فقط بتحدي إسرائيل وكسب الجولة إعلامياً ومعنوياً، في وقت كان يعتقد فيه الفلسطينيون أنفسهم أنهم خسروا كثيراً وتراجعوا وتقهقروا وفقدوا زمام المبادرة.
لم تعرف «حماس»، وربما إسرائيل، أن حرب الـ11 يوماً المدمرة بينهما، وأخرجت السلطة الفلسطينية خارج السبق الشعبي، ستعود بالفائدة أكثر من أي كيان أو أحد على الرئيس الفلسطيني محمود عباس وسلطته التي لجأ إليها العالم من أجل حل أوسع وشامل، وليس مجرد حل جزئي في غزة سيقود حتماً إلى حرب أخرى واتفاق تهدئة جديدة، وهكذا، ضمن لعبة الدوران في حلقة مفرغة. إذ يمكن القول إن فكرة «صنع السلام» وفق «حل الدولتين» أصبحت ملحة أكثر ومخرجاً معقولاً لكثيرين بعدما طواها النسيان والتجاهل.
قبل أن تنتهي الحرب على قطاع غزة يوم 21 مايو الحالي، تحرّكت الولايات المتحدة، ومعها مصر وقطر والأمم المتحدة ودول في الاتحاد الأوروبي، من أجل وقف إطلاق النار، الذي جرى تثبيته، على قاعدة أن صنع السلام الدائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو الحل الوحيد، عبر هدنة طويلة في غزة والضفة، بما فيها القدس، وليس مجرد عقد اتفاق هش جديد في غزة.
كان العالم كله قد تعلم الدرس، بأن الحرب ستجرّ هدنة ثم حرباً ثم هدنة وهكذا، من دون أن يتحقق شيء على الأرض... لا إعمار ولا رفع حصار ولا تنمية ولا هدوء في المنطقة التي تشهد أكبر كثافة سكانية في العالم، وستظل تشكل بالنسبة لإسرائيل عقدة تستعصي على الحل.
ليس العالم فقط، بل أيضاً إسرائيل - التي بدا في هذه الحرب أنها ضيّعت عمل 70 سنة، بعد مواجهات دامية في الداخل رآها القادة الإسرائيليون أشبه بحرب أهلية، وعمليات في الضفة، وصواريخ من غزة، التي كانت تصبو أيضاً إلى حل وتنمية وحياة عادية.
ومثلها، السلطة الفلسطينية - التي خرجت من فترة رئاسة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مثخنة بالجراح، ومعزولة ومهمشة، تكاد تصل إلى طريق مسدودة في مشروعها السياسي - كانت تبحث عن استعادة الدور من جديد وإنعاش مشروعها الممدّد في غرفة العناية...
لقد منحت الحرب الأخيرة طوق نجاة للجميع إلا للذين قضوا تحت ركامها.
العودة إلى الحل القديم
لم تتلكأ واشنطن طويلاً، قبل أن ترسل وزير خارجيتها أنتوني بلينكن إلى المنطقة من أجل دفع مسار سياسي جديد. ولم يحتَج بلينكن سوى ليوم واحد في تل أبيب ورام الله من أجل الإعلان أن الأطراف متفقة على الحاجة إلى حل سياسي.
قال بلينكن، بعد لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله هذا الأسبوع، إن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أقرّا بضرورة معالجة الأسباب الأساسية التي تشعل الصراع بينهما. وأضاف: «القادة على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني بحاجة إلى إجراء تحسينات حقيقية في حياة الناس». ومن ثم، رحّب بلينكن باتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بعد موجة المواجهات الأخيرة بين الطرفين، مضيفاً أنه «يجب البناء على تلك التفاهمات للمضي قدماً لتتحرك الأمور بإيجابية».
وأقرّ الوزير الأميركي بأن «دوامة العنف الأخيرة هي انعكاس لقضايا مختلفة، ونرحب بوقف إطلاق النار، ولكن يجب أن نبني عليه لتتحرّك الأمور بطريقة إيجابية»، مضيفاً: «في النهاية، من الممكن استئناف الجهود لتحقيق حل الدولتين، والذي ما زلنا نراه السبيل الوحيد لتأمين مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، وبالطبع منح الفلسطينيين دولتهم حيث لديهم الحق في ذلك».
كان بلينكن يشير إلى هدف المهمة التي بدأها في تل أبيب ورام الله وعمان ومصر وفي مناطق أخرى مستعجلاً، بسبب الحرب التي دكّت تل أبيب ومناطق واسعة. في حين أكدت مصادر فلسطينية سياسية في رام الله لـ«الشرق الأوسط» أن الحرب على قطاع غزة «سرّعت من جهود دفع عملية سياسية جديدة في المنطقة»، وذكرت أن «الاتصالات ومباحثات وقف النار في قطاع غزة وفرض تهدئة طويلة الأمد، كانت جزءاً من خطة أوسع لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية والوصول إلى اتفاق سلام».
وتابعت المصادر: «بوجود إدارة أميركية جديدة تريد استئناف عملية السلام، وبدعم دولي وإقليمي، كان يفترض أن تنطلق مثل هذه العملية، لكن ما حدث في القدس والحرب على غزة جعلا الأمر ملحاً أكثر، بل حتمياً». ومن ثم، أكّدت المصادر أن الاتصالات التي أجرتها واشنطن مع الفلسطينيين والإسرائيليين بشكل مباشر، تركزت على وجوب «إطلاق عملية سلام للوصول إلى اتفاق شامل فلسطيني إسرائيلي... وليس مجرد الوصول إلى اتفاق مؤقت لوقف النار في غزة».
موقف محمود عباس
من جانبه، كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد قال وسط الجهود المبذولة لوقف النار، إنه يريد «وقف العدوان، ثم الدخول في عملية سياسية جدية، وبمرجعية دولية واضحة، تفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، بما فيها القدس الشرقية عاصمتنا المقدسة». وجدّد عباس تمسكه بـ«مبادرة السلام العربية» التي أقرتها القمم العربية المتعاقبة منذ قمة بيروت عام 2002، نصاً وروحاً. أي تطبيق المبادرة من الألف إلى الياء، وليس العكس، ما يعني الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية التي احتلت عام 1967 أولاً، ثم البحث في أي قضايا تخص العلاقة مع إسرائيل بعد ذلك، وليس العكس.
قال عباس: «نحن طلاب سلام، لا طلاب حرب»، ولكن لأول مرة لم يواجَه عباس بمعارضة (حمساوية) من أجل إطلاق مسار سياسي. إذ قال يحيى السنوار، قائد (حركة حماس) في غزة، الذي خرج متحدياً وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس في شوارع غزة بعد نهاية الحرب بعدما هدّد بأنه سيغتاله؛ إننا نفضل مقاومة الاحتلال بالوسائل السلمية، لكن إذا لم يتجاوب أو تمادى في إجرامه، فإن المقاومة ستردعه».
وشدّد السنوار على أن لدى العالم الآن الفرصة لإلزام الاحتلال بالقانون الدولي والاتفاقيات الدولية، لتصبح الفرصة مهيأة لهدنة طويلة الأمد. وأضاف: «إذا انسحب الاحتلال من الضفة الغربية وشرق القدس، وأقمنا دولتنا على جزء من أرضنا، فستكون الفرصة متاحة لتوقيع هدنة طويلة الأمد».
قطار جوي للمنطقة
وحقاً، من أجل الوصول إلى حل نهائي، لم تتحرك فقط الولايات المتحدة، بل تحركت أيضاً المنطقة العربية برمتها. ففي غضون 48 ساعة فقط وصل وزير الخارجية الأميركي ووزيرا الخارجية المصري والأردني للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ثم لحق بهما وزير الخارجية البريطاني. ودعت مصر السلطة و«حماس» إلى القاهرة «من أجل بلورة شيء ما»، كما قال بلينكن: «بعدما وصلنا إلى حيث يريد الجميع أن يكون، ألا وهو إنهاء العنف». وأردف: «أعتقد أنه من واجبنا جميعاً أن نحاول أن نبدأ في بناء شيء أكثر إيجابية. نحن ندعو إلى بذل مزيد من الجهود لتهيئة الظروف بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لإعادة إطلاق عملية سلام حقيقية».
مطلوب أكثر من الرغبة
ليس سراً أن إطلاق هذه العملية يحتاج إلى ما هو أكثر من رغبة الولايات المتحدة. ولذا يعمل الفلسطينيون مع مصر والأردن على وضع خطة تحظى بدعم عربي، ثم أميركي وموافقة إسرائيلية، من أجل إطلاق عملية سياسية جديدة في المنطقة تقود إلى مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، ويجري خلالها فرض تهدئة واسعة في كل المناطق، الضفة والقدس وقطاع غزة، بما يشمل بدء إعمار القطاع.
هذا التنسيق بدأ فعلياً قبل وصول إدارة الرئيس جو بايدن إلى الحكم، واستمر بعد ذلك. غير أنه تكثف وأخذ منحى متسارعاً بعد الحرب على قطاع غزة، وإبداء الإدارة الأميركية رغبة في حل شامل يقوم على «حل الدولتين» لا مجرد حل جزئي في قطاع غزة. ولأجل هذا يجري تنسيق مكثف بين رام الله وعمّان والقاهرة يشمل كل شيء، ويقوم على وضع خطة لإطلاق عملية سياسية جديدة.
وفعلاً، أكد عباس هذا التوجه أثناء استقباله وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ووزير الخارجية المصري سامح شكري، قائلاً إن «القيادة الفلسطينية مستعدة فوراً للانخراط في مسار سياسي تحت إشراف اللجنة الرباعية الدولية، ينهي الاحتلال الإسرائيلي عن شعبنا وأرضنا، ويؤدي لنيل شعبنا الفلسطيني حريته واستقلاله في دولة ذات سيادة، بعاصمتها القدس الشرقية، على أساس قرارات الشرعية الدولية». واختصر الصفدي وشكري المسألة بقولهما إن «الوقت الآن هو وقت التنسيق والعمل وبذل كل جهد ممكن حتى إقامة دولة فلسطين المستقلة على كامل التراب، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية».
وقال شكري إن الجميع يعمل الآن «من أجل تحقيق الغاية بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 67. وعاصمتها القدس الشرقية... هذا هو الهدف المشترك للدول العربية الشقيقة كافة، العمل بتنسيق كامل مع السلطة الوطنية الفلسطينية لتحقيق ذلك».
وتابع: «نحن عملنا بكل جهد لاحتواء هذا الأمر مراعاة للشعب الفلسطيني، ولإعفائه من ويلات العمليات العسكرية»، مشدداً على ضرورة إيجاد الأفق السياسي الملائم للتوصل إلى إقامة الدولة الفلسطينية: «نحن شهدنها هذه الدوائر المفرغة من العنف ومن التصعيد واستمرار الاحتلال دون آفاق سياسية لا تبشر بالاستقرار والأمن ليس فقط لفلسطين، ولكن للمنطقة بأكملها».
الإعمار... أكثر من مجرد إعادة بناء
الاستقرار الذي يتحدث عنه شكري شرط أساسي لإطلاق عملية إعمار في قطاع غزة. ورغم الدعوات الكثيرة لإعادة إعمار القطاع، وتأكيد الولايات المتحدة على التعاون مع السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة لدعم جهود إعادة الإعمار، لا يبدو أن ذلك ممكناً من دون اتفاق سياسي طويل. ومعروف أن إعمار القطاع الذي تنخرط فيه الولايات المتحدة ومصر وقطر والمبعوث الأممي إلى الشرق الأوسط تور وينسلاند، والاتحاد الأوروبي كذلك، بحاجة إلى جهة «شرعية» يتعامل معها كل هؤلاء، وهي السلطة وليست «حماس» من وجهة نظرهم. ثم إن عملية الإعمار بحاجة إلى اتفاق طويل ومؤكد إلى حد كبير، ويفضل العالم أن يكون مع جهة يتعامل معها.
وفوق ذلك، تسعى إسرائيل ضمن تغيير سياستها تجاه «حركة حماس» أن تتسلم السلطة الفلسطينية أي أموال ستذهب إلى غزة. ووفق وسائل إعلام إسرائيلية، فإن رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الجيش بيني غانتس، ووزير الخارجية غابي أشكنازي، أبلغوا وزير الخارجية الأميركي أن إسرائيل ستوافق على إعادة إعمار غزة فقط في حال تشكيل نظام دولي «يمنع تعاظم قوة (حماس) مجدداً». واستعرض أشكنازي أمام نظيره الأميركي خطة لإدخال مساعدات إلى قطاع غزة، بحيث يُفصل بين «مساعدات إنسانية أساسية، مثل تزويد الماء والكهرباء»، وبين إعادة الإعمار. وأردف أن إدخال المواد لإعادة الإعمار سيكون مشروطاً بإقامة نظام مراقبة بالتعاون مع الأمم المتحدة «للتأكد من الجهة التي يذهب إليها أي دولار وأي كيلو إسمنت».
وحقاً، تريد إسرائيل وجوداً مصرياً كاملاً في هذا النظام، وكذلك دور مباشر للسلطة الفلسطينية، باعتبارها ممثل الفلسطينيين، وليست «حماس».
التوجه الإسرائيلي هذا جزء من توجه أوسع أميركي ودولي، كذلك، باعتبار السلطة الجهة الشرعية التي يمكن للعالم أن يتعامل معها، ووجودها في غزة سيعطي ضمانات أكبر لهدنة طويلة. ويفترض أن تناقش القاهرة هذا الأمر مع «حماس» مباشرة، وبالفعل، ذكر المتحدث باسم «حركة حماس» حازم قاسم، أن رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية سيصل إلى القاهرة خلال أيام بعد دعوة مصرية من أجل مناقشة وقف النار وجهود إعادة الإعمار.
مصادر فلسطينية مطلعة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «حماس» لم ترد أو تقرر فيما يخص موقف إسرائيل من تحويل أي أموال إلى قطاع غزة عبر السلطة، باعتبار أن الحركة قد تكون جزءاً من السلطة إذا ما تشكلت حكومة وحدة وطنية كما هو مخطط له. وأضافت المصادر: «في سياق اتفاق فلسطيني داخلي وشامل لن تمانع الحركة أن تكون السلطة عنواناً فلسطينياً ضمن آلية لإعادة إعمار القطاع... لكن ذلك ما زال مبكراً للاتفاق حوله». وهذا، رغم تأكيد المصادر أن هذا الملف كان جزءاً من النقاش بين الوفد الأمني المصري وقادة «حماس» في قطاع غزة.

هاجس الحرب الحاضر دائماً
> توجه العالم حول غزة، الذي عبّر عنه مفوض الأمن والسياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، بقوله إن الاتحاد لا يمكنه أن يواصل تمويل إعادة إعمار غزة، دون وجود احتمال إطلاق مسار سياسي بين إسرائيل والفلسطينيين - يعني بشكل أو بآخر تعزيز مكانة السلطة قبل أي شيء. في حين كشفت جهات إسرائيلية أن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل تعزيز مكانة السلطة الفلسطينية عبر تعزيز التعاون الأمني والسماح بتحويل الأموال إلى غزة عبر السلطة. وعلى طريق تعزيز السلطة، أكد وزير الخارجية أنتوني بلينكن عزم واشنطن على إعادة فتح القنصلية العامة الأميركية في القدس وتقديم 360 مليون دولار مساعدات للفلسطينيين. كما أكد بلينكن أن إدارة الرئيس بايدن ستقوم بتعزيز العلاقات الثنائية مع السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني.لكن أثناء هذا الحراك الكبير تستعد «القسام» وتنجز مزيداً من الصواريخ لجولة أخرى من القتال في مواجهة إسرائيل؛ حيث أمر رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال أفيف كوخافي، جيشه بأن يكون على أهبة الاستعداد التام للرد على أي تدهور أمني واسع من غزة. وقالت «القناة 12» العبرية إنه حتى صباح الخميس هناك تقدير في تل أبيب أنه إذا لم يتحقق تقدم من خلال فرق التفاوض، قد تجد إسرائيل نفسها في جولة أخرى من القتال خلال الأسبوع المقبل، ولذا وُضِع الجيش على أهبة الاستعداد التام.

قطاع غزة... إحدى أكثر مناطق العالم كثافة سكانية
> في المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني على البحر المتوسط، على مساحة لا تزيد عن 360 كيلومتراً مربعاً، بطول 41 كيلومتراً مربعاً، وعرض يتراوح بين 5 و15 كيلومتراً مربعاً، يعيش في قطاع غزة أكثر من 2.05 مليون نسمة، بحسب آخر إحصاء رسمي. وهذا ما يجعل القطاع البقعة الأكثر كثافة سكانية في العالم.
القطاع ينسب إلى كبرى مدنه... غزة. وفيه تبلغ نسبة الكثافة السكانية وفقاً لأرقام حديثة أكثر من 27 ألف ساكن في الكيلومتر المربع الواحد، أما في المخيمات فترتفع الكثافة السكانية إلى حدود 56 ألف ساكن تقريباً في الكيلومتر المربع. ويشكل القطاع مع الضفة الغربية، وهي الجزء الفلسطيني الأكبر من الأراضي التي احتلتها إسرائيل في 5 يونيو (حزيران) 1967، الأراضي التي تسعى السلطة الفلسطينية لإنشاء دولة ضمن حدودها.
حالياً، يوجد في القطاع 44 تجمعاً سكانياً. أهمها؛ غزة ورفح وخان يونس وبني سهيلة وخزاعة وعبسان الكبيرة وعبسان الجديدة ودير البلح وبيت لاهيا وبيت حانون وجباليا. ويقول البنك الدولي إن القطاع يمثل الآن أسوأ اقتصادات العالم أداء، وفيه أعلى معدل بطالة في العالم، إذ يبلغ أكثر من 50 في المائة.
وكانت إسرائيل تعتقد أن تسليم غزة إلى السلطة الفلسطينية عام 1994 سيحوّل السلطة إلى شرطي حدود، وكان هذا بمثابة وهم جديد. إذ اضطرت إسرائيل لشن أولى عملياتها العسكرية، ضمن سلسلة عمليات ضد غزة بعد تسليم السلطة لها بنحو 8 سنوات، وتحديداً في نهاية أبريل (نيسان) 2001، وهي التالية...
- في مايو (أيار) 2004، عملية «قوس قزح».
- في سبتمبر (أيلول) 2004، عملية «أيام الندم».
- في 2005. انسحبت إسرائيل فعلاً من قطاع غزة ضمن خطة عُرفت آنذاك بـ«خطة فك الارتباط الأحادي الجانب»، ولكن في 25 سبتمبر 2005 شنت عملية «أول الغيث» وهي أول عملية بعد خطة فك الارتباط بأسبوعين.
- في يونيو 2006 عملية «سيف جلعاد».
- في فبراير (شباط) 2008، عادت من جديد لتنفذ عملية «الشتاء الساخن». وفي نهاية العام، وتحديداً في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2008، شنت إحدى كبرى عملياتها العسكرية على غزة وأكثرها دموية، هي «الرصاص المصبوب».
- عام 2012. عملية «عمود السحاب».
- عام 2014. حرب «الجرف الصامد» التي طالت 51 يوماً، وخلفت أكثر من 1000 قتيل فلسطيني ودماراً كبيراً.
- في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 خاضت إسرائيل جولة قاسية مع «حماس».
- هذا الشهر، مايو (أيار) دخلت «حماس» وإسرائيل أحدث الجولات القتالية.



فوضى الأسواق تمهد لنظام عالمي ينهي حقبة منظمة التجارة «المعادية»

ترمب وقائمة التعرفة الجمركية المفروضة على دول العالم (غيتي)
ترمب وقائمة التعرفة الجمركية المفروضة على دول العالم (غيتي)
TT
20

فوضى الأسواق تمهد لنظام عالمي ينهي حقبة منظمة التجارة «المعادية»

ترمب وقائمة التعرفة الجمركية المفروضة على دول العالم (غيتي)
ترمب وقائمة التعرفة الجمركية المفروضة على دول العالم (غيتي)

لا يمكن رد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب «المفاجئ» تأجيل فرض الرسوم الجمركية على غالبية الدول لمدة 90 يوماً، إلى نجاح مناشداتها فقط. ثم إنه لا يمكن اعتبار «المخاوف» من تأثيراتها على الداخل الأميركي سبباً كافياً لإقناعه بتأجيلها، خاصةً أنها لم تؤد بعد إلى التحوّل مصدر قلق جدياً على قاعدته وحزبه. لكن ما لا شك فيه أن ترمب أراد إيصال رسالة أبعد إلى «من يهمه الأمر»... أي الصين، التي رفع نسبة رسومه عليها إلى 125 في المائة، في تصعيد كبير لـ«الحرب التجارية» معها. وهو ما يشير أن التوصل إلى تفاهمات وصفقات جوهرية معها ومع غيرها من الدول، لا يزال بعيد المنال في ظل تصريحاته التي بدت متناقضة. ترمب يأمل بأن يعزّز تكتيكا «الصدمة» و«الرعب» في فرض الرسوم الجمركية، نفوذه ومكانته وقوة أميركا ومكانتها، ويعتقد أن الوصول إلى السوق الأميركية هو أقوى سلاح في هذه الحرب، لكن بيل أكمان، مدير صندوق التحوّط، وصف هذه «الحرب»، في معرض انتقاده للرسوم الجمركية، بأنها بمثابة إطلاق «حرب نووية اقتصادية».

يدرك دونالد ترمب أن التجارة مع الولايات المتحدة مسألة حيوية لازدهار، وحتى استقرار، عشرات الدول، وأن الضمانات الأميركية تضمن أمن معظم دول العالم. ومع حالة الارتباك التي ضربت أسواق العالم، بدا أن الرئيس الأميركي يهدف إلى إحداث أكبر قدر ممكن من «الفوضى» التجارية، التي قد تجبر في نهاية المطاف الجميع على الإذعان لشروط واشنطن، وخلق نمط تجاري جديد ينهي حقبة «منظمة التجارة العالمية» وقوانينها، التي يرى أنها تعمل منذ وقت طويل ضد مصالح أميركا. وهو ما دعا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى القول أمام برلمان بلاده، الثلاثاء، إن ما يجري «ليس مرحلة عابرة، بل هو نظام عالمي يتغير».

وبينما يسعى أكثر من 70 دولة، للتوصل إلى اتفاق، تقول إدارة ترمب إن الصين فعلت العكس. وبدلاً من تسريع المباحثات الرفيعة المستوى، وعدت بمواصلة الرد بكل الوسائل المتاحة في محاولة لحماية اقتصادها. وبدا أن أكبر اقتصادين في العالم يخوضان الآن «حرباً تجارية» متصاعدة بسرعة قد تدفع تنافسهما إلى مستوى جديد من المواجهة، وقد تتسبّب في ركود عالمي.

الصين تحت الضغط

حتى الآن، تُظهر بكين الثقة، مراهنةً على اضطرابات السوق والانقسامات في دعم رسوم ترمب الجمركية، ومقتنعةً بأن لها اليد العليا، وهي فقط تحتاج لفترة انتظار أطول بقليل حتى تتراكم ردود الفعل، فتغدو في وضع أفضل قبل أي تفاوض.

ومع استبعاد خضوع الصين الآن للضغط - علناً على الأقل - فإنها تعمل بهمّة على توسيع أدواتها الانتقامية للتعويض عن فائضها التجاري الكبير مع الولايات المتحدة. وتشمل هذه الإجراءات فرض عقوبات على الشركات الأميركية العاملة في الصين، وتقييد وصول الولايات المتحدة إلى المواد الأساسية اللازمة لتصنيع منتجات عالية التقنية؛ من المعدات الطبية إلى المفاعلات النووية. كذلك تستطيع بكين فرض قيود إضافية على أنواع من المعادن النادرة أو المعادن الأساسية التي تُهيمن الصين على إنتاجها، وحتى تعليق تعاونها للحد من تدفّق الفنتانيل إلى الولايات المتحدة.

ولكن، مع حسم إدارة ترمب بأن معركتها التجارية الرئيسة هي مع الصين، تواجه بكين تحدّيات كبيرة. ورغم إطلاقها المزيد من الإجراءات لتحفيز اقتصادها، فالإنفاق من احتياطاتها المالية والنقدية - المستمر منذ أزماتها الأخيرة - وإفراطها الآن في تقديم القروض لشراء الأسهم، يهددان بتجفيفها، ما قد يعرضها لتكرار ما تعرضت له اليابان في ثمانينات القرن الماضي إبّان الحرب التجارية التي خاضها الرئيس الأسبق رونالد ريغان معها.

اقتصاد الصين حتى قبل رسوم ترمب الجمركية، ما كان بحالة جيدة، بل بدأ للتو في تجاوز ركود سوق العقارات، وضعف الإنفاق، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب. ثم إن الصين تصدّر إلى الولايات المتحدة أكثر بكثير مما تستورده منها، ما يعني أنها لا تستطيع مُجاراة الرسوم بدولار مقابل دولار، الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى تأثر الشركات الصينية والوظائف، بل الاقتصاد العالمي برمّته، الذي يعتمد على الكثير مما تنتجه الصين.

الدول تريد التفاوض

يكرّر ترمب وكبار مسؤوليه القول إنهم «يتفاوضون» مع شركائهم التجاريين لخفض الرسوم الجمركية العالية، لكن العديد من الحكومات التي أبدت استعدادها للتفاوض، ذكرت أنها لم تحصل في السابق على أي رد. غير أنه بعد تأجيله فرضها لمدة 90 يوماً، قد يتغير الوضع خلال الفترة المقبلة، رغم الصعوبات التي قد تواجه فرق التفاوض الأميركية بسبب نقص أعداد العاملين إثر خفض العمالة في عدد من الوزارات، منها الخزانة والتجارة، ما قد يطيل أمد التوصل لتفاهمات مقبولة للطرفين.

وفق تقارير عدة، لا تزال العديد من الدول تنتظر ردوداً على طلبها عقد اجتماعات، بينما لم يوضح مسؤولو إدارة ترمب طبيعة التنازلات التي يسعون إليها، ويرون أنها تمهد الطريق لحل تفاوضي.

هذا قد يشير إلى أنه على الرغم من انتعاش الأسواق المالية التي سعى ترمب إلى طمأنتها وقادة الشركات والجمهوريين، عبر تأجيله فرض الرسوم الجمركية، وأن هدفه النهائي خفض العجز التجاري مع الدول الأجنبية، فإنه لا يزال بعيداً عن التوصل إلى أي صفقات جوهرية مع الشركاء الأجانب الأساسيين. وكل هذا، مع أنه يريد من تلك الدول «المعاملة بالمثل» لمعالجة الظروف غير التبادلية الكامنة وراء «حالة الطوارئ الوطنية» التي أعلنها في «يوم التحرير»، الأسبوع الماضي.

من جهة ثانية، بينما يشيد البيت الأبيض بعدد القادة الأجانب الذين يتواصلون للتفاوض، يقول البعض إن تنظيم تلك الاتصالات سيتحدد بناء على الأولويات، وإن التأخير سيؤدي إلى خطوات انتقامية. ومع أن ترمب قال إنه تكلّم مع العديد من قادة الدول، فهو لم يقل الكثير عمّا إذا كانت مباحثاته حركت الكرة إلى الأمام، أو ما إذا كان سيفكر في خفض الرسوم الجمركية المتضخمة على بلدانهم.

أيضاً لم يتجاوب ترمب مع عرض البعض؛ كإسرائيل واليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام، الالتزام بتقليص العجز التجاري مع الولايات المتحدة، وتخفيف الحواجز التجارية الأخرى.

مع أن ترمب قال إنه تكلّم مع عدد من قادة الدول فهو لم يقل ما إذا كانت مباحثاته غيرت شيئاً

تنازلات «غير كافية»

وأحد الأمور التي أوضحها الرئيس وكبار مسؤوليه التجاريين هو أن التنازلات التي قدمتها بعض الدول حتى هذه اللحظة «غير كافية». إذ عرضت كمبوديا، التي تواجه تعريفة جمركية بنسبة 49 في المائة، خفض الرسوم الجمركية التي تفرضها على 19 فئة من السلع الأميركية، في حين تخطط تايلاند لزيادة وارداتها من النفط والغاز الأميركيين لمعالجة فائضها التجاري مع الولايات المتحدة.

ومن جهته، عرض الاتحاد الأوروبي خفض تعريفاته الجمركية على السلع الصناعية إلى الصفر، مقابل إلغاء أميركي مماثل. ولكن عندما سُئل ترمب بعد ظهر يوم الاثنين عما إذا كان ذلك كافياً لإلغاء زيادة التعريفات الجمركية البالغة 20 في المائة على الاتحاد الأوروبي، ردّ بالنفي.

غنيٌّ عن القول إن معدلات التعريفات الجمركية التي يرغب ترمب بفرضها على 100 دولة - من دون الصين - من بينها 60 شريكاً تجارياً، تتراوح بين 10 و50 في المائة، تضاف إلى الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارته على واردات الصلب والألمنيوم، وواردات السيارات وقطع غيارها، وعلى كندا والمكسيك والصين لدورها «في تهريب مخدّر الفنتانيل إلى الولايات المتحدة».

هذا دفع البعض إلى التحذير من أن الارتباك الحاصل قد يضاعف من اضطراب الأسواق، ويؤجج المخاوف من أن تكون أميركا نفسها تتجه نحو الركود. وحقاً، قال أحد الاقتصاديين: «ما نشهده هو انتعاشٌ استثنائيٌّ على أمل أن يتحوّل هذا التوقّف إلى إلغاء دائم للرسوم الجمركية العقابية العشوائية التي فُرضت على شركاء أميركا التجاريين العالميين»، لكنه أضاف: «هذا لا يُزيل خطر الركود من المشهد».

الوجه الآخر لسياسات ترمب

محلياً، يعتقد ترمب أن القوة السياسية التي يكتسبها من تأكيد سيطرته الكاملة على سياسة التعريفات الجمركية، سيخيف الشركات ويدفعها إلى دعمه، كما يؤمن بأن علاقاته بمؤيديه ستصمد في وجه فترة اقتصادية صعبة. في حين يرى محللون أن سياسات ترمب الجمركية والتوترات مع الحلفاء «هي الوجه الآخر لسياساته الداخلية المستمرة منذ تسلمه منصبه»، بعدما خفّض موظفي الحكومة وأنهى الكثير من برامج الدعم والمساعدات لخفض الإنفاق، وقمع الهجرة.

مع هذا، صدرت تحذيرات، سواءً من عمالقة الشركات والمؤثّرين الذين كانوا من أكبر الداعمين له، ومن بعض المشرّعين الجمهوريين، ومن إيلون ماسك - أحد أقرب حلفاء ترمب - والتي أشارت كلها إلى أن استراتيجية الرسوم الجمركية تنطوي على أخطار جسيمة، قد تكلّفه وحزبه خسارة تأييد القاعدة الانتخابية.

سلع صينية بانتظار التصدير ... الضحية الأول لـ"حرب" واشنطن التجارية ضد بكين (آ ب)
سلع صينية بانتظار التصدير ... الضحية الأول لـ"حرب" واشنطن التجارية ضد بكين (آ ب)

تراجع القلق مؤقتاً؟

بيد أن تأجيل فرض الرسوم الجمركية - باستثناء الصين - خفّف من الانتقادات التي واجهها ترمب من مقدّمي البرامج والمؤثرين اليمينيين على مواقع التواصل الاجتماعي و«البودكاست» الذين لعبوا دوراً كبيراً في تعزيز شعبيته لدى ملايين المتابعين، بعدما قالوا إن رؤيته للتجارة الدولية «للأسف، خاطئة».

أيضاً، تراجع القلق في صفوف بعض أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الجمهوريين، بمن فيهم حلفاء ترمب، بشأن تعريفاته الجمركية، علماً بأن البيت الأبيض وقادة الحزب تمكنوا من إضعاف محاولات إقرار مشاريع قوانين لتقييدها، وسط ضعف غير مسبوق للديمقراطيين، يصل إلى حد التواطؤ مع «الأهداف البعيدة» المتوخّاة منها.

وبعدما قدّم النائب الجمهوري دون بيكون، الاثنين، تشريعاً لتقييد رسوم ترمب الجمركية، حثّ رئيس مجلس النواب مايك جونسون المشرّعين الجمهوريين على دعم الرئيس، قائلاً إن ترمب يستحق «حرية التصرف» في هذه القضية. وكان سبعة أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ قد انضموا إلى رعاية مشروع قانون مماثل في مجلس الشيوخ يطلب من البيت الأبيض الحصول على موافقة الكونغرس لفرض الرسوم.

وأعلن زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ جون ثون أن أي مشروع قانون يهدف إلى إعاقتها ليس له «مستقبل» في الكونغرس، ليعلن الجمهوريون، مساء الاثنين، عن مواصلة دعمهم لسياسات ترمب الجمركية. وقال السيناتور كيفن كريمر، الذي حذر من أن يصاب الناس بالذعر، إن «المخاوف بشأن الرسوم الجمركية لم تدفع بعد مؤيدي ترمب إلى النفور منه، لكن حتى أقوى مؤيديه قد يتراجعون عن موقفهم إذا بدأت تؤذي الأفراد، لكنني لا أعتقد أننا وصلنا إلى هذه المرحلة بعد».

حقائق

جمهوريو «وول ستريت» ينتقدون سياسات ترمب

بعد أشهر من تجنّب رؤساء الشركات الأميركية انتقاد سياسات الرئيس دونالد ترمب، أدت عمليات البيع المكثفة في السوق وتحذيرات عمالقة «وول ستريت» مثل بيل أكمان وجيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك «جي بي مورغان تشيس»، إلى إعراب المزيد من قادة الأعمال عن قلقهم علناً.

الملياردير كين غريفين، كبير المانحين الجمهوريين الذي يدير شركة صناديق التحوط «سيتادل»، وصف الرسوم الجمركية بأنها «خطأ سياسي فادح». وقال إنه من الخطأ أن تقول لعائلة من الطبقة المتوسطة أو ذات الدخل المحدود «سيكلفك ذلك 20 أو 30 أو 40 في المائة زيادةً في ثمن البقالة أو محمصة الخبز أو مكنسة كهربائية جديدة أو سيارة جديدة». وأضاف: «حتى لو تحقق حلم عودة الوظائف إلى أميركا، فهذا حلم يمتد لعشرين سنة، وليس 20 أسبوعاً. إنه ليس سنتن. إنه عقود».

أيضاً انتقد إيلون ماسك، أحد أكثر مستشاري ترمب نفوذاً، «أجندة» البيت الأبيض التجارية، «فاتحاً» سجالاً قاسياً مع مستشار ترمب التجاري، بيتر نافارو. ويوم الاثنين، نشر مقطع فيديو شهيراً للمرجع الاقتصادي ميلتون فريدمان وهو يروّج للتجارة الحرة، موضحاً كيف تتطلب مكوّنات قلم الرصاص سلاسل توريد معقدة.

وتوالت انتقادات كبار الرؤساء التنفيذيين الداعمين للجمهوريين، ولترمب خصوصاً، من أمثال بهرام أكرادي، الرئيس التنفيذي لسلسلة متاجر «لايف تايم»، وبريت شولمان الرئيس التنفيذي لسلسلة «كافا». وحتى كتب رايان كوهين، الرئيس التنفيذي لشركة «جيم ستوب»، على منصة «إكس» الأسبوع الماضي أن الرسوم الجمركية «تحوّلني ديمقراطياً».

حذَّر هؤلاء من أن خطة ترمب ستؤدي إلى ارتفاع تكاليف الشركات وانخفاض إيراداتها؛ ما سيخلق عوائق كبيرة أمام عمليات الإنتاج في جميع أنحاء العالم. لكن بعضهم توقع أن يكون التباطؤ الاقتصادي الخيار الأرجح من حرب تجارية شاملة، في حين يتحدث خبراء عن أن ما يجري قد يكون خطة لإعادة تمويل 7 تريليونات دولار من ديون أميركا، عبر خفض عوائد السندات الأميركية. وبحلول نهاية 2026، ستستحق تلك السندات التي سبق إصدار معظمها بين عامي 2020 و2022، بفائدة قريبة من الصفر، في حين أنها ‏اليوم تجاوزت 4.5 في المائة. وبما أن كل ارتفاع بمقدار 1 في المائة في العائد يعني 90 مليار دولار إضافية في مدفوعات الفائدة سنوياً، هذا يعني أن تكلفة إعادة التمويل قد تكون باهظة ما لم تنخفض العوائد بسرعة.

بناءً عليه؛ يقول خبراء إن التعريفات الجمركية لا تهدف إلى حماية الصناعة الأميركية، بل إلى إبطاء النمو؛ ما سيخفّض الطلب على السلع ويؤدي إلى تراجع التضخم، وانخفاض العوائد طويلة الأجل. كل هذا سيتيح إعادة تمويلها بسعر منخفض، بعد بيعها، وهو ما حصل في الأيام الأخيرة، مع عمليات البيع غير المسبوقة التي شهدتها السندات الأميركية.