العراق يؤكد أن الانتخابات ستجرى في موعدها

بعد قرار مجلس الأمن إرسال مراقبين للاقتراع

TT

العراق يؤكد أن الانتخابات ستجرى في موعدها

أكدت الرئاسات العراقية الأربع (الجمهورية، والوزراء، والبرلمان، والقضاء) ضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية المقررة في البلاد في العاشر من شهر أكتوبر (تشرين الأول) القادم في موعدها. وشددت الرئاسات في اجتماع استضافه رئيس الجمهورية برهم صالح، على أهمية الانتخابات «كونها تأتي بعد حراك شعبي مطالب بالإصلاح، وتراكم للأزمات وسوء للإدارة وتفشٍّ للفساد».
ويأتي قرار الرئاسات العراقية بعد الحديث عن إمكانية تأجيل الانتخابات بسبب التوتر الحاصل بين الدولة وقوى الدولة الموازية بعد إعلان مجلس الأمن الدولي أنه قرر تفويض بعثة الأمم المتحدة في العراق مراقبة الانتخابات. وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية أحمد الصحاف، في بيان له، إن مجلس الأمن «وافق على قرار بتفويض البعثة السياسية للأمم المتحدة في العراق والممثلة الخاصة للأمم المتحدة، جينين هينيس بلاسخارت، بتوفير فريق للأمم المتحدة معزّز وقويّ ومرئيّ، مع موظفين إضافيين، قبل الانتخابات العراقية المقبلة». وأوضح أن «قرار مجلس الأمن يتضمَّن عناصر قويّة ويؤكِّد الالتزام الكامل بسيادة العراق واستقلاله ووحدة أراضيه، وأن القرار يدعم جهود الحكومة بالتصدي للتحديّات وتثبيت الاستقرار، ويشيد بالجهود الوطنية لتنفيذ انتخابات مبكرة». ولفت الصحاف إلى أن «مساعي حثيثة بُذلت وبالتنسيق مع شركاء العراق وأصدقائه بشأن تلك الانتخابات»، مبيّناً أن قرار مجلس الأمن يشير إلى أن «الرقابة ستكون بأوسعِ تغطية جغرافيّة ممكنة، وأن القرار يضمن حملة استراتيجية للأُمم المتحدة لتوعية الناخبينَ العراقيين بأهمية المشاركة في الانتخابات».
ويأتي قرار مجلس الأمن الدولي رداً على رسالة كان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين قد بعث بها إلى مجلس الأمن الدولي يوم 11 - 2- 2021، أكد فيها رغبة العراق في إرسال مراقبين دوليين. وفي هذا السياق أعلنت ممثلة بعثة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، أن «الشعب العراقي طالب بهذه الانتخابات خلال الاحتجاجات الجماهيرية التي دفع فيها البعض حياتهم ثمناً. الآن ليس الوقت المناسب لنخذلهم». وحثّت بلاسخارت في بيان لها «العراقيين على التمسك بنزاهة الانتخابات، قائلة إن العالم سيراقب ليرى أن التصويت حر وشفاف ومن دون ضغوط أو تدخلات سياسية». وأضافت أنه «من المهم أن تكون هناك مشاركة واسعة في الانتخابات المقبلة بالعراق، والأمم المتحدة تعمل على منع تكرار ما حدث في 2018». وأكدت أن «الأمم المتحدة ليست هنا لإعطاء أي مصداقية لأي نتيجة انتخابية ولن نعمل على إجراء انتخابات بالنيابة عن السلطات العراقية». وبيّنت أن «الانتخابات كانت من مطالب المتظاهرين ومن المهم للحكومة تحقيق ذلك».
من ناحية أخرى، وحول التوتر بين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي والحشد الشعبي بعد اعتقال قائد حشد الأنبار قاسم مصلح، عدّت الرئاسات الأربع أن «التعدي على سلطة الدولة، وحقها في مسك القرار الأمني والعسكري تجاوزاً خطيراً على سلطة الدولة، وهيبتها في فرض القانون وحماية أمن المواطنين، وتعريض استقرار البلد لمخاطر حقيقية». وشددت على «ضرورة احترام القرارات الصادرة عن القضاء وإجراءات مؤسسات الدولة في المساءلة القانونية، وعدم التعرّض لقرارات القضاء خارج الأطر الدستورية، والالتزام بالإجراءات والسياقات القانونية حصراً».وحول قرار مجلس الأمن إرسال مراقبين دوليين لمراقبة الانتخابات العراقية، يقول عبد الله الخربيط عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية، لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا بمثابة اعتراف دولي بأن العراق قاصر، وهناك تخندق من المجتمع الدولي مع الشباب الثائر وضد السلاح المنفلت». وأضاف الخربيط أن «الرقابة هذه المرة لن تتعدى كونها رقابة مثلما كان يحصل، لأن المراقب تغيّر، حيث إن مجلس الأمن يختلف عن الأمم المتحدة التي كانت تسهم في عمليات التزييف وذرّ الرماد لتغطية النتائج». وأوضح أن «رقابة مجلس الأمن تعني أنه سيتبعها بالضرورة اعتراف إما بنزاهة الانتخابات وإما قرارات بالضد»، مشيراً إلى أن «الأمل الأخير بإنقاذ العراق هو الذهاب بقوة للانتخابات من أجل تغيير المعادلة السياسية بالوسائل الديمقراطية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.