السعودية تعزز دور المكتبات باستراتيجية لبناء «اقتصاد المعرفة»‏

السعودية تعزز دور المكتبات باستراتيجية لبناء «اقتصاد المعرفة»‏
TT

السعودية تعزز دور المكتبات باستراتيجية لبناء «اقتصاد المعرفة»‏

السعودية تعزز دور المكتبات باستراتيجية لبناء «اقتصاد المعرفة»‏

أطلقت هيئة المكتبات السعودية، استراتيجيتها لتطوير قطاع المكتبات في المملكة وفق ‏رؤية جديدة تستهدف الارتقاء بالمكتبات وتطويرها وتحويلها من مجرد وعاء معلوماتي إلى ‏منصات ثقافية شاملة تحتضن الأنشطة والفعاليات الجاذبة لأفراد المجتمع، إلى جانب ‏دورها الأساسي المرتبط بتنمية العادات القرائية وإثراء المعرفة، ورفع مستوى الوعي ‏المعلوماتي‎.‎
وحددت استراتيجية هيئة المكتبات رؤية لقطاع المكتبات تتمثل في «مجتمع معلوماتي ‏مشارك في بناء اقتصاد المعرفة، وتحقيق أهداف التنميةالمستدامة»، ونصت رسالتها على ‏‏«تمكين مجتمع قطاع المكتبات للمساهمة في النمو الاقتصادي والتعليمي والاجتماعي ‏والثقافي». ‏
وفي مؤتمر صحافي في مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض، أعلن الرئيس التنفيذي لهيئة ‏المكتبات الدكتور عبدالرحمن العاصم الاستراتيجية والتي تجسد التطوير الكبير لمستقبل ‏الثقافة والفكر السعودي‎.‎
وقال الدكتور عبدالرحمن العاصم أن السبب الأساسي من غاية تطوير المكتبات تمكين ‏الاعتزاز بالحضارة والثقافة السعودية. وأضاف قائًلا«إن ما يدل على نجاح تحقيق هذه الغاية ‏هو رؤية الاثر الاجتماعي والاقتصادي»‏‎.‎
وأشار في حديث خاص مع «الشرق الأوسط» ان الاستراتيجية تساعد كذلك على تحفيز ‏رجال الاعمال للاستثمار في المكتبات وسيتم الافصاح عن التفاصيل في المستقبل‎. ‎
وعن دعم المكتبات الخاصةأشار العاصم، أن هناك مبادرات داعمة للمكتبات الخاص، ‏حيث تحرص على دعم وتشجع جميع الاعمال التي تصب في مصلحة المجتمع وتساعد إلى ‏ترقية ثقافته وفكره، ومايدل على الاهتمام الواضح في المصلحة العامة لثقافة البلد وسكانه‎.‎
ولفت أن قطاع المكتبات واعد وقادر على تحقيق اهداف وزارة الثقافة وللتبادل المعرفي ‏أيضًا، وانه جميع المكتبات والاماكن الثقافية ستكون مكان ممتع ومسلي لمواكبة الجيل ‏الحالي والقادم.
وارتكزت استراتيجية هيئة المكتبات على ثلاثة ركائز استراتيجية، تتضمن تنمية قطاع ‏المكتبات وذلك من خلال التخطيط، وتطوير المعايير والأنظمة، والدراسات والإحصاءات، ‏والتمويل والاستثمار، وتنمية الكوادر، في حين تمثلت الركيزة الثانية في تعزيز المشاركة ‏المجتمعية؛ لزيادة مستوى الوعي المعلوماتي في المملكة عبر تسهيل الوصول إلى خدمات ‏المكتبات، والقيام بأنشطة التوعية والترويج لزيادة اهتمام المجتمع بخدمات المكتبات، ‏فيما تناولت الركيزة الثالثة تطوير الكفاءة الإدارية والتشغيلية، وذلك لتطوير قدرات الهيئة ‏لقيادة القطاع وذلك من خلال تأمين بيئة عمل إيجابية، وتطوير قدرات منسوبي الهيئة، ‏وإشراك أصحاب المصلحة المحليين والدوليين بفاعلية‎.‎
كذلك، أطلقت هيئة المكتبات، موقعها الإلكتروني الرسمي على الإنترنت، الذي سيكون ‏نافذة اتصال بينها وبين المستفيدين والمهتمين والعاملين في قطاع المكتبات داخل وخارج ‏المملكة‎.‎
ويتضمن موقع الهيئة بصفحاته الداخلية المتعددة محتوى تعريفياً عن هيئة المكتبات ‏ورؤيتها ورسالتها والأهداف التي تسعى لتحقيقها، كما يتضمن الموقع روزنامة لبرامج الهيئة ‏وأنشطتها ومبادراتها الاستراتيجية‎.‎
وتأتي هيئة المكتبات ضمن 11 هيئة ثقافية تابعة لوزارة الثقافة، وتتولى الهيئة مسؤولية ‏الإشراف على عمل المكتبات وتنظيمها، وتنمية القطاع والنهوض بمقوماته، وفق مفهوم ‏جديد يتعامل مع المكتبة بوصفها منصة ثقافية شاملة‎.‎



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.