سنوات السينما

جورج ساندرز في لقطة من فيلم {اعترافات جاسوس نازي}
جورج ساندرز في لقطة من فيلم {اعترافات جاسوس نازي}
TT

سنوات السينما

جورج ساندرز في لقطة من فيلم {اعترافات جاسوس نازي}
جورج ساندرز في لقطة من فيلم {اعترافات جاسوس نازي}

Confessions of a Nazi Spy (1939)
***
في بيتنا نازيون

«اعترافات جاسوس نازي» لأناتول ليتڤاك مأخوذ عن وقائع فعلية دارت في رحى العام 1938 التي انتهت في أواخر تلك السنة بتقديم متهمين بالتجسس لصالح دولة أجنبية (ألمانيا). أثارت القضية اهتمام شركة «وورنر» فأوفدت مندوباً لها (ملتون كريمس) ليتابع محاكمة المتورطين تمهيداً لكتابة السيناريو.
قضت المحكمة على أربعة متهمين بالسجن، وأصدرت حكماً غيابياً بحق أربعة عشر متهماً لم تتمكن السلطات الفيدرالية من القبض عليهم. قسم كبير منهم كانت لديه الفرصة ليفر من الولايات المتحدة عائداً إلى ألمانيا.
عاد كريمس إلى لوس أنجليس، حيث باشر كتابة السيناريو. آنذاك كان هناك مكتب اتصال ألماني في هوليوود مهمته قراءة ومراقبة كل سيناريو يتناول مسألة ألمانية، وهذا المكتب استمر في عمله خلال الثلاثينات وحتى قرار واشنطن الاشتراك في الحرب العالمية الثانية في مطلع الأربعينات. عندما قرأ المكتب السيناريو أرسل خطاباً إلى ما كان يعرف بمكتب PCA (برودكشن كود أدمنستريشن) الذي كان أُنشئ لمراقبة الأفلام المُنتجة، يطالبه فيها بالتدخل لمنع «وورنر» من تنفيذ الفيلم على أساس أنه يشوه العلاقات الألمانية - الأميركية. في الوقت ذاته، تسلم ذلك المكتب رسالة من مؤسسة حكومية مركزها نيويورك (اسمها Paramount Foreign Department) تعلن فيها أن إنتاج فيلم ضد هتلر خطأ يجب ألا يُرتكب خوفاً من إثارة النعرات.
لكن «وورنر» لم تذعن للأمر وأقدمت على البدء بتصوير مشروعها في فبراير (شباط) سنة 1939 تحت قيادة المنتج المعروف هال ووليس وإخراج ليتڤاك.
يبدو الفيلم اليوم شاهداً على عصره بلا ريب. يدور حول مؤسسة نازية قائمة في الولايات المتحدة تجند الشباب الأميركيين من ذوي الأصول الجرمانية باثة فيهم الروح النازية وتدعوهم لخدمة ألمانيا - الوطن الأم. بعض مستمعي الخطاب النازي ينتقدون فحواه لكنهم قلة يتم طردهم خارج القاعة. الأحداث تنطلق من هنا لتروي أساليب التأثير على الجمهور من الألمان الأميركيين بالخطب الرنانة وبعث روح الانتماء إلى القومية الألمانية والحزب النازي، خصوصاً بعدما قررت الحكومة الألمانية (حسب الفيلم) القيام، عبر وكلائها، بحملة دعائية كبيرة تشمل كل مدن الولايات المتحدة. في الوقت ذاته، وقفت الآلة الألمانية وراء خلية من الجواسيس النشطين لخدمتها.
يسرد الفيلم هذه الأحداث كوقائع وعلى شكل تقريري كانت بعض أفلام هوليوود اشتهرت به حينها. لكن الفيلم لا يستمر على هذا المنوال بعد الدقيقة الخمسين منه، بل يبدأ بإدخال أحداث درامية خيالية إلى نسيجه حال تقديم شخصية أحد أبرز مسؤولي «إف بي آي» (قام به إدوارد ج. روبنسن) وهو يتابع بنفسه التحقيقات. نراه في مكتبه يوجه التعليمات ويستوجب الشهود والمتهمين (وهذا طبيعي) لكننا نراه يقوم بنفسه بإلقاء القبض على المتورطين ووضع القيود في أيديهم (وهذا يبدو غير محتمل لرجل في مثل منصبه الإداري).
روبنسون ممثل جيد وماهر لكنه يمارس إجادته ومهارته بمنأى عن أسلوب الفيلم وإدارته لباقي الممثلين الذين جسّدوا شخصيات أكثر قابلية للتصديق. حال يدخل التمثيل المنفرد على خط الأحداث يتراجع الفيلم عن أسلوبه التقريري المعتمد متبنياً شكلاً بوليسياً، ما يخلق وضعاً غير متوازن. في الفيلم أيضاً البريطاني جورج ساندرز في أداء أنجح كالمشرف على الملف النازي في أميركا.
بعد 82 سنة على إنتاجه، يتردد صدى هذا الفيلم مع انتشار النازية الجديدة في أميركا وسواها ليس من باب التأييد لها، فرسالته كانت معادية، بل كفرصة للتذكير بوعود عنصرية ما زالت متوارثة.


مقالات ذات صلة

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)

هل استعاد محمد سعد «توازنه» بفضل «الدشاش»؟

حقق فيلم «الدشاش» للفنان المصري محمد سعد الإيرادات اليومية لشباك التذاكر المصري منذ طرحه بدور العرض.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تماثيل وقوالب من الفخار مصنوعة قبل الميلاد (مكتبة الإسكندرية)

«صناعة الفخار»... وثائقي مصري يستدعي حرفة من زمن الفراعنة

يستدعي الفيلم الوثائقي «حرفة الفخار» تاريخ هذه الصناعة التي تحمل طابعاً فنياً في بعض جوانبها، على مدى التاريخ المصري القديم، منذ أيام الفراعنة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من الفيلم تجمع «شاهيناز» وأولادها (الشركة المنتجة)

«المستريحة»... فيلم مصري يتناول النصّابين يمزج الكوميديا بالإثارة

تصدَّرت مجسّمات دعائية للأبطال دار العرض عبر لقطات من الفيلم تُعبّر عنهم، فظهرت ليلى علوي في مجسّم خشبيّ جالسةً على حافة حوض استحمام مليء بالدولارات.

انتصار دردير (القاهرة )

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».