أشكنازي يوبخ السفير الفرنسي... ونتنياهو يتهم وزير خارجيته «بالوقاحة»

بسبب الموقف المغاير للأوروبيين في حرب غزة

غبار أعمال إزالة ركام الأبنية التي سقطت في الضربات الإسرائيلية الأخيرة على غزة (أ.ب)
غبار أعمال إزالة ركام الأبنية التي سقطت في الضربات الإسرائيلية الأخيرة على غزة (أ.ب)
TT

أشكنازي يوبخ السفير الفرنسي... ونتنياهو يتهم وزير خارجيته «بالوقاحة»

غبار أعمال إزالة ركام الأبنية التي سقطت في الضربات الإسرائيلية الأخيرة على غزة (أ.ب)
غبار أعمال إزالة ركام الأبنية التي سقطت في الضربات الإسرائيلية الأخيرة على غزة (أ.ب)

في الوقت الذي تباهت فيه إسرائيل بدعم دول العالم لها في حربها مع «حماس»، وقدوم ثمانية وزراء خارجية في زيارات تضامن، دخلت في أزمة دبلوماسية مع فرنسا بسبب موقفها المغاير، ما دفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، للتهجم على وزير خارجيتها واتهامه بالكذب والتزوير، بينما استدعى وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي، أمس (الخميس)، سفيرها في تل أبيب، إلى جلسة توبيخ.
هذه الأزمة بدأت الأسبوع الماضي عندما اتهمت إسرائيل، فرنسا، بإطلاق «رسائل متضاربة طوال فترة القتال»، فرئيس وزرائها جان كاستكس، ركز في تصريحات صحافية على محنة المدنيين الفلسطينيين دون ذكر «حماس» أو إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل. ثم حاولت فرنسا استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لم يشر إلى صواريخ «حماس».
غير أن وزير الخارجية جان إيف لودريان، أصدر بياناً قال فيه إن «الضربات التي نُفّذت في انتهاك للقانون الدولي وأعلنت (حماس) مسؤوليتها عنها، أمر غير مقبول». وعاد وصرح، في مقابلة تلفزيونية، الأحد، بأن «سياسة الجمود في عملية السلام التي تتبعها إسرائيل تهدد بانهيار حل الدولتين». وبأن «هذا الحل آخذٌ في الاضمحلال»، وحذر من أن ذلك «سيقود إلى تحول إسرائيل إلى دولة نظام فصل عنصري طويل الأمد». مضيفاً أن «تصاعد العنف يُظهر الضرورة الملحّة لإيجاد مسار سياسي، باعتماد سياسة الخطوة خطوة». وأشاد بتجديد الرئيس الأميركي جو بايدن، التزامه بضرورة قيام دولتين، وهي فرضية كانت قد بدأت تتراجع». وحذر الوزير الفرنسي من «خطر وقوع فصل عنصري قوي في حال الاستمرار بمنطق الدولة الواحدة، أو إطالة الوضع الراهن».
وأصدر نتنياهو، مساء الأربعاء، بياناً شديد اللهجة ضد لودريان وحكومته، جاء فيه: «أود أن أعرب عن احتجاجي الشديد ضد حكومة فرنسا بشأن تصريحات وزير خارجيتها. إنّ حديثه عن أن إسرائيل يمكن أن تتحول إلى دولة فصل عنصري هو ادّعاء وقح وكاذب، وليس له أي أساس». ويوم أمس، استدعى أشكنازي السفير الفرنسي في تل أبيب، أريك دنون، إلى جلسة توبيخ أبلغه فيها بأن أقوال لودريان غير مقبولة ومرفوضة. وقال له أيضاً إن «إسرائيل تتوقع من دولة صديقة مثل فرنسا ألا تطلق تصريحات غير مسؤولة كهذه تقوّي وتساعد الجهات المتطرفة في فرنسا وتشجعها على تنفيذ عمليات معادية لإسرائيل، خصوصاً أن هناك ارتفاعاً كبيراً في الاعتداءات اللاسامية على اليهود هناك».
يُذكر أن الخارجية الإسرائيلية كانت قد تعرضت لانتقادات داخلية اتهمتها بالتقصير في العالم، مقابل مظاهرات واسعة ضدها خلال الحرب وحملات ضخمة ضدها في الشبكات الاجتماعية. غير أن الناطقين بلسان الخارجية، يؤكدون أنه «في الأماكن التي يحضر فيها الرأي العام الدولي، بين أعضاء مجلس الأمن وفي الولايات المتحدة، وأعضاء الكونغرس، وفي الإدارة، وداخل في أوروبا، نشهد تحركاً واضحاً نحو ترديد أكبر لرسائل إسرائيل».
واستشهد مصدر في الخارجية بوصول ستة وزراء خارجية لإسرائيل، خلال أيام الحرب وبعدها، للتضامن، هم: الأميركي أنطوني بلينكن، والألماني هايكو ماس، والبريطاني دومينيك راب، والتشيكي ياكوب كولهانك، والسلوفاكي ميروسلاف لاجاك، واليوناني نيكوس دندياس. وفي الأسبوع القادم سيصل إلى تل أبيب وزيرا خارجية هنغاريا والبرتغال، الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي الآن. ورأى مصدر في حزب الليكود الحاكم في إسرائيل، أن هذا الدعم هو نتاج عمل حثيث من نتنياهو «الذي قام على مدار سنوات بتشكيل كتلة مؤيدة لإسرائيل داخل الاتحاد الأوروبي، تتكون في الغالب من دول وسط وشرق أوروبا، التي تعمل كحصن ضد محاولات دفع ما تعده إسرائيل، خطاً مناهضاً لها في بروكسل».



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.