خلافات «القاعدة الدستورية» تطغى على مداولات «الحوار» الليبي

«النواب» يؤجل حسم ميزانية الحكومة للأسبوع المقبل

السفير الأميركي لدى ليبيا خلال اجتماعه بعماد السائح رئيس المفوضية الليبية للانتخابات في طرابلس أمس (السفارة الأميركية)
السفير الأميركي لدى ليبيا خلال اجتماعه بعماد السائح رئيس المفوضية الليبية للانتخابات في طرابلس أمس (السفارة الأميركية)
TT

خلافات «القاعدة الدستورية» تطغى على مداولات «الحوار» الليبي

السفير الأميركي لدى ليبيا خلال اجتماعه بعماد السائح رئيس المفوضية الليبية للانتخابات في طرابلس أمس (السفارة الأميركية)
السفير الأميركي لدى ليبيا خلال اجتماعه بعماد السائح رئيس المفوضية الليبية للانتخابات في طرابلس أمس (السفارة الأميركية)

دخل «ملتقى الحوار السياسي» الليبي، الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة، يومه الثاني من مداولات أعضائه للتوافق حول قاعدة دستورية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المقررة قبل نهاية العام الجاري، وفي غضون ذلك قرر مجلس النواب للمرة الثالثة على التوالي تأجيل حسم مصير ميزانية الدولة المقترحة من حكومة «الوحدة الوطنية»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
ووسط تباين في وجهات النظر وخلافات، انطلقت أمس أعمال الجلسة الثانية لأعضاء «ملتقى حوار السياسي» لمناقشة القاعدة الدستورية المقترحة للانتخابات المقبلة. وقال السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، إنه أجرى أمس في طرابلس ما وصفه بمناقشة جيدة مع عماد السائح، رئيس المفوضية العليا للانتخابات حول أفضل السبل، التي يمكن للمجتمع الدولي أن يدعم بها الانتخابات الوطنية في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
كما أشادت السفارة البريطانية لدى ليبيا بجلسات «ملتقى الحوار السياسي»، المخصصة لمناقشة الأساس الدستوري للانتخابات، وأعربت في بيان عن أملها في أن يتمكن المشاركون من التوصل إلى اتفاق يحترم أسس خارطة الطريق للحوار السياسي في ليبيا، ويسمح بإجراء الانتخابات في موعدها المقرر.
في غضون ذلك، وبعد يومين من المداولات، عجز أعضاء مجلس النواب، الذين اجتمعوا بمقره في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد، عن التصويت لصالح تمرير الميزانية في نسختها الثانية المعدلة، وطالبوا بالمزيد من التعديلات.
ولم يعلن المجلس رسمياً عن تأجيل الجلسة، كما لم يحدد موعد انعقادها المقبل. لكن أعضاء فيه قالوا لوسائل إعلام محلية إن عقد الجلسة التالية «مرهون بنتائج الاجتماع»، الذي تعقده لجنة شكلها عقيلة صالح، رئيس المجلس، مع وزير المالية بحكومة الدبيبة لتعديل بعض بنود الميزانية المقترحة.
وتجاهل الدبيبة هذه التطورات، ولم يعلق رسمياً على مناقشات المجلس، لكنه تعهد لدى تفقده عددا من المرافق العامة بمدينة الخمس (غرب)، برفقة عدد من الوزراء ومحافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، بالسعي لحل المشاكل التي يعاني منها ميناء المدينة، باعتباره مرفقا حيويا، وتوفير كل الاحتياجات اللازمة له.
كما أبلغ الدبيبة المجتمعين في المؤتمر العام الأول للمحامين، الذي عقد بمدينة الخمس مساء أول من أمس، أن حكومته تتطلع إلى دور ومساندة المحامين في هذه المرحلة الحساسة من عمر الوطن، وتعول كثيراً على دور النقابات والاتحادات المهنية في لم الشمل من أجل النهوض به.
وبعدما شدد على ضرورة أن يكون لهذه النقابة دور في بناء دولة المؤسسات، لفت إلى أن التاريخ لن يتجاهل الدور البارز لنقابة المحامين منذ عام 2011، والذي تعزز بإعادة انتخابها وتشكيلها العام الماضي. وقال مخاطباً المحامين، وفقاً لبيان وزعه مكتبه مساء أول من أمس: «سيظل دوركم الوطني الرهان الأكبر على تجاوز بلادنا مرحلة الثورة، والانطلاق إلى مرحلة بناء الدولة... دولة القانون والمؤسسات والتداول السلمي للسلطة، واحترام الحريات العامة».
بدوره، أكد محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، خلال اجتماعه مع الرئيس النيجيري محمد بخاري، ووزير خارجيته جيفري أونياما في أبوجا مساء أول من أمس، أن استقرار الجنوب الليبي وتأمين الحدود هو ضمان لأمن واستقرار المنطقة بالكامل.
وجرى خلال اللقاء، وفق بيان المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي، «تناول العلاقة التاريخية بين البلدين والتأكيد على تعزيزها، والتطرق إلى المصالح المشتركة ومجالات التعاون الثنائية وآليات تفعيلها». كما تم تبادل وجهات النظر حول الأوضاع الإقليمية والدولية.
من جهة أخرى، نفى ناطق باسم وزارة المالية ما أشيع عن محاصرة مقرها في العاصمة طرابلس من مجموعات مسلحة، وأوضح في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس، أن العمل بالوزارة يسير كالمعتاد، وأن الموظفين أنهوا دوامهم أول من أمس دون أي مضايقات أو تهديد.



مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

جدّدت مصر الحديث عن صعوبات مسار التفاوض مع إثيوبيا بشأن قضية «سد النهضة»، مؤكدة أنها «خاضت تجربة مريرة لمدة 13 عاماً»، ورهنت حدوث انفراجة في الملف بـ«توافر إرادة سياسية لدى أديس أبابا».

وجدَّد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء تلفزيوني، مساء السبت، تأكيده «محورية حقوقها المائية من مياه النيل»، وقال إن بلاده «ترفض الممارسات الأحادية، من الجانب الإثيوبي، بشأن مشروع (السد)».

وتقيم إثيوبيا مشروع سد النهضة على رافد نهر النيل الرئيسي، منذ 2011، ويواجَه مشروع السد باعتراضات من دولتَي المصب مصر والسودان؛ للمطالبة باتفاق قانوني ينظم عمليات «تشغيل السد».

وشدد وزير الخارجية المصري على «ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم بشأن السد الإثيوبي»، وقال إن «بلاده لها تجربة مريرة امتدت إلى 13 عاماً دون التوصل إلى أي نتيجة بشأن (سد النهضة)»، مشيراً إلى أن «أديس أبابا ليست لديها الإرادة السياسية للوصول لاتفاق قانوني».

وعدّ عبد العاطي ملف المياه «قضية وجودية لمصر والسودان»، وقال إن «موقف الدولتين متطابق بشأن السد الإثيوبي».

وتنظر القاهرة لأمنها المائي بوصفه «قضية وجودية»، حيث تعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، وفق بيانات وزارة الري المصرية.

ورهن عبد العاطي الوصول لاتفاق بين الدول الثلاث بشأن السد بـ«ضرورة توافر الإرادة السياسية لدى إثيوبيا؛ من أجل التوصل لاتفاق قانوني». وقال إن «ممارسات أديس أبابا الأحادية بملء بحيرة السد وتشغيله انتهاك لمبادئ القانون الدولي، باعتبار نهر النيل نهراً دولياً مشتركاً عابراً للحدود».

وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، قرب «اكتمال بناء مشروع السد»، وقال، في شهر أغسطس (آب) الماضي، إن «إجمالي المياه في بحيرة السد ستصل إلى 70 مليار متر مكعب، نهاية عام 2024».

ويرى الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية، السفير أحمد حجاج، أن «الحكومة الإثيوبية لم تلتزم باتفاقيات التعاون المبرَمة بينها وبين مصر والسودان، خصوصاً إعلان المبادئ الذي جرى توقيعه عام 2015، بين الدول الثلاث»، إلى جانب «مخالفة الاتفاقيات الدولية، المتعلقة بالأنهار العابرة للحدود، والتي تقضي بعدم إقامة أي مشروعات مائية، في دول المنابع، دون موافقة دول المصب»، منوهاً بأن «أديس أبابا لم تستشِر القاهرة والخرطوم بخصوص مشروع السد».

ووقَّعت مصر وإثيوبيا والسودان، في مارس (آذار) 2015، اتفاق «إعلان مبادئ» بشأن سد النهضة، تضمَّن ورقة تشمل 10 مبادئ وتعهدات تلتزم بها الدول الثلاث، من بينها التزام إثيوبيا «بعدم إحداث ضرر جسيم لدولتي المصب».

وفي تقدير حجاج، فإن «الجانب الإثيوبي لم يشارك في مسارات التفاوض بشأن السد، بحسن نية». وقال إن «أديس أبابا أفشلت المفاوضات بسبب التعنت وغياب الإرادة السياسية لإبرام اتفاق قانوني بشأن السد»، ودلل على ذلك بـ«عدم التجاوب الإثيوبي مع توصيات مجلس الأمن بضرورة الوصول لاتفاق نهائي بشأن السد».

كان مجلس الأمن قد أصدر بياناً، في سبتمبر (أيلول) 2021، حثّ فيه مصر وإثيوبيا والسودان على «استئناف المفاوضات؛ بهدف وضع صيغة نهائية لاتفاق مقبول وملزِم للأطراف بشأن ملء (السد) وتشغيله ضمن إطار زمني معقول».

بدوره، يعتقد خبير الشؤون الأفريقية المصري، رامي زهدي، أن «القاهرة واجهت صعوبات عدة في مسار مفاوضات سد النهضة؛ بسبب تعنت الجانب الإثيوبي». وقال إن «أديس أبابا لم تُثبت جديتها في جولات التفاوض على مدار 13 عاماً»، معتبراً أن ما يحرك الجانب الإثيوبي «المكايدة السياسية ضد القاهرة، وممارسة ضغوط جيوسياسية عليها».

وحذّرت وزارة الخارجية المصرية، في خطاب إلى مجلس الأمن، نهاية أغسطس الماضي، من «تأثيرات خطيرة للسد على حصتي مصر والسودان المائيتين». وأشارت إلى «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاماً من التفاوض بنيّاتٍ صادقة». وأرجعت ذلك إلى أن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل».