أوروبا تعالج أوجاع «بريكست» بـ5 مليارات يورو

وافقت لجنة بالبرلمان الأوروبي على إنشاء صندوق «احتياطي علاج آثار بريكست» بقيمة 5 مليارات يورو (رويترز)
وافقت لجنة بالبرلمان الأوروبي على إنشاء صندوق «احتياطي علاج آثار بريكست» بقيمة 5 مليارات يورو (رويترز)
TT

أوروبا تعالج أوجاع «بريكست» بـ5 مليارات يورو

وافقت لجنة بالبرلمان الأوروبي على إنشاء صندوق «احتياطي علاج آثار بريكست» بقيمة 5 مليارات يورو (رويترز)
وافقت لجنة بالبرلمان الأوروبي على إنشاء صندوق «احتياطي علاج آثار بريكست» بقيمة 5 مليارات يورو (رويترز)

اعتمدت لجنة التنمية الإقليمية بالبرلمان الأوروبي، موقفها بشأن الصندوق المعروف بـ«احتياطي تعديل خروج بريطانيا» من الاتحاد الأوروبي «Brexit Adjustment Reserve»، مما يمهد الطريق لبدء المفاوضات مع المجلس الأوروبي بشأن الشكل النهائي لهذا الصندوق.
وذكر البرلمان الأوروبي في بيان مساء الثلاثاء، أنه تمت الموافقة على مسودة التقرير بالإجماع تقريباً (41 صوتاً مؤيداً مقابل صوت واحد معارض ولم يمتنع أحد عن التصويت)، وبموجب ذلك، سيتم إنشاء صندوق تبلغ قيمته 5 مليارات يورو كأداة خاصة خارج ميزانية الإطار المالي المتعدد السنوات 2021 - 2027.
ويرغب أعضاء البرلمان الأوروبي في توزيع الموارد على ثلاث شرائح، توزَّع الشريحتان الأولى والثانية كتمويل مسبق بقيمة 4 مليارات يورو على دفعتين متساويتين بقيمة ملياري يورو في عامي 2021 و 2022، بينما تشمل الشريحة الأخيرة المليار يورو المتبقي في عام 2025، وتوزَّع على أساس النفقات المبلّغ عنها للمفوضية، مع مراعاة التمويل المسبق.
ووفقًا لهذه الطريقة الجديدة، ستكون آيرلندا المستفيد الأكبر من حيث القيمة المطلقة، تليها هولندا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا.
وبموجب اقتراح البرلمان، سيدعم صندوق الاحتياطي النفقات العامة المتكبَّدة من 1 يوليو (تموز) 2019 إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2023، مقارنةً بالفترة من 1 يوليو 2020 إلى 31 ديسمبر 2022 المقترحة من المفوضية. وسيسمح التمديد للدول الأعضاء بتغطية الاستثمارات التي تمت قبل نهاية الفترة الانتقالية، في 1 يناير (كانون الثاني) 2021، استعداداً للآثار السلبية المتوقعة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكست».
كما طالب أعضاء البرلمان الأوروبي أيضاً باستبعاد الكيانات المالية والمصرفية المستفيدة من انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من تلقي الدعم من هذا الصندوق الاحتياطي.
في هذا السياق، قال يونس أمارجي، رئيس لجنة التنمية الإقليمية: «لقد أظهرت اللجنة وحدة ملحوظة، لقد قمنا بتعديل اللائحة لجعلها عاملة قدر الإمكان، أقرب ما يمكن لتوقعات المناطق والقطاعات المتأثرة بانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، نحن مصممون على التحرك بسرعة ونتوقع أن يُبدي المجلس نفس التصميم، وبالتالي، التحلي بالمرونة في المفاوضات، من أجل اختتام الثلاثية في الوقت المحدد».
من جانبه، قال باسكال أريمونت، عضو البرلمان الأوروبي ومقرر اللجنة: «يجب أن نضمن وصول مساعدات الاتحاد الأوروبي إلى الدول والمناطق والشركات والأشخاص الأكثر تضرراً من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لا ينبغي للشركات الأوروبية التي تعاني بالفعل من أزمة (كورونا) أن تدفع مرتين مقابل كارثة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، هذا هو السبب في أن هذا الاحتياطي مهم للغاية ويحتاج إلى دفعه في أقرب وقت ممكن، على أساس بيانات إحصائية وقابلة للقياس».
ومن المتوقع أن يصادق البرلمان الأوروبي على مشروع التفويض خلال جلسته الكاملة الأولى في يونيو (حزيران) المقبل. وستبدأ بعد ذلك المحادثات مع المجلس الأوروبي على الفور بهدف التوصل إلى اتفاق شامل مع الرئاسة البرتغالية في يونيو.
ويشار إلى أن صندوق احتياطي تعديل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، هو مقترح تقدمت به المفوضية الأوروبية في 25 ديسمبر 2020 كأداة مالية لمساعدة دول الاتحاد الأوروبي على مواجهة العواقب الاقتصادية والاجتماعية السلبية لانسحاب بريطانيا الذي وُقِّع رسمياً في 31 يناير 2020.



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.