إجماع دولي على وقف النار في اليمن وتحميل الحوثيين مسؤولية «العرقلة»

انتقادات لاستعجال واشنطن والتركيز على «الاستحقاقات الداخلية»

يمني يسير بعربة في شارع بصنعاء (إ.ب.أ)
يمني يسير بعربة في شارع بصنعاء (إ.ب.أ)
TT

إجماع دولي على وقف النار في اليمن وتحميل الحوثيين مسؤولية «العرقلة»

يمني يسير بعربة في شارع بصنعاء (إ.ب.أ)
يمني يسير بعربة في شارع بصنعاء (إ.ب.أ)

مضت أربعة أشهر على وضع واشنطن ملف اليمن «أولوية قصوى»، وسارعت الإدارة الأميركية الجديدة باتخاذ خطوات سبقت زخماً دبلوماسياً واسعاً، كان أبرزها تعيين المبعوث تيم ليندركينغ وإزالة الحوثيين من قوائم الإرهاب. ثم ما لبثت أن أدرجت قيادات حوثية على قوائم الإرهاب بمعدل قيادي واحد كل شهر. أو بالتحديد قياديان كل شهرين.
الشارع اليمني على مختلف الصعد السياسية والشعبية لاحظ مسألتين في تعاطي واشنطن مع الأزمة اليمنية، الأولى الاستعجال في اتخاذ قرارات كان التروي سيلعب دوراً أفضل حيالها، الأخرى أن واشنطن تنظر للملف اليمني من عين الاستحقاقات الداخلية الأميركية. ونتيجة لهاتين النقطتين، يرى يمنيون أن واشنطن فشلت في تحقيق بعض النتائج والأعمال التي كان الحوثيون في يوم من الأيام يطالبون بها، مثل «وقف إطلاق النار».
وكشفت مصادر غربية لـ«الشرق الأوسط» عن تحرك دولي لتحميل الحوثيين مسؤولية عرقلة اتفاق وقف النار في اليمن، وهو المسعى الذي يحظى بإجماع دولي، ويمهد للحل السياسي الشامل لأزمة البلاد التي تعاني من كابوس الانقلاب الحوثي منذ عام 2014.
وشهدت الأزمة اليمنية بارقة أمل خلال الأشهر الماضية، تمثلت في مبادرة سعودية لوقف النار وفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة بما يوائم «اتفاق استوكهولم». بالإضافة إلى الزخم الدبلوماسي الأميركي الذي لعبته واشنطن ووضعت الملف اليمني وحل أزمته «أولوية قصوى». لكن الباحثين يذهبون إلى أن الخطة الأميركية «خلقت رسائل خاطئة»، ويرى بعضهم أن التعامل الغربي بالإجمال كان «ضبابياً».
ويذهب ماجد المذحجي وهو المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، في قراءته للسياسية الأميركية الجديدة إلى أن واشنطن «أتت مندفعة بشكل كلي، ضمن استحقاقات داخلية (أميركية) في الموضوع اليمني. ولطالما كان الملف اليمني أحد العناوين السياسية للحراك الديمقراطي الجديد، خصوصاً يساره، وهذا جعل زاوية مقاربتهم ضيقة، وأتى بشكل يمكن وصفه بالـ«سريع» غير متبصر لطبيعة الأمور»؛ معللاً «لذلك شهدنا وتيرة مرتفعة من الضغوط الدبلوماسية تحديداً على معسكر التحالف والحكومة الشرعية، وبشكل أدى إلى إنتاج رسائل قرئت بشكل خاطئ من الحوثيين».
بعد جهد مندفع على مدى أربعة أشهر على الأقل، واضح أن استجابة الحوثيين البطيئة أو الممانعة لجهود السلام أدت إلى مقاربة مختلفة مقاربة تدرك مدى تعقيد الوضع في اليمن نسبياً، وخصوصاً من الحوثيين.
«سنشهد الآن تحديداً راديكالية أكثر من المبعوث الأميركي وهو مبعوث لديه اطلاع جيد» يقول المذحجي، إن المبعوث يقاوم مشكلتين، الأداء الراديكالي للحوثيين، وأيضاً الطبيعة غير الحساسة للوضع في اليمن والجزيرة العربية من قبل العناصر الجديدة في الإدارة الأميركية، وتحديداً «اليسار التقدمي» الصاعد في الحزب الديمقراطي.
ويعتقد الباحث اليمني في حديث مع «الشرق الأوسط»، بأنه «تم منح الحوثيون بأدائهم المتصلب قدرة للمبعوث على مقاومة الضغوط والتحرك وفق استراتيجية أكثر صلابة كما أظن سنشهدها الفترة المقبلة». وبالإجمال يرى المذحجي أن «المنعطف الأبرز فشل المبعوث الأميركي والأمم المتحدة في انتزاع مجرد موافقة حوثية على خطة هدنة وليس مساراً للسلام، وهذا سيغير التفاعل معهم بشكل أو بآخر».
من ناحيتها، ترى ياسمين الناظري، وهي المديرة التنفيذية لمبادرة مسار السلام، أن أبرز الأخطاء التي وقعت فيها الإدارة الأميركية «رفع الحوثيين من قائمة الإرهاب من دون أي مقابل»، وتقول إن هذا الأمر «شجعهم على التمادي السلبي في التعامل مع الحلول السلمية».
الخطأ الآخر وفقاً للناظري «ربط القضية اليمنية بالملف النووي الإيراني؛ الأمر الذي يساعد على إطالة الحرب في اليمن»، وتقول المديرة التنفيذية لمبادرة مسار السلام لـ«الشرق الأوسط»، «إن التعامل الغربي مع القضية اليمنية بشكل عام كان وما زال تعاملاً ضبابياً لعدم وضع النقاط على الحروف بتحميل المتسبب في عدم تنفيذ الاتفاقيات والخطوات نحو سلام دائم في اليمن»، بيد أنها لاحظت خلال الفترة الأخيرة بعض الجوانب الإيجابية الواضحة في تصريحات بعض السفراء كالسفير الفرنسي والمبعوث الأميركي، فضلاً عن المبعوث الأممي مارتن غريفيث الذي قالت، إنه «كان موفقاً في جزء من إحاطته الأخيرة، لكنها جاءت متأخرة»، وتستدل بالمثل القائل «أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي».


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.