تعهدات سودانية بتحقيق سلام شامل تواكب إطلاق المفاوضات مع الحلو

دعوة حركة عبد الواحد النور للانضمام إلى العملية السلمية

البرهان (يمين) لدى لقائه رئيس {الحركة الشعبية} عبد العزيز الحلو في جوبا أمس (سونا)
البرهان (يمين) لدى لقائه رئيس {الحركة الشعبية} عبد العزيز الحلو في جوبا أمس (سونا)
TT

تعهدات سودانية بتحقيق سلام شامل تواكب إطلاق المفاوضات مع الحلو

البرهان (يمين) لدى لقائه رئيس {الحركة الشعبية} عبد العزيز الحلو في جوبا أمس (سونا)
البرهان (يمين) لدى لقائه رئيس {الحركة الشعبية} عبد العزيز الحلو في جوبا أمس (سونا)

تعهد قادة السلطة الانتقالية في السودان، لدى مخاطبتهما أمس الجلسة الافتتاحية للمفاوضات المباشرة مع الحركة الشعبية - فصيل، عبد العزيز آدم الحلو، التي انطلقت بمدينة (جوبا) عاصمة جنوب السودان، بالعمل سوياً لإحلال السلام الشامل في البلاد، وأثناء ذلك أكدت أميركا دعمها عملية التفاوض بين الطرفين والتوصل لاتفاق سلام دائم وشامل.
وخاطب الجلسة الافتتاحية، كل من رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، ورئيس حكومة الجنوب، سلفا كير ميارديت، ورئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، والمبعوث الأميركي الخاص للسودان وجنوب السودان، دونالد بوث، ورئيس البعثة الأممية لدعم الانتقال في السودان، فولكر بيرتس، بحضور عدد من كبار المسؤولين في الحكومة السودانية، والخبراء وممثلي المنظمات والبعثات الإقليمية.
ووقّعت الحكومة السودانية والحركة الشعبية في مارس (آذار) الماضي إعلان مبادئ، تجاوزا به عقبة الخلافات حول علاقة الدين بالدولة وملف الترتيبات الأمنية، وهي القضايا التي تعثرت خلال جولات التفاوض السابقة بين الطرفين.
ونص الاتفاق على قيام دولة مدنية ديمقراطية تضمن حريات الأديان وممارستها، وجيش قومي مهني واحد، يعمل وفق عقيدة عسكرية موحدة جديدة.
وقال رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، جئنا إلى المفاوضات بقلب مفتوح، وعازمون على إنجاز السلام الذي بدأناه في (جوبا)، في إشارة إلى اتفاق السلام الموقع الحركات المسلحة الذي بموجبه تشارك في السلطة الانتقالية.
وأضاف «قادرون على حل مشاكلنا وخلافاتنا الداخلية والإقليمية»، داعياً المجتمع الدولي لمساعدة السودان وجنوب السودان لمعالجة آثار الحرب الطويلة.
وطالب البرهان رئيس حركة السودان عبد الواحد النور بالانضمام إلى العملية السلمية، وقال إن «شعب دارفور والمناطق الأخرى يريدون إنهاء معاناتهم»، مشدداً على أنه «لا رجعة فيه أو خذلان، وأن السودانيين قادرون على حل مشاكلهم لتأسيس سودان يسع الجميع».
وأكد البرهان، أن الحكومة الانتقالية تعمل في تناغم تام لاستكمال مسيرة السلام والتنمية والبناء، داعياً قوى الثورة للتوحد من أجل بناء وحدة البلاد وأمنها واستقرارها، مشيراً إلى أن النظرة للوطن أصبحت مختلفة، ويجب على الجميع المشاركة والتعاون.
وطالب رئيس حكومة الجنوب، سلفا كير ميارديت، الذي تقود بلاده الوساطة في محادثات السلام السودانية، أطراف التفاوض بتبني روح الحوار، والتوجه نحو السلام بدلاً عن الحرب، مشدداً على أهمية إلحاق حركة عبد الواحد محمد نور بالمفاوضات من أجل إنهاء الحرب.
وأكد رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، أن «السلام ظل يمثل أولوية للحكومة الانتقالية، وأنه أحد مطالب الثورة». وقال إن «اللقاء يمثل حواراً بين أبناء الوطن الواحد، ورسالة للعالم بأن السودانيين يستطيعون حل قضاياهم بعد إنجاز ثورة عظيمة». وأضاف «نقف اليوم أمام محطة مهمة لمسار السلام مع الحركة الشعبية».
وجدد حمدوك الدعوة لرئيس حركة تحرير السودان، عبد الواحد النور، للانضمام للسلام، مؤكداً الاستعداد على وضع كل القضايا على طاولة الحوار ليكون حواراً سودانياً - سودانياً من أجل مصلحة الشعب السوداني.
وبدوره، أكد رئيس الحركة الشعبية، عبد العزيز الحلو، العزم على «التسوية السلمية من خلال المفاوضات لمخاطبة جذور الأزمة في السودان».
وأضاف، أن العودة لطاولة المفاوضات مع الحكومة إشارة لرغبتهم في التوصل للسلام.
وقال الحلو، إن الحركة الشعبية تراقب بقلق شديد تدهور وضع حقوق الإنسان دون تقديم الجناة للعدالة، وهذه من أهم تحديات السلام والاستقرار.
ومن جانبه، أكد المبعوث الأميركي الخاص للسودان وجنوب السودان، دونالد بوث، دعم بلاه مفاوضات السلام بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية.
وقال بوث في خطابه أمام الجلسة الافتتاحية، إن الطرفين أظهرا استعداداً على العمل لمصلحة السودان والتوصل لاتفاق سلام دائم وشامل، مضيفاً «نثق بأن الطرفين لديهما الرغبة في التوصل لاتفاق قريب».
وأشار إلى أن الشعب السوداني بدأ في طريق التغيير بثورة ديسمبر (كانون الأول)، متمنياً استمرار التفاوض دون تأخير. وبحسب الوساطة، فإن الحركة الشعبية ستدفع خلال جولة التفاوض الأولى، بورقة إطارية، تتضمن عدداً من القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية، وحال وافقت الحكومة ينخرط الطرفان مباشرة في مناقشة تفاصيل هذه القضايا.
واستبقت «الشعبية» جولة المفاوضات ببيان أكدت فيه، أنها تأتي للتفاوض بقلب مفتوح لإحداث اختراق والتقدم إلى الأمام في التفاوض لتحقيق سلام شامل وعادل يعالج جذور الأزمة وينهي الحرب في السودان.
ويرأس وفد الحكومة السودانية، عضو مجلس السيادة، شمس الدين كباشي ويضم عضوي المجلس، محمد حسن التعايشي وصديق تاور.
وقبيل انطلاقة الجلسة الافتتاحية للمفاوضات، عقد رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، فور وصوله جوبا أمس لقاءً مع رئيس حكومة جنوب السودان، سلفا كير ميارديت، تناولت القضايا الثنائية بين البلدين ومسيرة استكمال السلام الشامل في السودان.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.