الجزائر تشن حرباً على نشطاء تنظيم انفصالي

وضعته على لائحة الإرهاب وسجنت 7 من أعضائه البارزين

جانب من مظاهرات الحراك المطالب بالحرية والتغيير (أ.ب)
جانب من مظاهرات الحراك المطالب بالحرية والتغيير (أ.ب)
TT

الجزائر تشن حرباً على نشطاء تنظيم انفصالي

جانب من مظاهرات الحراك المطالب بالحرية والتغيير (أ.ب)
جانب من مظاهرات الحراك المطالب بالحرية والتغيير (أ.ب)

سجنت محكمة في شرق الجزائر، أمس، سبعة ناشطين بارزين من «حركة استقلال منطقة القبائل»، ووضعت تسعة آخرين رهن الرقابة القضائية، إثر اعتقالهم في أثناء مظاهرة. وجاء ذلك بعد أن أعلنت الحكومة في 18 من الشهر الجاري تصنيف التنظيم الانفصالي منظمة إرهابية، معلنةً بذلك الحرب على أعضائه المنتشرين بكثافة في محافظات ينطق سكانها بالأمازيغية.
وقال محامون بمحكمة مدينة أقبو في ولاية بجاية (250 كلم شرق العاصمة) إن قاضي التحقيق أمر بإيداع الحبس الاحتياطي ناشطين سياسيين، معروفون بانخراطهم في الجماعة التي تريد استقلال القبائل، وهم: جمال جودي، وفوزي شكري، ومناد معوش، وكريم فاتح، إضافة إلى بوجمعة بوسالم، ويونس قاصد، وزهير آيت منصور.
كما تم أيضاً وضع تسعة ناشطين آخرين في الرقابة القضائية، واتهم كل أفراد المجموعة بـ«المس بالوحدة الوطنية»، و«إهانة هيئة نظامية»، و«التحريض على مظاهرة غير مرخصة».
واعتُقل النشطاء الـ17 السبت الماضي، خلال مظاهرة بوسط مدينة أقبو للتنديد باعتقال رفاق لهم، بسبب انخراطهم في الحراك الشعبي، الذي يطالب منذ أكثر من عامين بتغيير النظام. وكانوا يحملون علم الانفصال، الذي كان في 2019 سبباً في سجن العشرات في العاصمة، بأمر من قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، الذي توفي بنهاية نفس العام.
وبدأت الحكومة عملياً في تنفيذ حربها ضد التنظيم الانفصالي، بعد ثمانية أيام من وضعه على لائحة الإرهاب، مع تنظيم آخر إسلامي التوجه يدعى «رشاد». واتُّخذ القرار في اجتماع لـ«المجلس الأعلى للأمن»، أشرف عليه الرئيس عبد المجيد تبون، الذي اتهم الحركتين بـ«أفعال عدائية وتحريضية ترمي إلى زعزعة استقرار البلاد والمساس بأمنها، وقد اتخذ في هذا الإطار قراراً يقضي بوضعهما ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، والتعامل معهما بهذه الصفة»، حسبما جاء في بيان لـ«المجلس الأعلى»، الذي يعد «هيئة استشارية» ملحقة بالرئاسة، تقدم رأياً في قضايا مرتبطة بالأمن، واحتمال وقوع مخاطر تهدد الاستقرار، ولا يعطيها القانون صلاحية إصدار قرار، بعكس ما حدث بشأن إدراج التنظيم الانفصالي المعروف بـ«ماك» و«حركة رشاد».
وساد مدينة أقبو، أمس، قلق كبير عبّر عنه ناشطون سياسيون، خصوصاً عناصر «ماك» الموجودين بكثرة بولاية بجاية. وانتشر رجال الأمن وسط ساحات المدينة وفي محيط المباني الإدارية الحكومية، حسبما لاحظ صحافيون، في خطوة دلّت على توقُّع رد فعل ضد تدابير السجن والرقابة القضائية بحق المناضلين. أما في ولاية تيزي وزو، كبرى مناطق القبائل، فنظم عشرات الأشخاص أمس مظاهرة وسط المدينة للتنديد بـ«قمع» أعضاء الحراك في الأسابيع الماضية، واعتقالهم ومتابعتهم قضائياً، ومنعهم من التظاهر بالعاصمة. وشارك في احتجاجات تيزي وزو عناصر من «ماك»، ومناضلون سياسيون معارضون للحكومة، رفعوا شعارات كثيرة، منها «تسقط المافيا»، و«دولة مدنية لا عسكرية»، و«والله مارانا حابسين... قلنا يتنحاو قاع» (لن نتوقف عن السير والاحتجاج في الشارع... قلنا يجب أن يرحلوا جميعاً عن الحكم).
وقال أحد المتظاهرين، كان يتحدث لفضائية خاصة، إن سكان بجاية «عازمون على إفساد عرس السلطة يوم 12 يونيو (حزيران) المقبل». في إشارة إلى انتخابات البرلمان، التي انطلقت حملتها منذ 7 أيام. ولفت وجود عدد كبير من رجال الأمن، من دون أن يعترضوا مسيرة المحتجين، التي جابت كل شوارع المدينة، ورُفعت فيها الراية التي ترمز إلى الانفصال.
وجرت المظاهرة بمناسبة الأسبوع 119 لـ«حراك طلاب الجامعة»، الذي منعته السلطة بالقوة في العاصمة أمس، وفي الأسابيع الخمسة الماضية. ونشرت السلطات بالعاصمة، منذ الجمعة الماضية، الآلاف من عناصر الأمن، بهدف رصد ومنع أي محاولة للتظاهر بها. علماً بأن وزارة الداخلية كانت قد أعلنت حظر أي احتجاج في الشارع، ما لم يقدم منظموه طلب ترخيص لديها. وكان ذلك عاكساً لقرار سياسي بإنهاء الحراك، الذي كان قد توقف مطلع 2020، بسبب جائحة «كورونا»، لكنه عاد في فبراير (شباط) الماضي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.