أدوية «ستاتين» لعلاج الكولسترول.. آثار جانبية ينبغي ملاحظتها

تتسبب في حدوث نسبة قليلة من آلام العضلات وتزيد احتمال الإصابة بمرض السكري

أدوية «ستاتين» لعلاج الكولسترول.. آثار جانبية ينبغي ملاحظتها
TT

أدوية «ستاتين» لعلاج الكولسترول.. آثار جانبية ينبغي ملاحظتها

أدوية «ستاتين» لعلاج الكولسترول.. آثار جانبية ينبغي ملاحظتها

من المرجح لك أن تواجه بعض الآثار الجانبية لعقاقير الـ«ستاتين» عند تناولها. وإذا حدث لك ذلك، فهناك عدة طرق لتفادي تلك الآثار.
هل تتناول دواء الـ«ستاتين» statin لتقليل مستوى الكولسترول في الدم، أم إنك تفكر في تناوله قريبا؟ إذا كان الأمر كذلك، فقد ينبغي عليك التفكير في بعض الآثار الجانبية المحتملة لذلك الدواء.

* آثار جانبية
أكثر الآثار الجانبية شيوعا هي آلام العضلات، ولكن ربما قد تكون سمعت أن عقار الـ«ستاتين» يسبب أيضا مرض السكري ومشكلات تتعلق بالذاكرة.
وعلى الرغم من كل الدعاية السيئة حول الآثار الجانبية لعقار الـ«ستاتين»، فمن غير المرجح تعرض غالبية الرجال لمثل تلك الآثار. وفي حالة ما لاحظت مشكلة معينة، فلا تقفز إلى النتائج قفزا؛ فقد لا تكون المشكلة بسبب عقار الـ«ستاتين» من الأساس.
يقول الدكتور كريستوفر كانون، وهو طبيب قلب في مستشفى بريغهام للنساء التابعة لجامعة هارفارد: «آلام العضلات من المشكلات الشائعة، ولكن غالبا ما ترجع إلى عوامل أخرى غير عقار الـ(ستاتين). والتلف الشديد للعضلات من الأمور النادرة، ويحدث في حالة واحدة من نحو 10 آلاف حالة».
حتى مع ربط أعراض العضلات بتناول عقار الـ«ستاتين»، يمكن لطبيبك أن يوفر لك بعض الخيارات حول كيفية مواصلة الاستفادة من هذه العقاقير.

* موازنة المخاطر والفوائد
تستخدم عقاقير الـ«ستاتين»، بالإضافة إلى اتباع نظام غذائي صحي وممارسة التمرينات الرياضية، بهدف تقليل خطر الإصابة بالنوبات القلبية، والسكتات الدماغية، أو الوفاة المتعلقة بأسباب ترتبط بالقلب بنسبة بين 25 و30 في المائة. ويكمن فن العلاج بعقار الـ«ستاتين» في معرفة من يعاني من المخاطر الكبيرة بشكل كاف، لتقرير أن فوائد عقار الـ«ستاتين» تتفوق على سلبياته المحتملة.
ويقول نقاد عقار الـ«ستاتين» إن المؤيدين يبالغون في فوائد العقار ويقللون من مخاطره، وعلى وجه الخصوص لدى الأشخاص الأصحاء في كل جانب بخلاف ارتفاع الكولسترول. ومع ذلك، فإن ازدياد المخاوف حيال الآثار الجانبية لعقار الـ«ستاتين» قد يؤدي ببعض الأشخاص إلى التوقف عن تناول الدواء. وقد يكون ذلك مضرا لدى الرجال الذي يعانون من أمراض قلبية معروفة، والذين يدافعون عن الفوائد أكثر من غيرهم.

* مشكلات العضلات
ما مدى انتشار مشكلات العضلات؟ يفيدنا المرضى الذين يتناولون عقار الـ«ستاتين» بمجموعة مختلفة من الأعراض. وأكثر تلك الأعراض شيوعا هي آلام أو أوجاع العضلات، أو الجذع، أو الكتفين، أو أعلى الذراعين. أفاد بعض الأشخاص الذين يتناولون عقار الـ«ستاتين» بمشكلات حول ضعف العضلات، أو الحرقة، أو الليونة، أو التصلب، أو التشنجات.
وفي التجارب الإكلينيكية العشوائية القائمة على الأدوية الوهمية، التي توفر أفضل الأدلة حول السبب والنتيجة، فإن ما يقرب من نسبة 10 في المائة من الأشخاص أبلغوا عن بعض الأعراض المتعلقة بالعضلات عند تناول عقار الـ«ستاتين». ولكن هل كانت آلام العضلات تلك نتيجة لتناول العقار أم مجرد مصادفة؟
وأشارت مراجعة حديثة أجريت حول التجارب الإكلينيكية لعقار الـ«ستاتين» في المجلة الأوروبية لأمراض القلب الوقائية، حول النسبة نفسها من الأشخاص في كلتا المجموعتين التي سجلت التعرض لآلام العضلات، إلى أن العقار لم يكن السبب وراءها.
استندت غالبية الدراسات التي لاقت رواجا إعلاميا حول الآثار الجانبية لعقار الـ«ستاتين» على ملاحظة مجموعات كبيرة من الأشخاص الذين يتناولون ذلك العقار. وفي تلك الدراسات، فإن نسبة متناولي عقار الـ«ستاتين» الذين أبلغوا عن مشكلات في العضلات تراوحت بين 10 في المائة وما يقرب من 20 في المائة.
وقد تراجعت التقديرات المرتفعة أخيرا وفقا لمجلة «BMJ» الطبية نظرا لأن معدي التقرير أساءوا تفسير البيانات الواردة من إحدى الدراسات، وبالتالي بالغوا في تقدير المشكلات المتعلقة بتناول العقار.

* خطر السكري
يتعرض الأشخاص الذين يتناولون عقار الـ«ستاتين»، بصورة بسيطة، إلى التشخيص بالإصابة بمرض السكري. ويبدو ذلك كما لو أن الـ«ستاتين» يسبب السكري، ولكن حقيقة الأمر أكثر تعقيدا من ذلك بقليل.
يمكن لعقار الـ«ستاتين» زيادة مستوى السكر في الدم، بما يكفي للقيام بتشخيص جديد لمرض السكري. ومع ذلك، يشير البحث إلى أن معظم مستخدمي عقار الـ«ستاتين» الذين ينتهي بهم الأمر إلى الإصابة بذلك المرض، مستوى السكر في الدم لديهم مرتفع بالفعل، وقد زاد قليلا جراء تناول عقار الـ«ستاتين».
تقول الطبيبة ليندا هيمفيل، الزميلة لدى مستشفى ماساتشوستس العام التابعة لجامعة هارفارد، وهي متخصصة في علاج الأشخاص ذوي مستويات الكولسترول المرتفعة: «هل حدث أن شاهدت مريضا على وشك الإصابة بمرض السكري أصيب فعلا بالمرض جراء تناول عقار الـ(ستاتين)؟ وهل عرفت أن الإصابة كان سببها ذلك العقار؟ الجواب: لا، لم يحدث. كانوا عرضة للإصابة بمرض السكري إذا لم يفقدوا وزنهم، ويمارسوا التمرينات الرياضية، وينتظموا على نظام غذائي جيد».
وتشير دراسة حديثة نشرتها مجلة «BMJ» الطبية إلى أن عقار الـ«ستاتين» من غير المرجح له أن يسبب وباء مرض السكري. فهناك حالة واحدة من مرض السكري تحدث لدى كل 342 مريضا يتناولون عقاقير الـ«ستاتين» العالية الفعالية لمدة عامين. يقول الدكتور كانون: «لكن إذا تم وصف عقار الـ(ستاتين) بصورة مناسبة - للأشخاص المعرضين لزيادة المخاطر - فهناك فائدة محققة من منع الإصابة بأمراض القلب. وعلى هذا النحو، فإن الفوائد المكتسبة على المدى القريب تفوق بكثير خطر الإصابة بمرض السكري على المدى البعيد».

* رصد آثار الـ«ستاتين»
هل السبب فعلا هو عقار الـ«ستاتين»؟ إذا كنت تعاني من أعراض آلام العضلات أثناء تناول عقار الـ«ستاتين»، فمن الأرجح أن الدواء هو المخطئ إذا كانت الحقائق التالية صحيحة، وفقا للطبيبة الاختصاصية في علاج الكولسترول بجامعة هارفارد، ليندا هيمفيل:
* الأعراض حديثة. تتضاعف الآلام، أو الضعف، في العضلات في غضون أسابيع من بدء تناول الـ«ستاتين». وتقول الطبيبة هيمفيل إنها شاهدت بعض البالغين الذين، في بعض الأحيان، يشكون من أعراض العضلات بعد شهور من تناول عقار الـ«ستاتين».
* الأعراض متناظرة. أي إن مشكلات العضلات تؤثر على كلا جانبي الجسم. وغالبا ما يفيد المرضى لدى الطبيبة هيمفيل بأعراض العضلات في الساقين. وتقول الطبيبة: «إذا كانت الأعراض في ساق واحدة فقط، فمن غير المرجح أن يكون السبب هو عقار الـ(ستاتين)».
* الأعراض غير مبررة. ليس هناك من سبب آخر واضح لآلام أو ضعف العضلات. تقول الطبيبة هيمفيل: «ينبغي أن تكون تلك الأعراض غير مبررة بالمرة. لا ينبغي أن تحدث بعد كل مرة تخرج فيها مثلا لكنس الأوراق المتساقطة خارج المنزل. وينبغي استبعاد الأسباب المحتملة الأخرى لمشكلات العضلات مثل الانخفاض في هرمون الغدة الدرقية، أو انخفاض مستوى فيتامين (دي)، أو التفاعل مع باقي الأدوية».

* تدهور الذاكرة
تظل الصلة بين فقدان الذاكرة وعقار الـ«ستاتين» غير مثبتة، ففي عام 2012، بدأت إدارة الغذاء والدواء الأميركية تطلب من شركات الأدوية إرفاق التحذير من الفقدان المفاجئ للذاكرة، وتشويش الذاكرة، والتشوش الدماغي الغامض مع العقار المذكور، التي أفاد بها الأشخاص الذين يتناولون عقار الـ«ستاتين». ولم تؤكد الإدارة أن عقار الـ«ستاتين» هو السبب المباشر وراء تلك الأعراض؛ فقط ينبغي على الأطباء الذين يصفون مثل ذلك الدواء والأشخاص الذين يتخذونه علاجا أن يكونوا على بينة من هذه الإفادات.
واستنادا إلى البحوث التي أجريت حتى الآن، فإن المشكلات المتعلقة بالذاكرة ينبغي ألا تثير المزيد من القلق، حيث يقول الدكتور كانون: «جرت دراسة ذلك الأمر في تجارب إكلينيكية موسعة تشمل ما يقرب من مائتي ألف مريض، ولم يسجل أي تأثير يذكر على ذاكرتهم».

* الاستجابة للآثار الجانبية
بمجرد أن تبدأ في تناول عقار الـ«ستاتين»، ينبغي عليك الاستمرار في تناوله حتى تعود عليك الفائدة من ورائه. وفي حالة ظهور الأعراض الجانبية المتوقعة، فعليك بإخبار طبيبك، وضع في اعتبارك «إعادة تحدي عقار الـ(ستاتين)»، مما يعني توفقك عن تناول العقار، والانتظار لبضعة أسابيع حتى تخرج آثار العقار تماما من جسدك، ثم البدء في تناوله مرة أخرى. وإذا لم تعاود المشكلات في الظهور، فمن المرجح ألا يكون عقار الـ«ستاتين» هو السبب فيها.

* نصائح طبية
إذا عاودت الأعراض المتعلقة بعقار الـ«ستاتين» الظهور مجددا، فلديك خياران حيالها:
* محاولة تناول عقار «ستاتين» آخر. وقد تتفاعل بصورة مختلفة إزاءه عن الدواء الأصلي.
* تناول عقار «ستاتين» أكثر فعالية وبجرعة منخفضة، 3 مرات في الأسبوع بدلا من تناوله يوميا.
والخيارات الشائعة لعقار الـ«ستاتين» عالي الفعالية هي آتورفاستاتين (Lipitor) أو روسوفاستاتين (Crestor)، والتي تخفض من الكولسترول الضار منخفض الكثافة بصورة أكبر من عقاقير الـ«ستاتين» الأخرى المتاحة حاليا: فلوفاستاتين (Lescol)، ولوفاستاتين (Mevacor)، وبيتافاستاتين (Livalo)، وبرافاستاتين (Pravachol)، وسيمفاستاتين (Zocor).



هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟
TT

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

ما سبب مرض ألزهايمر؟ أجاب عالم الأعصاب رودولف تانزي، مدير مركز ماكانس لصحة الدماغ بمستشفى ماساتشوستس العام، التابع لجامعة هارفارد، قائلاً: «قضيت معظم حياتي المهنية في محاولة الإجابة عن هذا السؤال».

وأكد تانزي أن السؤال مهم، ويتعين العمل على إيجاد إجابة له، خصوصاً أن مرض ألزهايمر يمثل الشكل الأكثر شيوعاً للخرف في كثير من البلدان. وعلى سبيل المثال، داخل الولايات المتحدة، يعاني ما لا يقل عن 10 في المائة من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً من ألزهايمر.

ومثلما الحال مع معظم الأمراض، ربما يرجع مرض ألزهايمر إلى مزيج من الضعف الوراثي، ومعاناة المريض من حالات طبية أخرى، بجانب عوامل اجتماعية وأخرى تتعلق بنمط الحياة. واليوم، يركز العلماء اهتمامهم على الدور الذي قد تلعبه العدوى، إن وُجد، في تطور مرض ألزهايمر.

كشف الأسباب البيولوجية

جاء وصف مرض ألزهايمر للمرة الأولى عام 1906. ومع ذلك، بدأ العلماء في سبر أغواره والتعرف على أسبابه قبل 40 عاماً فقط. واليوم، ثمة اتفاق واسع النطاق في أوساط الباحثين حول وجود جزيئين بمستويات عالية في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر: أميلويد - بيتا amyloid - beta أو «ببتيد بيتا النشواني»، الذي يشكل لويحات في الدماغ، وتاو tau، الذي يشكل تشابكات. ويساهم كلاهما في موت الخلايا العصبية الدماغية (العصبونات) المشاركة في عمليات التفكير؛ ما يؤدي إلى الخرف.

من بين الاثنين، ربما تكون الأهمية الأكبر من نصيب أميلويد - بيتا، خصوصاً أنه يظهر في وقت أبكر من تاو. وقد أظهر تانزي وآخرون أن الأشخاص الذين يرثون جيناً يؤدي إلى ارتفاع مستويات أميلويد بيتا يُصابون بمرض ألزهايمر في سن مبكرة نسبياً.

الملاحظ أن الأشخاص الذين يرثون نسختين من الجين APOE4. أكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر، لأنهم أقل قدرة على التخلص من أميلويد بيتا من الدماغ.

الالتهاب العصبي

هناك قبول متزايد في أوساط العلماء لفكرة أن الالتهاب في الدماغ (الالتهاب العصبي Neuroinflammation)، يشكل عاملاً مهماً في مرض ألزهايمر.

في حالات الالتهاب العصبي، تحارب خلايا الجهاز المناعي في الدماغ الميكروبات الغازية، أو تعمل على علاج الإصابات. إلا أنه للأسف الشديد، يمكن أن يؤدي ذلك إلى الإصابة؛ ما يسفر بدوره عن المزيد من الالتهاب العصبي، لتظهر بذلك حلقة مفرغة، تتسبب نهاية المطاف في موت معظم الخلايا العصبية.

ويمكن أن تؤدي كل من لويحات أميلويد بيتا وتشابكات تاو إلى حدوث التهاب عصبي، وكذلك يمكن لكثير من الميكروبات (البكتيريا والفيروسات) أن تصيب الدماغ، وتبقى هناك، دون أن ينجح الجهاز المناعي بالدماغ في القضاء عليها تماماً؛ ما قد يؤدي إلى التهاب عصبي مزمن منخفض الحدة.

وحتى العدوى أو أسباب الالتهاب الأخرى خارج الدماغ، بأي مكان في الجسم، يمكن أن ترسل إشارات إلى الدماغ تؤدي إلى حدوث التهاب عصبي.

العدوى ومرض ألزهايمر

ويعتقد بعض العلماء أن العدوى قد تسبب أكثر من مجرد التهاب عصبي، فربما يكون لها دور كذلك في تكاثر رواسب أميلويد بيتا وتشابكات تاو. وفي هذا الصدد، قال تانزي: «اكتشفت أنا وزميلي الراحل روب موير أن أميلويد بيتا يترسب في المخ استجابة للعدوى، وهو بروتين يحارب العدوى؛ ويشكل شبكة تحبس الميكروبات الغازية. وبعبارة أخرى، يساعد أميلويد بيتا في حماية أدمغتنا من العدوى. وهذا هو الخبر السار. أما الخبر السيئ هنا أن أميلويد بيتا يُلحِق الضرر كذلك بالخلايا العصبية، الأمر الذي يبدأ في غضون 10 إلى 30 عاماً، في إحداث تأثيرات واضحة على الإدراك؛ ما يسبب الخرف، نهاية المطاف».

بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الترسب المزمن منخفض الدرجة لأميلويد بيتا إلى تشابكات تاو، التي تقتل الخلايا العصبية هي الأخرى وتزيد من الالتهاب العصبي، ما يؤدي إلى موت المزيد من الخلايا العصبية. وقد تتطور دورات مفرغة يصعب للغاية إيقافها.

ويمكن للعوامل المذكورة هنا (بشكل مباشر أو غير مباشر) أن تلحق الضرر بخلايا المخ، وتسبب الخرف. ويمكن لعدة عوامل أن تزيد سوء بعضها البعض، ما يخلق دورات مفرغة.

ميكروبات مرتبطة بمرض ألزهايمر

الآن، ما الميكروبات التي قد تشجع على تطور مرض ألزهايمر؟ عبَّر الدكتور أنتوني كوماروف، رئيس تحرير «هارفارد هيلث ليتر» الأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد، عن اعتقاده بأنه «من غير المرجَّح أن يكون نوع واحد من الميكروبات (جرثومة ألزهايمر) سبباً في الإصابة بمرض ألزهايمر، بل إن الأدلة المتزايدة تشير إلى أن عدداً من الميكروبات المختلفة قد تؤدي جميعها إلى الإصابة بمرض ألزهايمر لدى بعض الناس».

ويتركز الدليل في نتائج دراسات أُجريت على أدمغة القوارض والحيوانات الأخرى التي أصيبت بالميكروبات، بجانب العثور على ميكروبات في مناطق الدماغ البشري الأكثر تأثراً بمرض ألزهايمر. وجاءت أدلة أخرى من دراسات ضخمة، أظهرت أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، أعلى كثيراً لدى الأشخاص الذين أُصيبوا قبل عقود بعدوى شديدة. وتشير دراسات حديثة إلى أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، قد يتفاقم جراء انكماش الدماغ واستمرار وجود العديد من البروتينات المرتبطة بالالتهابات، في دم الأشخاص الذين أُصيبوا بالعدوى في الماضي.

وفيما يلي بعض الميكروبات التي جرى تحديدها باعتبارها مسبِّبات محتملة للمرض:

فيروسات الهربس المتنوعة

خلصت بعض الدراسات إلى أن الحمض النووي من فيروس الهربس البسيط 1 و2 herpes simplex virus 1 and 2 (الفيروسات التي تسبب القروح الباردة والأخرى التناسلية)، يوجد بشكل أكثر تكراراً في أدمغة المصابين بمرض ألزهايمر، مقارنة بالأصحاء. ويبرز الحمض النووي الفيروسي، بشكل خاص، بجوار لويحات أميلويد بيتا. وخلصت الدراسات المنشورة إلى نتائج متناقضة. يُذكر أن مختبر تانزي يتولى زراعة «أدمغة صغيرة» (مجموعات من خلايا الدماغ البشرية) وعندما تُصاب هذه الأدمغة الصغيرة بفيروس «الهربس البسيط»، تبدأ في إنتاج أميلويد بيتا.

أما فيروس «الهربس» الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي varicella - zoster virus (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي)، قد يزيد مخاطر الإصابة بالخرف. وكشفت دراسة أُجريت على نحو 150000 شخص، نشرتها دورية «أبحاث وعلاج ألزهايمر» (Alzheimer’s Research and Therapy)، في 14 أغسطس (آب) 2024، أن الأشخاص الذين يعانون من الهربس الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي) قد يزيد كذلك من خطر الإصابة بالخرف. ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين أُصيبوا بالهربس النطاقي كانوا أكثر عرضة للإبلاغ لاحقاً عن صعوبات في تذكُّر الأشياء البسيطة. وتعكف أبحاث جارية على دراسة العلاقة بين لقاح الهربس النطاقي وانحسار خطر الإصابة بألزهايمر.

فيروسات وبكتيريا أخرى:

* فيروس «كوفيد - 19». وقد يجعل الفيروس المسبب لمرض «كوفيد - 19»، المعروف باسم «SARS - CoV - 2»، الدماغ عُرضةً للإصابة بمرض ألزهايمر. وقارنت دراسة ضخمة للغاية بين الأشخاص الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» (حتى الحالات الخفيفة) وأشخاص من نفس العمر والجنس لم يُصابوا بـ«كوفيد»، ووجدت أنه على مدار السنوات الثلاث التالية، كان أولئك الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر بنحو الضعف.

كما جرى ربط العديد من الفيروسات (والبكتيريا) الأخرى، التي تصيب الرئة، بمرض ألزهايمر، رغم أن الأدلة لا تزال أولية.

* بكتيريا اللثة. قد تزيد العديد من أنواع البكتيريا التي تعيش عادة في أفواهنا وتسبب أمراض اللثة (التهاب دواعم السن)، من خطر الإصابة بمرض الزهايمر. وعبَّر تانزي عن اعتقاده بأن هذا أمر منطقي، لأن «أسناننا العلوية توفر مسارات عصبية مباشرة إلى الدماغ». وتتفق النتائج الأولية التي خلص إليها تانزي مع الدور الذي تلعبه بكتيريا اللثة. وقد توصلت الدراسات المنشورة حول هذا الموضوع إلى نتائج مختلفة.

* البكتيريا المعوية: عبر السنوات الـ25 الماضية، اكتشف العلماء أن البكتيريا التي تعيش في أمعائنا تُنتِج موادّ تؤثر على صحتنا، للأفضل أو للأسوأ. وعن ذلك قال الدكتور كوماروف: «هذا أحد أهم الاكتشافات الطبية الحيوية في حياتنا». هناك بعض الأدلة المبكرة على أن هذه البكتيريا يمكن أن تؤثر على خطر إصابة الشخص بمرض ألزهايمر بوقت لاحق. ولا يزال يتعين تحديد كيفية تغيير تكوين بكتيريا الأمعاء، لتقليل المخاطر.

ربما يكون لها دور في تكاثر رواسب أميلويد بيتا المسببة للمرض

عوامل نمط الحياة ومرض ألزهايمر

يرتبط كثير من عوامل نمط الحياة المختلفة بزيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر. وتتضمن الأمثلة التدخين (خصوصاً في وقت لاحق من الحياة)، والإفراط في تعاطي الكحوليات، والخمول البدني، وقلة النوم العميق، والتعرض لتلوث الهواء، والنظام الغذائي الغني بالسكر والملح والأطعمة المصنَّعة.

كما تزيد العديد من عوامل نمط الحياة هذه من خطر الإصابة بأمراض مزمنة شائعة أخرى، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة.

وبحسب الدكتور كوماروف، فإنه «نظراً لأن إجراء تغييرات في نمط الحياة قد يكون صعباً، يأمل كثيرون في أن تثمر دراسة الأسباب البيولوجية وراء مرض ألزهايمر ابتكار دواء (سحري) يمنع المرض، أو حتى يعكس مساره. ويرى الدكتور كوماروف أن «ذلك اليوم قد يأتي، لكن ربما ليس في المستقبل القريب».

في الوقت الحالي، يقترح تانزي إدخال تعديلات في نمط الحياة بهدف التقليل من خطر الإصابة بألزهايمر.

بوجه عام، فإن فكرة أن الميكروبات قد تؤدي إلى بعض حالات ألزهايمر لا تزال غير مثبتة، وغير مقبولة على نطاق واسع، لكن الأدلة تزداد قوة. ومع ذلك، تتفق هذه الفكرة مع أبحاث سابقة أظهرت أهمية أميلويد بيتا، وتاو، وapoe4 والالتهاب العصبي، بوصفها أسباب مرض ألزهايمر.

عن ذلك، قال الدكتور كوماروف: «الإشارة إلى دور للميكروبات في بعض حالات مرض ألزهايمر لا تحل محل الأفكار القديمة، وإنما تتفق مع الأفكار القديمة، وربما تكملها».

* رسالة هارفارد للقلب - خدمات «تريبيون ميديا».