«حماس» ترفض ربط صفقة تبادل بإدخال تسهيلات فورية

طفلة داخل منزلها في غزة الذي دمره القصف الإسرائيلي (إ.ب)
طفلة داخل منزلها في غزة الذي دمره القصف الإسرائيلي (إ.ب)
TT

«حماس» ترفض ربط صفقة تبادل بإدخال تسهيلات فورية

طفلة داخل منزلها في غزة الذي دمره القصف الإسرائيلي (إ.ب)
طفلة داخل منزلها في غزة الذي دمره القصف الإسرائيلي (إ.ب)

تحدثت «حركة حماس» عن وسائل مواجهة مفتوحة إذا استمرت إسرائيل باستهداف المسجد الأقصى والفلسطينيين في القدس، ولم تغير سياستها مع القطاع، في إشارة إلى اعتماد أساليب أخرى غير الصواريخ، وذلك بعد يوم من اقتحام مستوطنين للأقصى، وفي ظل مباحثات تقودها مصر من أجل تثبيت وقف إطلاق النار.
ويعمل وفد مصري بين تل أبيب وغزة ورام الله من أجل الوصول إلى اتفاق هدنة طويلة في القطاع، يسمح بإطلاق عملية إعمار في غزة.
وأنهى الوفد الأمني المصري، الأحد، زيارة ثانية لقطاع غزة في غضون 48 ساعة وغادر بعد لقاء ممثلي «حركة حماس» والفصائل الفلسطينية. وقال الناطق باسم «حركة حماس» عبد اللطيف القان، إن الوفد الأمني المصري اطلع على حجم الدمار والخراب الذي تعرض له قطاع غزة، وتباحث حول آلية إعادة الإعمار، وكسر الحصار المفروض عليه، باعتباره شكلاً من أشكال العدوان.
وأضاف: «ناقشنا مع الوفد مباحثات تثبيت التهدئة مع الاحتلال، عقب الإعلان الذي تم يوم الجمعة الماضي عند الساعة الثانية فجراً، بين الفصائل الفلسطينية في غزة، وإسرائيل، بعد عدوان استمر 11 يوماً».
وتواجه التهدئة تحدياً كبيراً مع تغيير إسرائيل سياستها تجاه القطاع. وكان رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي، أوصى بفرض آلية تحويل في مسار إدخال الأموال القطرية عبر «حركة حماس» لقطاع غزة، لتصبح عبر السلطة الفلسطينية عن طريق نظام خاص ينقله للمواطنين مباشرة.
وأكد وزير الأمن بيني غانتس أن إسرائيل تريد تحسين كيفية نقل الأموال إلى القطاع والقيام بمراقبة دقيقة لكيفية استخدامها، مضيفاً أن «المال القطري، الذي هو أنبوب الأكسجين الأخير، سيستمر بالدخول، لكن تنوي إسرائيل نقله عبر السلطة الفلسطينية، وليس مباشرة إلى غزة»، مقترحاً تشكيل جهاز رقابة أفضل على التحويلات لهذه الأموال. ولفت غانتس إلى أن أي تقدم في دفع مشروعات اقتصادية في غزة قدماً منوط بإيجاد حل لقضية الأسرى والمفقودين.
وأبقت إسرائيل على المعابر مغلقة أمس، ولم توسع مساحة الصيد البحري كما جرت عليه العادة بعد انتهاء أي جولة تصعيد في القطاع. وأكد مسؤول أمني إسرائيلي أن «المستوى السياسي في إسرائيل يعتزم تغيير سياسته تجاه قطاع غزة و(حماس)»، وأن «أي طلب لنقل بضائع عن طريق كرم أبو سالم، أو جثث مخربين ماتوا في مستشفيات في إسرائيل، ومواطنين يريدون العودة إلى غزة، سيُرفض». وأضاف أن «إسرائيل ستغير قواعد اللعبة مع غزة. وتم نقل رسائل بهذه الروح إلى الوسطاء المصريين».
ومنعت إسرائيل، أمس، إدخال المساعدات والمواد الغذائية والأعلاف لقطاع غزة. وقال بسام غبن مدير معبر كرم أبو سالم، جنوب شرقي قطاع غزة، إن سلطات الاحتلال سمحت فقط بدخول الأدوية والمستلزمات الطبية.
وفي وقت سابق، سمحت إسرائيل للوقود بالدخول مرتين من أجل مد محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة به. وقالت صحيفة هآرتس إن إسرائيل ستمسح بفتح معبري بيت حانون وكرم أبو سالم في قطاع غزة اليوم، من أجل إدخال مساعدات إنسانية دولية، تشمل عتاداً طبياً من الأمم المتحدة، عبر معبر كرم أبو سالم، وناشطين في منظمات إغاثة وصحافيين أجانب إلى القطاع، من معبر بيت حانون.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن «حماس» رفضت بشكل قطعي السياسة الإسرائيلية وربط إنجاز صفقة تبادل بإدخال تسهيلات على الحصار المفروض. وقالت المصادر إن الحركة تريد إنجاز صفقة، ومستعدة لمفاوضات حولها، ولكن ليس بشكل مرتبط مع الهدنة. وأكدت المصادر أن «حماس» هددت باستخدام وسائل أخرى مرهقة لإسرائيل، وليست عسكرية، إذا استمرت السياسة الإسرائيلية الحالية.
وقال الناطق باسم «حركة حماس» عبد اللطيف القانوع: «وسائل المواجهة ستبقى مفتوحة لدى الشعب الفلسطيني إن أعاد الاحتلال ومستوطنوه اقتحام المسجد الأقصى».
وأضاف أن «حركة حماس» مستعدة وجاهزة لمواجهة أي مخططات تهدف إلى تهجير أهالي حي الشيخ جراح، أو تقسيم المسجد الأقصى، وتغيير معالمه، وتهويد القدس، محذراً من مغبة العودة إلى مسببات انفجار الأوضاع في ساحات القدس.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.