بلينكن مبعوثاً من بايدن في المنطقة لتثبيت وقف النار في غزة

يلتقي نتنياهو وعباس والسيسي والملك عبد الله... والمساعدات للناس لا لـ«حماس»

عيادة منظمة «أطباء بلا حدود» في غزة التي أصابتها ضربات الطيران الإسرائيلي (أ.ف.ب)
عيادة منظمة «أطباء بلا حدود» في غزة التي أصابتها ضربات الطيران الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

بلينكن مبعوثاً من بايدن في المنطقة لتثبيت وقف النار في غزة

عيادة منظمة «أطباء بلا حدود» في غزة التي أصابتها ضربات الطيران الإسرائيلي (أ.ف.ب)
عيادة منظمة «أطباء بلا حدود» في غزة التي أصابتها ضربات الطيران الإسرائيلي (أ.ف.ب)

أوفد الرئيس الأميركي جو بايدن أمس وزير الخارجية أنطوني بلينكن في مهمة إلى المنطقة، تشمل إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة ومصر والأردن، بغية ترسيخ وقف النار بين الفصائل المسلحة في غزة وإسرائيل، وإرسال مساعدات إنسانية عاجلة للناس في القطاع، من دون المرور عبر «حماس»، آملاً في إعادة إطلاق عملية السلام المتعثرة منذ سنوات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وهذه الرحلة هي الأولى من نوعها إلى المنطقة لمسؤول كبير في إدارة بايدن منذ توليه الحكم في مطلع السنة الجارية. وأعلن الرئيس بايدن في بيان، أنه طلب من وزير الخارجية أن يتوجه إلى الشرق الأوسط في سياق «متابعة لدبلوماسيتنا الهادئة والمكثفة لتحقيق وقف النار بين إسرائيل و(حماس)»، مؤكداً «الالتزام الذي لا يتزحزح حيال أمن إسرائيل»، مع مواصلة «جهود إدارتنا لإعادة بناء العلاقات مع الشعب والقادة الفلسطينيين ودعمهم، بعد سنوات من الإهمال». وأشار إلى أن بلينكن سيعمل على الانخراط مع الشركاء الرئيسيين في المنطقة، ومنها «الجهود الدولية المنسقة لضمان وصول المساعدة الفورية إلى غزة، لفائدة الناس هناك وليس لـ(حماس)، وعلى الحد من مخاطر اندلاع المزيد من النزاعات في الأشهر المقبلة».
وأفاد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، في بيان أن بلينكن سيسافر إلى القدس ورام الله والقاهرة وعمان، بين 24 مايو (أيار) ، أي أمس الاثنين، و27 منه، موضحاً أنه سيتوجه أولاً إلى القدس، حيث سيلتقي الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية غابي أشكنازي ومسؤولين آخرين. وينتقل بعد ذلك إلى رام الله، حيث يجتمع مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء محمد أشتية وغيرهما. ثم يسافر إلى القاهرة للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري. ويختتم رحلته في عمّان للاجتماع مع الملك عبد الله الثاني ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية أيمن الصفدي. وسيكون اللقاء مع الرئيس عباس هو الأرفع لمسؤول أميركي منذ سنوات.
وأكد مسؤول أميركي رفيع خلال إحاطة مع مجموعة من الصحافيين، أن بلينكن سيناقش مع المسؤولين «جهود التعافي ووسيلة العمل سوية لبناء مستقبل أفضل للناس على الأرض وفي المنطقة»، معبراً عن «الارتياح الكبير لأن العنف الرهيب الذي مزق حياة الناس انتهى». وقال: «نحن ملتزمون بدعم كل الجهود المبذولة لتحقيق السلام الدائم»، مضيفاً أن الوزير يتطلع أيضاً إلى مناقشة «معالجة الأسباب الكامنة التي أدت إلى الأزمة» الأخيرة.
وإذ شدد على أنه «من المهم للغاية أن يبقى وقف النار ساري المفعول»، أمل في «العمل بالشراكة مع الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية لتوجيه نوع من المساعدات (...) إلى سكان غزة»، موضحاً أن الحكومة المصرية سيكون لها دور في ذلك. وقال: «سنبذل قصارى جهدنا لضمان وصول هذه المساعدة إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها». وكشف أنه بحث مع السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة في «صيغة لإيجاد نوع من الشراكة بين الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية، لتوجيه مساعدات إعادة الإعمار». ولفت إلى أن الإدارة الأميركية لا تتحدث مع «حماس»، آملاً في «إعادة دمج السلطة الفلسطينية في غزة إلى حد ما»، من دون أن يوضح رؤية واشنطن في اتجاه هذا الهدف. وأكد أنه «من المبكر الحديث الآن عن إمكانية دعوة الأطراف إلى واشنطن أو أي مكان آخر لإعادة إطلاق عملية السلام».
ورأى بلينكن أن الوقت ليس مناسباً لاستئناف فوري للمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، لكن يمكن اتخاذ خطوات - والقيام خاصة بمبادرات إنسانية - لإصلاح الأضرار الناجمة عن الضربات الجوية الإسرائيلية في غزة. ورداً على سؤال عما إذا كان هناك احتمال للتحرك نحو حل سياسي حقيقي، قال بلينكن لشبكة «سي إن إن» الأميركية، إنه «يتعين علينا إيجاد طريقة لكسر الحلقة»، لأن عدم القيام بذلك ستكون له «تكلفة كبيرة ومعاناة إنسانية كبيرة»، مذكراً بأن إدارة الرئيس بايدن «عملت بجد مع هذه الدبلوماسية المكثفة ولكن وراء الكواليس للوصول إلى وقف النار».
واعتبر أن ذلك «أكثر فاعلية» لإنهاء العنف. وأضاف أنه «من واجبنا جميعاً أن نحاول أن نبدأ في بناء أمر أكثر إيجابية» بأمل منح الفلسطينيين والإسرائيليين «مقاييس متساوية من الفرص والأمن والكرامة». وإذ تجنب الإجابة على ما إذا كانت إدارة بايدن ستستخدم خطة السلام التي رعاها مستشار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وصهره جاريد كوشنر كنموذج، أكد بلينكن، التزام حل الدولتين، على أن يجرى أولاً «التعامل مع الوضع الإنساني الخطير» في غزة، متحدثاً عن «دعم إعادة الإعمار والتنمية».
وأضاف: «سنعاود التواصل مع الفلسطينيين، وسنواصل مشاركتنا العميقة مع الإسرائيليين، ونحاول تهيئة الظروف التي تسمح (...) بدفع عملية سلام حقيقية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».