ليبيون يتهمون السلطة التنفيذية بـ«عدم الجدية» في إجراء الانتخابات

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (أ.ف.ب)
عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (أ.ف.ب)
TT

ليبيون يتهمون السلطة التنفيذية بـ«عدم الجدية» في إجراء الانتخابات

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (أ.ف.ب)
عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (أ.ف.ب)

قلّل سياسيون ليبيون من قدرة السلطة التنفيذية الحالية على المضي قدماً في إنجاز الاستحقاق الانتخابي، المزمع إجراؤه مع نهاية العام الجاري، في ظل انشغالها بإبرام الاتفاقيات الدولية، وانخراطها في إصلاح ما تهدم، معتبرين أن التهديد الأميركي الذي صدر مؤخراً بـ«معاقبة المعرقلين» للمسار الانتخابي غير فعال، ولا يمكن تطبيقه على كثير من الشخصيات.
وقال عضو مجلس النواب الليبي، جبريل أوحيدة، الذي وصف التهديد الأميركي بأنه غير مجدٍ إنه «لا بد أولاً من تحديد أسباب العرقلة حتى لا نبدو وكأننا نبحث عن معرقلين وهميين». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن العرقلة «مصدرها السلطة التنفيذية التي جرى اختيارها في ختام ملتقى الحوار السياسي، والتي كان من المفترض أن تلتزم بالاختصاصات التي وردت في بنود هذا الملتقى، وهي تنفيذ كل الإجراءات المطلوبة لإنجاح خريطة الطريق، الهادفة للوصول للانتخابات في موعدها المقرر».
وكانت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفيرة ليندا غرينفيلد، قد لوحت في جلسة مجلس الأمن الدولية حول ليبيا بمعاقبة معرقلي الانتخابات الليبية، وقالت إن أي شخص «يعرقل أو يقوض الانتخابات المخطط لها وفق خريطة الطريق قد يخضع لعقوبات».
وبهذا الخصوص تساءل أوحيدة: «لماذا لم تصدر السلطة التنفيذية قرارات واضحة بخروج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد وحل التشكيلات العسكرية؟ علماً بأن كل هذه الأوضاع والكيانات تعرقل الانتخابات».
ورأى أوحيدة أن «السلطة التنفيذية تركت الأولويات وانطلقت نحو مباشرة خطط التنمية، ودراسة العقود والاتفاقيات، وباتت تتصرف وكأنها باقية لسنوات وليس لشهور، وهذا يدل على عدم جديتها، أو رغبتها في تغيير الوضع الراهن». مطالباً الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بالضغط عليها «لتتحرك وتصدر تلك القرارات». كما ألقى أوحيدة بالمسؤولية على قيادة البعثة الأممية لدى ليبيا، بقوله: «مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة اتفقا خلال اجتماعات الغردقة المصرية على الاستفتاء على مسودة الدستور، وإمكانية وضع قاعدة بديلة إذا ما تم رفضها شعبياً، لكننا فوجئنا بأن المبعوث الأممي يان كوبيش لجأ إلى اللجنة القانونية لملتقى الحوار لتطرح لنا مقترح قاعدة دستورية، ستؤدي بنا إلى مرحلة انتقالية جديدة، وهذا من الصعب القبول به». أما عضو ملتقى الحوار السياسي، لميس بن سعد، فدعت الأطراف السياسية إلى «عدم الاستهانة بالتهديد الذي أطلقته المندوبة الأميركية، والتعامل معه بجدية»، موضحة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هناك «اهتماماً واضحاً من قبل الإدارة الأميركية بملف الانتخابات، وضرورة إجرائها في موعدها المحدد، ونظراً لهشاشة الوضع في ليبيا، ومعرفة الجميع برغبة أطراف عدة في عرقلة الانتخابات، بات المجتمع الدولي، والأطراف الفاعلة تحديداً، تطلق تهديدات بخضوع المعرقلين لقائمة العقوبات، وذلك كنوع من التحذير المبكر بعواقب المساس بالعملية الانتخابية».
وأضافت بن سعد موضحة أن «الشكوك والمخاوف موجودة في الشارع الليبي، لأن الجميع يعلم كيف عمدت أغلب الشخصيات والمجالس التشريعية والتنفيذية إلى تمديد صلاحياتها، وفترات عملها طيلة السنوات الماضية، وبالتالي بات لديهم تخوفات من تكرار هذا السيناريو».
من جانبه، وصف المحلل السياسي الليبي، فرج فركاش، حديث المندوبة الأميركية بأنه «لا يحمل أي جديد، ويتماشى مع تصريحات أخرى دأب على إطلاقها أكثر من مسؤول أميركي وأممي خلال الفترة الأخيرة حول الانتخابات، والأوضاع بشكل عام في البلاد». وذهب فركاش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «العقوبات المتوافرة للولايات المتحدة للجم المعرقلين غير فعالة لبعض الشخصيات»، وقال إن المطالبة بـ«العزل السياسي للمعرقلين أمر يتطلب توافقاً دولياً». وشكك في وجود إجماع دولي بخصوص إجراء الانتخابات، «وذلك رغم كثرة المواقف المعلنة من دول عدة حول هذا الأمر، داعياً «الجميع بالداخل والخارج لمراجعة موضوعية لموعد الانتخابات، إذا ما كانوا بالفعل ينشدون مصلحة ليبيا».
وأضاف فركاش أن «الجميع يدرك أن الانتخابات ليست هدفاً، بل وسيلة للتغيير والانتقال لمرحلة دائمة لا انتقالية»، ورأى أن «المرحلة الدائمة لن تنجح إلا ببذل الجهد لتوحيد المؤسستين العسكرية والأمنية أولاً، وتفكيك التشكيلات العسكرية، وإعادة دمج من يصلح من عناصرها بشكل فردي ونظامي في مؤسسات الدولة، ما يسهم في إنهاء أزمة انعدام الثقة بين الأطراف على الساحة السياسية، ويمهد لأجواء من المصالحة الوطنية، وعودة المهجرين والنازحين وبالتالي إجراء الاستفتاء على الدستور».
وانتهى فركاش قائلاً: «النجاح في هذه الخطوات سينعكس إيجابياً في الدفع لإخراج القوات الأجنبية و(المرتزقة)، ومن ثم إجراء انتخابات عادلة ونزيهة دون أي تهديد ومضمون القبول بنتائجها»، مشيراً إلى أن «تأجيل موعد الانتخابات قد يكون خياراً أفضل من التمسك بموعد تم اختياره بشكل غير مدروس، لأن ذلك لن يؤدي إلا لترحيل الأزمة، وللأسف ربما لمستويات أكثر تعقيداً وعنفاً».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.