وزير الخارجية المغربي: إسبانيا خلقت الأزمة مع الرباط وجعلت أوروبا تتحملها

شرطي إسباني يحرس عدداً من المهاجرين الذين دخلوا مدينة سبتة بطريقة غير شرعية (أ.ف.ب)
شرطي إسباني يحرس عدداً من المهاجرين الذين دخلوا مدينة سبتة بطريقة غير شرعية (أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية المغربي: إسبانيا خلقت الأزمة مع الرباط وجعلت أوروبا تتحملها

شرطي إسباني يحرس عدداً من المهاجرين الذين دخلوا مدينة سبتة بطريقة غير شرعية (أ.ف.ب)
شرطي إسباني يحرس عدداً من المهاجرين الذين دخلوا مدينة سبتة بطريقة غير شرعية (أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، إن إسبانيا هي التي خلقت الأزمة مع المغرب، وجعلت أوروبا تتحملها. وأوضح في تصريحات أدلى بها الليلة قبل الماضية لقناة «أوروبا 1» أن «إسبانيا لم تستشر أوروبا قبل اتخاذ قرارات تمس مصالح المغرب، ولم تستشر أوروبا قبل خرق معايير (شنغن) لقبول دخول شخص مطلوب من قبل القضاء الإسباني إلى أراضيها بطريقة احتيالية»، في إشارة إلى إبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية. وفي غضون ذلك، دخلت فرنسا على خط الوساطة بين الرباط ومدريد، بهدف المساهمة في استئناف الحوار بينهما، حسب ما ذكره وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان.
وعد الوزير بوريطة أن «هناك محاولة لتحريف مسار النقاش، والتوجه نحو قضية الهجرة، في حين أن صلب الأزمة هو تصرف مسيء من إسبانيا تجاه المغرب، وتجاه شعبه، وتجاه مصالحه الاستراتيجية».
أما بخصوص موضوع الهجرة، فقد أوضح بوريطة أن المغرب «ليس ملزماً، ولا ملتزماً، وليس من واجبه حماية حدود غير حدوده... المغرب ليس دركياً ولا بواباً لأوروبا يحمي حدوداً ليست حدوده، وهو لا يقوم بذلك تنفيذاً لأمر أو التزام»، مسجلاً أن بلاده «قدمت الكثير في مجال التعاون المرتبط بالهجرة، ولم يكن ذلك إجبارياً، ولا بمقابل، بل انطلاقاً من شراكة بين المغرب وإسبانيا والاتحاد الأوروبي، غير أن الشراكة ليست انتقائية».
وأوضح بوريطة أن «المغرب لم يتحرك قط لتقديم خدمة مقابل اعتماد أو تعويض مالي»، مبرزاً أن ما يحصل عليه المغرب في المتوسط من الاتحاد الأوروبي «لا يتجاوز 300 مليون يورو سنوياً؛ أي أقل بـ20 في المائة من التكلفة التي تتحملها المملكة في محاربة الهجرة السرية».
وفي هذا السياق، أوضح بوريطة أن المغرب قام على مدى السنوات الأربع الماضية بتفكيك 8 آلاف خلية لتهريب البشر، وأجهض 14 ألف محاولة هجرة سرية، منها 80 محاولة اقتحام لمدينة سبتة، وتبادل أكثر من 9 آلاف معلومة عن الهجرة السرية مع إسبانيا.
وبشأن اتهام المغرب بـ«الابتزاز» بواسطة «الهجرة» في نزاعه مع إسبانيا، على خلفية استقبالها لزعيم «البوليساريو»، قال بوريطة: «المشكلة مطروحة بشكل سيئ، كأن المغرب ملزم بالعمل من أجل حماية أوروبا. فالمغرب ليس ملزماً، بل يقوم بذلك بصفته شريكاً... والشراكة تقوم على فهم بعضنا لمصالح بعض»، وزاد موضحاً أنه «لا يمكنك أن تخطط ليلاً ضد شريكك، وأن تطلب منه في اليوم التالي أن يكون مخلصاً».
ورداً على سؤال حول وضع العلاقات الدبلوماسية مع إسبانيا، كشف بوريطة أنه «خلافاً لما صرحت به وزيرة الخارجية الإسبانية، لا يوجد اتصال بين المغرب وإسبانيا منذ اندلاع هذه الأزمة. وعلى عكس ما تقول، لم يتم إبلاغ المغرب قط بوصول هذا الشخص (إبراهيم غالي)»، موضحاً أن «المغرب يميز بين علاقاته الجيدة للغاية مع جميع دول الاتحاد الأوروبي تقريباً، والأزمة الثنائية التي نتجت عن موقف عدائي من إسبانيا»، معبراً عن أسفه لـ«محاولة تحوير مسار النقاش، وخلق أزمة غير موجودة بين المغرب والاتحاد الأوروبي».
وخلص بوريطة إلى أنه إذا كانت «إسبانيا تعتقد أنه يمكن حل الأزمة عن طريق إخراج غالي من أراضيها بالإجراءات نفسها التي دخل بها، فإن ذلك يعني أنها تبحث عن تسميم الأجواء، وتفاقم الأزمة، أو حتى القطيعة».
وعلى صعيد ذي صلة، قال وزير الخارجية الفرنسي إنه يتعين على أوروبا أن تكون في الموعد بشأن سياستها الخاصة بالهجرة، تعليقاً على تدفق المهاجرين على مدينتي سبتة ومليلية، وذلك على خلفية الأزمة الدبلوماسية بين الرباط ومدريد. وعد لودريان أن «هناك حالياً علاقة معقدة بما يكفي بين إسبانيا والمغرب، وآمل أن يتم تجاوز ذلك قدر الإمكان لأنه حتى الآن، كانت هناك علاقة إيجابية إلى حد ما بين المغرب وإسبانيا بشأن مسألة الهجرة».
مبرزاً أنه تباحث مع نظيره المغربي، سعياً إلى المساهمة في استئناف هذا الحوار.
إلى ذلك، اتهمت جمعية حقوقية مغربية السلطات الإسبانية في مدينة سبتة المحتلة بـ«استغلال» أزمة تدفق المهاجرين على المدينة الواقعة شمال المغرب، لترحيل 40 لاجئاً يمنياً، على الرغم من أنهم كانوا في مركز استقبال طالبي اللجوء قبل الأزمة.
وأكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في بيان، أن «سلطات سبتة استغلت عسكرة المدينة لترحل، خلافاً للقانون، 40 لاجئاً يمنياً، بينهم قاصرون»، موضحة أنهم «كانوا مسجلين مقيمين في مركز إيواء طالبي اللجوء قبل اندلاع الأزمة الأخيرة».


مقالات ذات صلة

العراق وبريطانيا يوقعان اتفاقاً أمنياً لاستهداف عصابات تهريب البشر

المشرق العربي مهاجرون يعبرون بحر المانش (القنال الإنجليزي) على متن قارب (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle 00:32

العراق وبريطانيا يوقعان اتفاقاً أمنياً لاستهداف عصابات تهريب البشر

قالت بريطانيا، الخميس، إنها وقعت اتفاقاً أمنياً مع العراق لاستهداف عصابات تهريب البشر، وتعزيز التعاون على الحدود.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترحيل المهاجرين ضمن مهام ترمب في أول أيامه الرئاسية

قالت ثلاثة مصادر مطلعة لـ«رويترز» إنه من المتوقع أن يتخذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب عدة إجراءات تنفيذية في أول أيام رئاسته لإنفاذ قوانين الهجرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترمب: لن يكون أمامنا خيار سوى تنفيذ «ترحيل جماعي» للمهاجرين غير الشرعيين

قال الرئيس الأميركي المنتخب إن قضية الحدود تعد إحدى أولوياته القصوى، وإن إدارته لن يكون أمامها خيار سوى تنفيذ عمليات «ترحيل جماعي» للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مهاجرون يستمعون إلى التوجيهات قبل عبور الحدود من المكسيك إلى إل باسو بولاية تكساس الأميركية (أ.ف.ب)

الهجرة غير الشرعية تتراجع مع ارتفاع حدة الخطاب الانتخابي الأميركي

تبدو ضفاف نهر يفصل بين المكسيك وأميركا شبه مهجورة، وغدت ملاجئ مخصصة للمهاجرين شبه خاوية، بعد أن كانت مكتظة سابقاً، نتيجة سياسات أميركية للهجرة باتت أكثر صرامة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا السويد تعزز المساعدات للدول القريبة من مناطق النزاع في محاولة لخفض تدفق المهاجرين (إ.ب.أ)

الحكومة السويدية تخصص مساعدات إنمائية للدول التي يتدفق منها المهاجرون

أعلنت السويد أنها ستعزز المساعدات للدول القريبة من مناطق النزاع وعلى طرق الهجرة، في أول بادرة من نوعها تربط بين المساعدات الإنمائية ومحاولة خفض تدفق المهاجرين.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.