قلق جزائري من تجاهل أطراف النزاع في مالي لـ«اتفاق السلام»

وزير خارجية الجزائر صبري بوقادوم (غيتي)
وزير خارجية الجزائر صبري بوقادوم (غيتي)
TT

قلق جزائري من تجاهل أطراف النزاع في مالي لـ«اتفاق السلام»

وزير خارجية الجزائر صبري بوقادوم (غيتي)
وزير خارجية الجزائر صبري بوقادوم (غيتي)

دعت الجزائر إلى التعجيل بتنفيذ «اتفاق السلام» في مالي، الذي يشهد تعثراً منذ التوقيع عليه في الجزائر في 15 يونيو (حزيران) 2015. وذلك بسبب استمرار انعدام الثقة بين باماكو والمعارضة الطرقية في الشمال، التي تمثلها تنظيمات «أزواد».
وقال رئيس الدبلوماسية الجزائري، صبري بوقادوم، أمس، بمناسبة رئاسته اجتماع وزراء خارجية «مجلس السلم والأمن»، التابع للاتحاد الأفريقي، والذي تناول الأوضاع في مالي، إن «تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة، الذي اكتسب زخماً إضافياً مؤخراً، يحتاج إلى مزيد من التعجيل»، حسبما جاء في بيان لوزارة الخارجية.
وأكد بوقادوم أن «الاحتفال هذا الشهر بالذكرى السادسة لاتفاق السلم والمصالحة في مالي، المنبثق عن مسار الجزائر، يشكل فرصة متجددة لتقييم التقدم المحرز حتى الآن، في معالجة التحديات المتعددة التي تواجه البلاد». مبرزاً أن «عملية السلم والمصالحة التي ندعمها معاً في مالي، مبادرة أطلقها الماليون لصالح الماليين، وبينما نطمح جميعاً إلى تحقيق نتائج ملموسة وإيجابية في أسرع وقت ممكن، علينا أن نضع في اعتبارنا أن هذه العملية في جوهرها طويلة ومعقدة وصعبة، وتتطلب الصبر والمثابرة».
وأفادت مصادر دبلوماسية جزائرية لـ«الشرق الأوسط» أن «عدم احترام طرفي النزاع لبنود الاتفاق بات مصدر ازعاج للجزائر، التي راهنت على نجاح وساطتها بينهما لوضع حد للفوضى، التي استغلتها الجماعات الإرهابية لتنفيذ مخططاتها بمنطقة الساحل».
وجاء في البيان أن اجتماع أمس «عقد لتعبئة الجهود الرامية إلى دعم مسار الاستقرار في مالي، من أجل تحقيق السلم والأمن في منطقة الساحل بأكمله، وتثمين التقدم الذي تم إحرازه مؤخراً. بالإضافة إلى دراسة التطورات الأخيرة في مالي، ومراجعة استنتاجات مجموعة دعم الانتقال في مالي، التي عقدت في لومي، إلى جانب إيجاد طرق يدعم من خلالها الاتحاد الأفريقي الإصلاحات الانتخابية والدستورية، وكذا النظر في مساهمته في انتخابات سلمية وشاملة، وشفافة ذات مصداقية».
ويقصد بـ«التقدم الذي تم إحرازه مؤخراً» في ملف الأزمة المالية، اللقاء الذي جمع شركاء الاتفاق في 11 فبراير (شباط) الماضي بمدينة كيدال، معقل المعارضة المسلحة، والذي كان الأول من نوعه منذ التوقيع على الاتفاق.
وأبرز البيان أن المشاركين في اجتماع أمس، الذي تم بتقنية التحاضر عن بعد، «أثنوا على جهود الجزائر، بصفتها الدولة الرائدة للوساطة الدولية ورئيسة اللجنة المعنية بمتابعة تطبيق الاتفاق، وعلى مبادراتها الرامية لحمل الأطراف المالية على التقيد بتعهداتهم المتضمنة في خريطة الطريق، الموقعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام المنصرم».
وبحسب البيان، فقد طالب أعضاء «مجلس السلم» الأفريقي «بضرورة تفعيل دور الاتحاد الأفريقي لمرافقة ودعم السلطات المالية، لضمان نجاح الاستحقاقات الانتخابية المرتقبة العام المقبل، وحث الأطراف المالية على تجسيد جميع بنود اتفاق السلم والمصالحة في مالي، ولا سيما تلك المتعلقة بتفعيل ونشر وحدات الجيش والشرطة الإقليمية بمناطق الشمال، وكذا إطلاق المشروعات المؤهلة للتمويل من طرف صندوق التنمية المستدامة لمناطق الشمال».
وأضاف البيان أن وزراء الخارجية «أكدوا في توصياتهم على دعم جمهورية مالي في جهودها الرامية لمكافحة الإرهاب، مع الحرص على تبني مقاربة شاملة ومتعددة الجوانب، قصد معالجة جذور وأسباب هذه الآفة».
وينص الاتفاق على دمج متمردين سابقين في القوات الدفاعية المالية، إضافة إلى منح قدر أكبر من الحكم الذاتي للمناطق التي تقع تحت سيطرة الطوارق المسلحين، والتي تقع بالقرب من الحدود مع الجزائر.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.