خطة خامنئي للانتخابات ربما تبطئ مساعي إحياء الاتفاق النووي

انتخابات إيران يوم 18 يونيو تصبح عاملاً في المحادثات * المحافظون يريدون نسبة الفضل لأنفسهم في إنهاء العقوبات

المرشد الإيراني علي خامنئي يتوسط الرئيس حسن روحاني ورئيس القضاء إبراهيم رئيسي ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني خلال مناسبة دينية (موقع خامنئي)
المرشد الإيراني علي خامنئي يتوسط الرئيس حسن روحاني ورئيس القضاء إبراهيم رئيسي ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني خلال مناسبة دينية (موقع خامنئي)
TT

خطة خامنئي للانتخابات ربما تبطئ مساعي إحياء الاتفاق النووي

المرشد الإيراني علي خامنئي يتوسط الرئيس حسن روحاني ورئيس القضاء إبراهيم رئيسي ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني خلال مناسبة دينية (موقع خامنئي)
المرشد الإيراني علي خامنئي يتوسط الرئيس حسن روحاني ورئيس القضاء إبراهيم رئيسي ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني خلال مناسبة دينية (موقع خامنئي)

تتزايد احتمالات ألا يتمكن المفاوضون من إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران والقوى العالمية قبل انتخابات الرئاسة التي تجريها إيران الشهر المقبل، غير أن تمديد المحادثات قد يحقق مكاسب سياسية في الداخل لـ«المرشد» علي خامنئي، حسب وكالة «رويترز».
ويقول مسؤولون ومطلعون على بواطن الأمور إن خامنئي، صاحب القول الفصل في المسألة النووية الإيرانية، يود أن تضع المفاوضات بين طهران والقوى العالمية الست في فيينا نهاية لعزلة إيران الاقتصادية في توقيتٍ مواتٍ.
والسؤال المهم في إيران هو أي الفصائل السياسية في هيكل السلطة المركب في البلاد سينسب لنفسه الفضل في إلغاء العقوبات الأميركية التي أعاد فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، بعد انسحابه من الاتفاق النووي لعام 2015 قبل 3 أعوام.
وسيعني إطالة أمد المحادثات لإحياء الاتفاق النووي أن عملية إلغاء طبقات من العقوبات الأميركية ستبدأ بعد الانتخابات المقررة في 18 يونيو (حزيران)، والمتوقع أن يحل فيها مرشح محافظ محل الرئيس الحالي حسن روحاني.
وعلى الرغم من أنه لن يكون للانتخابات أثر يذكر على سياسات إيران الخارجية، أو سياساتها النووية، التي يتمتع فيها خامنئي بالكلمة الأخيرة، فإن انتهاء عزلة إيران الاقتصادية خلال وجود رئيس محافظ في السلطة قد يعزز سلطة خامنئي في الداخل، حسب «رويترز».
وقال مسؤول كبير بالحكومة الإيرانية: «في نهاية المطاف، يريد المرشد الإيراني رفع العقوبات الأميركية، غير أنه لا يمانع أن تطول المحادثات لفترة قصيرة»، مضيفاً: «إذا تم إنقاذ الاتفاق في آخر لحظة ممكنة، فسيستفيد الرئيس التالي من رفع العقوبات في تحسين الاقتصاد. وهذا أفضل وقت إيجابي بالنسبة له».
وفي خطوة عدها محللون تحركاً يقصد به تحقيق هذا التأخير، قالت إيران (الأحد) إن إطلاع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة على صور المواقع النووية سيتوقف لانتهاء أجل اتفاق مراقبة مدته 3 أشهر بين طهران الوكالة. وقررت إيران (الاثنين) تمديد اتفاق المراقبة شهراً لتتحاشى احتمال انهيار المحادثات النووية الجارية في فيينا.
وقال دبلوماسي في المنطقة، أطلعه مسؤولون غربيون مشاركون في المحادثات النووية على تطوراتها، إنه سيتم في فيينا هذا الأسبوع الإعلان عن «اتفاق يوضح التزامات طهران وواشنطن من أجل إحراز تقدم».
وبحسب «رويترز»، تبدو فكرة أن خامنئي يرغب في تأجيل إنهاء العقوبات متعارضة مع مساعيه لوقف ما يلحق باقتصاد إيران من أضرار على يدي الولايات المتحدة التي يعدها «العدو رقم واحد» لإيران.
غير أن المسؤولين والمحللين قالوا إن من الضروري في نظر خامنئي الموازنة بين أهمية إنقاذ الاقتصاد وضرورة الحفاظ على سلطته من أي أخطار قد تحيق بها.
وتخشى السلطات الإيرانية أن تتفجر من جديد الاضطرابات بين الطبقات متوسطة الدخل ومنخفضة الدخل بين الإيرانيين. وكانت هذه الاضطرابات في السنوات الأخيرة تذكرة بمدى تعرض المؤسسة الحاكمة للتأثر بالغضب الشعبي بسبب المصاعب الاقتصادية.
ويغلي الاستياء الشعبي بسبب تزايد التضييق في البلاد على الأصوات المعارضة، والقيود المفروضة على الحريات السياسية والحياة الاجتماعية. وقد دعا ناشطون إلى مقاطعة الانتخابات، واستخدم الإيرانيون وسم «لا للجمهورية الإسلامية» على نطاق واسع على «تويتر»، داخل البلاد وخارجها، في الأسابيع الأخيرة.
وتتحدى هذه الأصوات المعارضة سلطة خامنئي الهائلة، بحسب «رويترز». فهو يسيطر على السلطة القضائية وأجهزة الأمن والبث الإذاعي والتلفزيوني ومؤسسات تمتلك قطاعاً كبيراً من الاقتصاد.
وقال مسؤول كبير سابق قريب من مركز صنع القرار في إيران إن «المحافظين لهم أغلبية في برلمان إيران... فرئيس القضاء يعينه خامنئي. وإذا فاز متشدد كما هو متوقع في الانتخابات، فبوسعنا القول إن حلفاء محافظين للمرشد يسيطرون سيطرة كاملة على البلاد». وأضاف: «إذا رفعت العقوبات بعد الانتخابات، فسيُعد المحافظون المقربون من المرشد أبطالاً في البلاد».
وقال مسؤول أوروبي رفيع إن السرعة لها أهميتها في الانتخابات المقبلة في إيران، مؤكداً أن «ضرورة الاستعجال قائمة؛ نحن بحاجة لاتفاق قبل الانتخابات... وعلينا أن ننتهز الفرصة الآن، وألا ننتظر عدة أشهر؛ لست متأكداً من أن الأميركيين سيلوحون بهذا الغصن مرتين».
ومنذ تخلى ترمب عن الاتفاق، مؤكداً أنه مفرط في التساهل مع إيران، عملت طهران على زيادة مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب، ورفعت مستوى التخصيب إلى مستويات نقاء جديدة، وقامت بتركيب أجهزة متطورة للطرد المركزي لزيادة سرعة الإنتاج.
وسبق أن قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن واشنطن لن تعود للاتفاق إلا إذا استأنفت طهران أولاً الالتزام بالقيود الصارمة التي يفرضها على تخصيب اليورانيوم الذي يعد سبيلاً محتملاً لتصنيع قنابل نووية.
وإذا كانت هناك قضية تدور حولها الانتخابات الإيرانية، فهي ما إذا كان بوسع الرئيس القادم تنشيط الاقتصاد، والتخفيف من حدة الضغوط المالية الشديدة التي تواجه أغلبية الإيرانيين.
فقد دفع اقتران العقوبات الاقتصادية الأميركية بسوء الإدارة بأكثر من نصف سكان إيران، البالغ عددهم 83 مليون نسمة، إلى ما دون حد الفقر، الأمر الذي أسفر عن صراع يومي لمجاراة الأسعار المتصاعدة والبطالة المرتفعة.
وتشير استطلاعات الرأي الرسمية، ومنها استطلاع أجراه التلفزيون الإيراني في مايو (أيار) الحالي، إلى أن نسبة المشاركة في التصويت قد تكون منخفضة عند 30 في المائة؛ أي أقل بكثير منها في الانتخابات السابقة.
وقال مسؤول إيراني آخر، على صلة وثيقة بالمحافظين، إن خطر حدوث اضطرابات جديدة ستخف حدته إذا رفعت العقوبات قبل الانتخابات، لأن الإيرانيين سيكون لديهم أمل حينئذ في تحسن الأوضاع مستقبلاً. وأضاف: «بعد الانتخابات، سيكون تحسين الاقتصاد ضرورياً لتحسين مستويات معيشة شعبنا؛ أي اضطرابات بسبب المصاعب الاقتصادية يمكن أن تلحق ضرراً جسيماً بالجمهورية الإسلامية».



أميركا تطلب من تركيا الضغط على «حماس» للقبول بوقف النار في غزة

فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
TT

أميركا تطلب من تركيا الضغط على «حماس» للقبول بوقف النار في غزة

فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)

طالبت الولايات المتحدة تركيا باستخدام نفوذها لجعل حركة «حماس» الفلسطينية تقبل مقترحاً لوقف إطلاق النار في غزة. وأكد البلدان اتفاقهما بشأن ضرورة العمل على تحقيق وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال مؤتمر صحافي مشترك قصير مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، عقب ختام مباحثاتهما في أنقرة (الجمعة): «اتفقنا على تحقيق وقف إطلاق النار بغزة في أسرع وقت ممكن»، لافتاً إلى الجهود التي تبذلها تركيا والولايات المتحدة والشركاء الآخرون في المنطقة من أجل وقف إطلاق النار.

وأضاف فيدان أن «إسرائيل تواصل قتل المدنيين في غزة، وتعمل على استمرار دوامة العنف في المنطقة، وقد اتفقنا على أن تعمل تركيا وأميركا جنباً إلى جنب مع الشركاء الآخرين للحد من العنف».

وتابع أن العنف المستمر في غزة، أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين. وأعربت كل من تركيا وأميركا عن قلقهما إزاء الوضع.

جانب من مباحثات فيدان وبلينكن في أنقرة الجمعة (الخارجية التركية)

بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إنه رأى خلال الفترة الأخيرة «مؤشرات مشجّعة» على التقدّم نحو وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.

وأضاف: «ناقشنا الوضع في غزة، والفرصة التي أراها للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار. وما رأيناه خلال الأسبوعين الماضيين هو مزيد من المؤشرات المشجّعة».

وطالب بلينكن تركيا باستخدام نفوذها كي ترد حركة «حماس» بالإيجاب على مقترح لوقف إطلاق النار، مضيفاً: «تحدثنا عن ضرورة أن ترد (حماس) بالإيجاب على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار؛ للمساهمة في إنهاء هذا الوضع، ونُقدِّر جداً الدور الذي تستطيع تركيا أن تلعبه من خلال استخدام صوتها لدى (حماس) في محاولة لإنجاز ذلك».

وكان بلينكن وصل إلى أنقرة، مساء الخميس، والتقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في مطار إسنبوغا بالعاصمة التركية، قبل أن يجري مباحثات مع نظيره هاكان فيدان استغرقت أكثر من ساعة بمقر وزارة الخارجية التركية، حيث ركّزت مباحثاته بشكل أساسي على الوضع في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، والوضع في المنطقة وبشكل خاص التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.

جانب من لقاء إردوغان وبلينكن بمطار إسنبوغا في أنقرة مساء الخميس (الرئاسة التركية)

وجاءت زيارة بلينكن لتركيا بعدما زار الأردن، الخميس، لإجراء مباحثات تتعلق بسوريا والوضع في غزة أيضاً.

وتبدي أميركا قلقاً من أن تؤدي التطورات الجديدة إلى مخاطر على أمن إسرائيل، وأن تجد جماعات إرهابية فرصة في التغيير الحادث بسوريا من أجل تهديد إسرائيل، التي سارعت إلى التوغل في الأراضي السورية (في الجولان المحتل) في انتهاك لاتفاقية فض الاشتباك الموقّعة عام 1974، وهو ما أدانته تركيا، في الوقت الذي عدّت فيه أميركا أن من حق إسرائيل اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين نفسها ضد التهديدات المحتملة من سوريا.