اغتيال رجل أعمال في «المربع الأمني» لدمشق قبل الانتخابات الرئاسية

شخصيات في العاصمة السورية تتحدث عن ارتفاع معدلات الجريمة

TT

اغتيال رجل أعمال في «المربع الأمني» لدمشق قبل الانتخابات الرئاسية

رغم أن أخبار الجرائم في سوريا باتت من اليوميات في السنوات الماضية، فإن جريمة قتل رجل الأعمال وطبيب الأسنان حسام حسني كبور هزت دمشق، لا سيما أوساط الأعمال، قبل الانتخابات الرئاسة المقررة غداً.
وشكل مكان وزمان ارتكابها صدمة لسكان العاصمة السورية، حيث وقعت ضمن بـ«المربع الأمني» المسؤول عنه «الفرع الأربعين» التابع لجهاز أمن الدولة والمسؤول عن مكافحة الإرهاب، وقرب مقر الفرع في منطقة الطلياني. كما تبعد عشرات الأمتار عن قسم شرطة عرنوس أهم قسم شرطة في الوسط التجاري، وتم ارتكابها في وضح النهار في الوقت الذي تكتظ فيه شوارع العاصمة وساحاتها باحتفالات الحملة الانتخابية الرئاسية المترافقة مع انتشار كبير لعناصر الأمن والميليشيات الرديفة.
وحسام كبور، الحاصل على شهادة طب أسنان، تفرغ للعمل التجاري مع عائلته، في «مجموعة كبور الدولية»، إحدى أكبر الشركات العائلية في سوريا التي اشتهرت باستيراد مادة المتة من الأرجنتين منذ ستين عاماً. وأنشأت في الثمانينات معملاً لتحضير وتعبئة المتة في يبرود بريف دمشق. وتتمتع عائلة كبور بمكانة مرموقة بين رجال الأعمال السوريين الذي حرصوا على «علاقة نظيفة» مع النظام؛ ما عرضها لضغوط كثيرة خلال الحرب. ويشار إلى أن أديب كبور، رئيس مجلس «مجموعة كبور الدولية» هو نائب رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها.
وكان لافتاً التعاطي الرسمي مع الجريمة؛ إذ أوردت وزارة الداخلية النبأ على صفحتها في وسائل التواصل الاجتماعي، على أنه نبأ جريمة عادية، دون الإشارة إلى أهمية الشخص كرجل أعمال وشقيق نائب غرفة صناعة دمشق وريفها المستورد الرئيسي لمشروب «المتة» في سوريا التي تعتبر المادة الأكثر رواجاً، وسط مخاطر من انعكاس ارتكاب الجريمة على عالم الأعمال الذي يتطلع النظام إلى منحه دفعة إلى الأمام بغية إدخال قطاع أجنبي للبلاد التي تعاني من انهيار اقتصادي. وقالت الوزارة «ورد إخبار إلى قسم شرطة عرنوس حول وقوع جريمة قتل في محلة عرنوس لرجل في العقد السادس من العمر ضمن مكتبه، حيث وجد مطعوناً في جسده بطعنات عدة»، مع الإشارة إلى أن «التحقيقات مستمرة لكشف ملابسات الجريمة وإلقاء القبض على المجرمين».
وتضمن نعي غرفة صناعة دمشق إشارة إلى أن كبور «توفي بأيدٍ غادرة» يوم الجمعة 21 مايو (أيار)، وكذلك فعل صديق المغدور الفنان والممثل السوري مصطفى الخاني، الذي نعاه في منشور على صفحته في «فايسبوك»، بالقول «إنه تعرض لجريمة قتل بشعة في مدينة دمشق (طلياني) في وضح النهار»، متمنياً على الأجهزة المختصة، إلقاء القبض على المجرم.
وتحتل دمشق المرتبة الثانية بارتفاع معدل الجريمة في الدول الآسيوية بعد مدينة كابول في أفغانستان. في حين تحتل سوريا المرتبة الأولى عربياً بارتفاع معدلات الجريمة والتاسعة عالمياً، لعام 2021، بحسب مؤشرات علنية. إذ سجلت 68.09 نقطة من أصل 120 نقطة، في حين انخفض مؤشر الأمان إلى 31.91 في المائة.
رجل أعمال دمشقي، استبعد أن يكون سبب القتل السرقة؛ لأن شخصاً كحسام كبور لن يقع في «فخ لصوصي بهذه السهولة». وقال «على الأرجح هناك أسباب أخرى تتعلق بهوية الجناة، والسؤال البديهي من يجرؤ على ارتكاب هكذا جريمة في وضح النهار وفي القلب التجاري وفي معقل الأجهزة الأمنية». وأضاف «لم يعد لدينا شك في أن سوريا تحولت إلى بلد عصابات قتل وإجرام، فالقتل أصبح أسهل من شرب الماء. هذه مشاهد باتت اعتيادية جداً في ظل غياب سلطة القانون»، متسائلاً «بعد هذه الجريمة من يأمن على روحه وماله في دمشق».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».