المهجرون من القنيطرة للشمال السوري: دور إيراني في تفريغ المنطقة من الشباب

تعرضت قريتهم لحصار كامل شارك فيه «حزب الله»

عائلات المهجّرين من القنيطرة وصلوا السبت إلى مخيم بريف إدلب الشمالي (الدفاع المدني السوري)
عائلات المهجّرين من القنيطرة وصلوا السبت إلى مخيم بريف إدلب الشمالي (الدفاع المدني السوري)
TT

المهجرون من القنيطرة للشمال السوري: دور إيراني في تفريغ المنطقة من الشباب

عائلات المهجّرين من القنيطرة وصلوا السبت إلى مخيم بريف إدلب الشمالي (الدفاع المدني السوري)
عائلات المهجّرين من القنيطرة وصلوا السبت إلى مخيم بريف إدلب الشمالي (الدفاع المدني السوري)

بعد انتظار لساعات طويلة قرب معبر أبو الزندين شمال حلب الفاصل بين قوات النظام وقوات الجيش الوطني، ومنعهم من قبل الأخيرة من دخول المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني والجيش التركي، بحجة عدم التنسيق بين الجانبين التركي والروسي، وصلت صباح السبت قافلة المهجرين «قسراً»، من قرية «أم باطنة» التابعة لمحافظة القنيطرة جنوب سوريا، إلى منطقة دير حسان في ريف إدلب الشمالي.
أبو ياسر؛ أحد المهجّرين ضمن هذه المجموعة، من قرية أم باطنة، تحدث عن تجربة الخروج من جنوب سوريا إلى شمالها، بالقول: «بعد انتظار استمر لمدة يوم كامل وسط ظروف إنسانية صعبة وحر شديد على معبر أبو الزندين بريف حلب الشمالي (الفاصل بين مناطق سيطرة قوات النظام وقوات الجيش الوطني)، وتفاقم الوضع الإنساني لدى كثير من الأطفال والنساء، سمح لنا في النهاية من قبل مسؤولين في الجيش الوطني المدعوم من تركيا، بالصعود إلى حافلات أخرى، ونقلنا ضمن قافلة واحدة ضمت 32 عائلة مهجرة، إلى مناطق إدلب، برفقة حماية عسكرية تابعة للجيش الوطني. ومع ساعات الصباح الأولى من يوم السبت، وصلنا إلى منطقة دير حسان في ريف إدلب الشمالي عبر طريق (اعزاز – الغزاوية)، وتم استقبالنا من قبل الجهات المسؤولة في المنطقة ضمن مخيم خاص».
وشرح أبو ياسر أسباب تهجيره وزملائه في البلدة، بالقول إنه مع مطلع الشهر الحالي بدأت قرية أم باطنة في ريف القنيطرة جنوب سوريا، تشهد أحداثاً ميدانية وأمنية وعسكرية متسارعة، على خلفية هجوم نفذه مسلحون على «حاجز العمري» التابع للميليشيات الإيرانية و«حزب الله»، بالقرب من تل الكروم وقرية أم باطنة. جاء ذلك عقب اعتقال عناصر الحاجز مجموعة من المدنيين من أبناء القرية. ودارت اشتباكات استمرت لساعات، أعقبها قصف مدفعي استهدف القرية من قبل قوات النظام المتمركزة في تل الشعار، ما تسبب في جرح عدد من المدنيين بينهم نساء وأطفال، وإجبار عشرات الأسر على النزوح باتجاه القرى المجاورة (الخالدية والعجرف والمشيرفة).
يضيف أنه «مع تصاعد الأحداث في قرية أم باطنة، قامت قوات النظام مدعومة بميليشيات إيرانية وأخرى تابعة لـ(حزب الله) اللبناني، بمحاصرة القرية بشكل كامل، ومنع دخول أو خروج أي مدني منها، مهددة باجتياحها عسكرياً، ما دفع بعدد من وجهاء المنطقة واللجنة المركزية في حوران، للتفاوض معها، برعاية الجانب الروسي في فرع سعسع جنوب سوريا. وتوصلت الأطراف إلى اتفاق يقضي بتهجير 30 شخصاً؛ مع عائلاتهم، مطلوبين للنظام بتهمة الإرهاب، إلى مناطق الشمال السوري الخاضعة لقوى المعارضة، مقابل إطلاق النظام سراح معتقلين من أبناء قرية أم باطنة، أخذوا رهائن».
أبو فايز، وهو «مهجر» آخر من «أم باطنة» قال: «عقب التوصل إلى الاتفاق النهائي بين الأطراف المتفاوضة، وهو رئيس فرع الأمن العسكري في سعسع التابع للنظام، ووجهاء المنطقة، برعاية ضباط روس، بدأت عملية التهجير يوم الخميس باتجاه الشمال السوري. وبموجب الاتفاق هُجرت 32 أسرة». وأكد أبو فايز، على وجود «دور إيراني في التطورات التي شهدتها بلدة أم باطنة جنوب سوريا، والميليشيات الإيرانية تعمل جاهدة على إفراغ المنطقة من الشبان وتهجيرهم منها، لإحكام قبضتها على المنطقة القريبة من الجولان المحتل».
هذا؛ وتقع بلدة أم باطنة في المنطقة المحاذية للجولان المحتل، وتتبع محافظة القنيطرة في أقصى الجنوب السوري، التي استعاد النظام سيطرته عليها عام 2018.
وجاء اتفاق التهجير بعد مفاوضات بين وجهاء من البلدة و«اللجنة المركزية» في درعا ووفد من الأمن العسكري - فرع سعسع ووفد روسي، على خلفية التصعيد الذي شهدته البلدة مطلع الشهر الحالي، بعد هجوم شنه مسلحون على نقطة عسكرية تابعة للميليشيات الإيرانية في قرية الدوحة الواقعة بين تل الشعار وقرى جبا وأم باطنة وممتنة، قريباً من السياج الحدودي الفاصل بين سوريا والأراضي التي تحتلها إسرائيل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».