آلاف اليمنيين يتحدون الحوثيين ويحتشدون في صنعاء وتعز

«الاشتراكي» ينسحب من الحوار ويرفض التهديدات > حزب صالح: القرارات الدولية تطيل الصراع وتعوق الوصول لحل سياسي

آلاف المحتجين خرجوا في مسيرات مؤيدة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أمس في تعز (رويترز)
آلاف المحتجين خرجوا في مسيرات مؤيدة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أمس في تعز (رويترز)
TT

آلاف اليمنيين يتحدون الحوثيين ويحتشدون في صنعاء وتعز

آلاف المحتجين خرجوا في مسيرات مؤيدة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أمس في تعز (رويترز)
آلاف المحتجين خرجوا في مسيرات مؤيدة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أمس في تعز (رويترز)

شهدت المدن اليمنية، أمس، أكبر مظاهرات حاشدة رافضة للانقلاب الحوثي، في كل من صنعاء، وتعز، ومدن أخرى. واحتشد آلاف المتظاهرين المؤيدين للرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته، في شوارع المدن، منددين بما وصفوه بالإجراءات الانقلابية لجماعة الحوثي المسلحة ضد مؤسسات الدولة.
واعترض الحوثيون مسيرات صنعاء، ومنعوها من السير في شارع الزبيري، بعد قمعها بالرصاص الحي والاعتداء على العشرات من المشاركين فيها بالهراوات والعصي والغازات المسيلة للدموع. وقال أحد منظمي المظاهرة لـ«الشرق الأوسط» إن 20 شخصا تم اختطافهم، بينهم صحافيون، وجُرح آخرون، فيما حاصر مسلحون مجموعة من النساء شاركن في المظاهرة بالقرب من مقر وزارة الدفاع في باب اليمن. وأكد المصدر أن المظاهرة انطلقت من منطقة باب اليمن، باتجاه شارع الزبيري الذي يعد أطول شوارع صنعاء، لكن مسلحي الحوثي بزي رجال الأمن منعوا المسيرة من المرور باتجاه جسر الصداقة، وهو ما أجبرهم على تغيير اتجاههم إلى شارع تعز.
إلى ذلك، واصلت جماعة الحوثي إجراءاتها الخاصة بحظر السفر على القيادات السياسية والمسؤولين الحكوميين، حيث منعت أمس الأمين العام للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري عبد الله نعمان محمد من السفر إلى عدن، وأوقفته بمطار صنعاء. وقال نعمان إن مسلحي الحوثي الذين يسيطرون على مطار صنعاء منعوه من صعود الطائرة، وأخبروه بأن هناك تعليمات من جماعته بمنعه من المغادرة إلى عدن، وأن التعميم سارٍ على كل القيادات السياسية للأحزاب، وهو ما أجبر نعمان على التحايل على الحوثيين والسفر عن طريق البر بشكل سري، بحسب مصادر مقربة منه. في حين أكد عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح محمد قحطان أن الحوثيين وضعوه تحت الإقامة الجبرية بمنزله بالعاصمة صنعاء عقب إجباره على العودة إلى صنعاء بعد اختطافه لساعات في إب. وقال قحطان مخاطبا الحوثيين «إن اختطافي وحدي أهون جرما من اختطافكم المنزل بكل ساكنيه»، كما فرض الحوثيون إجراءات مماثلة بحق وزير الصناعة والتجارة المستقيل د.محمد السعدي الذي يشغل الأمين العام المساعد للإصلاح بعد تعرضه للخطف في مدينة ذمار قبل يومين.
في غضون ذلك، شهدت مدينة الحديدة غرب اليمن مسيرة حاشدة تحت شعار «شدوا العزم»، دعا إليها الحراك التهامي السلمي، وشارك فيها الآلاف من أبناء تهامة من الأرياف ومدينة الحديدة، يعلنون فيها رفضهم احتلال تهامة من قبل ميليشيا الحوثي المسلحة، وتأكيدا على التمسك بإقليم تهامة دون هيمنة أو وصاية، وهي المسيرة التي انطلقت من ساحة «تهامة» من أمام قلعة «الكورنيش» التاريخية على ساحل البحر الأحمر، والتي دعا إليها الحراك التهامي السلمي وشارك فيها شباب الثورة وجميع التكتلات الشبابية في المحافظة، منددين في الوقت ذاته بانقلاب جماعة الحوثي المسلحة وسيطرتها على كل مؤسسات الدولة.
وأكد قائد الحراك التهامي السلمي، عبد الرحمن شوعي حجري، في تصريح لصحيفة «الشرق الأوسط»، أن «محافظة الحديدة تعيش من دون محافظ شرعي لها، والعميد حسن أحمد الهيج لا يمثل أبناء تهامة، وهو فاقد للشرعية لأنه يتلقى الأوامر من المحتل الحوثي لتهامة، وبشكل خاص يتلقى أوامره من نايف أبو خرفشة، الحاكم العسكري للحوثيين في الحديدة، وهو يخدم ميليشيا الحوثي المسلحة التي تحمل تلوثا فكريا ولا تحمل مشروع دولة مدنية، وأن التلوث الفكري يتمدد في كل الاتجاهات في وقت يلجأ فيه الحوثيون إلى لغة السلاح وحيلة الثورة ليعلنوا انقلابهم الصريح على شرعية الرئيس هادي، وهو ما ترفضه تهامة لأن تهامة مسالمة ولا تعترف بالانقلاب ولغة السلاح، وقد عاشت من الظلم والتهميش ما يكفيها لتنتقل بإقليم تهامة إلى المستقبل».
ومن جهة أخرى، تستمر جماعة الحوثي المسلحة في عمليات الملاحقة والاعتقالات لناشطي الحراك وشباب الثورة ورجال الدين في محافظة الحديدة، بالإضافة إلى إثبات أنها هي التي تفرض هيبتها كدولة منفذة في ظل سكوت المحافظة والمجلس المحلي عن هذه الممارسات والتدخل في كل مرافق الدولة والشرطة والأرمن، وآخرها منع مدير أمن مديرية بيت الفقيه، بمحافظة الحديدة، المقدم إسماعيل قادروه من دخول مكتبه ومزاولة مهامه تحت مبرر حل قضية أحد المواطنين الموالين لهم، وهي القضية التي قال عنها مدير المديرية إنها قد تم حلها في وقت سابق.
وأعلن الحزب الاشتراكي، أمس، الانسحاب من الحوار الذي كان لا يزال جاريا بين القوى السياسية والحوثيين بإشراف المبعوث الأممي جمال بنعمر، احتجاجا، على اختطاف الحوثيين لعضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح محمد قحطان، ومنع أمين عام التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري عبد الله نعمان من السفر إلى عدن. وأوضح رئيس اللجنة المركزية للاشتراكي يحيى منصور أبو إصبع، في بيان صحافي، أن قيادة الحزب قررت الانسحاب في جلسة حوار مساء أمس بحضور جمال بنعمر. وقال «تصرفات (أنصار الله) تعبر عن الضيق بالرأي الأخر، واتجاه خطير للتضييق على الحريات العامة وعلى حق الناس في التعبير عن الرأي وفي اتخاذ المواقف السياسية، وهو ما لن نقبله في الحزب الاشتراكي»، مشيرا إلى أن «جماعة الحوثي باتت تنتهج اتجاها خطيرا وغير مقبول، مما يعني أن الجماعة أصبح لديها خط مرسوم، ينزع للتفرد وفرض الرأي الواحد وإقصاء الرأي الآخر»، مؤكدا في السياق ذاته أن «حل مشاكل البلاد لن يتم إلا بالحوار، ولكن في ظل حرية كاملة»، مشددا على رفضه «الضغوطات والتهديدات باستخدام القوة».
وفي سياق آخر، اعتبر حزب الرئيس السابق (المؤتمر الشعبي العام) قرار مجلس الأمن الأخير بشأن التمديد للجنة العقوبات تحت الفصل السابع بأنه يزيد الأمور تعقيدا أمام الحل السياسي. وذكر بيان للحزب الذي يرأسه صالح أن ذلك «سيؤدي لإطالة أمد الصراع والأزمة التي تعيشها البلاد»، معربا عن أمله «في تبنى مجلس الأمن قرارات تسهم في إنهاء الأزمة في اليمن بأسرع وقت ممكن، بدلا من قرارات من شأنها أن تعقد الوضع السياسي»، مشيرا إلى أن «ما يجري في البلاد هو صراع بين ذات القوى والكيانات التي خرجت إلى الشارع في عام 2011».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.