الآشوريون ينزحون.. والأكراد يستعيدون السيطرة على القرى المحيطة بـ«تل تمر»

نقل النساء والأطفال المختطفين إلى الرقة.. ومقتل مقاتل من أصول أسترالية

صورة نشرت على حساب البركة التابع لتنظيم داعش حيث تبدو عناصر من التنظيم في فترة استراحة من القتال مع قوات الحماية الشعبية الكردية في تل تمر بمحافظة الحسكة (أ.ب)
صورة نشرت على حساب البركة التابع لتنظيم داعش حيث تبدو عناصر من التنظيم في فترة استراحة من القتال مع قوات الحماية الشعبية الكردية في تل تمر بمحافظة الحسكة (أ.ب)
TT

الآشوريون ينزحون.. والأكراد يستعيدون السيطرة على القرى المحيطة بـ«تل تمر»

صورة نشرت على حساب البركة التابع لتنظيم داعش حيث تبدو عناصر من التنظيم في فترة استراحة من القتال مع قوات الحماية الشعبية الكردية في تل تمر بمحافظة الحسكة (أ.ب)
صورة نشرت على حساب البركة التابع لتنظيم داعش حيث تبدو عناصر من التنظيم في فترة استراحة من القتال مع قوات الحماية الشعبية الكردية في تل تمر بمحافظة الحسكة (أ.ب)

نزح نحو 5 آلاف مسيحي آشوري من مناطقهم في شمال شرقي سوريا بعدما اختطف تنظيم داعش العشرات من أبناء هذه العائلات إثر هجوم استهدف قراهم في عملية غير مسبوقة، بينما تمكنت وحدات حماية الشعب الكردي، أمس، من السيطرة على قرى تل شاميرام، وتل هرمز، وتل نصري في محيط تل تمر التي يقطنها مواطنون آشوريون، في ظل استمرار الاشتباكات بين الوحدات الكردية وتنظيم داعش في محيط بلدة تل تمر.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن «مقاتلا من الجنسية الأسترالية قتل خلال مشاركته في القتال إلى جانب وحدات حماية الشعب الكردي في تل حميس، في الريف الجنوبي الشرقي لمدينة القامشلي». وأوضح عبد الرحمن أن هذا المقاتل هو من أصول أسترالية وليس كردي الأصل، مشيرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه ومنذ بدء معركة كوباني والحديث عن مقاومة الأكراد للتنظيم المتطرف، جاء العشرات من المقاتلين الأجانب من أوروبا، ولا سيما كندا وأستراليا للقتال إلى جانبهم.
وأكد الناشط أبو محمد في تجمع «الرقة تذبح بصمت»، أنّ التنظيم قام، صباح أمس، بنقل 7 نساء مع أطفالهم إلى مدينة الرقة بحافلة صغيرة ومواكبة من سيارتين عسكريتين. ورجّح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنّ يكون هؤلاء ممن لهم ارتباط بقيادات من الآشوريين أو الأكراد أو لهم مكانة معينة وقد يتم استغلالهم لاحقا من خلال التهديد بقتلهم أو مبادلتهم مع أسرى من التنظيم، بينما قال عبد الرحمن، إن «(داعش) عمد إلى نقل الأسرى إلى منطقة جبل عبد العزيز جنوب تل أحمر». ولفت أبو محمد إلى معلومات أشارت إلى إمكانية نقل قسم من الأسرى الآشوريين إلى الموصل في العراق والبقية إلى دير الزور والرقة، حيث سيطرة التنظيم.
وبينما قال أبو محمد إن «بعض المعلومات أشارت إلى ارتفاع عدد المختطفين لدى (داعش) من الآشوريين إلى 150»، لافتا إلى أن كل الرجال في صفوف هؤلاء، يعتبرهم التنظيم محكومين بالإعدام. قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إنه فقد الاتصال بـ25 شخصا من الآشوريين كانوا قد نزحوا خلال بدء التنظيم هجومه على محيط بلدة تل تمر، مشيرا إلى أنه لم يتم التأكد عما إذا كانوا مختطفين أم متوارين عن الأنظار في قرى قريبة من المنطقة.
ويحتجز تنظيم داعش، منذ الاثنين، 90 مسيحيا من الطائفة الآشورية إثر هجوم شنه على قريتين مسيحيتين في محافظة الحسكة في شمال شرقي سوريا الحدودية مع تركيا شمالا والعراق شرقا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتمكن التنظيم من اختطاف هؤلاء إثر معارك عنيفة خاضها مع مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية مع هجومه على قريتي تل شاميرام وتل هرمز الواقعتين في محيط بلدة تل تمر. وهي المرة الأولى التي يحتجز فيها التنظيم المتطرف هذا العدد الكبير من المسيحيين في سوريا.
وقال أسامة إدوارد، مدير «شبكة حقوق الإنسان الآشورية» ومركزها السويد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «نحو 800 عائلة غادرت الحسكة منذ الاثنين، بينما غادرت أيضا نحو 150 عائلة القامشلي، في عملية نزوح تشمل نحو 5 آلاف شخص».
ويبلغ عدد الآشوريين الإجمالي في سوريا نحو 30 ألفا من بين 1.2 مليون مسيحي، ويتحدرون بمعظمهم من القرى المحيطة بنهر خابور في الحسكة. وذكر إدوارد أن مسلحي تنظيم داعش اقتحموا المنازل عند نحو الساعة الرابعة من فجر الاثنين، ثم تقدموا نحو العشرات من القرى المجاورة لهاتين القريتين الآشوريتين. وأضاف: «زوجتي تتحدر من تل شاميرام وعندما اتصلت لكي تتحدث مع زوجة عمها، أجابها شخص قائلا: (هنا منزل الدولة الإسلامية)».
ودعا إدوارد المجتمع الدولي إلى التدخل لحماية وإغاثة المدنيين، مرجحا أن يكون تنظيم داعش قد قام بنقل المختطفين إلى منطقة شدادي الواقعة إلى الجنوب من مدينة الحسكة التي تعتبر معقلا لهذا التنظيم المتطرف. وقال إن «سكان القريتين تعرضوا في السابق للتهديد من قبل التنظيم الذي طالبهم بإزالة الصلبان عن الكنائس، لكن الناس الذين كانوا يترقبون هجوما، اعتقدوا أن وجود الجيش السوري على بعد نحو 30 كلم منهم، ووجود المقاتلين الأكراد، وضربات التحالف الجوية، تحميهم».
ووفقا لإدوارد، فإن المقاتلين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في سوريا والعراق يسعون إلى فرض سيطرتهم على بلدة تل تمر القريبة من جسر بني فوق نهر خابور يسمح لهم بالتوجه نحو الحدود العراقية انطلاقا من محافظة حلب.
ونددت الولايات المتحدة بعملية الاختطاف وطالبت بالإفراج عنهم فورا. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، جين بساكي، إن استهداف تنظيم داعش «لأقلية دينية يشكل دليلا إضافيا على معاملته الوحشية وغير الإنسانية لكل الذين يخالفون أهدافه الانقسامية ومعتقداته السامة». وأضافت في بيان أن تنظيم داعش «يواصل ممارسة شروره على أبرياء من كل المعتقدات وغالبية ضحاياه كانوا من المسلمين».
وسبق للتنظيم المتطرف أن أقدم على إعدام 21 قبطيا معظمهم من المصريين، بينما فر مئات آلاف المسيحيين من منازلهم في العراق إثر سيطرة التنظيم على مناطق سكنهم. وفي باريس، دعا مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، ألكسندر جيورجيني «إلى الإفراج الفوري عن الأشخاص المخطوفين»، معبرا عن «تضامننا التام مع الطوائف المسيحية التي يجب أن تعيش بسلام في سوريا تحترم حقوق الجميع».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».