قيادات النظام السوري.. بين التصفية والانشقاق والعزل

اتهم طلاس في «وول ستريت جورنال» النظام السوري وإيران بتفجير خلية الأزمة

رياض حجاب رئيس الوزراء السوري الأسبق الذي انشق عن النظام («الشرق الأوسط»)
رياض حجاب رئيس الوزراء السوري الأسبق الذي انشق عن النظام («الشرق الأوسط»)
TT

قيادات النظام السوري.. بين التصفية والانشقاق والعزل

رياض حجاب رئيس الوزراء السوري الأسبق الذي انشق عن النظام («الشرق الأوسط»)
رياض حجاب رئيس الوزراء السوري الأسبق الذي انشق عن النظام («الشرق الأوسط»)

قيادات عدّة في النظام السوري استبعدت أو لقيت مصرعها في السنوات الأخيرة، بعضها لأسباب معروفة وبعضها في ظروف غامضة، لم يكن النظام بعيدا عن مرمى الاتهامات بارتباطه بها.
فبعد نحو سنة ونصف من بدء الأزمة السورية وتحديدا في يوليو (تموز) 2012 تم تفجير مبنى الأمن القومي السوري في وسط دمشق ما أدى إلى مقتل وزير الدفاع داود راجحة ونائبه آصف شوكت (صهر الأسد) ورئيس مكتب الأمن القومي هشام بختيار ورئيس خلية إدارة الأزمة حسن تركماني وإصابة وزير الداخلية محمد الشعار، وتبنى حينها كل من الجيش السوري الحر و«لواء الإسلام» عملية التفجير.
وفي يوليو 2012، أعلن عن انشقاق العميد مناف طلاس، ابن العماد أول مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري الأسبق والصديق الشخصي للرئيس الراحل حافظ الأسد. وبعد أشهر من انشقاقه اتهم طلاس النظام السوري وإيران بعلاقتهما المباشرة بتفجير خلية الأزمة. وكشف طلاس في حوار مع صحيفة «وول ستريت جورنال» أنه «انشق قبل أسبوعين من مقتل آصف شوكت (زوج شقيقة بشار الأسد) جراء التفجير، بعد أن اكتشف حراسه ست عبوات ناسفة زرعت خارج مكتبه في دمشق»، متهمًا بشار بمحاولة قتله أيضًا. وأضاف طلاس أنه وشوكت: «كنا من بين الذين يدعون لإجراء محادثات مع كل من معارضي النظام السلميين والمسلحين، وهو موقف يتناقض مع موقف الأسد وقادة الأمن، الذين سعوا لسحق الثورة».
وفي نهاية العام 2012، غاب المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي بصورة مفاجئة، وقال حينها النظام السوري إنه في إجازة لمدة ثلاثة شهور، قبل أنّ يعود المقدسي ويعلن في بداية العام 2013 أنّه استقال من منصبه، مؤكدا في بيان له «أنّه غادر دمشق بمحض إرادته واعتزل المشهد المتأزم في سوريا، بعد أن سيطرت عليه لغة الدم».
وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2013. أعلن عن مقتل مدير فرع الاستخبارات العسكرية في سوريا جامع جامع. وتضاربت المعلومات حول كيفية مقتل أحد قادة النظام المتحدر من قرية زاما في محافظة اللاذقية، بين اغتياله عبر شحنة ناسفة استهدفت موكبه في حي الجورة - دير الزور وإصابته برصاصة في الرأس، فيما ذكر التلفزيون السوري «أنه استشهد خلال قيامه بمهمته في دير الزور في ملاحقة الإرهابيين»، علما بأن شائعات كانت قد سرت قبل أشهر حول مقتله في اشتباكات دارت مع عناصر منشقين في دير الزور.
وفي الشهر نفسه، أقيل نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية، قدري جميل، من منصبه بعد أيام على شائعات حول «انشقاقه» وتواجده في موسكو من دون «إذن» الحكومة السورية. وفي مرسوم رئاسي أعفى الأسد جميل من مهامه نتيجة ما قال: «غيابه عن مقر عمله ودون إذن مسبق، وعدم متابعته لواجباته المكلف بها كنائب اقتصادي في ظل الظروف التي تعاني منها البلاد، إضافة إلى قيامه بنشاطات ولقاءات خارج الوطن دون التنسيق مع الحكومة وتجاوزه العمل المؤسساتي والهيكلية العامة للدولة».
كذلك، وقبل بدء الأزمة في سوريا بسبع سنوات وتحديدا في شهر أكتوبر من العام 2005 أي بعد أشهر قليلة على اغتيال رئيس الحكومة اللبناني الأسبق رفيق الحريري، أعلن عن خبر «انتحار» أحد أبرز رموز النظام ورئيس شعبة المخابرات السورية في لبنان، ووزير الداخلية في سوريا غازي كنعان.
وكان كنعان من بين عدة مسؤولي أمن سوريين استجوبوا في إطار التحقيق الدولي في مقتل الحريري، كما جمدت وزارة الخزانة الأميركية في مطلع عام 2005 أصول غازي كنعان والعميد رستم غزالة خليفته في لبنان.
وقبيل وفاته، صرح الرئيس بشار الأسد بأن أي مسؤول سوري يثبت تورطه باغتيال رفيق الحريري سيحاكم بتهمة الخيانة. وآخر مقابلة مع كنعان كانت في اتصال هاتفي مع إذاعة «صوت لبنان» فيها أعرب عن حزنه من المسؤولين اللبنانيين وخيبة أمله منهم وختم المقابلة بقوله هذا آخر تصريح ممكن أن أعطيه وطلب من مقدمة البرنامج أن تعطي تصريحه لثلاث محطات تلفزيونية لبنانية.
وكان رئيس وزراء سوريا الأسبق الزعبي «أقدم في مايو (أيار) 2000 على الانتحار وذلك بعد أسبوعين من اتهامه بالفساد وطرده من عضوية حزب البعث الحاكم ووضعه رهن الإقامة الجبرية انتظارا لنتائج المحاكمة. وتردد في دمشق، في حينها، بأن الزعبي أطلق الرصاص على رأسه أثناء وجوده في منزله بضاحية دمر في العاصمة السورية. ونقل إلى مستشفى المواساة الذي يبعد مسافة ربع ساعة عن منزله لكنه توفي متأثرا بجراحه وفشل الأطباء في إسعافه».
وفي أغسطس (آب) 2012 انشق رئيس الوزراء السوري رياض حجاب في بيان ألقاه أمام الصحافيين في العاصمة الأردنية عمان قال فيه إنه «خرج من سوريا بإرادته، وإنه لم يُقل من منصبه، كما أعلن النظام آنذاك».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».