حمدوك لا يستبعد تأجيلاً إضافياً للانتخابات العامة

رئيس الوزراء السوداني: لا نريد هبات بل استثمارات

عبد الله حمدوك خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم عقب عودته من باريس الخميس (أ.ف.ب)
عبد الله حمدوك خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم عقب عودته من باريس الخميس (أ.ف.ب)
TT

حمدوك لا يستبعد تأجيلاً إضافياً للانتخابات العامة

عبد الله حمدوك خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم عقب عودته من باريس الخميس (أ.ف.ب)
عبد الله حمدوك خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم عقب عودته من باريس الخميس (أ.ف.ب)

وفر المؤتمر الدولي الذي عقد في باريس لدعم اقتصاد السودان بفعالياته المختلفة الفرصة للمسؤولين السودانيين وخصوصاً لرئيس الحكومة عبد الله حمدوك للتوجه للرأي العام الغربي بشكل عام والفرنسي بشكل خاص من خلال التغطية الإعلامية الواسعة للمؤتمر أو من خلال مجموعة من المقابلات الصحافية التي كان الغرض منها إبراز أن عهداً جديداً بدأ مع المرحلة الانتقالية.
وعبر حمدوك عن ذلك بتأكيده أن بلاده شهدت تحولات كثيرة؛ إذ انتقلت من الديكتاتورية إلى الديمقراطية ومن الحرب إلى السلام ومن الانعزال إلى الانخراط مجدداً في الأسرة الدولية. ومرة بعد أخرى، شدد حمدوك أنه لا يسعى لهبات أو مساعدات لكن يدعو إلى الاستثمار في القطاعات السودانية الواعدة، والذي من شأنه أن يوجد فرص عمل للشباب... ودعا إلى التعاون مع البلدان المحيطة بالسودان وعددها سبعة ومن بينها أربعة قارية تماماً هي تشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا.
ومن أبرز المقابلات تلك التي نشرتها صحيفة «لو موند» المستقلة حيث اعتبر حمدوك أن نتائج المؤتمر «فاقت توقعاته» منوهاً بقرار فرنسا شطب ديون السودان المستحقة عليه وقيمتها خمسة مليارات دولار آملاً أن يشكل ذلك «إشارة إيجابية» لدول دائنة أخرى. وذكر حمدوك أن المملكة العربية السعودية التي مثلها وزير خارجيتها، أعربت عن استعدادها للنظر في مسح ديون السودان الثنائية، وكذلك النرويج والسويد. وبنظر رئيس الحكومة السودانية، فإن أمراً كهذا الذي يشمل شطب ديون وتسديد متأخرات السودان للمؤسسات المالية الدولية من شأنه أن يمكن الخرطوم من الحصول على قروض جديدة في الأشهر القادمة وتوفير بيئة مناسبة لاجتذاب الاستثمارات وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
ودافع حمدوك عن الإجراءات الاقتصادية «الصعبة» التي اتخذتها الحكومة نزولاً عند توصيات صندوق النقد الدولي معتبراً أن «إنهاض الاقتصاد يعد أكبر تحدٍّ تواجهه البلاد» الأمر الذي يمر باستكمال الإصلاحات ما سيفضي إلى تثبيت قيمة العملة الوطنية ولجم التضخم. وفي أي حال، يرى حمدوك أن السودانيين يعون أن الوضع الحالي هو «نتيجة ثلاثين عاماً من الإدارة السيئة ومن الصعب تغيير الأمور بين ليلة وضحاها».
ثمة مسألة حساسة تواجهها الحكومة وعنوانها هيمنة الجيش على قطاعات اقتصادية أساسية مثل الطاقة والبنى التحتية وغيرها. والسؤال يتناول معرفة ما إذا كان هذا الوضع مرشحاً للاستمرار في إطار شراكة المدنيين والعسكريين في إدارة شؤون السودان؟ ورد حمدوك أن هذه الشراكة هي «عماد التجربة السودانية» التي حافظت على استقرار ووحدة البلاد، مشيراً إلى أن العسكريين «يعرفون كيف يقدمون التنازلات» وأن هناك تفاهماً يقوم على تخلي الجيش عن المؤسسات التي لا علاقة لها بالشؤون الدفاعية بحيث تعود إلى الإدارة المدنية. والهدف هو إنشاء شركات عامة تدار بشفافية وتدفع الضرائب بعكس ما كان عليه الوضع في العهد السابق.
وتناول حمدوك إشكالية الانتخابات التشريعية التي تم تأجيلها لعام بعد التوقيع على اتفاقية جوبا بين الحكومة وعدد من التنظيمات المسلحة. ويفهم من تصريحات رئيس الحكومة أن تأجيلاً إضافياً لتمديد زمن الفترة الانتقالية أمر ممكن «إذا كان ذلك لتوفير فرصة حقيقية من أجل إرساء السلام في السودان». وأضاف حمدوك «إذا توافرت الشروط من أجل توقيع اتفاق مع التنظيمين المتمردين الأخيرين، فإننا سنقوم بكل ما يلزم لتحقيق هذا الهدف». وتجدر الإشارة إلى أن المؤتمرين شددوا، في كلماتهم، على ضرورة إجراء الانتخابات العامة من أجل اختتام المرحلة الانتقالية وتوفير شرعية جديدة تنبثق عنها، كما جاء التأكيد كذلك في خلاصات المؤتمر التي وزعها الطرف الفرنسي باسم الرئاسة.
تبقى مسألة لا تقل حساسية وتتناول تحقيق شعار الثورة المثلث «حرية، سلام، وعدالة». والحال أن موضوع العدالة يبدو الأقل تقدماً حيث محاكمة الرئيس السابق عمر حسن البشير تؤجل تكراراً ولجنة التحقيق التي أنشئت للنظر في مقتل ما لا يقل عن 200 متظاهر في 3 يونيو (حزيران) 2019 تراوح مكانها، الأمر الذي يطرح غلالة من الشك حول إمكانية تقدم العدالة والمحاكمات المرتبطة بها.
إزاء هذه الشكوك، سعى حمدوك للدفاع عما قامت به حكومته، فهو اعتبر من جهة أنه «لا يمكن القول إن شيئاً لم يتحقق» في إطار السعي لنظام قضائي مستقل، إذ تم إصلاح القانون الجنائي، وتم إلغاء قانون الردة والقانون حول النظام العام الذي كان ينتهك حقوق كرامة وحقوق المرأة السودانية. أما بشأن عمل لجنة التحقيق الخاصة بمجزرة (يونيو 2019)، فإن «الحكومة تمتنع عن التدخل». لكنه أشار إلى حصول ما لا يقل عن 3000 مقابلة قامت بها اللجنة إضافة إلى النظر بالعديد من الوثائق ومشاهدة الكثير من أفلام الفيديو «التي صورت الانتهاكات». وخلاصته أن اللجنة المعنية سوف تتوصل إلى الخلاصات ولكن ذلك يستدعي الكثير من الوقت.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.