القاهرة تعوّل على دور أفريقي ودولي في مفاوضات «سد النهضة»

تدريب عسكري مصري ـ سوداني موسّع لمواجهة «التهديدات المتوقعة»

جانب من المشاركين من الجيشين السوداني والمصري (سونا)
جانب من المشاركين من الجيشين السوداني والمصري (سونا)
TT

القاهرة تعوّل على دور أفريقي ودولي في مفاوضات «سد النهضة»

جانب من المشاركين من الجيشين السوداني والمصري (سونا)
جانب من المشاركين من الجيشين السوداني والمصري (سونا)

أظهرت مصر مجدداً تعويلاً على «دور أفريقي مغاير، وآخر دولي أوسع» في مسار مفاوضاتها والسودان من جهة مع إثيوبيا، ومن جهة أخرى بشأن السد الذي تبنيه الأخيرة، وتقول القاهرة والخرطوم إنه «يؤثر على أمنهما المائي».
وقال وزير الخارجية المصرية، في تصريحات تلفزيونية، مساء أول من أمس: «لا زلنا نعمل على تفعيل المسار الأفريقي وبشكل مغاير لما كان عليه في الماضي، وأن يكون هناك دور أوسع كشركاء دوليين كالولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة». وأوضح شكري، أن الرغبة في إشراك أطراف دولية تستهدف «الاستفادة من خبراتهم»، وكذلك «ليصبحوا أيضاً شهوداً على المواقف، و(معرفة) من الطرف المتعنت ومن أبدى المرونة».
وتتفاوض مصر والسودان مع إثيوبيا، منذ نحو 10 سنوات، دون نتيجة، بهدف عقد اتفاق قانوني ينظم عمليتي الملء والتشغيل للسد، الذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل، لتوليد الطاقة الكهربائية. وأكد وزير الخارجية المصري أن بلاده «تتطلع دائماً للوصول إلى اتفاق ولا تراه صعب المنال»، ومستطرداً: «إذا وضعنا أياً من التجارب من نظم أنهار أخرى من السهل أن تحكم هذا الاتفاق وتكون الأساس له، إذا ابتعد الجانب الإثيوبي عن فكرة فرض الأمر الواقع والإرادة على دولتي المصب».
ورأى شكري أن تصريحات المسؤولين الإثيوبيين «ما زالت تنم عن تعنت، ومحاولة لفرض الأمر الواقع والإرادة على الآخرين ولا تتسم بالدقة. وإذا كان هناك تدويل فهذا تم بموافقة إثيوبيا من خلال إشراك الاتحاد الأفريقي فهذا تدويل أيضاً». وذكّر بأن «إثيوبيا شاركت بإرادتها الحرة في إطار المفاوضات، التي تمت العام الماضي في واشنطن»، وزاد: «يبدو أن الجانب الإثيوبي يتذرع بأمور عندما يجد أو يعتقد أن ذلك في صالح قضيته؛ بينما ليس هناك أي طرف إلا ويعترف بأنها قضية لا بد من تناولها في إطار القانون الدولي لأنها علاقة تربط بين دول وليست مسألة داخلية لإثيوبيا، بل علاقة تربط ثلاث دول لها مصالح وتسعى لتحقيقها دون الإضرار بالآخرين».
كما تطرق شكري مجدداً لتقييم مصر لمسألة «الملء الثاني» للسد والمتوقعة في يوليو (تموز) المقبل، التي كان قد رأى في تصريحات سابقة له قبل أيام، أثارت تفاعلاً محلياً وإقليمياً كبيرين، أن بلاده «مستعدة» لها وأنها «لن تتأثر بسبب استعداداتها»، وفنّد الوزير المصري، أول من أمس، موقف القاهرة بالقول: «الملء الثاني لو تم بشكل منفرد، ودون اتفاق شامل حول الملء والتشغيل، فإن إثيوبيا تكون قد خالفت تعهداتها وفقاً لاتفاق المبادئ (وقعته مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015)».
واستكمل شكري: «مصر لن تتهاون في الحفاظ والدفاع عن مصالحها المائية وحصتها المائية، والملء دون اتفاق سيسفر عن تداعيات وتوتر وتشاحن يزعزع استقرار شرق أفريقيا والقرن الأفريقي». وفي تصريحات سابقة أفاد شكري بأن «الخط الأحمر» في قضية السد «ليس الملء الثاني وإنما وقوع الضرر والتأثر بنقص المياه»، وشرح في تعليقه الأحدث أن «تحديد الضرر يتم من خلال الأجهزة الفنية ووزارة الري في رصد كل تصرف وكل عمل، ونحن نرصد يومياً وفي كل ساعة التطور الخاص ببناء السد واحتمالات كميات المياه التي تسقط على الهضبة الإثيوبية هذا العام، ولا يمكن أن نكتفي بذلك، بل هناك سيناريوهات عديدة للاحتمالات».
وسبق لوزارة الري المصرية، في أبريل (نيسان) الماضي، أن أشارت إلى ما سمته بـ«الادعاء الإثيوبي بأن المخارج المنخفضة (وعددها فتحتان) قادرتان على إمرار متوسط تصرفات النيل الأزرق، وأنه ادعاء غير صحيح؛ حيث إن القدرة الحالية للتصرف لا تتعدى 50 مليون متر مكعب يومياً لكلتا الفتحتين، وهي كمية لا تفي باحتياجات دولتي المصب، ولا تكافئ متوسط تصرفات النيل الأزرق»، وفق البيان.
واعتبرت «الري المصرية» حينها، أن «تنفيذ عملية الملء الثاني هذا العام واحتجاز كميات كبيرة من المياه طبقاً لما أعلنه الجانب الإثيوبي، سيؤثران بدرجة كبيرة على نظام النهر، لأن المتحكم الوحيد أثناء عملية الملء في كميات المياه المنصرفة من السد ستكون هذه المخارج المنخفضة، وسيكون الوضع أكثر تعقيداً بدءاً من موسم الفيضان (شهر يوليو المقبل)».
في غضون ذلك، تتجه أنظار المراقبين إلى السودان، حيث من المقرر أن تبدأ، الأربعاء المقبل، فعاليات «المشروع التدريبي السوداني - المصري المشترك (حماة النيل)»، الذي سيجرى حتى 31 مايو (أيار) الجاري، وبمشاركة عناصر من التخصصات والقوات كافة بالجيشين.
وأفادت وكالة الأنباء السودانية (سونا)، أول من أمس، بوصول قوات مصرية إلى قاعدة الخرطوم الجوية إلى جانب أرتال من القوات البرية والمركبات وصلت بحراً.
وتأتي مناورة «حماة النيل» امتداداً للتعاون التدريبي المشترك بين البلدين، وقد سبقتها «نسور النيل 1 و2» وتهدف جميعها إلى «تبادل الخبرات العسكرية وتعزيز التعاون وتوحيد أساليب العمل للتصدي للتهديدات المتوقعة للبلدين»، بحسب الوكالة السودانية.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.