سكان غزة يحاولون العودة إلى حياتهم... ويتفقدون حجم الدمار

شابة في غزة تأكل «أيس كريم» فيما تتطلع لأحد المباني المهدمة جراء الضربات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
شابة في غزة تأكل «أيس كريم» فيما تتطلع لأحد المباني المهدمة جراء الضربات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

سكان غزة يحاولون العودة إلى حياتهم... ويتفقدون حجم الدمار

شابة في غزة تأكل «أيس كريم» فيما تتطلع لأحد المباني المهدمة جراء الضربات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
شابة في غزة تأكل «أيس كريم» فيما تتطلع لأحد المباني المهدمة جراء الضربات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

يحاول سكان قطاع غزة، اليوم (السبت)، العودة ببطء إلى حياتهم الطبيعية رغم هول الدمار والركام، بعد تصعيد مع إسرائيل استمر لأحد عشر يوماً وأدى إلى نقص حاد في الإمدادات الأساسية في القطاع المحاصر، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وأعادت المقاهي فتح أبوابها، وعاد الصيادون إلى البحر، بينما بدأ أصحاب المحلات التجارية بتنظيف محلاتهم من الركام والغبار المتراكم جراء القصف.
وبدأت السلطات، السبت، بتوزيع الخيم والفرش والمساعدات الغذائية على السكان الذين فقدوا منازلهم بسبب القصف.

وستعود كل المكاتب الحكومية في قطاع غزة إلى العمل بدءاً من صباح غد (الأحد)، بحسب ما أعلن ديوان الموظفين في غزة.
وليل الجمعة - السبت، خرجت عائلات في مدينة غزة من منازلها وتوجهت إلى المقاهي المطلة على البحر لاستنشاق بعض الهواء النقي.
وفي حي الرمال في غزة، بالقرب من برج من عشرة طوابق حولته غارة إسرائيلية إلى ركام، غطى الغبار المعروضات في المحلات التجارية.
وقال بائع الملابس بلال منصور (29 عاماً): «الغبار في كل مكان. غبار القنابل الإسرائيلية غطّى الملابس كلياً. لن نتمكن من بيع هذه البضائع».
وفي متجر آخر قريب، وقف وائل الشرفا يتفقد الأضرار في محله الذي ملأته شظايا الزجاج. وقال بحسرة: «ضاع كل شيء... خسرت نحو 250 ألف دولار من البضائع. من سيدفع ثمن كل هذا؟ من؟».
وبالنسبة لأحمد الخطيب الذي دخل متجره للمرة الأولى منذ العاشر من مايو (أيار)، تاريخ بدء التصعيد، تضاعفت الخسائر بسبب عدم البيع خلال موسم عيد الفطر.
وأضاف: «للأسف، فقدنا موسم العيد وفقدنا البضائع وكل شيء تدمر. حتى المحلات المجاورة لنا تضررت. نحمد الله أننا ما زلنا على قيد الحياة».

وتفيد أرقام صادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، بأن نحو 6000 مقيم في قطاع غزة فقدوا منازلهم جراء القصف، بينما تضررت أكثر من 1042 وحدة سكنية أو تجارية بفعل الغارات.
وقالت رئيسة (أوتشا) في الأرض الفلسطينية المحتلة، سارة ماسكروفت: «هناك أضرار جسيمة في أنحاء غزة»، وأوضحت: «يمكن إعادة بناء المدارس وإصلاح الطرق - ولكن الأولوية هي توفير الدعم النفسي الاجتماعي وهو أمر ضروري لسكان غزة».
وتضررت أيضاً البنى التحتية في قطاع غزة خاصة خطوط الكهرباء، في حين أن 800 ألف شخص في القطاع «لا يحصلون على المياه بشكل منتظم»، بحسب «أوتشا».
وتسبب القصف المدفعي والجوي الإسرائيلي على قطاع غزة بمقتل 248 شخصاً، بينهم 66 طفلاً ومقاتلين، وفق السلطات في القطاع بينما قُتِل 12 شخصاً بينهم طفلان وجندي في الجانب الإسرائيلي بصواريخ أطلقت من القطاع، وفق الشرطة الإسرائيلية.
ويبقى وقف إطلاق النار الذي أعلنه الطرفان، مساء الخميس، بعد رابع نزاع عسكري بينهما منذ 2008، ومنذ مساء الخميس، أعلن كل من الطرفين «انتصاره».
فقد أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن بلاده «حققت أهدافها من العملية» في قطاع غزة، فيما وصفه بأنه «نجاح استثنائي»، وأضاف أن أكثر من مائتي مسلح بينهم 25 من الكوادر» قُتلوا خلال الهجوم على القطاع، الذي تسيطر عليه «حماس» منذ 2007، ويعيش فيه نحو مليوني فلسطيني.
في المقابل، تحدثت حركة «حماس» عن «انتصار تاريخي»، وقال رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية: «نعتبر هذه المعركة قفزة نوعية بتاريخ الصراع ونقطة تحول كبيرة جدّاً، سيقرأها كل صناع القرار بداخل العدو».
وذكرت وسائل إعلام مصرية رسمية أن وفدين مصريين وصلا إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية «لمراقبة» الالتزام بوقف إطلاق النار، وتمكنت قوافل من المساعدات الإنسانية الطارئة من دخول غزة الجمعة.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري إنه تلقى اتصالاً من نظيره الإسرائيلي غابي أشكينازي بحثا خلاله الإجراءات الكفيلة بتسهيل عملية إعادة إعمار غزة.

ويشكل موضوع إعادة الإعمار في القطاع الذي تحكمه «حماس» أحد محاور الجهود الدبلوماسية الأميركية، إذ إن الحركة مدرجة على لوائح المنظمات الإرهابية في إسرائيل والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض، أمس (الجمعة). إنه يعتزم تأمين مساعدة مالية «كبيرة» بالتعاون مع الأسرة الدولية «لإعادة إعمار غزة»، لكن «من دون إعطاء (حماس) الفرصة لإعادة بناء نظام أسلحتها».
وجدّد بايدن التأكيد على ضرورة إيجاد حل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي يشمل إقامة دولة فلسطينية إلى جانب الدولة العبرية، وقال «إنه الحل الوحيد الممكن».
ويتوقع أن يصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الشرق الأوسط «خلال الأيام المقبلة».

والمفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية معلقة منذ 2014، بعد أن تعثرت حول قضايا عدة بينها وضع القدس الشرقية والاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.
واندلع النزاع الأخير بعد إطلاق «حماس» صواريخ في اتجاه الدولة العبرية تضامناً مع الفلسطينيين الذين كانوا يخوضون منذ أيام مواجهات مع الإسرائيليين في القدس الشرقية وباحات المسجد الأقصى، ما تسبب بإصابة أكثر من 900 منهم بجروح. وجاءت تلك المواجهات على خلفية التهديد بطرد عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح لصالح مستوطنين يهود.
ووقعت صدامات جديدة، الجمعة، بين المصلين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في باحة المسجد الأقصى في القدس الشرقية التي تحتلها الدولة العبرية منذ 1967.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».