رابطة العالم الإسلامي توصي بالاستفادة من تجارب السعودية في مكافحة الإرهاب

ضمن البيان الختامي لمؤتمر «الإسلام ومحاربة الإرهاب» الذي استضافته مكة

جانب من جلسات اليوم الختامي للمؤتمر الإسلامي العالمي بمكة المكرمة أمس (تصوير: أحمد حشاد)
جانب من جلسات اليوم الختامي للمؤتمر الإسلامي العالمي بمكة المكرمة أمس (تصوير: أحمد حشاد)
TT

رابطة العالم الإسلامي توصي بالاستفادة من تجارب السعودية في مكافحة الإرهاب

جانب من جلسات اليوم الختامي للمؤتمر الإسلامي العالمي بمكة المكرمة أمس (تصوير: أحمد حشاد)
جانب من جلسات اليوم الختامي للمؤتمر الإسلامي العالمي بمكة المكرمة أمس (تصوير: أحمد حشاد)

قرر المجتمعون في ختام المؤتمر الإسلامي العالمي «الإسلام ومحاربة الإرهاب» الذي أقيم في مكة طوال الأسبوع الحالي، الاستفادة من تجربة السعودية في مكافحة الإرهاب؛ للوقاية منه بأنواعه كافة، والتعاون مع المجتمع الدولي في مجال مكافحته، والشروع في فض النزاعات الإقليمية ورعاية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطبيق معايير الحكم الرشيد.
جاء ذلك في التوصيات ضمن البيان الختامي للمؤتمر الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، اختتم أمس بحضور رئيس مجلس الرابطة ومفتي السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، والدكتور عبد الله التركي أمين عام الرابطة.
وتنوعت محاور التوصيات التي هدفت لمعالجة أسباب الإرهاب وتلافي آثاره، وجاء المحور الأول في ما يتعلق بالدول الإسلامية، وشمل العمل على تحكيم الشريعة الإسلامية في مختلف شؤون الحياة، واتخاذ الخطوات الجادة للإصلاح الشامل الذي يحقق العدل، ويصون الكرامة، ويرعى الحقوق، ويحقق تطلعات الشعوب، ويحافظ على المكتسبات، واعتمد تعريف المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي للإرهاب في جلسته السادسة عشرة المنعقدة في عام 2002.
ووضعت التوصيات خطة استراتيجية متكاملة للوقاية من الإرهاب بأنواعه كافة، والاستفادة من تجربة السعودية في هذا الشأن، والتعاون مع المجتمع الدولي في مجال مكافحته، والشروع في فض النزاعات الإقليمية ورعاية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطبيق معايير الحكم الرشيد، وتعزيز التضامن الإسلامي، ومساعدة الدول الفقيرة، ومساندتها في خططها الاقتصادية للحد من الفقر والبطالة باعتبارهما مما يزعزع الاستقرار، ويشجع المنظمات الإرهابية على استغلال الظروف السيئة للشباب.
كما أوصى بإنشاء مراكز أبحاث متخصصة في مكافحة الإرهاب، تقوم بجمع المعلومات عن الأفعال الإرهابية وتبادلها بين الأجهزة المعنية، وإخضاع المتهمين بالإرهاب إلى دراسات علمية تقف على الأسباب المفضية إلى هذا الانحراف، وتقوم بدور المناصحة، وتكون مرجعية لكل الهيئات العاملة في هذا الشأن، ودعم المراكز العاملة في هذا المجال، ودعم المؤسسات الدعوية، وإفساح المجال لها للقيام بواجبها في توعية الشباب، ونشر الوسطية، بالإضافة إلى دعم جهود السعودية في الأمم المتحدة لاستصدار قرار ملزم بتجريم ازدراء الأديان والتعدي على رموزها، لما لذلك من آثار سيئة في بث ثقافة الكراهية وتوتير العلاقات بين الشعوب.
ووصى في المحور الثاني المتعلق بالمؤسسات الدينية والعلماء بنشر العلم الشرعي الصحيح المستمد من نصوص القرآن والسنة، وفق فهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين، وتعزيز نهج الوسطية والاعتدال، والحرص على توفر القدوة الصالحة من العلماء الربانيين، والحفاظ على مكانة العلم وأهله للقيام بالنصح وبيان أحكام الدين، وبذل الجهد في تحقيق الأمن الفكري للأمة، لحماية شبابها من الوقوع في شراك الشبهات. كما وصى بالانفتاح على الشباب بالحوار، والتباحث معهم في مشكلات الحياة المعاصرة، وإشراكهم في حل قضايا مجتمعهم، وصولا إلى التفكير السليم، وتصويب المفاهيم بالعلم الصحيح، ورد الشبهات المضللة والأهواء المهلكة، ودعم مؤسسات الإفتاء بالعلماء والمفتين الذين تتوافر فيهم الأهلية العلمية والشرعية، وتبصير الناس بمن يستفتون.
وأوصى المؤتمر بالتصدي للنوازل بفقه واعٍ يزاوج بين نصوص الشريعة ومتغيرات الواقع، وتنشيط الفتوى الجماعية في الشأن العام للحد من شذوذ الفتاوى الفردية، وتقوية المؤسسات الفقهية والعلماء الربانيين، وتوعية الشباب بحقيقة الجهاد وأحكامه وضوابطه وغاياته الشرعية، وعلى المؤسسات الدينية تصحيح المفاهيم الخاطئة حوله، وحول المصطلحات الإسلامية الأخرى، بالإضافة إلى تعظيم الثوابت، والالتزام بآداب الاختلاف والحوار، وعدم التساهل والتسرع في التكفير والتبديع والتفسيق.
وأخذت مؤسسات التربية والتعليم والإعلام حيزا من اهتمام التوصيات بمحور خاص بها، شمل نشر القيم الإسلامية، واستثمار المخزون الثقافي للأمة، وإدراج مواد في مناهج التعليم تركز على التسامح والعدالة والسلام، وتحريم الظلم، ونبذ العنف، وحرمة الدماء، وترشيد مناهج التربية والتعليم بما يتوافق مع عقيدة الأمة وثوابتها، وعلاج ضعف المؤسسات التعليمية في المجتمعات الإسلامية، وتعزيز قدرتها على الوقاية من الفكر المضلل، ودرء الانحراف السلوكي والفكري، وتحويل المعرفة إلى سلوك مؤثر في شخصية النشء.
وشدد المؤتمر على أهمية توظيف الإعلام الجديد وأدواته في نشر الوعي بين شرائح المجتمع - ولا سيما الشباب - والتعريف بمخاطر التعامل مع المواقع التي تشجع على الإرهاب وتمويله والانخراط في صفوفه، وتطوير طرق التوجيه وأساليبه في البرامج الإعلامية الموجهة إلى الشباب، بما يحقق اعتزازهم بالقيم الإسلامية وتمسكهم بها، وتكثيف البرامج الإعلامية التي تؤكد وسطية الإسلام، وتعزز ثقافة التسامح والحوار الذي يعزز الأواصر، ويقي من موارد النزاع والفتنة، ومراجعة ما تتضمنه مناهج التعليم في العالم من مضامين خاطئة أو مغلوطة عن الإسلام، والعمل على تصحيحها.
وفيما يتعلق بالأسرة والمجتمع أوصى البيان الختامي بتعزيز الوعي الأسري، وتنمية روح المسؤولية بين الوالدين والأبناء، لحماية الأجيال من الانحراف والتطرف، ومتابعة الأبناء في علاقاتهم مع أصدقائهم، وفي استخدامهم لتقنية الاتصال الحديثة، وتوجيههم إلى السلوك القويم، ومشاركتهم في بحث ما يشغلهم من أفكار وقضايا ومشكلات، بالإضافة إلى تعاون المجتمع في مواجهة الإرهاب، وتعميق مفهوم التكافل الاجتماعي، وحشد الجهود في هذا السبيل، وأن على كل إنسان مسؤولية في مجتمعه، وعلى قدر حاله، حيث يقول صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته.. والرجل راعٍ في أهله، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولة عن رعيتها».
أما المحور الخامس والأخير فكان متعلقا برسالة رابطة العالم الإسلامي التي شملت على عقد لقاءات تنسيقية مع الجهات المتخصصة في الأمة الإسلامية، لوضع خطط عملية تتصدى للفكر المنحرف، وتكوين وفود من العلماء والمتخصصين لزيارة البلدان المتضررة من الإرهاب، ومقابلة مسؤوليها، وشرح الرؤية الإسلامية حول علاج هذه الظاهرة، والتعاون مع الجامعات الإسلامية ومراكز الأبحاث من أجل ضبط المفاهيم الملتبسة، وتوفير مادة علمية رصينة تكون بين أيدي الخطباء والدعاة والمعنيين بالشباب، وإنشاء هيئة عالمية لمكافحة الإرهاب تابعة لرابطة العالم الإسلامي، تتولى دراسة الإرهاب، وتحليل دوافعه وأسبابه، ونشر الدراسات البحثية حوله، واقتراح البرامج العملية التي تسهم في الوقاية منه، وتنفيذها، والتنسيق في ذلك مع المؤسسات المختصة.
وعلى صعيد آخر، أصدر المؤتمر في ختامة أمس «بلاغ مكة المكرمة»، الذي اشتمل على خمس رسائل وجهها إلى كل من قادة الأمة المسلمة وعلمائها وإعلامها وشبابها، وإلى العالم أجمع، وذلك أداء لواجب النصح للأمة وللإنسانية، وأملا في إخراج العالم من الواقع المرير.
من جهة أخرى، شدد أحمد علي الصيفي مدير المركز الإسلامي بأميركا الجنوبية، على أن هناك من ينتسب للإسلام وهو بريء منه، من خلال الفكر المتطرف والمنحرف.
وقال لـ«الشرق الأوسط»، على هامش مؤتمر «لدي علاقات جيدة في قارة أميركا الجنوبية، وعلى سبيل المثال في البرازيل تربطني علاقة صداقة بوزيري العدل والدفاع، ونقلا لي قبل فترة أن هناك من طلب مراقبة المركز الذي نشرف عليه، لكن الوزيرين قالا إن المركز من سنين طويلة يهتم بالإعمال الإنسانية ومحاربة الفقر والبطالة، وتوزيع الغذاء من حليب وغيره للفقراء، ولكن تلك الصورة نشأت بسبب من ينسبون أنفسهم للإسلام وهو بريء منهم». وأضاف: «حزب الله في لبنان خرب وأهلك العالم سواء لبنان نفسه أو بقية أنحاء العالم ويأتي ذلك باسم الإسلام، وهو حزب إرهابي، ومتواطئ مع جهات أخرى لها مصلحة من ذلك».
وتطرق مدير المركز الإسلامي في أميركا الجنوبية إلى المؤتمر معبرا «أدعو الله أن يحفظ السعودية وأهلها وحكومتها بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وكذلك رابطة العالم الإسلامي على جهدهم الكبير، فيكفي من جهدهم أن ترى في قاعة المؤتمر الشخصيات الدولية من كل أصقاع العالم؛ بهدف الحوار والتفكر والنقاش، وهذا ليس بغريب فهذا ما اعتدناه من المملكة طيلة عهدها الزاخر، فأنا مغترب لبناني في أميركا الجنوبية وكذلك الشمالية من 50 سنة ولي جهود مكثفة في البرازيل وأعمل في النشاط الدعوي منذ 1975. يعني ما يقارب الأربعين سنة، وطيلة هذه الفترة أرى الدعم الكبير الذي يجده المسلمون من السعودية على مدار تاريخها تحرص على الدفاع عن الأقليات ودعمها ومساعدتها».
وأضاف: «في هذه الأيام التي نقضيها في مكة المكرمة، المملكة تساهم أيضا في مساعدتنا من خطر الإرهاب الذي يحاول الذي يحدق بالعالم أجمع، وهو أشبه بالنار التي تلتهم ما تواجهه، ويأتي ذلك بدعم من الفكر الضيق السيئ في تحليل الأمور من بعض المتدينين أيا كانوا، وفي الطرف الآخر الحرب المسعورة تجاه الإسلام أو ما يسمى (الإسلاموفوبيا) وهناك للأسف من يغذيه ممن ينسبون أنفسهم للإسلام وهو بريء منهم». مختتما حديثه بقوله «بصدق أفتخر بالعمل الجليل الذي تقدمه السعودية للعالم أجمع فكل بقعة تجد للمملكة أيادي بيضاء، وخلال عملي الدعوي الذي استمر لأكثر من 40 سنة، في أميركا وكولومبيا والهندوراس والباراغواي والأوروغواي وغيرها من الدول، أجد خير السعودية وشعبها».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.