أميركا تحاصر العملات المشفرة

مقترح بضريبة على التحويلات... والفيدرالي يدرس الدولار الرقمي

تكابد عملة «بتكوين» في الأسواق للحفاظ على مستوى 40 ألف دولار (رويترز)
تكابد عملة «بتكوين» في الأسواق للحفاظ على مستوى 40 ألف دولار (رويترز)
TT

أميركا تحاصر العملات المشفرة

تكابد عملة «بتكوين» في الأسواق للحفاظ على مستوى 40 ألف دولار (رويترز)
تكابد عملة «بتكوين» في الأسواق للحفاظ على مستوى 40 ألف دولار (رويترز)

فيما يبدو أنه أمر قد يزيد من متاعب العملات المشفرة التي تفاقمت خلال الأسابيع الأخيرة، دعت وزارة الخزانة الأميركية إلى اتخاذ خطوات صارمة للسيطرة على سوق العملات الرقمية وتعاملاتها للتوافق مع قوانين وكالة الإيرادات الداخلية الأميركية، مشيرة إلى أن بين هذه الخطوات الإبلاغ عن أي تحويلات مالية تصل قيمتها إلى عشرة آلاف دولار أو أكثر.
ويأتي ذلك بينما فقد تعافي العملات المشفرة من انهيار الأربعاء بعض الزخم. وسجلت «بتكوين» نحو 40 ألف دولار الجمعة في آسيا، مرتفعة أكثر من 30 في المائة عن أدنى مستويات الأسبوع، لكنها كابدت مصاعب للحفاظ على مكاسب المعاملات المبكرة. وكذلك «إيثر» التي استقرت عند 2786 دولاراً بعد أن فشلت في صيانة المكاسب. وتتجه العملتان صوب خسائر أسبوعية بأكثر من 10 في المائة.
وقالت جانيت يلين، مساء الخميس، إن هذه الإجراءات الصارمة قد تمكن السيطرة على سوق العملات الرقمية التي أصبح رأسمالها يزيد على تريليوني دولار في رأس المالي السوقي، مشيرة إلى أنها تفتح الباب للأنشطة غير القانونية ومن بينها التهرب الضريبي.
ودعت الوزارة إلى فرض ضريبة على تحويلات العملات المشفرة بين الشركات، مع تطلعها إلى زيادة الإيرادات لتمويل خطة مقترحة بقيمة 1.6 تريليون دولار تهدف إلى توسيع التعليم والتأمين الاجتماعي.
وهذه الفكرة جزء من جهود أكبر لتمويل خطة دعم العائلات الأميركية، بما في ذلك زيادة الضرائب على الأثرياء، وهي تنص على وجوب أن تصرح «الشركات التي تتلقى أصولاً مشفرة بقيمة سوقية عادلة تزيد على 10 آلاف دولار» إلى «دائرة الإيرادات الداخلية» المسؤولة عن الضرائب.
وأوضحت وزارة الخزانة أن الحسابات أو خدمات الدفع التي تستخدم العملات المشفرة مثل «بتكوين» مشمولة أيضاً من خلال متطلبات إعداد التقارير الجديدة. وقالت الوزارة في عرض للمقترح إنه «رغم أنها تشكل جزءاً صغيراً نسبياً من دخل الأعمال حالياً، فإنه من المرجح أن تزداد أهمية معاملات العملة المشفرة في العقد المقبل، لا سيما في ظل وجود نظام واسع النطاق لإعداد تقارير الحسابات المالية».
وفرض الضرائب على الأصول الرقمية جزء من خطة أكبر وضعتها وزارة الخزانة لزيادة عدد الموظفين وسلطات إنفاذ القانون في مصلحة الضرائب بهدف سد الفجوة بين ما تدين به الحكومة وما تتلقاه بالفعل. وقدرت الوزارة أن الفجوة بلغت نحو 600 مليار دولار عام 2019 وسترتفع إلى ما يقرب من 7 تريليونات دولار على مدى العقد المقبل ما لم تتم معالجتها.
ورغم أن الهدف الأول من الخطة الأميركية هو زيادة الدخل؛ فإنها من المتوقع أن تسفر عن تراجع الإقبال على العملات المشفرة، مع اتجاه المستثمرين لبدائل أخرى؛ خاصة في ظل التذبذب العنيف خلال الفترة الماضية.
و«بتكوين» و«دوغكوين» و«إيثريوم» وغيرها من العملات الرقمية ارتفعت شعبيتها وقيمتها خلال العام الماضي نتيجة الاضطرابات الاقتصادية التي خلفها وباء «كوفيد – 19» والترويج لهذه العملات من بعض الشركات.
وفي اتجاه موازٍ قد يؤثر على سوق العملات المشفرة أيضاً، يدرس الاحتياطي الفيدرالي إنشاء عملة رقمية خاصة به، وقال، الخميس، إنه سينشر هذا الصيف دراسة تناقش تأثير ذلك على أنظمة الدفع وإمكانية إصدار عملة رقمية مدعومة من الولايات المتحدة.
وصرح رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في بيان: «نعتقد أنه من المهم أن أي (عملة رقمية للبنك المركزي) يمكن أن تكون بمثابة مكمل وليس بديلاً للنقد وتنويعات الدولار الرقمية الحالية لدى القطاع الخاص، مثل الودائع في البنوك التجارية».
ونقلت «بلومبرغ» عن باول قوله: «نحن ملتزمون في مجلس الاحتياطي بالإنصات إلى نطاق واسع من الأصوات بشأن هذه المسألة المهمة، قبل اتخاذ أي قرار بشأن ما إذا كنا سنمضي قدماً في إصدار عملة رقمية عن البنك المركزي، وكيفية حدوث ذلك».
وتقول «بلومبرغ» إن هذا البيان، الذي يأتي في خضم أسبوع من التذبذب الشديد في أسعار العملات المشفرة، يمثل تحولاً في الزخم لدى مجلس الفيدرالي بشأن مسألة إصدار عملة رقمية عن البنك المركزي الأميركي، حيث إن الأمر يمثل حتى الآن مشروعاً بحثياً تقنياً في فرعه الإقليمي ببوسطن.
وقال باول إنه يريد أن يكون لمجلس الفيدرالي «دور ريادي» في تطوير المعايير الدولية. وتمضي بنوك مركزية في أنحاء العالم قدماً في إصدار عملات رقمية، خاصة بنك الشعب الصيني المركزي، وهو ما قد يمنحها السبق في كيف تتطور المعايير في هذا المجال.


مقالات ذات صلة

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات محبطة قد تشير إلى تباطؤ بالنمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)

تضخم الجملة يقاوم الانخفاض في الولايات المتحدة

ارتفعت تكاليف الجملة في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال الشهر الماضي، ما يشير إلى أن ضغوط الأسعار لا تزال قائمة في الاقتصاد حتى مع تراجع التضخم من أعلى مستوياته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في روزميد - كاليفورنيا (أ.ف.ب)

التضخم الأميركي يرتفع في نوفمبر إلى 2.7 % على أساس سنوي

ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بأكبر قدر في 7 أشهر في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.