جمال سليمان: خياراتي الفنية باتت صعبة

قال لـ «الشرق الأوسط» إن اتهامات متعجلة لاحقت مسلسل «الطاووس»

الفنان السوري جمال سليمان
الفنان السوري جمال سليمان
TT

جمال سليمان: خياراتي الفنية باتت صعبة

الفنان السوري جمال سليمان
الفنان السوري جمال سليمان

قال النجم السوري جمال سليمان إن شخصية المحامي «كمال الأسطول» التي جسدها في مسلسل «الطاووس» أخيراً، تقاطعت في جانبها الإنساني والعاطفي مع شخصيته الحقيقية، مؤكداً، في حواره مع «الشرق الأوسط» أن التحول الذي جرى للشخصية أغراه بقبولها، وأوضح سليمان أنه كان يتوقع انتهاء الأزمة التي لاحقت عرض المسلسل لصالح العمل لأهميته وتصديه لقضايا اجتماعية مهمة، مشيراً إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دوراً إيجابياً في مساندة مسلسله.
وجسّد سليمان خلاله شخصية محامي تعويضات يتصدى لقضية فتاة تعرضت للاغتصاب أثناء عملها بأحد الفنادق... وإلى نص الحوار:

> لماذا تحمّست للمشاركة في مسلسل «الطاووس»؟
أولاً، بسبب فكرة العمل التي تتناول قضية اجتماعية راهنة أثارت كثيراً من القلق في المجتمعات، خصوصاً فيما يتعلق بقضايا الاغتصاب والمخدرات، والاستخدام السيئ لـ«السوشيال ميديا» ما جعلها أخباراً متكررة تسبب استهجاناً وغضباً شعبياً واسعاً، بالإضافة إلى طبيعة الشخصية التي أُسندت لي وأثارت حماسي لها، فبعد سنوات طويلة من العمل بالفن، أصبحت الخيارات بالنسبة لي صعبة، فغالبا ما تُعرض عليّ شخصيات أشعر أنني مثّلتها من قبل، لكن «كمال الأسطول» في «الطاووس» شخصية جديدة بالنسبة لي، وقد أغراني هذا التحول التدريجي الذي يطرأ عليها، من محامي تعويضات قضى حياته المهنية وهو يسعى نحو المنفعة المجردة عن أي التزام إنساني، إلى رجل قانون يستخدم خبرته للدفاع عن ضحية تعاطف معها على المستوى الإنساني.
> وكيف تعاملت مع هذه الشخصية؟
شخصية «كمال الأسطول» تنطوي على جانبين: أحدهما تقني مهني يتعلق بكيفية ممارسته لمهنته كمحامٍ، وهذا استوجب البحث والسؤال، وهناك جانب إنساني وعاطفي، وهنا تقاطعت شخصية كمال الأسطول مع شخصيتي كثيراً.
> وهل انتابك قلق من احتمالية وقف عرض المسلسل بعد الضجة التي أثيرت بشأنه؟
كان لدي إحساس بأن الأمور ستنتهي إلى ما انتهت إليه، خصوصاً بعد رد فعل الجمهور على «السوشيال ميديا» الذي طالب باستمرار العمل، لأن المسلسل يخلو من أي عبارات أو مشاهد خادشة للحياء، ولا يجسد أي قضية بعينها. ورغم أن مواقع التواصل لها جانب سلبي نلمسه جميعاً على اختلاف مواقعنا، فإن لها جانباً إيجابياً يتيح للناس التعبير عن رأيهم، والحقيقة أن ذلك كان في مصلحة العمل.
> قلت إن المسلسل يتوافق مع بعض خطوط قضية اغتصاب شهيرة بمصر... بمَ تفسر هذا التشابه؟
توجد مئات الحوادث التي من الممكن أن تتشابه حيثياتها مع بعضها أو مع وقائع المسلسل. فجرائم الاغتصاب في معظمها تتقاطع في بعض الجزئيات، وكما قلت فإن عملنا لا يتحدث عن أي قضية بعينها سواء كانت تحت نظر القضاء أو لم تكن.
> وكيف رأيت اتهامات الاقتباس والتشابه مع فيلم «ضد الحكومة» والمسلسل التركي «فاطمة»؟
رأيتها اتهامات متعجلة وفي غير مكانها، وأعتقد أنه بعد عرض الحلقات انتفت مبررات هذه الاتهامات، فقد أشاد الجمهور والنقاد بالعمل وتعرضه لقضية مهمة بشكل صادق وموضوعي.
> شهد المسلسل مباراة في التمثيل بينك وبين الفنانة سميحة أيوب والفنان أحمد فؤاد سليم... كيف تُقيم ذلك؟
طبعاً، الوقوف إلى جانب نجوم كبار وفنانين مخضرمين شيء رائع، فهذه هي المرة الأولى التي أتعاون فيها مع الرائعة سميحة أيوب، وكذلك مع المخضرم وصاحب الحضور الخاص أحمد فؤاد سليم، والحقيقة أن أسرة العمل على اختلاف الأعمار وسنين الخبرة كانت منسجمة ومتناغمة، ما انعكس على النتيجة النهائية التي شاهدها الجمهور.
> علقت على رحيل الفنان يوسف شعبان بأن الفنانين الكبار صنعوا نجوميتهم «هاند ميد»... ماذا تعني بهذا التعبير؟
قصدت أن نجومية ذلك الجيل كانت ثمرة كفاح طويلة وترسخت بعشرات الأدوار في السينما والمسرح والتلفزيون، وشهدت رحلتهم إخفاقات ونجاحات خلال مراحل عمرية مختلفة من الشباب إلى الكهولة وتقلبات الظروف، كل هذه الأشياء أسهمت في صنع نجوميتهم، فهم نجوم حقيقيون، يتذكر الناس أدوارهم ويستشهدون بأعمالهم وليسوا مجرد مشاهير، اليوم صار هناك خلط بين النجومية والشهرة التي يمكن صناعتها بسرعة عبر «السوشيال ميديا».
> رثيت صديقك المخرج الراحل حاتم علي كثيراً... لماذا؟
رحيل حاتم كان خسارة إنسانية مؤلمة بالنسبة لي، فقد كان صديقي الذي أحبه، ورفيق الرحلة الذي شاركته الكثير مما في داخلي دون تحفظ، وخسارة مهنية كمخرج صنع لنفسه وللدراما السورية مجداً كبيراً وأسهم في تعزيز قيمة المضمون في العمل الدرامي، وكان حاتم حكاية كفاح وموهبة وتفوق لا تتكرر كثيراً. وخلال شهر رمضان جاءتني رسائل من أناس عاديين من كل الوطن العربي تتذكره وتعبر عن افتقادها له في هذا الشهر الفضيل، بعد أن اعتادوا لسنوات على أعماله في شهر رمضان، أما بالنسبة لي فافتقادي له لا يمكن وصفه.



وليد توفيق لـ«الشرق الأوسط»: عندما أعتلي المسرح تكون أفكاري ابنة اللحظة

في حفل الـ{موركس دور} مع الشاعر نزار فرنسيس (وليد توفيق)
في حفل الـ{موركس دور} مع الشاعر نزار فرنسيس (وليد توفيق)
TT

وليد توفيق لـ«الشرق الأوسط»: عندما أعتلي المسرح تكون أفكاري ابنة اللحظة

في حفل الـ{موركس دور} مع الشاعر نزار فرنسيس (وليد توفيق)
في حفل الـ{موركس دور} مع الشاعر نزار فرنسيس (وليد توفيق)

في حفل الـ«موركس» بنسخته الـ24 الأخيرة حصد الفنان وليد توفيق جائزة «اليوبيل الذهبي» على مشواره الفني. فهو أمضى حتى اليوم كل هذه السنوات يحقق النجاح تلو الآخر. بالنسبة له فإن التكريمات التي حصدها كانت كثيرة، ولكنه يستطرد قائلاً: «يبقى التكريم الذي ألاقيه في بلدي لبنان له مذاق آخر. كما أن هذا النوع من الحفلات يتيح لي فرصة الالتقاء بفنانين، وخصوصاً بممثلين لا أصادفهم كثيراً. فلمّة الفن عزيزة على قلبي. والتكريم جميل، خصوصاً إذا ما جاء من جهة راقية مثل الـ(موركس دور). فنحن نفتخر بهذه الجائزة اللبنانية الصنع. ونقدّر ما يقوم به الطبيبان زاهي وفادي حلو سنوياً لتنظيمها».

يقول لـ«الشرق الأوسط» إن مشواره كان طويلاً وتخللته صعوبات ومطبّات عدة، ولكن النجاح والفرح كللاه باستمرار. ويتابع: «لقد تعلمّت دروساً كثيرة من كل خطوة قمت بها. ولعلّ الدرس الأهم يتعلّق بعدم التنازل عن مبادئ معينة. فهناك أشخاص يحاولون إغراقك بالخطأ عندما يلمسون نجاحاتك. أصررت على مكانتي الفنية وعرفت كيف أواكب كل جديد. فالمطلوب من الفنان ألا يعيش الركود أبداً. فيبحث دائماً عما يحرّك ويعزز مشواره».

50 سنة من النجاحات لا بد أن يلمسها محاور وليد توفيق في شخصيته الرصينة والقريبة إلى القلب في آن. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» عما يستوقفه في مشواره هذا، فيردّ: «عندما أستعيد شريط ذكرياتي أشعر بالغبطة. وأندم في المقابل على عدم إعطاء أولادي الوقت الكافي لأكون بقربهم. راضٍ أنا من دون شك عن مسيرتي، وأهنئ نفسي بحب الناس لي».

مشواره الفني الخمسيني تكلل بالنجاحات المتتالية (وليد توفيق)

يعترف وليد توفيق بأمر يراوده دائماً: «أشعر بأن كل ما مررت به كان مكتوباً لي، ولطالما أحسست بأن قوة ربانية تمسك بيدي وتسيّرني كما تشاء. لا شك أني اجتهدت وتعبت، ولكنّ هناك أمراً أقوى مني ساعدني. أمشي بطريقي على ما يقدّر الله. وعندما أعتلي المسرح لا أحضّر للأمر مسبقاً. فهناك إحساس معين يولد عندي في اللحظة نفسها، فتأتيني الفكرة من دون أي تخطيط لها. وهو ما حصل معي في حفل الـ(موركس دور) الأخير. وكلمتي كانت ارتجالية تترجم مشاعري. وعندما أهديت جائزتي للجيش اللبناني ولشهداء الحرب، كان ذلك وليد اللحظة».

أثناء تكريمه في حفل «موركس دور» واعتلائه المسرح ليتسلمها من الشاعر نزار فرنسيس، قدما معاً ثنائياً شعرياً، وتناولا موضوع الوفاء. فهل يرى الساحة اليوم تفتقد لهذه القيمة الإنسانية؟ «قلّة الوفاء ليست بالأمر المستجد على الساحة الفنية. وحتى في أيام عمالقة الفن مثل الراحلين عبد الحليم حافظ وعبد الوهاب، كانا يشتكيان من الأمر ذاته. فالتاريخ يعيد نفسه، ولكن من الضروري التذكير بالوفاء. فهو من أجمل وألذ الأعمال الإنسانية».

لا ينفي وليد توفيق صراعات كانت تشهدها الساحة كي يحافظ الفنان على مكانته، فتقفل الأبواب بوجه موهبة جديدة قد تشكّل عليه الخطر. ويضيف في سياق حديثه: «الفنان الناجح يخاف من دون شك، ولكنه عندما يلجأ إلى هذا النوع من الحروب يكون فاقداً للثقة بنفسه. كما أن عصرنا الحالي قضى على هذه الآفة. وما ساهم في ذلك (السوشيال ميديا). فما عادت الموهبة الجديدة تنتظر من يدعمها كي تبرز تفوقها. وهناك أمثلة كثيرة على هذا الموضوع ومواهب تحوّلت إلى (تريند) بين ليلة وضحاها».

«لا أحد يسقط إلا من فعل يده»، هكذا يختصر الفنان وليد توفيق اختفاء نجم وصعود آخر. «أشبّه المشهد بمباراة في الملاكمة. فكلما كان الملاكم حذراً ومتنبهاً استطاع التحكم بنتيجة المباراة».

يشير إلى أن بعض هذه الحروب قد يشنها متعهدو الحفلات على فنان، فيضعون النجم في موقف محرج عندما يفرضون عليه مشاركة موهبة جديدة في حفل معين. «بالنسبة لي لقد تعلمت من خبرتي أن لكل فنان طريقه بحيث لا يمكن أن يؤثر عليه طرف آخر. في إحدى المرات طلب مني الغناء في حفل للراحل وديع الصافي. وبدل أن أشعر بالحرج لأنه قد يجتاح الأجواء ويؤثر على إطلالتي طالبت بتقديمه شخصياً على المسرح. كما أن الفنان القدير لا يمكن تغييبه، ولعل أصدق دليل على ذلك هو حفل الـ(تريو الغنائي) الذي نظمه المستشار تركي آل الشيخ. فوضع أهم النجوم في مشهدية واحدة. وأتمنى أن تتكرر مرة أخرى فنجتمع على قلب واحد وإرادة واحدة».

يستعدّ لإصدار أغنية "كبرت البنّوت" لجورج خباز (وليد توفيق)

عرف وليد توفيق كيف يواكب الأجيال بانتقائه اللحن والكلمة المناسبين في أعماله. ويعلّق: «الكلمة تلعب الدور الأكبر في عملية أي تجديد نعبرها. فزياد الرحباني حوّل فيروز إلى موسيقى الجاز. خرجت يومها بعض الأصوات تندد بهذا التغيير. ولكنه عرف كيف يواكب هذا التحول بالكلمة. وعندما تحضر هذه الأخيرة بالشكل المطلوب يسهل علينا الأمر كثيراً».

عاش وليد توفيق فترة الحرب مثل غيره من اللبنانيين بقلق وترقب. وخرج منها بإصرار أكبر على وطنيته. «كانت فترة قاسية جداً، ولكنني تأكدت من خلالها أن السيادة هي التي تبني الأوطان. أتمسك اليوم بلبنان أكثر من أي وقت مضى».

أخيراً شهدت الساحة الفنية مواقف حرجة لفنانين أدرجت على لائحة الذكاء الاصطناعي. فما رأي وليد توفيق بهذا التطور الإلكتروني الجديد؟ يردّ: «إنه سيف ذو حدّين كأي اكتشاف إلكتروني آخر عايشناه. لا شك أنه بدّل في مشهدية الحياة عامة. وأحياناً نتوقع له التمدد والانتشار إلى حدّ يدفعنا للخوف من نتائجه المقبلة. ولكنه في الوقت نفسه وجد حلولاً كثيرة لمشاكل يومية. ومؤخراً أبهرني هذا الاختراع عندما سمعت ديو بصوتينا جورج وسوف وأنا. فقد قدمها لي مفاجأة استوديو التسجيل عندما علم أن الوسوف يحب أغنيتي (لا تسأليني). غناها معي بواسطة الذكاء الاصطناعي فأحببت التجربة».

يتمنى وليد توفيق في فترة الأعياد أن يتوحد اللبنانيون تحت راية واحدة. «علينا أن نكون كمشط الشعر متحدين لا أحد يفرّقنا. وفي العام الجديد أتوق إلى رؤية أرزة لبنان شامخة دائماً على علم بلدي. وأن يتم انتخاب رئيس للجمهورية أولاً».

وبالنسبة لأعماله الجديدة يقدم وليد توفيق على خطوة سبّاقة. «قريباً سأصدر أغنية جديدة بعنوان (كبرت البنّوت) لجورج خباز. فهو سبق وغناها وتركت أثرها الكبير عندي. ولدي تعاون آخر معه من خلال أغانٍ مختلفة له أنوي تقديمها بصوتي. كما أني أحضّر لـ(ميدلي) يتألف من ثلاث أغنيات قديمة لي أعدت توزيعها، ويتضمن (راح حبيبي) و(غجرية) و(ما أحلاها السمرة)».