بلينكن إلى الشرق الأوسط طامحاً لترسيخ الهدنة ودفع عملية السلام

الرئيس بايدن يتحدث عن وقف النار في غزة خلال كلمة بالبيت الأبيض ليلة الخميس - الجمعة (رويترز)
الرئيس بايدن يتحدث عن وقف النار في غزة خلال كلمة بالبيت الأبيض ليلة الخميس - الجمعة (رويترز)
TT

بلينكن إلى الشرق الأوسط طامحاً لترسيخ الهدنة ودفع عملية السلام

الرئيس بايدن يتحدث عن وقف النار في غزة خلال كلمة بالبيت الأبيض ليلة الخميس - الجمعة (رويترز)
الرئيس بايدن يتحدث عن وقف النار في غزة خلال كلمة بالبيت الأبيض ليلة الخميس - الجمعة (رويترز)

غداة الاتفاق على وقف النار بين غزة وإسرائيل، يصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة خلال أيام لإجراء محادثات مع الزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين، في محاولة لترسيخ الهدوء الهش وإرسال مساعدات إنسانية عاجلة ودفع عملية السلام بين الطرفين، وهذا ما ردده أيضاً الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي حض على «بدء حوار جاد لمعالجة الأسباب الجذرية» للنزاع.
وأفاد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في بيان بأن بلينكن تحادث مع نظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي وناقشا وقف إطلاق النار ورحلة بلينكن إلى المنطقة. وأضاف أن المسؤولين «عبرا عن تقديرهما لجهود الوساطة المصرية»، ناقلاً عن بلينكن أنه «سيظل على اتصال وثيق مع نظيره المصري وأصحاب المصلحة الإقليميين الآخرين». ورحب أشكينازي بزيارة الوزير الأميركي إلى المنطقة، حيث «سيلتقي نظراءه الإسرائيليين والفلسطينيين والإقليميين في الأيام المقبلة لمناقشة جهود التعافي والعمل سوية لبناء مستقبل أفضل للإسرائيليين والفلسطينيين».
وكان الرئيس جو بايدن أشاد بوقف النار بين إسرائيل و«حماس» بعد مكالمات مع كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيسين الفلسطيني محمود عباس والمصري عبد الفتاح السيسي في شأن العنف. وقال بايدن إن الهدف «تجنب هذا النوع من النزاع المطول الذي شهدناه في السنوات السابقة عندما اندلعت الأعمال العدائية»، مضيفاً أن «الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء يستحقون العيش في أمان وأمان وأن يتمتعوا بتدابير متساوية من الحرية والازدهار والديمقراطية. ستواصل إدارتا دبلوماسيتنا الهادئة التي لا هوادة فيها لتحقيق هذه الغاية».
وقالت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد إن الولايات المتحدة تعاملت مع الأزمة في إسرائيل وغزة بـ«تركيز استثنائي» بغية إنهاء النزاع «في أسرع وقت ممكن»، مضيفة أن إعلان وقف النار «إذا استمر، يقربنا خطوة واحدة من تحقيق هذا الهدف». ورأت أنه «يجب أن نحول تركيزنا نحو تحقيق تقدم ملموس أكثر في اتجاه سلام دائم»، داعية إلى «العمل سوية لتلبية الحاجات الإنسانية العاجلة على الأرض (...) وهي هائلة في غزة». وأكدت أنه «في جميع جهودنا - الماضية والحالية - استرشدنا بتصميم على عمل متعدد الأطراف ودبلوماسي واستراتيجي أيضاً»، مكررة «التزام العمل مع الأعضاء الآخرين في المجتمع الدولي على المدى الطويل لتهيئة الظروف لسلام دائم ومستدام».
وكذلك رحب غوتيريش بوقف إطلاق النار، وشكر الدول التي اضطلعت بدور كبير في التوصل إلى هذه الهدنة، مشيراً بصورة خاصة إلى مصر وقطر وبقية الأطراف التي «بذلت جهوداً بالتنسيق الوثيق مع الأمم المتحدة للمساعدة في إعادة الهدوء إلى غزة وإسرائيل». ودعا كل الأطراف إلى «احترام وقف النار». كما ناشد المجتمع الدولي «العمل مع الأمم المتحدة على تطوير حزمة متكاملة وقوية من الدعم من أجل إعادة إعمار وتعافٍ سريع ومستدام يدعم الشعب الفلسطيني ويعزز مؤسساته».
وشدد على أن «مسؤولية القادة الإسرائيليين والفلسطينيين تتجاوز استعادة الهدوء لتشمل بدء حوار جاد لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع». وقال إن «غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية ولا ينبغي ادخار أي جهد لتحقيق مصالحة وطنية حقيقية تنهي الانقسام». وكرر «التزام الأمم المتحدة العميق بالعمل مع الإسرائيليين والفلسطينيين، ومع شركائنا الدوليين والإقليميين، بما في ذلك من خلال اللجنة الرباعية لـ«الشرق الأوسط»، للعودة إلى مسار المفاوضات الهادفة «لإنهاء الاحتلال والسماح بتحقيق حل الدولتين على أساس خطوط 1967 وقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقات المتبادلة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.