إسبانيا تعيد 6500 مهاجر إلى المغرب... والرباط تضبط الحدود مع سبتة

قاصر مغربي أثناء محاولته الوصول إلى سبتة (إ.ب.أ)
قاصر مغربي أثناء محاولته الوصول إلى سبتة (إ.ب.أ)
TT

إسبانيا تعيد 6500 مهاجر إلى المغرب... والرباط تضبط الحدود مع سبتة

قاصر مغربي أثناء محاولته الوصول إلى سبتة (إ.ب.أ)
قاصر مغربي أثناء محاولته الوصول إلى سبتة (إ.ب.أ)

أعادت إسبانيا للمغرب أكثر من 6500 مهاجر من بين نحو 8 آلاف دخلوا مدينة سبتة المحتلة (شمال المغرب)، حسب ما أعلن وزير الداخلية الإسباني فرناندو جراندي مارلاسكا أمس. وقال مارلاسكا لراديو كوبي، إن الوضع «طبيعي» الآن مقارنة بالأيام السابقة، وعبر عن أمله في أن تكون الأزمة الدبلوماسية الأخيرة مع المغرب «قصيرة قدر الإمكان».
وكان الآلاف من المهاجرين قد تدفقوا على سبتة منذ الاثنين الماضي، وهو تدفق جرى تفسيره على نطاق واسع بأنه رد مغربي على استضافة إسبانيا لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، إبراهيم غالي. وأوضح مارلاسكا «يصعب تصور أن بادرة إنسانية تفجر وضعاً مثل الأزمة في سبتة». في سياق ذلك، قال وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة مساء أول من أمس، في تصريحات صحافية، إن الأزمة بين الرباط ومدريد بدأت عندما استقبلت إسبانيا غالي في 17 أبريل (نيسان) الماضي، وليس بسبب تدفق الآلاف من المهاجرين إلى سبتة.
وأوضح بوريطة «إذا كانت هناك أزمة بين المغرب وإسبانيا، الكل يعلم لماذا، لأن إسبانيا تعهدت أن تعمل مع أعداء المغرب». وأضاف وزير الخارجية المغربي أن «إسبانيا استقبلت على أراضيها شخصاً يحارب المغرب يومياً». وزاد بوريطة قائلاً: «إذا كانت هناك أزمة فلأن إسبانيا فضلت أن تنسق مع خصوم المغرب ضد مشاعر المغاربة».
وذكر أن «إسبانيا تحاول تحوير الاهتمام عن هذه القضية إلى قضية أخرى». وكشف بوريطة أن المغرب يتحمل تكلفة باهظة لمحاربة الهجرة غير الشرعية عبر أراضيه نحو أوروبا، مشيراً إلى أن بلاده فككت 4163 شبكة للهجرة غير الشرعية في 2017، كما أحبطت 48 عملية اقتحام للسياج الحدودي لسبتة. وقال بوريطة إن أوروبا لا تمنح المغرب حتى 20 في المائة من تكلفة محاربة الهجرة غير الشرعية، مشدداً على القول إن ما «تلقاه المغرب في 17 أبريل الماضي ليس دليلاً على سياسة حسن الجوار»، وذلك في إشارة إلى استقبال إسبانيا لغالي.
ميدانياً، واصلت السلطات المغربية أمس ضبط الحدود بين مدينتي الفنيدق وسبتة المحتلة، لمنع تدفق المهاجرين المغاربة والأفارقة. وأفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» بأن تعزيزات أمنية مغربية توافدت على مدينة الفنيدق، لمنع وصول المهاجرين إلى الحدود مع سبتة، فيما جرى تخصيص حافلات للنقل المجاني للمهاجرين إلى المناطق والمدن المغربية التي قدموا منها.
وقال شهود العيان ذاتهم إن مدينة الفنيدق بدت أمس هادئة، ولم تسجل فيها أي مواجهات مثلما حصل أول من أمس، حين تدخلت قوات الأمن المغربية لتفريق شباب قادمين من مدن مغربية مختلفة كانوا يستعدون لعبور الحدود مع سبتة. وتمكنت السلطات المغربية من فرض سيطرتها على الوضع بعد مواجهات انتقلت إلى عدد من الأحياء والشوارع. وذكرت مصادر في المدينة ذاتها أن العديد من الشباب «غادروا المدينة على متن حافلات خصصتها لهم السلطات، وبقي قلة منهم فيها».
على صعيد ذي صلة، رفضت المحكمة الإسبانية العليا في مدريد، أول من أمس، طلباً لاعتقال زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، الذي تسببت استضافته في مستشفى إسباني في بلدة لوغرونيو (شمال البلاد) لتلقي العلاج، في إثارة غضب الرباط.
وقال متحدث باسم المحكمة إن غالي متهم من جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان بارتكاب جرائم حرب، ويجب أن يحضر أولاً جلسة استماع أولية. وكان كل من الرابطة الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان ومواطن إسباني من أصل صحراوي قد تقدموا بطلب اعتقال أمين عام جبهة البوليساريو. ويقول خبراء قانونيون إن قاضي التحقيق يقبل في العادة مثل تلك الطلبات عندما تعتقد المحكمة بوجود خطر للفرار أو تدمير الأدلة.
ويفترض أن يمثل غالي أمام المحكمة في أول يونيو (حزيران) المقبل للإدلاء بشهادته. ويعتقد المراقبون أن رفع تلك الدعوى في إسبانيا قد يكون خطوة أولى نحو تحقيق قد يؤدي إلى محاكمة غالي. بيد أن أمين عام جبهة البوليساريو امتنع عن التوقيع على أمر الاستدعاء. ورجحت مصادر أنه تبعاً لذلك قد لا يمثل غالي أمام المحكمة نظراً لحصوله على حصانة دبلوماسية جراء جواز سفر دبلوماسي جزائري باسم «محمد بن بطوش».
في غضون ذلك، قالت سفيرة المغرب لدى إسبانيا، كريمة بنيعيش، التي استدعيت إلى الرباط للتشاور، إنه إذا اختارت إسبانيا إخراج زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية بالطريقة نفسها التي دخل بها إلى أراضيها، فهي تختار بذلك تدهور العلاقات الثنائية بين البلدين، حسب ما ذكرت وكالة إيفي الإسبانية.
ونسبت الوكالة ذاتها للسفيرة بنيعيش قولها إن العلاقات الإسبانية - المغربية تعيش «أزمة خطيرة»، مشيرة إلى أن ما يحدث مع غالي «هو اختبار لاستقلال القضاء الإسباني الذي نثق به تماماً»، ولكنه أيضاً اختبار آخر لمعرفة ما إذا كانت إسبانيا «تختار تعزيز علاقاتها مع المغرب أو تفضل التعاون مع أعدائه». وخلصت السفيرة بنيعيش إلى القول إن إسبانيا «اختارت للأسف عدم الشفافية والعمل من وراء ظهر المغرب، ورحبت بهذا المجرم والجلاد، وتحميه بحجة إنسانية، وبالتالي فهي تسيء إلى كرامة الشعب المغربي».


مقالات ذات صلة

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

نقلت وسائل إعلام فرنسية عن مصادر أمنية، السبت، أن اثنين من رجال الأمن ومهاجرَين قُتلوا بإطلاق نار في لون بلاج بالقرب من مدينة دونكيرك الشمالية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا منظمة «أطباء بلا حدود» تنقذ مئات المهاجرين على متن قارب في البحر الأبيض المتوسط (أ.ب)

بسبب القوانين... «أطباء بلا حدود» تُوقف إنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط

أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود»، الجمعة، وقف عملياتها لإنقاذ المهاجرين في وسط البحر الأبيض المتوسط بسبب «القوانين والسياسات الإيطالية».

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي مهاجرون جرى إنقاذهم ينزلون من سفينة لخفر السواحل اليوناني بميناء ميتيليني (رويترز)

اليونان تعلّق دراسة طلبات اللجوء للسوريين

أعلنت اليونان التي تُعدّ منفذاً أساسياً لكثير من اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي، أنها علّقت بشكل مؤقت دراسة طلبات اللجوء المقدَّمة من سوريين

«الشرق الأوسط» (أثينا)
العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

جزر الباهاماس ترفض اقتراح ترمب باستقبال المهاجرين المرحّلين

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن جزر الباهاماس رفضت اقتراحاً من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب المقبلة، باستقبال المهاجرين المرحَّلين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.