الرئيس التونسي يواجه انتقادات حادة من الأحزاب السياسية

طالبته بالكف عما اعتبرته «تشويهاً لصورة تونس في الخارج»

الرئيس التونسي يلتقي وزيرة الداخلية الإيطالية ومسؤولة المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية في تونس أول من أمس (إ.ب.أ)
الرئيس التونسي يلتقي وزيرة الداخلية الإيطالية ومسؤولة المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية في تونس أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

الرئيس التونسي يواجه انتقادات حادة من الأحزاب السياسية

الرئيس التونسي يلتقي وزيرة الداخلية الإيطالية ومسؤولة المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية في تونس أول من أمس (إ.ب.أ)
الرئيس التونسي يلتقي وزيرة الداخلية الإيطالية ومسؤولة المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية في تونس أول من أمس (إ.ب.أ)

انتقدت مجموعة من الأحزاب السياسية ونواب في البرلمان التونسي، التصريحات التي أدلى بها الرئيس قيس سعيد حول المشهد السياسي الحالي وعدم ملاءمة المناخ للاستثمار وتفشي الفساد، وطالبته بالكف عما اعتبرته «تشويهاً لصورة تونس في الخارج عبر وسائل إعلام أجنبية». واعتبر لطفي المرايحي، رئيس حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري، أن حديث الرئيس التونسي عن الفساد الذي ينخر الوضع في تونس «يضرب جهود النهوض الاقتصادي في مقتل»، ودعا الرئيس قيس سعيد إلى ممارسة صلاحياته الدستورية لفضح الفاسدين ومحاسبتهم وعدم تركهم طلقاء، «والكشف عن التآمرين على الدولة».
وفي السياق ذاته، اعتبر الصادق جبنون، المتحدث باسم حزب «قلب تونس»، أن فزاعة الفساد التي يستعملها الرئيس من فترة إلى أخرى باتت عنواناً انتخابياً، في مقابل فترة طويلة وعقيمة من الإنجازات. وأضاف أنه لم يسمع أي رئيس أفريقي في قمة تمويل الاقتصادات الأفريقية التي احتضنتها العاصمة الفرنسية باريس مؤخراً، يدعو إلى عدم الاستثمار في بلاده أو يتحدث عن الخلافات الداخلية، وهو أمر يدعو الرئيس التونسي إلى مراجعة سياسته.
وكان قيس سعيد قد أدلى بحوار أمس لقناة «فرانس 24»، قال فيه إن «فشل الاستثمارات في عدد من المناطق يطرح السؤال حول ما إذا كانت الدولة فقيرة أم تعرضت للنهب من الداخل»، معتبرا أن كل الثروات تتوفر في تونس، وكلما زادت النصوص القانونية لتنظيم تلك الثروات والاستفادة منها، زاد عدد اللصوص «فنص زائد يعني بالضرورة لص زائد». كما اتهم بعض التونسيين بمحاولة إحباط تنظيم تونس للقمة الفرنكفونية وإفشالها ليس لإفشال القمة في حد ذاتها «بل لحسابات سياسية سيأتي الوقت للحديث عنها وللإفصاح عن تفاصيلها».
من ناحيته، أكد مبروك كرشيد، النائب في البرلمان، أن رئيس الجمهورية ارتكب خطأ فادحاً، وهو «تحقير بلاده» خلال عقد مؤتمر اقتصادي مخصص لتمويل الاقتصادات الأفريقية وجلب الاستثمارات الخارجية. فمن خلال حديثه عن دعم وجود مناخ ملائم للاستثمار في تونس يمكن أن نفهم أنه يدعو إلى الإعراض عن الاستثمار فيها وإلى سحب تلك الاستثمارات منها، «وهو ما يضرب ما تبقى من رصيد الثقة لدى المستثمرين».
وقال جمال العرفاوي، المحلل السياسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الرئيس متمسك بمعاداة منظومة الحكم الحالية من أحزاب سياسية ونواب في البرلمان وأعضاء حكومة مصادق عليها، وهو يواصل انتقاداته الحادة لها، من ذلك أنه غير موافق على أي خطوة تتخذها المؤسسات الدستورية الأخرى على غرار التحوير الوزاري الذي أقرته الحكومة وصادق عليه البرلمان، علاوة على تعطيل إرساء المحكمة الدستورية.
وتبقى تلك الانتقادات مقبولة على المستوى المحلي في نطاق الصراع السياسي المفتوح بين مختلف الأطراف السياسية، غير أن نقل المعركة إلى الخارج قد تكون له أضرار جسيمة للجميع، بما فيهم رئيس الجمهورية نفسه. وأكد العرفاوي أن الرئيس سعيد مطالب الآن بالإفصاح عما لديه من معطيات ومعلومات حول الفساد والفاسدين وبإمكانه مواجهتهم من خلال رئاسته لمجلس الأمن القومي الذي يمكنه من صلاحيات دستورية كثيرة، على حد تعبيره.
على صعيد آخر، قرر البرلمان عقد أربع جلسات عامة خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة للنظر في عدد من مشاريع القوانين وللحوار مع أعضاء الحكومة وهيئات وطنية، وذلك في محاولة لتفعيل رقابة البرلمان على عمل الحكومة التي يقودها هشام المشيشي، في حين يرى مراقبون أنها قد تكون مقدمة لتقييم عمل الحكومة ومن ثم الحسم في مستقبلها السياسي.
ومن المنتظر عقد جلسة للنظر في القانون الهادف إلى تسوية وضعية عمال الحظائر. كما قرر إجراء حوار مع الحكومة بحضور وزراء التجهيز والإسكان والبنية التحتية، والشؤون المحلية والبيئة، والشؤون الدينية، وأملاك الدولة، والنقل، في 28 مايو (أيار) الحالي. ومن المنتظر كذلك عقد جلسة حوار مع الحكومة حول وضعية التونسيين خارج البلاد، بحضور وزراء الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين العاملين بالخارج، والنقل، والشؤون الاجتماعية، والوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية بصفتها الناطق الرسمي باسم الحكومة، وبحضور قيادات أمنية معنية بالموضوع، ووزير المالية بحضور ممثلين عن الديوانة التونسية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».