خريف 2015 وشتاء 2016.. الموسم الذي أبدع فيه الكبار وتألق ضمنه الشباب

أسبوع لندن.. قصات مبتكرة وأقمشة مترفة بإلهام من السبعينات

من عرض المخضرم بول كوستيلو
من عرض المخضرم بول كوستيلو
TT

خريف 2015 وشتاء 2016.. الموسم الذي أبدع فيه الكبار وتألق ضمنه الشباب

من عرض المخضرم بول كوستيلو
من عرض المخضرم بول كوستيلو

في فندق «وولدورف هيلتون» على بعد خطوات من «سومرست هاوس»، عرض المخضرم بول كوستيلوا تشكيلة بعنوان «جواهر في الضباب» عاد فيها إلى جذوره الآيرلندية، وشدت الأنفاس بجرأتها وألوانها وأحجامها. لا يختلف اثنان أنه صب فيها كل ما يمتلكه من خيال وإمكانيات، وكأنه يريد أن يعلم الصغار درسا في الثقة بالنفس ودقة التفصيل ويذكرهم أنه، قد يغيب لفترة، لكنه وجه لا تستغني عنه لندن الذي يشارك في أسبوعها منذ 30 عاما. الموسيقى التي اختارها كخلفية لعرضه كانت من وحي الفولكلور الآيرلندي، لكن ما عدا ذلك، لم يكن هناك أي شيء آخر له يربطها بالفولكلور. فالأحجام عصرية والقصات مبتكرة والأقمشة مترفة. أما الألوان، فحدث بلا حرج، فقد كانت تدخل السعادة على النفس، لأنها تذكر بالجواهر الثمينة، مثل الأخضر الزمردي، الأحمر الياقوتي والأزرق الزفيري، من جهة، ومن جهة ثانية، كانت تذكر بحديقة إيطالية متفتحة بالأزهار. فقد اعترف المصمم أنه استوحى الكثير من ألوانها من قرية كورينالدو، مسقط رأس الرسام رافائيل، في القرن الخامس عشر. رغم اقتراحه مجموعة كبيرة من المعاطف والقطع المنفصلة، إلا أن الغلبة كانت للفساتين، التي جاء بعضها بقصات الإمباير، بينما جاء بعضها الآخر منسدلا على شكل طبقات، وبأطوال تتباين بين القصير وبين الـ«ميدي»، لكن دائما بأحجام هندسية كبيرة ركز فيها المصمم على مكمن قوته: التفصيل الحاد. تتوالى القطع، وتعود بك حينا إلى حقب تاريخية بعيدة، وحينا إلى حقب ماضية يتذكرها كثير منا، مثل الثمانينات بأكتافها الضخمة وأكمامها المنفوخة، أو الستينات بأطوالها القصيرة وقصاتها التي تبتعد عن الخصر بعض الشيء. بيد أن كل هذه الرحلات إلى الماضي، لم تجعل كوستيلو يتواكل على إعجاب أو ولاء امرأة واحدة، بل استهدف كل نساء العالم، وكل الأجيال. فامرأة واحدة، على ما يبدو، لا تكفيه.
المصمم الشاب، جون بيير براغانزا، من جهته ظل وفيا لأسلوبه المتميز بالطيات وبالتلاعب بالأطوال غير المتناسقة. لكن هذا لا يعني أنه وقف (محلك سر)، ولم يطور أسلوبه، بل العكس. بإضافته طيات من الأوريغامي، وتفاصيل أخرى في الجوانب، أكد بأنه نضج وأصبح يعرف زبونته جيدا ويتفاعل معها، عوض أن يحاول أن يفرض عليها أسلوبه المتمرد. فقد كان لافتا للنظر أنه روض جموحه من دون أن يتنازل عن الأساسيات. والمقصود هنا أنه لم يركز فقط على المضمون الذي يبيع على حساب ابتكار الجديد، والدليل أن عرضه تميز بالتنوع الذي شمل بنطلونات مفصلة بأقمشة مترفة مثل الأورغنزا، وفساتين من الصوف مستقيمة وبسيطة تتخللها تفاصيل مبتكرة، كما هو الحال بالنسبة لقطعة تعطي الانطباع أنها 3 قطع، فمن الجانب تظهر على أنها معطف، ومن الخلف وكأنها جاكيت قصير مع تنورة، أما من الأمام، فهي فستان محدد على الجسم. هذه القطعة وحدها كانت تكفي لتذكرنا بإمكانيات برانغازا الإبداعية وقدراته على المراوغة لمواجهة متطلبات سوق متقلب.
في عرض أليس تامبرلي، فاجأت المصممة الحضور بإرسالها صوفي داهل، العارضة سابقا والكاتبة حاليا في آخر العرض بفستان أسود من المخمل تحته بنطلون من اللاميه الذهبي. فهذه العارضة تقاعدت، أو بالأحرى طلقت عروض الأزياء إلى أن أقنعتها تامبرلي بالمشاركة مستغلة صداقتهما. ورغم أهمية عودة صوفي داهل، وهي عارضة اشتهرت في التسعينات بمقاسات جسمها الممتلئة مقارنة بباقي العارضات، وأيضا بظهورها عارية في إعلان لعطر إيف سان لوران، فإنها لم تسرق الأضواء من التشكيلة. فهذه كانت تقطر بالجمال والأناقة، أخذتنا فيها المصممة في رحلة ممتعة إلى عدة أماكن وإلى ثقافات إثنية، من خلال قطع منفصلة وخفيفة نسقتها على شكل طبقات متعددة لاتقاء قرص البرد، وفي الوقت ذاته، يمكن التخلص من أي منها بسهولة حسب المكان والزمان. أي أنها موجهة لامرأة تسافر كثيرا إلى وجهات تختلف فيها أحوال الطقس وتحتاج إلى خزانة ملابس تلبي متطلبات حياتها الأنيقة. فساتين شفافة منسابة، وأخرى مطرزة تنسدل على الجسم في أقمشة مترفة وناعمة، وتنورات بأطوال مختلفة، تتباين بين الـ«ميدي» و«الماكسي»، كلها تغطي الركبة، سواء كانت موجهة للنهار أو المساء. كانت هناك أيضا قطعا من الصوف على شكل كنزات ومعاطف واسعة بياقات عالية زينتها شالات مستطيلة وطويلة مطرزة بألوان قوس قزح كان الغرض منها إضفاء المزيد من الحيوية عليها، خصوصا وأن ألوان الأزياء كانت هادئة، غلبت عليها درجات البني والأسود والرمادي والأزرق، ما جعل التطريزات ذات الإيحاءات الإثنية والدرجات المتوهجة مثل الأزرق الفيروزي والفوشيا والأصفر، حقنة مطلوبة. كل ما في العرض كان يضج بالأناقة والرومانسية البوهيمية إلى حد كبير، لأن كل إطلالة كانت تعطي الانطباع بأناقة لا مبالية، بقصاتها المنسدلة وأقمشته الهفهافة وحتى تطريزاتها الغنية.
جاسبر كونران، مصمم آخر يعرف كيف يدللنا بأزياء أنيقة وسهلة للاستعمال اليومي. يوم السبت الماضي، قدم تشكيلة تغلب عليها ألوان الخريف الطبيعية وبخطوط راقية مع نقشات هادئة مستوحاة من لوحات يابانية، وتحديدا من طبعات كونيسادا من القرن التاسع عشر، خص بها الحرير تحديدا. موسما بعد موسم، لا يبخل علينا المصمم المخضرم بتصاميم يريدها أن تميز المرأة وتشعرها بالثقة بالنفس، ويركز فيها على التفصيل الإنجليزي من دون أن ينسى إضافة لمسات أنثوية راقية. بعض العرض، صرح بأنه عندما يصمم للمرأة، فإنه يأخذ بعين الاعتبار أسلوب حياتها «هل تعمل؟ هل هي جادة؟ وعندما ستدخل أي مكان، هل ستبدو رائعة أم عادية؟». والجواب دائما يكون أنها يجب أن «تشعر بالثقة عندما تدخل أي مكان». تشكيلته الأخيرة تجسد هذه الثقة من خلال فساتين من الكشمير، وتنورات مستقيمة تغطي الركبة، وأخرى من الحرير تنسدل على الجسم بسخاء، طبعتها نقشات غرافيكية حينا، ونقشات مستلهمة من الفنان الياباني كونيسادا حينا آخر، تتسم بكثير من الرومانسية والعصرية في الوقت ذاته، حتى لا تبدو مغالية في الحنين إلى الماضي. ويبدو أن الراحة كانت أيضا مهمة بالنسبة له، لأنه ركز على هذا العنصر في كنزات واسعة وتنورات ببلسيهات منسدلة. تفسير المصمم أنه أراد «تشكيلة يمكن أن تستعملها المرأة بسهولة في كل مناسبات النهار». فالكشمير يمنحها الدفء، والحرير أنوثة راقية.
القول بأن عرض «بربيري برورسم» من أهم العروض التي تنتظرها أوساط الموضة في لندن، وتستقطب نجوما من العيار الثقيل، أصبح من الكليشيهات. فعدا أنها أكبر دار أزياء بريطانية، بتاريخها وإمكانياتها، تؤكد أيضا أن سطوتها الجمالية والتجارية، في كل أنحاء العالم، تزيد موسما بعد موسم. يوم الاثنين الماضي كشفت عن تشكيلة أطلقت عليها عنوان «باتشوورك، رسمات وطبعات» ما من شك أنها ستسوق نفسها بسهولة، لأن كل قطعة فيها، كانت تُغري بالاستحواذ عليها وتطعيم خزانة خريف وشتاء 2015 بها. أهم ما فيها أنها تتمتع بفنية عالية أصبحت لصيقة بالمصمم كريستوفر بايلي، الذي حملنا هذه المرة إلى السبعينات، مستعملا تقنية الباتشوورك والشراشيب، التي ظهرت أيضا في حقيبة «باكيت»، والألوان المطفية مع بعض الترصيعات الزجاجية، إضافة إلى كم هائل من القطع المنفصلة التي تخاطب امرأة شابة وعصرية. طبعا لا يكتمل أي عرض لـ«بربيري» من دون المعطف الواقي من المطر، فهو تعويذتها التي تتفاءل بها وتعود إليها في كل موسم تطورها وتدخل عليها تفاصيل جديدة لتخاطب كل الأجيال والأذواق. هذه المرة جاء بنقشات متضاربة وبتقنية الباتشوروك، كما جاء بجلد الشامواه. بيد أن كريستوفر بايلي لم ينس أن دوره كمدير فني يعني أن يبتكر تعويذات جديدة تتوارثها أجيال قادمة، عوض الاستكانة لقطعة من الماضي، وإذا كانت أيقونية، وهذا ما أثبته في قطع مثل البُنش، رأيناها في الموسم الماضي لكنه عاد إليها ليرسخ مكانتها كقطعة أنيقة، كما في فساتين ناعمة من الموسلين أو الدانتيل شكلت تناقضا متناغما مع جلد الشامواه، الذي ساد في جاكيتات بشراشيب وفي معاطف وحقائب يد وأيضا في أحذية عالية الساق. استعمل أيضا تقنيات جديدة مثل تلك التي ظهرت في التبطين، وقال إنه استلهمها من تقنية إنجليزية قديمة اشتهرت بها منطقة ديرهام الواقعة بالقرب من مسقط رأسها، شرق يوركشاير. باستثناء قطع قليلة مفصلة بأسلوب كلاسيكي، كانت القصة تدور حول امرأة بوهيمية تعشق السفر، تميزت فيها القصات بخصور عالية وأطوال تغطي الركبة وتصاميم منسدلة لو عاشت الراحلة تابيثا غيتي لحملتها معها كلها في رحلة إلى مراكش.
«مالبوري» دار أزياء بريطانية أخرى تتمتع بإرث عريق، لكنها تمر بمرحلة حرجة من تاريخها منذ فترة. فرغم أنها أعلنت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أنها عينت جوني كوكا ليخلف إيما هيل التي تركت الدار بسبب عدم توافقها مع الرئيس التنفيذي السابق، إلا أنها أعلنت أيضا أنه لن يقدم تشكيلته الأولى لها حتى شهر يوليو (تموز) القادم، مشيرة إلى أنها لن تقدم عرضا بالمعنى التقليدي، بل ستكتفي باستعراض جديدها أمام وسائل الإعلام وصناع الموضة، بمواعيد مسبقة، وهو ما كان. معاينة تصاميمها عن قرب تؤكد بأنها تتمتع بحرفية عالية وبأن مكمن قوتها لا يزال مجال الإكسسوارات، لا سيما حقائب اليد، لكنها تحاول جادة أن تخترق مجال الأزياء وتحفر لها مكانة فيها. اقترح فريقها الكثير من المعاطف الجلدية المزينة أو المبطنة بصوف الخرفان، أو الصوفية المغزولة بتقنيات حديثة كان الغرض منها تنعيمها أكثر، فضلا عن كنزات من صوف الألبكة أو الكشمير. لكن اللافت فيها كان الطبعات المستلهمة من فن العمارة الجيورجية، حسب تصريح الدار، بينما بقيت الخطوط بسيطة ومضمونة تفتقد بعض الجرأة التي يمكن أن تميزها وتُدخلها ضمن الكبار فيما يتعلق بالأزياء على الأقل.
المضمون لم يكن يخطر ببال روكساندا إلينشيك عندما صممت تشكيلتها الصارخة بألوان قوس قزح وأقمشتها المتنوعة. كل ما فيها كان يصرخ بأنوثة أصبحت لصيقة بها، وتتميز بطول يلامس الكاحل، وياقات عالية وخصور نحيفة. وهي تصاميم تناسب المرأة الشرقية كما تناسب فتاة غربية شابة، بفضل خطوطها الهندسية البسطة بحكم أن المصممة درست الهندسة المعمارية أساسا، ما بدا واضحا في بعض الأحجام والأشكال، مثل فستان مستقيم بتنورة طويلة تتسع من تحت بشكل دائري يلف حول نفسه مع كل خطوة، ليذكرنا بأن الموضة في لندن بألف خير.



ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
TT

ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)

ما الذي يمكن أن يجمع دوقة ساسكس، ميغان ماركل وكايلي جينر، صُغرى الأخوات كارداشيان؟ فالأولى ترتبط بالعائلة المالكة البريطانية بحكم زواجها من الأمير هاري، والثانية تنتمي إلى عائلة بَنَتْ شهرتها على تلفزيون الواقع. خبراء الموضة يجيبون بأن هناك فعلاً مجموعة من القواسم المُشتركة بينهما؛ فإلى جانب الجدل الذي تثيرانه لدى كل ظهور لإحداهما، بسبب ما تُمثلانه من ثقافة يرفضها بعض الناس ويدعمها بعضهم الآخر، فإن تأثيرهما على صناعة الموضة من الحقائق التي لا يختلف عليها اثنان. ما تلبسه ميغان يتصدر العناوين وصفحات المجلات البراقة وقد ينفد من المحلات، وما تنشره كايلي جينر على صفحاتها ينتشر انتشار النار في الهشيم، في دقائق، ويلهب رغبة متابعاتها في الشراء.

كايلي في فستان «فريز» من «غالفان» (خاص) وميغان في حفل بلوس أنجليس (أ.ب)

وهذا ما يجعل المصممين لا يمانعون ظهورهما بتصاميمهم، بغض النظر عما إذا اتفقوا مع الثقافة التي ترتبط بهما أم لا، على أساس أنه مهما وصلت نسبة الجدل والانتقادات؛ فهي نافعة تعود عليهم بالربح. أو، على أقل تقدير، تسلِّط الضوء عليهم.

في عام 2018، ظهرت كل منهما بفستان مستوحى من «التوكسيدو» باللون نفسه، ومن الماركة النيوزيلندية نفسها، ماغي مارلين. ظهرت به ماركل في زيارتها الرسمية لأستراليا ونيوزيلندا رفقة زوجها الأمير هاري، من دون أكمام، بعد أن طلبت من المصممة تعديله خصيصاً لها. كايلي، وبعد مدة قصيرة، ارتدته كما هو بأكمام، الأمر الذي يشي بأنها اشترته جاهزاً. في الحالتين، أسعدتا المصممة ماغي هيويت، التي تغنَّت بهما على صفحتها بالصورتين معبرة عن إعجابها بالشخصيتين؛ خصوصاً أن المبيعات زادت بشكل ملحوظ.

الجانب التجاري

لكن هناك أيضاً اختلافات بينهما؛ فكايلي تستفيد مادياً وترويجياً، لأنها تتلقى مبالغ طائلة لقاء منشور واحد، على العكس من ميغان التي لا تستطيع ذلك، لحد الآن على الأقل، لدواعي الحفاظ على صورة راقية تعكس لقبها كدوقة بريطانية، مع العلم بأن هذا اللقب لم يمنعها من دخول مضمار أعمال تجارية لم تحقق النجاح الذي تطمح إليه.

تغريدة واحدة من كايلي جينر تحقق ما لا يحققه عرض بكامله من ناحية تسليط الأضواء (رويترز)

في المقابل، فإن كايلي جينر، ورغم سنها الغضة، تجاوزت في فترة من الفترات حاجز المليار دولار لتُصبح واحدة من أصغر سيدات الأعمال بفضل علامتها «كاي (KHY)» لمستحضرات التجميل والعناية بالبشرة. أكدت، منذ بدايتها، أن الحس التجاري يجري في دمها؛ إذ شقت لنفسها خطأً مختلفاً عن أخواتها، ربما لأنها كانت تعرف أن منافستهن صعبة. ما نجحت فيه أنها استغلَّت اسم العائلة وشهرة أخواتها لتخاطب بنات جيلها بلغة تُدغدغ أحلامهن وطموحاتهن. وسرعان ما أصبحت نجمة قائمة بذاتها على وسائل التواصل الاجتماعي. تغريدة واحدة منها يمكن أن تغير مسار علامة تماماً.

زِيّ من ماركة «ألتوزارا» الأميركية ظهرت بها خلال مناسبة خاصة بالصحة النفسية والعقل اعتبره كثيرون غير مناسب للمكان والزمان (رويترز)

ميغان ماركل، رغم استثماراتها ومغازلتها صُنَّاع الموضة، لا تزال تستمد بريق صورتها من ارتباطها بالأمير هاري. على المستوى الربحي، لم تنجح في أن تنتقل من رتبة مؤثرة إلى درجة سيدة أعمال، كما لم تنجح في كسب كل القلوب، وهذا ما يجعل شريحة مهمة ترفض وصفها بأيقونة موضة، وتصف اختياراتها بـ«غير الموفقة». هذه الشريحة تستشهد إما بارتدائها تصاميم بمقاسات أكبر أو أصغر من مقاسها الحقيقي، أو تصاميم من ماركات عالمية لا تناسب شكلها أو طولها، وهلمّ جرّا.

ميغان ماركل رغم تأثيرها تثير كثيراً من الجدل بين رافض ومعجب (كارولينا هيريرا)

بيد أن قوتها، بالنسبة للمعجبات بها، كانت، ولا تزال، تكمن في عيوبها؛ فلأنها لا تتمتع بمقاييس عارضات الأزياء، ولا تشبه «كنَّتها»، أميرة ويلز، كاثرين، رشاقةً وطولاً، فإنها تُعبِّر عنهن. كل فتاة أو امرأة، بغض النظر عن عيوبها ومقاييسها، ترى نفسها في إطلالاتها. فعندما ظهرت بصندل من شركة «كاستنر» الإسبانية مثلاً ارتفعت مبيعاتها بنسبة 44 في المائة مباشرة، لأنها خاطبت شرائح من الطبقات المتوسطة، نظراً لأسعارها المعقولة. علامات محلية كثيرة لم تكن معروفة اكتسبت عالمية بمجرد أن ظهرت بها، لا سيما في السنوات الأولى من زواجها، حين كانت بالنسبة للبعض بمثابة «سندريلا» معاصرة. ساهمت أيضاً في تسليط الضوء على علامة «Club Monaco»، بعد ظهورها بفستان مستوحى من القميص، أي بإزار من الصدر إلى الأسفل، حين ظهرت به أول مرة خلال زيارتها الرسمية لجنوب أفريقيا.

لم يكن التصميم ثورياً أو جديداً، لكنه فتح عيون المرأة عليه، ليزيد الإقبال عليه بنسبة 45 في المائة وينفذ من الأسواق خلال 24 ساعة. كان لها نفس التأثير الإيجابي على علامات مثل «جي كرو» و«جيفنشي» و«ستيلا ماكارتني» وغيرهم. منصة «ليست»، وهي أيضاً شركة تسوُّق أزياء عالمية تربط العملاء بتجار تجزئة الأزياء رشحتها «كأهم مؤثرة لعام 2018». بيد أن تأثيرها ظلَّ مستمراً حتى بعد خروجها من المؤسسة البريطانية في عام 2020، وإن خفَّ وهج صورتها بعض الشيء.

البحث عن الجاكيت الذي ظهرت به ميغان في ألمانيا لدى حضورها ألعاب «إنفيكتوس» عطل موقع «جي كرو» (رويترز)

موقع «جي كرو» مثلاً تعطَّل في سبتمبر (أيلول) 2023، بسبب البحث عن سترة بيضاء ظهرت بها لدى مرافقتها زوجها، الأمير هاري، إلى ألمانيا، لحضور ألعاب «إنفيكتوس».

ولأنها باتت تَعرِف قوة تأثيرها على الموضة، استثمرت مؤخراً في علامة «سيستا كوليكتيف»، وهي علامة حقائب تصنعها نساء من رواندا، وتكتمل تفاصيلها في إيطاليا، لتحمل صفة «صُنع باليد». قالت إنها اكتشفتها بالصدفة وهي تقوم بعملية بحث عبر الإنترنت على حقائب مستدامة. ظهرت بالحقيبة أول مرة في مايو (أيار) من عام 2023 لدى حضورها حفل عشاء مع كل من غوينيث بالترو وكاميرون دياز في لوس أنجليس.

عروض الأزياء العالمية

ومع ذلك، لم نرَ ميغان ماركل بأي عرض أزياء في نيويورك أو في باريس أو ميلانو حتى الآن، باستثناء حضورها في عام 2018 حفل توزيع جوائز الموضة البريطانية ضيفةَ شرفٍ لتقديم جائزة العام لمصممة فستان زفافها، كلير وايت كيلر، التي كانت مصممة «جيفنشي» آنذاك. لكن كان هذا حفلاً وليس عرض أزياء.

اختتمت عرض «كوبرني» كسندريلا في فستان من التافتا أسود (رويترز)

كايلي جينر، ورغم رفض الثقافة التي تمثلها هي وأخواتها من قبل شريحة مهمة، أصبحت في السنوات الأخيرة وجهاً مألوفاً في عروض باريس. تُستقبل فيها استقبال نجمات الصف الأول. في الموسم الماضي، وخلال «أسبوع باريس لربيع وصيف 2025»، سجَّلَت في 3 ظهورات لها فقط ما يوازي ما قيمته أكثر من 20.3 مليون دولار، حسب بيانات «إنستغرام» وحده، إذا أخذنا أن «لايك» واحداً يساوي دولاراً.

لهذا ليس غريباً أن يتهافت عليها المصممون. نعم، هي مثيرة للجدل وأسلوبها لا يروق لكل الزبونات، لكنها في آخر المطاف توفر المطلوب من ناحية تسليط الضوء عليهم. ففي عالم الموضة والتجارة «أي دعاية حتى وإن كانت سلبية هي دعاية مجدية وأفضل من لا شيء». لم يقتصر حضورها في الموسم الباريسي ضيفةً فحسب، بل عارضة في عرض «كوبرني» المستلهم من عالم «ديزني». كانت هي مَن اختتمته في فستان من التافتا بإيحاءات قوطية تستحضر صورة «سندريلا».

تأثير إيجابي

3 مقاطع فقط من فيديو العرض، ولقطات من خلف الكواليس حققت 14.4 مليون مشاهدة؛ ما جعل علامة «كوبرني» تحقق 66 في المائة من إجمالي قيمة التأثير الإعلامي. كانت مشاركتها مخاطرة، لكنها أعطت ثماراً جيدة حسب تصريح الدار. تجدر الإشارة إلى أن «كوبرني» لمست تأثيرها القوي في عام 2022، عندما ظهرت في دعاية لمستحضرات التجميل الخاصة بها، وهي تحمل حقيبة من «كوبرني». ما إن نُشرت الصور، حتى زادت مبيعات الحقيبة بشكل كبير. في عرض الدار لخريف وشتاء 2023. لم تتمكن كايلي من الحضور إلى باريس، لكنها لم تغب؛ إذ نشرت صورة لها في زي من التشكيلة المعروضة، شاهدها الملايين من متابعيها، وحقَّقت ما لم يحققه العرض بالكامل من ناحية المشاهدات و«اللايكات».

كايلي جينر لدى حضورها عرض «سكاباريلي» بباريس (سكاباريلي)

وإذا كان الشك لا يزال يراود البعض على مدى تأثيرها على أساس أن علامة «كوبرني» لها شعبيتها الخاصة التي تستمدها من قدرة مصمميها على الإبداع وخلق الإثارة المسرحية أمام الضيوف، فإن تأثيرها الإيجابي على علامة «أتلين» الفرنسية الناشئة تُفند هذه الشكوك. وجودها في عرضها لربيع وصيف 2025 كان له مفعول السحر؛ حيث حققت لها ما يوازي 11.6 مليون دولار من المشاهدات واللايكات. طبعاً لا ننسى حضورها عرض «سكاباريلي» بتصميمٍ أثار انتباه العالم لغرابته وسرياليته.

رغم محاولاتها أن تُصبح أيقونة موضة لا تزال ميغان تستمد بريقها وقوة تأثيرها من ارتباطها بالأمير هاري (أ.ف.ب)

«كايلي» لا تقوم بأي حركة أو فعل من دون مقابل. حتى عندما تختار علامات ناشئة للتعاون مع علامتها الخاصة «كاي (Khy)»؛ فهي تؤمن بأنه لا شيء بالمجان. وهذا تحديداً ما يجعلها تتفوق على ميغان ماركل من ناحية التأثير التجاري حسب الأرقام والخوارزميات. الفضل يعود أيضاً إلى نجاحها في استقطاب شريحة مهمة من بنات جيلها تخاطبهن بلغة تُدغدغ أحلامهن. ماركل في المقابل لم تنجح لحد الآن في الخروج من جلباب لقبها كدوقة ساسكس.