مصر تضع 3 سيناريوهات لمواجهة الملء الثاني للسد الإثيوبي

وزير الري راهن على البنية التحتية القوية في تحمل «الصدمات المائية»

لقطة مأخوذة من مقطع فيديو تم الحصول عليه من هيئة الإذاعة العامة الإثيوبية تظهر الملء المبكر لخزان «سد النهضة» (أ.ف.ب)
لقطة مأخوذة من مقطع فيديو تم الحصول عليه من هيئة الإذاعة العامة الإثيوبية تظهر الملء المبكر لخزان «سد النهضة» (أ.ف.ب)
TT

مصر تضع 3 سيناريوهات لمواجهة الملء الثاني للسد الإثيوبي

لقطة مأخوذة من مقطع فيديو تم الحصول عليه من هيئة الإذاعة العامة الإثيوبية تظهر الملء المبكر لخزان «سد النهضة» (أ.ف.ب)
لقطة مأخوذة من مقطع فيديو تم الحصول عليه من هيئة الإذاعة العامة الإثيوبية تظهر الملء المبكر لخزان «سد النهضة» (أ.ف.ب)

قالت مصر إنها تضع 3 سيناريوهات أمامها في مواجهة أزمة الملء الثاني لـ«سد النهضة» الإثيوبي، والمتوقعة خلال الأشهر المقبلة، مبينة أن الأمر يتوقف على البنية التحتية لتحمل «الصدمات المائية المختلفة». وأعلنت إثيوبيا عزمها تنفيذ المرحلة الثانية من ملء خزان السد، المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل، خلال موسم الأمطار، في يوليو (تموز) المقبل، فيما تطالب مصر والسودان، بتوقيع اتفاق نهائي مُلزم يحدد قواعد ملء وتشغيل السد، قبل اتخاذ أي إجراءات أحادية الجانب. ووصف وزير الموارد المائية والري المصري، الدكتور محمد عبد العاطي، في تصريحات تلفزيونية، مساء أول من أمس، «ملء إثيوبيا لـ(سد النهضة) بأنه صدمة مائية ستقلل كمية المياه التي تستفيد منها مصر، لأنه سيؤدي إلى وجود جفاف صناعي». وأشار عبد العاطي إلى أن «الجانب الإثيوبي يخطط لتخزين 13.5 مليار متر مكعب من المياه هذا العام»، متوقعاً «ألا تتمكن إثيوبيا من تخزين هذه الكميات في ظل مؤشرات حول وجود مشكلات فنية وتقنية تحول دون قدرتهم على الوصول لهذه الكمية». وأضاف: «هناك 3 سيناريوهات مختلفة لمواجهة ملء إثيوبيا الثاني للسد، الأول أن يأتي الفيضان عالياً وتكون مناسيب البحيرة في السد العالي بمصر آمنة وتستطيع استيعاب الصدمة، فيكون التأثير أقل».
السيناريو الثاني، وفق الوزير، يكمن في وجود فيضان متوسط، ومن هنا ستخصم منه المياه التي ستحجز في «سد النهضة وباقي المياه التي ستأتي لمصر والسودان سيخصم منها المياه التي حجزت في إثيوبيا، وهذا مواجهته جيدة»، في حين يبقى السيناريو الأسوأ، وهو ملء السد وسط وجود جفاف طبيعي مع الجفاف الصناعي. وراهن الوزير المصري على البنية التحتية القوية لبلاده، قائلاً إنه «تم تجهيزها خلال الـ5 سنوات الماضية كي تتحمل الصدمات المختلفة، وبينها تخفيض مساحات زراعة الأرز من مليون فدان إلى 700 ألف فدان، مع تخفيض مساحات القصب والموز لاستهلاكها المياه بشكل كبير». وأضاف: «تم تدشين 120 محطة تعمل على خلط المياه مع إنشاء عدد من سدود الأمطار وإنشاء أكبر محطتين في العالم لتنقية مياه الصرف الزراعي، وكذلك مشروع تبطين الترع والاعتماد على الري الحديث والاعتماد على تحلية مياه البحر في المناطق الساحلية».
وشدد عبد العاطي على أن مصر «لا تتساهل في الاستعدادات لمواجهة التحديات التي سيخلفها الملء الثاني لسد النهضة»، مؤكداً أن مصر «تستطيع مواجهة السيناريو الأسوأ حال حدوثه». وسبق أن شدد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، على أن الفيصل بالنسبة لمصر هو حدوث ضرر مائي عليها جراء أي تصرف أحادي من جانب إثيوبيا. وقال شكري إنه «في هذه الحالة سوف تقوم مصر باتخاذ ما تراه لمواجهة هذا الضرر»، مشيراً إلى أن مصر لديها مخزون مياه في السد العالي. وتابع: «لدينا ثقة أن الملء الثاني لسد النهضة لا يؤثر على مصر، لكن في جميع الأحوال فإن الأمر المحسوم هو وقوع الضرر الذي يتطلب تحركاً من مصر». وأعلنت إثيوبيا الانتهاء من بناء 80 في المائة من «سد النهضة» على نهر النيل، الذي ما يزال يثير خلافاً مع دولتي المصب (مصر والسودان). وقال وزير المياه والري الإثيوبي سليشي بقلي، في جلسة منتدى تشاوري نظمته وزارة الخارجية الإثيوبية ومجلس تنسيق المساهمة الشعبية لدعم سد النهضة، إن «أعمال البناء في السد تسير وفق الخطة الموضوعة بصورة جيدة تجاوزت الـ80 في المائة». وتجمدت المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا منذ أبريل (نيسان) الماضي، بعد تعثر الوصول لاتفاق. ودعت وزارة الخارجية الأميركية، السبت الماضي، لاستئناف المفاوضات بشأن سد النهضة على وجه السرعة، مشيرة إلى أن القرارات المقبلة ستكون لها تداعيات كبيرة على شعوب المنطقة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».