موجة اغتيالات تستهدف قادة حوثيين رداً على جرائمهم بحق السكان

تسجيل 76 حادثة في 5 أشهر في صنعاء وذمار والبيضاء وإب

TT

موجة اغتيالات تستهدف قادة حوثيين رداً على جرائمهم بحق السكان

لم يعد الصراع داخل صفوف وأجنحة الميليشيات الحوثية على النفوذ والسلطة والمال هو السبب الوحيد وراء تصاعد موجة الاغتيالات التي يتعرض قادة الجماعة ومشرفوها، إذ أفادت مصادر مطلعة بأن روح الانتقام من جرائم الجماعة بحق السكان باتت من ضمن الأسباب التي جعلت المقهورين يلجأون للرد باستهداف عناصر الميليشيات.
وفي الوقت الذي كشفت فيه مصادر أمنية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن تصاعد عمليات الاغتيال بحق قادة ومشرفين ومسلحين في الجماعة على أيدي مواطنين وتوسع هذه العمليات في أكثر من منطقة، كانت أحدث هذه العمليات هي محاولة قتل القيادي المدعو منير السماوي المعين من قبل الجماعة مديراً لأمن مدينة البيضاء قبل ثلاثة أيام، حيث أسفرت العملية عن مقتل أحد مرافقيه وإصابة آخر ردا على مقتل مواطن تحت التعذيب بأحد معتقلات الجماعة في المدينة.
وذكرت مصادر محلية في البيضاء، أن مرافقي الشيخ القبلي صالح الحميقاني الموالي للانقلابيين أطلقوا نيران أسلحتهم على القيادي الحوثي السماوي بأحد مستشفيات المدينة انتقاما منه، ما أدى إلى مقتل أحد مرافقيه وإصابة آخر فيما نجا السماوي وتمكن من الفرار.
على الصعيد ذاته ذكرت مصادر أمنية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن عمليات الاغتيال التي قُيد أغلبها ضد مجهولين استهدفت منذ مطلع العام الجاري أكثر من 76 قياديا حوثيا بينهم مشرفين أمنيين واجتماعيين وثقافيين ومسؤولين إلى جانب قيادات ميدانية وعسكرية، حيث يرجح مسؤولية مواطنين عنها تعرضوا مع أسرهم للإذلال.
المصادر تحدثت عن نجاح 43 عملية اغتيال من أصل 76 عملية خلال تلك الفترة في حين فشلت نحو 33 محاولة، وأسفرت بعضها عن وقوع إصابات متفاوتة.
وأرجعت المصادر أسباب اتساع هذه الموجة إلى الروح الانتقامية، على خلفية جرائم قتل واعتقال ونهب وتنكيل وتعذيب وإخفاء وتجنيد قسري مارسها قادة ومشرفون حوثيون، في كل من العاصمة صنعاء وريفها ومدن ذمار وإب وعمران والمحويت ومناطق واقعة تحت سيطرة الجماعة في الضالع والحديدة وتعز.
وطبقا للمصادر، فقد واصلت الجماعة، وكيل طهران في اليمن، التكتم عبر وسائل إعلامها وعدم التطرق لمثل تلك العمليات التي استهدفت العشرات من قادتها ومشرفيها، في حين تستثني فقط الحديث عن البعض منها، خصوصا تلك التي باءت بالفشل وتم نسبها إلى مسلحين مجهولين وكذا من تصفهم الجماعة بـ«الخارجين عن القانون وأعداء المسيرة الحوثية».
وفي محافظة إب (170كم جنوب صنعاء) والتي تأتي في المرتبة الثانية بعد صنعاء العاصمة فيما يتعلق بحوادث الاغتيال بحق العناصر الحوثية، تحدث مصدر مطلع في المحافظة عن أن مسلحين وصفوا بـ«المجهولين»، أقدموا قبل نحو عشرة أيام على قتل قيادي حوثي يدعى أبو حسين الغرباني في منطقة قحزة.
وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن المسلحين تمكنوا بعد أن نصبوا كمينا محكما للقيادي الحوثي ومرافقيه في الخط الرابط بين (إب - مدينة العدين - الجراحي الحديدة) وأمطروه بوابل من الرصاص ما أدى إلى مقتله على الفور وعدد من مرافقيه.
وقال إن القيادي الحوثي الغرباني كان متهما من قبل أهالي قرى بمناطق قحزة ومشورة وغيرها في إب بوقوفه وراء إجبار عشرات العائلات تحت قوة التهديد والسلاح والحرمان من الخدمات والمساعدات على تسليم أطفالهم بالقوة للقتال بصفوف وجبهات الجماعة.
وأشار المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه لاعتبارات أمنية، إلى أن وسائل إعلام الجماعة مارست التكتم على الحادثة، في حين واصلت تكثيف حملاتها القمعية فور وقوع الحادثة بحق أبناء تلك القرى بحجة ملاحقة الجناة للقبض عليهم والاقتصاص منهم.
وفي محافظة ذمار الواقعة هي الأخرى تحت حكم وسيطرة الانقلابيين، شكا (أحمد. ن) وهو اسم ترميزي لمواطن يقطن وسط مدينة ذمار، لـ«الشرق الأوسط» من بطش أحد قيادات الميليشيات (ينتمي لمحافظة عمران) ويعمل مسؤولا في مكتب الأوقاف والإرشاد منذ أعوام في المحافظة.
وتحدث المواطن عن قيام ذلك القيادي، قبل نحو عام بالبسط بقوة السلاح على أرضية تابعة له وسط مدينة ذمار وبناء محال تجارية عليها ثم تأجيرها بمبالغ مرتفعة دون وجود رادع يوقفه عند حده.
وأشار إلى وجود أراض وعقارات عدة في ذمار طالها خلال فترات سابقة اعتداء ذلك المسؤول الحوثي وتعود ملكيتها إما للدولة أو لمواطنين مغلوبين على أمرهم.
وقال إنه حاول مرارا برفقة البعض من أقاربه الانتقام من ذلك المسؤول الحوثي، لكن ثلاث محاولات اغتيال باءت بالفشل باستثناء العملية الأخيرة قبل نحو ستة أشهر والتي أدت إلى تعرضه لإصابات بعدة طلقات نارية وتم على أثرها إسعافه لأحد مشافي المدينة.
واختتم المواطن حديثه قائلا: «ما دام لم أجد من ينصفني ويعيد إلي أرضي المنهوبة ومثلي كثير من المواطنين فستظل رصاصات الانتقام تلاحق هذا المعتدي حتى القضاء عليه والتخلص منه ومن شروره ومن تعديه ونهبه المتعمد والمتكرر لأموال وممتلكات المواطنين بذمار».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.