نتنياهو يرفض طلب بايدن وقف «حرب الصواريخ»

لا يستبعد إعادة احتلال قطاع غزة

نتنياهو يتحدث لمجموعة من السفراء في قاعدة عسكرية بتل أبيب أمس (رويترز)
نتنياهو يتحدث لمجموعة من السفراء في قاعدة عسكرية بتل أبيب أمس (رويترز)
TT

نتنياهو يرفض طلب بايدن وقف «حرب الصواريخ»

نتنياهو يتحدث لمجموعة من السفراء في قاعدة عسكرية بتل أبيب أمس (رويترز)
نتنياهو يتحدث لمجموعة من السفراء في قاعدة عسكرية بتل أبيب أمس (رويترز)

أكدت مصادر إسرائيلية سياسية أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، رد طلب الرئيس الأميركي، جو بايدن، وقف حرب الصواريخ على قطاع غزة. وقرر أنه يحتاج إلى مزيد من الوقت «حتى يستعيد الهدوء والأمان للمواطنين الإسرائيليين»، وفقاً لبيان أصدره مكتب الناطق بلسانه.
وحرص نتنياهو على زيارة مقر قيادة العمليات في الجيش الإسرائيلي، ومن هناك وجّه الشكر على «الدعم الرسمي الأميركي والأوروبي لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، ولكنه أعلن إصراره على مواصلة العمليات. وكشف مصدر إعلامي مطلع أن نتنياهو يصر على تصفية محمد ضيف، القائد العسكري لـ«حماس».
واعتبر الخبير العسكري الاستراتيجي، عاموس يدلين، هذا القرار «إضاعة فرصة ذهبية لتحسين العلاقات مع بايدن وإدارته». وقال: «العملية استنفذت أهدافها وتوقيفها اليوم استجابة للطلب الأميركي، كان يمكن أن يوفر لإسرائيل صفحة جديدة في هذه العلاقات، تضع حداً للمواجهة بيننا وبين الحزب الديمقراطي الأميركي. لكن نتنياهو يختار توجيه صفعة للمبادرة الأميركية، وهو أمر مؤسف سيكلفنا ثمناً».
وكان عدد من الوزراء قد تحمّسوا لعقد جلسة للمجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينيت)، مساء أمس (الأربعاء)، لإعلان وقف إطلاق النار. لكن نتنياهو ألغى هذه الجلسة في اللحظة الأخيرة وأصدر بيانه المذكور. وحسب موقع «واي نت»، التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن الرئيس الأميركي أبلغ نتنياهو، أمس، خلال الاتصال الرابع به خلال أسبوع، بأنه يترقب «تخفيضاً للتصعيد بشكل كبير اليوم»، وذلك تمهيداً للتوصل لوقف إطلاق النار. لكن نتنياهو رفض طلب بايدن وقال إنه «لا يوجد حد زمني للعملية العسكرية الإسرائيلية».
والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس الأربعاء، مع حوالي 70 سفيرا ودبلوماسيا أجنبيا، أعلن أمامهم أنه لا يستبعد أن يقدم على إعادة احتلال قطاع غزة، في وقت تزداد فيه الضغوط على الحكومة الإسرائيلية لوقف النار وإنهاء هذه الجولة من الحرب على قطاع غزة، وتتصاعد فيه المطالب حتى من أحد وزرائه، بوقف نار بشكل أحادي الجانب ومن دون اتفاق مع حماس.
وقدم نتنياهو، ووزير خارجيته، غابي أشكنازي، إحاطة للدبلوماسيين الأجانب، في أعقاب الانتقادات الواسعة لجيشه، على الحملة العسكرية التي يشنها على قطاع غزة ويتم فيها قتل مدنيين كثيرين وأطفال ونساء ومسح أبراج وعمارات وتدمير بيوت وشوارع وبنى تحتية. قال نتنياهو إن هذه الحرب لم تتم بمبادرة إسرائيل بل رد على قصف القدس من قطاع غزة. وفند ادعاءات حماس بالقول: «ليس القدس ما تهمهم. نحن من جهتنا، وفي ضوء الاحتجاجات الفلسطينية أصدرنا قرارا بمنع دخول اليهود إلى باحة جبل الهيكل (الحرم الشريف)، وطلبنا من المحكمة أن تؤجل البحث في قضية الشيخ جراح. حماس أرادت فقط الركوب على الموجة لأغراض سياسية. أما أشكنازي، فاعتبر أن حماس استغلت الوضع في القدس حتى تظهر كما لو أنها حامي حمى المدينة، لتكسب بذلك نقاطا حزبية تمهيدا للانتخابات». وأضاف: «من أجل مكاسبهم الحزبية ضحوا بسكان غزة».
وحاول نتنياهو تبرير القصف الذي أدى إلى قتل عشرات الأطفال والمدنيين، بالقول، إن «الجيش الإسرائيلي هو أكثر جيش في العالم يحرص على تفادي إصابة المدنيين. إذ قبل قصف المبنى، نتصل بسكانه ونبلغهم بأننا سنقصف لأن حماس تستخدمهم لأعمالها الإرهابية. شارحا، أنه إما تفعل أجهزة رادار فيها وإما تعد خططها الحربية ضد المدنيين الإسرائيليين، أو تستخدم ساحتها منصة لإطلاق الصواريخ علينا». وقال إن قواته تواصل تنفيذ خططها الحربية حتى لا تستطيع حماس مواصلة عملياتها.
ودعا نتنياهو الدبلوماسيين إلى توضيح الأمر لحكوماتهم، بأنه لن يسمح لحماس بتحقيق النصر في هذه الحرب «لأن انتصارها سيلحق ضررا ليس بإسرائيل، فقط، بل بدول الغرب برمتها وكذلك بالشعب الفلسطيني». لافتا إلى أن «الشعب الفلسطيني ليس عدوا لنا، بل حماس هي عدو لنا وله». و«نحن نضرب كل من يحاول ضربنا وننفذ عمليات دقيقة، ويجب أن تدعموا إسرائيل لأن ما يجري يخص أمن المنطقة كلها وليس إسرائيل فقط».
وكان وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، المقرب من نتنياهو، قد انضم، أمس، إلى العديد من السياسيين والجنرالات الذين ينصحون الحكومة بوقف النار مع قطاع غزة بقرار أحادي الجانب. وقال في تصريحات صحافية، إنه لا يؤيد الوصول إلى أي اتفاق مع حركة حماس «لأنها ليست جهة مؤتمنة. وأي خلاف يحصل بين قادتها، يجعلهم يستغلون الجبهة لتسجيل نقاط ضد بعضهم البعض، وبالتالي تخرق الاتفاق والتفاهمات». وقال إن «الضربات التي تلقتها حماس كافية لتلقينها الدرس. وإن العملية الحالية قد استنفدت. وبإمكاننا التوقف الآن». واعتبر شتاينتس، أن الحل الجذري لمشكلة حماس يكون فقط «في إعادة احتلال غزة وتصفية حكم حماس. لكن هذا الحل يكلف ثمنا باهظا غير مقبول في إسرائيل حاليا، وأنا أحترم من يعارضونه».
وفي لقاء أجراه نتنياهو مع رؤساء البلديات في البلدات المحيطة بقطاع غزة، قال إنه يستمد قوة وتشجيعا كبيرين من صمود هذه البلدات. ولكن الرؤساء أخبروه بأن صمودهم نابع من إيمانهم بأنه سيضع حدا لصواريخ حماس، وهددوه أنه إذا عادت الصواريخ فإنهم سيخرجون للتظاهر ضده. وكشف بعضهم أن عدة آلاف من مواطنيهم تركوا بلداتهم وهربوا شمالا لحين عودة الهدوء.
من جهة أخرى، أفادت مصادر سياسية في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، بحالة نزوح جماعي من سكان تل أبيب وضواحيها، ممن يخشون الصواريخ القادمة من قطاع غزة، متدفقين على المستوطنات يستأجرون البيوت فيها. ومن هذه المستوطنات، بيت حورون وجفعات زئيف، الواقعتان على طريق تل أبيب القدس، ومستوطنات أخرى في وسط الضفة. وهم يتحدثون عن «حالة رعب تجتاح تل أبيب».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.