بايدن يتوقع «تهدئة كبيرة» ووقف إطلاق النار في غزة

بايدن مع زوجته في قاعدة ديترويت يتحدث إلى رشيدة طليب ممثلة ولاية ميشيغان في الكونغرس (أ.ب)
بايدن مع زوجته في قاعدة ديترويت يتحدث إلى رشيدة طليب ممثلة ولاية ميشيغان في الكونغرس (أ.ب)
TT

بايدن يتوقع «تهدئة كبيرة» ووقف إطلاق النار في غزة

بايدن مع زوجته في قاعدة ديترويت يتحدث إلى رشيدة طليب ممثلة ولاية ميشيغان في الكونغرس (أ.ب)
بايدن مع زوجته في قاعدة ديترويت يتحدث إلى رشيدة طليب ممثلة ولاية ميشيغان في الكونغرس (أ.ب)

قال الرئيس الأميركي جو بايدن في اتصال هاتفي، صباح الأربعاء، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن الولايات المتحدة تتوقع «خفضاً كبيراً للتصعيد اليوم»، في غزة على طريق وقف إطلاق النار. وكانت المكالمة مع نتنياهو هي المحادثة الرابعة منذ اندلاع العنف.
وقال بيان البيت الأبيض، إن الرئيس بايدن تحدث هاتفياً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وأجريا نقاشاً مفصلاً حول حالة الأحداث في غزة، والتقدم الإسرائيلي في إضعاف قدرات «حماس» والعناصر الإرهابية الأخرى، والجهود الدبلوماسية المستمرة من قِبل الحكومات الإقليمية والولايات المتحدة. وأبلغ بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي، أنه يتوقع تهدئة كبيرة، اليوم، في مسار وقف إطلاق النار.
وقالت نائبة المتحدثة الصحافية للبيت الأبيض كارين جان بيير، للصحافيين، على متن طائرة الرئاسة لزيارة ولاية كونتيكيت «لقد تلقينا أكثر من 60 مكالمة من الرئيس ومسؤولي الإدارة مع كبار القادة في إسرائيل والسلطة الفلسطينية وقادة آخرين في المنطقة». وأشارت إلى سعي بايدن لتهدئة العنف في حديثه مع نتنياهو، لكنها لم تشر ما إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد وافق وسيستجيب لطلب بايدن بالتهدئة.
وركزت وسائل الإعلام الأميركية على الحديث الذي دار بين بايدن والنائبة الديمقراطية عن ولاية ميتشيغان، رشيدة طليب، ذات الأصول الفلسطينية، خلال زيارة بايدن لولاية ميتشيغان مساء الثلاثاء، فقد تحدثت رشيدة مع بايدن حول السياسة الأميركية تجاه إسرائيل وطالبته بممارسة المزيد من الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي، وقالت له إن الحقوق الفلسطينية ليست ورقة مساومة. وانتقدت رشيدة عبر تغريداتها، دعم بايدن لنتنياهو الذي يرتكب جرائم حرب وينتهك القانون الدولي علانية.
وأشار مكتب طليب في الكونغرس، إلى أنها طالبت بحماية الفلسطينيين، وانتقدت دعم الولايات المتحدة في منح حكومة نتنياهو مليارات الدولارات كل عام لارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين. وقالت طليب، إنه لا يمكن التسامح مع الفظائع المرتكبة مثل قصف المدارس بأسلحة قدمتها الولايات المتحدة إلى إسرائيل. واستمر الحديث بين طليب وبايدن وزوجته جيل بايدن، لنحو ثماني دقائق على مدرج المطار في مدينة ديترويت، حيث كان بايدن يقوم بجولة في مصنع فورد لصناعة السيارات. وخلال زيارته للمصنع ألقى خطاباً وجه فيه كلمة لرشيدة طليب، وقال لها «أنتِ مقاتلة، أنا معجب بذكائك وتعاطفك واهتمامك بالآخرين، وأدعو الله أن تكون جدتك وعائلتك بخير في الضفة الغربية». ووعدها بالعمل لحماية أسرتها بمن فيهم جدتها وعمها اللذان يعيشان في قرية بيت هور بالضفة الغربية وبقية الفلسطينيين.
ويواجه بايدن ضغوطاً سياسية للقيام بمزيد من الجهود للتوصل إلى وقف إطلاق النار والتهدئة، وسربت الإدارة يوم الثلاثاء، أن بايدن أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي، أنه لا يمكن للإدارة الأميركية مواجهة الانتقادات لصمتها إزاء الضربات الإسرائيلية في غزة، إلا لفترة محدودة. وقالت صحيفة «نيويورك تايمز»، عن مسؤولين بالبيت الأبيض، إن «اللغة التي تحدث بها بايدن مع نتنياهو كانت أكثر صرامة من البيان الذي أصدره البيت الأبيض»، وقال فيه إن بايدن أعرب عن دعمه وقف إطلاق النار.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض للصحافيين، جين ساكي، مساء الثلاثاء «إن هدفنا الآن هو إنهاء الصراع الحالي، وهذا ما ينصبّ تركيزنا عليه، أي العمل لإنهاء المعاناة والخسائر في الأرواح التي نراها على كلا الجانبين في هذه المرحلة». مضيفة، أن الطريقة الوحيدة لإنهاء الصراع منذ فترة طويلة، هي حل الدولتين، حيث يمكن للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، أن يعيشا جنباً إلى جنب. «هذه هي المناقشات التي أجريناها منذ البداية، من خلال حوارنا الاستراتيجي مع إسرائيل. من الواضح أن الأمر متروك لكلا الطرفين للمضي قدماً».
وحول موقف إدارة بايدن من اتفاقات أبراهام بين إسرائيل وبعض الدول العربية، قالت ساكي «إننا لا نتبع نفس تكتيكات الإدارة السابقة. لقد أعدنا المساعدة الإنسانية والمساعدات الأمنية للفلسطينيين، هذا شيء تم إيقافه في عام 2018 وشعرنا أنه ليس إجراءً بنّاءً من الإدارة السابقة».
وانتقدت ساكي إدارة ترمب، قائلة، إنه لم تقم بأي شيء بنّاء، لإنهاء الصراع الطويل في الشرق الأوسط. وشددت على أن وجهة نظر إدارة بايدن، هي حل الدولتين، «ما زالت وجهة نظرنا هي أن تقديم تلك المساعدة الإنسانية والأمنية للفلسطينيين مع الحفاظ على علاقتنا الأمنية الطويلة مع إسرائيل، هو في مصلحة الولايات المتحدة، وحل الدولتين هو ما يتعين على كلا الطرفين أن يجتمعا معاً للاتفاق. وهذه هي الطريقة الوحيدة للحصول على نتيجة طويلة الأجل سلمية ودائمة».
يذكر أن عدداً كبيراً من الديمقراطيين في مجلسي الشيوخ والنواب، قد دعوا إلى وقف فوري لإطلاق النار، محذرين من أن الولايات المتحدة لا تستطيع ببساطة أن تأمل أن يتوقف العنف وأن تتحسن الأوضاع، بينما إسرائيل تتعهد بمواصلة الضربات. كما طالب بعض المشرعين الديمقراطيين، بتقليص المساعدات الأميركية لإسرائيل. وعقد النائب الديمقراطي عن نيويورك، غريغوري ميكس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية، اجتماعاً مساء الاثنين مع النواب الديمقراطيين؛ بهدف تأجيل مناقشة طلب الإدارة الأميركية تمرير صفقة أسلحة لإسرائيل بقيمة 735 مليون دولار، والذي تمت الموافقة عليه قبل اندلاع التوترات والمواجهات المسلحة. ويتخوف الديمقراطيون في مجلس النواب من إرسال أسلحة أميركية الصنع إلى إسرائيل، في وقت تقوم فيه السلطات الإسرائيلية بقصف المدنيين والمناطق السكنية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.