وزير الصحة السوداني: الوضع الوبائي مخيف

من حملة التلقيح ضد كورونا في السودان (سونا)
من حملة التلقيح ضد كورونا في السودان (سونا)
TT

وزير الصحة السوداني: الوضع الوبائي مخيف

من حملة التلقيح ضد كورونا في السودان (سونا)
من حملة التلقيح ضد كورونا في السودان (سونا)

حذرت السلطات السودانية من أن الوضع الوبائي في البلاد بسبب فيروس كورونا في «غاية الخطورة»، ويمضى نحو الانحدار الشديد باتجاه تضاعف ارتفاع الحالات إلى أكثر من 100 ألف بحلول يونيو (حزيران) المقبل، وعليه قررت تعطيل الدراسة بكل أنحاء البلاد لمدة شهر، والتشديد على منع دخول القادمين من الهند البلاد.
وقال عضو مجلس السيادة، رئيس اللجنة، صديق تاور، في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس (الأربعاء)، إن القرارات اتخذت بعد نقاش مستفيض لتقارير وتنبؤات وزارة الصحة بالوضع الوبائي الراهن وتوقعاتها بارتفاع أعداد الإصابات في الفترة المقبلة.
وأضاف: بناء على ذلك قررنا تعطيل الدراسة بالجامعات والمدراس لمدة شهر، وتقييد دخول جميع القادمين من الهند خلال الأسبوعين الماضيين، وإعادة فحص جميع الركاب القادمين عبر المعابر من مصر وإثيوبيا.
وأشار إلى أن الإجراءات تشمل حظر التجمعات والحفلات، وتقليص العمالة في المؤسسات العامة والخاصة إلى الحد المعقول، كما يشترط استمرار النشاط الرياضي عدم دخول الجمهور إلى الملاعب.
ومن جانبه قال وزير الصحة السوداني عمر النجيب إن الوضع الوبائي في البلاد مخيف جدا، إذ تذهب التوقعات بتجاوز حالات الإصابة 100 ألف في يونيو (حزيران) المقبل. وأشار إلى أن الإجراءات التي تم اتخاذها بواسطة لجنة الطوارئ الصحية العليا بالبلاد، من أجل حماية حياة المواطنين، والحفاظ على المؤسسات الصحية من الانهيار.
وأقر الوزير بتعثر حملة التطعيم وضعفها، وقال إن الوزارة بصدد إطلاق أضخم حملة للوصول إلى أكبر عدد من المواطنين، كما سيتم توزيع اللقاحات في المؤسسات العامة والخاصة.
ومن جهة ثانية، كشف مدير سلطة الطيران المدني إبراهيم عدلان عن إصدار نشرة جوية تم تعميمها على جميع المطارات الدولية بمنع دخول الوافدين من الهند خلال 14 يوما، والتشديد على إجراء فحص الركاب القادمين من مصر وإثيوبيا بمطار الخرطوم، حجرهم على حسابهم الخاص.
واستبعد عدلان أي اتجاه لإغلاق المطارات بالبلاد في الوقت الراهن، بيد أنه قال إذا تفاقم الوضع الوبائي فسنلجأ إلى ذلك.
وأبدت وزارة التربية والتعليم موافقتها الكاملة على قرارات اللجنة بتعطيل الدراسة بالجامعات والمدراس، حرصا على سلامة الطلاب.
وقالت وزيرة التربية والتعليم المكلفة، تماضر الطريفي، اتفقنا مع لجنة الطوارئ على عقد امتحانات شهادة الأساس في كل الولايات مطلع الشهر المقبل، وإجراء امتحانات الشهادة الثانوية في مواعيدها بنهاية الشهر نفسه.
من جهتها، رهنت وزارة الشؤون الدينية استمرار الصلوات في دور العبادة بالالتزام الصارم بالاشتراطات الصحية، ولوحت بمساءلة أي تقصير من جانب لجان المساجد والأئمة، واللجوء إلى إغلاق كلي لدور العبادة.
وذكرت لجنة الطوارئ الصحية في بيان أول من أمس (الثلاثاء) أن 50 في المائة من حالات الاشتباه تأكدت إصابتها بفيروس كورونا، إذ بلغت الإحصائيات إصابة 34.707 من جملة عينات الفحص لحوالي 65.252 شخصا، فيما بلغت أعداد الوفيات (1116) غالبيتهم من كبار السن.
وعزت اللجنة ازدياد حالات الإصابة وانتشارها مجتمعيا إلى التجمعات والمناسبات الاجتماعية والدينية.
وشددت اللجنة على إلزام الجميع بغطاء الوجه «الكمامة» في جميع مواقع العمل والأسواق والمركبات العامة وكل من يخالف ذلك يعرض نفسه للمساءلة والعقوبة القانونية.
ومنذ بدء حملة التطعيم بلقاح «أسترازينيكا» في مارس (آذار) الماضي، تم تطعيم 140 ألف من أصل 800 ألف جرعة وصلت إلى البلاد، بسبب إحجام كثير من السودانيين عن التوجه إلى المراكز لتلقي الجرعة.
وطلب السودان 17 مليون جرعة من لقاحات (كوفيد - 19) ليغطي 8 ملايين بما يمثل 20 في المائة من سكان البلاد.
وفقد السودان عددا كبيرا من رموزه السياسية والاجتماعية جراء إصابتهم بفيروس كورونا، أبرزهم رئيس حزب الأمة، والسياسي المخضرم الصادق المهدي.


مقالات ذات صلة

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)
صحتك طفل يخضع لاختبار الكشف عن فيروس كورونا (أرشيفية - أ.ب)

دراسة: «كورونا» يزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بالسكري

كشفت دراسة جديدة عن أن عدوى فيروس كورونا تزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بمرض السكري من النوع الثاني مقارنة بعدوى أمراض الجهاز التنفسي الأخرى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك جرعة من لقاح «كورونا» (رويترز)

رجل يتهم لقاح «فايزر» المضاد لـ«كورونا» بـ«تدمير حياته»

قال مواطن من آيرلندا الشمالية إن لقاح «فايزر» المضاد لفيروس كورونا دمر حياته، مشيراً إلى أنه كان لائقاً صحياً ونادراً ما يمرض قبل تلقي جرعة معززة من اللقاح.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«دواء مر»... مخاوف عميقة وشراكة قلقة تجمع مصريين بـ«النقد الدولي»

السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

«دواء مر»... مخاوف عميقة وشراكة قلقة تجمع مصريين بـ«النقد الدولي»

السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)

رغم قناعتهم بأنه الملجأ وقت الأزمات، وأنه الطريق الذي «لا بديل عنه» عندما تعصف التحديات الاقتصادية بالدولة، تجمع شراكة «قلقة» مصريين بـ«صندوق النقد الدولي»، وسط مخاوف عميقة من تبعات الالتزام بشروطه وتأثيرها في قدرتهم على تلبية احتياجاتهم اليومية، حتى باتت صورة الصندوق لدى كثيرين أشبه بـ«الدواء المر»، يحتاجون إليه للشفاء لكنهم يعانون تجرعه.

على قارعة الطريق جلست سيدة محمود، امرأة خمسينية، تبيع بعض الخضراوات في أحد شوارع حي العجوزة، لا تعلم كثيراً عن صندوق النقد وشروطه لكنها تدرك أن القروض عادةً ما ترتبط بارتفاع في الأسعار، وقالت لـ«الشرق الأوسط» ببساطة: «ديون يعني مزيداً من الغلاء، المواصلات ستزيد والخضار الذي أبيعه سيرتفع سعره».

وتنخرط مصر حالياً في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي تم الاتفاق عليه في نهاية 2022، بقيمة ثلاثة مليارات دولار، قبل أن تزيد قيمته في مارس (آذار) الماضي إلى ثمانية مليارات دولار، عقب تحرير القاهرة لسعر الصرف ليقترب الدولار من حاجز الـ50 جنيهاً. وتلتزم مصر في إطار البرنامج بخفض دعم الوقود والكهرباء وسلع أولية أخرى، مما دفع إلى موجة غلاء يشكو منها مصريون.

«دواء مر»، هكذا وصف الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، قروض صندوق النقد الدولي، مشيراً إلى ما يثيره «الصندوق»، في نفوس المصريين من «قلق»، ارتباطاً بما تولِّده «الديون والقروض» في نفوسهم من «أعباء ومخاوف».

يقول بدرة لـ«الشرق الأوسط» إن «المصريين دائماً ما يتحفزون ضد الصندوق نظراً لمتطلباته التي عادةً ما تؤثر في حياتهم وتزيد من أعبائهم المالية». وفي الوقت نفسه يؤكد بدرة أنه «لم يكن هناك باب آخر أمام الدولة المصرية إلا الصندوق في ظل أزمة اقتصادية بدأت عام 2011، وتفاقمت حدتها تباعاً».

كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد أكد خلال لقائه ومديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، الأحد، في القاهرة أن «أولوية الدولة هي تخفيف الضغوط والأعباء عن كاهل المواطنين».

وتأتي زيارة غورغييفا للقاهرة عقب دعوة السيسي، نهاية الشهر الماضي، لمراجعة قرض صندوق النقد مع مصر «حتى لا يشكل عبئاً على المواطن» في ظل التحديات الجيوسياسية التي تعاني منها البلاد، وأعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن «المراجعة الرابعة للقرض ستبدأ الثلاثاء»، وهي واحدة من أصل ثماني مراجعات في البرنامج.

الوصفة الاقتصادية القياسية التي يقدمها صندوق النقد عادةً ما ترتبط بالسياسة النقدية والمالية، لكنها «لا تشكل سوى ثلث المطلوب لتحقيق الإصلاح الاقتصادي والهيكلي»، حسب الخبير الاقتصادي هاني توفيق الذي أشار إلى أنه «لا ينبغي ربط كل الأعباء والتداعيات الاقتصادية بقرض صندوق النقد».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «اشتراطات صندوق النقد أو متطلباته أمور منطقية لكن لا بد أن تمتزج بخطوات إصلاح هيكلي اقتصادي لتحفيز الاستثمار والنظر في الأولويات».

بدوره، قال الخبير الاقتصادي المصري، مدحت نافع لـ«الشرق الأوسط» إن «صندوق النقد كأي مؤسسة مالية أخرى هو جهة مقرضة، لديها شروط مرتبطة بحجم مخاطر الدين وبأجندتها التي قد لا تتوافق دائماً مع أجندة الدولة وأولوياتها الوطنية».

ولفت نافع إلى أن «دراسات عدة أشارت إلى أن برامج صندوق النقد عادةً ما تحقق أهدافاً جيدة على المدى القصير من حيث كبح جماح التضخم وتحرير سعر الصرف، لكنها على المدى الطويل قد تؤدي إلى تداعيات سلبية على مستويات النمو الاقتصادي ونسب عجز الموازنة والبطالة».

لكن رغم ذلك يؤكد نافع أن «مصر كانت بحاجة إلى قرض صندوق النقد»، فهو على حد وصفه «شهادة دولية تتيح لمصر الحصول على تمويلات أخرى كانت في أمسّ الحاجة إليها في ظل أزمة اقتصادية طاحنة».

علاقة مصر مع صندوق النقد تاريخية ومعقدة، ويرتبط في مخيلة كثيرين بوصفات صعبة، تدفع نحو اضطرابات سياسية وأزمات اقتصادية، وربما كان ذلك ما حفَّزهم أخيراً لتداول مقاطع فيديو للرئيس الراحل حسني مبارك يتحدث فيها عن رفضه الانصياع لشروط الصندوق، حتى لا تزيد أعباء المواطنين، احتفى بها رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

وهنا يرى بدرة أن «الظروف السياسية والاقتصادية في عهد مبارك كانت مغايرة، والأوضاع كانت مستقرة»، مشيراً إلى أن «مبارك استجاب لمتطلبات الصندوق وحرَّك سعر الصرف لتصل قيمة الدولار إلى 3.8 جنيه بدلاً من 2.8 جنيه».

واتفق معه توفيق، مؤكداً أن «الوضع الاقتصادي في عهد مبارك كان مختلفاً، ولم تكن البلاد في حالة القلق والأزمة الحالية».

ووفقاً لموقع صندوق النقد الدولي، نفّذت مصر في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي أربعة برامج اقتصادية بدعم مالي من الصندوق، بقيمة 1.850 مليار دولار، لكنها لم تصرف سوى خمس المبلغ فقط، ما يعادل 421.3 مليون دولار. حيث تم إلغاء وعدم استكمال بعضها، بعد أن مكَّن الاتفاق مع الصندوق مصر من إلغاء 50 في المائة من دينها الرسمي في «نادي باريس».

ولتلافي التداعيات السلبية لقرض «صندوق النقد» أو على الأقل الحد منها، شدد نافع على «ضرورة الموازنة بين متطلبات (صندوق النقد) وبين أجندة الدولة الإصلاحية».

وقال: «تعديل شروط الصندوق أو تأجيل تنفيذ بعضها ليس صعباً في ظل أن الهدف الأساسي من الخطة، وهو كبح التضخم، لم يتحقق»، مشيراً في السياق نفسه إلى أن «الصندوق أيضاً متورط ويرى أن عدم نجاح برنامجه مع مصر قد يؤثر سلباً في سمعته، مما يتيح إمكانية للتفاوض والتوافق من أجل تحقيق أهداف مشتركة».

وانضمت مصر لعضوية صندوق النقد الدولي في ديسمبر (كانون الأول) 1945، وتبلغ حصتها فيه نحو 1.5 مليار دولار، وفقاً لموقع الهيئة العامة للاستعلامات، الذي يذكر أن «تاريخ مصر مع الاقتراض الخارجي ليس طويلاً، وأن أول تعاملاتها مع الصندوق كان في عهد الرئيس الراحل أنور السادات عامَي 1977 و1978 بهدف حل مشكلة المدفوعات الخارجية وزيادة التضخم».

وعقب أحداث 2011 طالبت مصر بالحصول على قرض من الصندوق مرة في عهد «المجلس العسكري» ومرتين في عهد الرئيس السابق محمد مرسي، لكنها لم تحصل عليه. وعام 2016 وقَّعت مصر اتفاقاً مع الصندوق مدته ثلاث سنوات بقيمة 12 مليار دولار. وعام 2020 حصلت مصر على 2.77 مليار دولار مساعدات عاجلة للمساهمة في مواجهة تداعيات الجائحة، وفقاً لهيئة الاستعلامات.