«الحراك» الجزائري يتخوف من «موجة اعتقالات» بعد إدراج حركتين على «لائحة الإرهاب»

جانب من مظاهرات الحراك المطالب بإبعاد رموز نظام بوتفليقة عن الحكم (رويترز)
جانب من مظاهرات الحراك المطالب بإبعاد رموز نظام بوتفليقة عن الحكم (رويترز)
TT

«الحراك» الجزائري يتخوف من «موجة اعتقالات» بعد إدراج حركتين على «لائحة الإرهاب»

جانب من مظاهرات الحراك المطالب بإبعاد رموز نظام بوتفليقة عن الحكم (رويترز)
جانب من مظاهرات الحراك المطالب بإبعاد رموز نظام بوتفليقة عن الحكم (رويترز)

أثار قرار سلطات الجزائر تصنيف حركتين سياسيتين، مندمجتين في الحراك الشعبي، مخاوف المتظاهرين من إطلاق موجة اعتقالات أكبر من تلك التي طالت 700 منهم الجمعة الماضي، خاصة بعد أن جددت قيادة الجيش، أمس، ضمناً تحذيراتها لأفراد التنظيمين بلهجة شديدة، وقالت إنها «ستتصدى لهم بحزم وقوة».
وتلقى ناشطون إشارات سلبية من السلطة، بعد وضع تنظيم «رشاد» الإسلامي، و«حركة استقلال منطقة القبائل»، المعروفة اختصاراً بـ«ماك» على لائحة الجماعات الإرهابية التي يحاربها الجيش منذ بداية تسعينيات القرن الماضي. وبدا من خلال ردود فعل ناشطين، على حساباتهم بالمنصات الرقمية الاجتماعية، مخاوف كبيرة من «مسعى السلطة إيجاد غطاء قانوني لتجريم التظاهر في الشارع، والتعامل مع المتظاهرين كإرهابيين»، على أساس أن الحكومة تعتبر الحراك «مخترقاً» من طرف التنظيمين. كما يسود «الحراكيين» قناعة بأن تصنيف «ماك» و«رشاد» كمنظمتين إرهابيتين، هدفه إنهاء المظاهرات بشكل صارم.
وقرر «المجلس الأعلى للأمن» خلال اجتماع مع الرئيس عبد المجيد تبون، أول من أمس، اعتبار الحركتين تنظيمين إرهابيين، واتهمهما بـ«ارتكاب أفعال عدائية وتحريضية ترمي إلى زعزعة استقرار البلاد والمساس بأمنها».
ورداً على ذلك، قالت «رشاد» أمس في بيان نشره يحيى مخيوبة، أحد قيادييها في فرنسا، إنها تعتبر القرار «عبثياً لا يستند إلى أي أساس قانوني، وهو صادرٌ عن هيئة استشارية، ليست لها الصلاحية أصلاً لاتخاذ القرارات». في إشارة إلى أن «مجلس الأمن» لا يتوفر على أي سند دستوري ولا قانوني يتيح له إصدار قرارات وإجراءات تنفيذية، لأنه مجرَد جهاز استشاري، تلجأ إليه السلطات لتقييم أوضاع وأحداث أمنية.
وأكد البيان أن التنظيم «يرفض جملة وتفصيلاً هذا القرار»، مشيراً إلى أنه تأسّس سنة 2007 «على مبدأ اللاعنف والسلمية في التغيير السياسي والاجتماعي، وقام بتوثيق ذلك في إنتاجه الفكري، ولا يوجد في خطابه، ولا في سلوك أعضائه، ما له علاقة بالعنف أو الإرهاب».
ويرأس «رشاد» الدبلوماسي السابق العربي زيتوت، وهو لاجئ في بريطانيا، ويملك في صفوفه القيادي الإسلامي مراد دهينة، المقيم بسويسرا. كما يضم أعضاء بارزين في فرنسا. أما «حركة انفصال القبائل» فيقودها المطرب الأمازيغي فرحات مهني، المقيم في فرنسا.
ويطرح إدراج المنظمتين في لائحة الإرهاب إشكالاً سياسياً مع الدول التي تأوي قادتهما، لأنها تصبح في هذه الحالة حكومات راعية لتنظيمات إرهابية، في منظور السلطات الجزائرية، التي تربطها علاقات ومصالح قوية مع هذه الدول.
وحول هذه القضية، كتب أستاذ العلوم السياسية محمد هناد: «معلوم أن صفة الإرهاب لا يمكن إطلاقها على أي تنظيم، إلا في حالة لجوئه المثبت إلى العنف المسلح من أجل تحقيق مطالب سياسية؛ وهذا ما لا نلمسه لدى الحركتين. أما الأفعال العدائية والتحريضية (كما جاء في بيان الرئاسة)، فلا نرى ما يدعو إلى إدراج أصحابها في قائمة الإرهاب، إذ يكفي تطبيق القانون على مرتكبيها. ثم كيف يمكن التعامل مع هاتين الحركتين بهذه الصفة، ما دامت حركة رشاد تبدو مجرد فكرة أكثر من كونها تنظيماً، بينما تظل حركة ماك تناضل ضمن الإطار السياسي العلني. اللهم إذا كانت السلطة قد اتخذت هذا القرار لخلق أعداء لها، سعياً منها لتجاوز حالة الانسداد التي تشهدها الساحة السياسية الوطنية».
ويشارك في الحراك منذ انطلاقه في 22 من فبراير (شباط) 2019 أعضاء من التنظيم الانفصالي بأعلامهم، وناشطون من «رشاد»، وكلاهما يرفع شعارات تعبر عن مطالب سياسية. واتهمت السلطات عناصرهما في مناسبات كثيرة بـ«خطف الحراك، وتوجيه شعاراته ضد الجيش»، خاصة مع ترديد شعار «مخابرات إرهابية» في الحراك منذ أشهر.
وهاجم رئيس أركان الجيش، الفريق سعيد شنقريحة، ضمناً، أفراد التنظيمين أمس خلال زيارته منشأة عسكرية بوهران (غرب)، وقال إنه «يحذر المغامرين بكل أطيافهم وآيديولوجياتهم من محاولة المساس بوحدتنا الترابية. ولهؤلاء نقول إن الجيش سيتصدى بحزم وقوة لكل من ينوي العبث بمقومات الأمة، وسنعمل على فضح مخططاتهم أمام الرأي الوطني والدولي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».