مدريد تستدعي سفيرة المغرب للاحتجاج

على إثر تدفق آلاف المهاجرين غير الشرعيين إلى سبتة ومليلية

قوات الأمن الإسباني تحرس عدداً من المهاجرين الذين دخلوا سبتة بطريقة غير شرعية أمس (رويترز)
قوات الأمن الإسباني تحرس عدداً من المهاجرين الذين دخلوا سبتة بطريقة غير شرعية أمس (رويترز)
TT

مدريد تستدعي سفيرة المغرب للاحتجاج

قوات الأمن الإسباني تحرس عدداً من المهاجرين الذين دخلوا سبتة بطريقة غير شرعية أمس (رويترز)
قوات الأمن الإسباني تحرس عدداً من المهاجرين الذين دخلوا سبتة بطريقة غير شرعية أمس (رويترز)

استدعت وزيرة الخارجية الإسبانية أرانشا غونزاليس لايا، أمس، سفيرة المغرب في مدريد كريمة بنيعيش، قصد التباحث معها بشأن التدفق الجماعي للمهاجرين غير الشرعيين أمس وأول من أمس على مدينتي سبتة ومليلية، اللتين تحتلهما إسبانيا في شمال المغرب، وذلك في أحد أكبر عمليات للهجرة الجماعية بالمنطقة. كما قرر المغرب استدعاء سفيرته في إسبانيا للتشاور بعد «الاستياء» الذي عبرت عنه مدريد.
وقالت السفيرة بنيعيش في تصريح مقتضب لوكالة «أوروبا برس» الإسبانية، عقب اللقاء، إن «هناك أفعالاً لها نتائج ويجب تحملها»، مشيرة إلى «سلوكيات لا يمكن قبولها». في إشارة إلى استضافة إسبانيا سراً لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، إبراهيم غالي، مضيفة أن العلاقات بين الدول الجارة «تقوم على أساس الثقة المتبادلة، التي يجب العمل عليها وتغذيتها».
وأفادت مصادر إسبانية بتدفق 6000 مهاجر غير شرعي إلى سبتة المحتلة، فيما تكرر نفس السيناريو في ساعة مبكرة من صباح أمس في مدينة مليلية المحتلة، القريبة من مدينة الناظور، بأعداد أقل.
في غضون ذلك، ألغى رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز مشاركته في قمة تمويل أفريقيا التي تحتضنها باريس، وقال في تدوينة له عبر «تويتر» إنه يتابع «الوضع في سبتة»، وتعهد بـ«إعادة النظام» لسبتة، معتبراً أن ما حدث «أزمة خطيرة لإسبانيا وأوروبا».
وحل رئيس الحكومة الإسبانية بعد ظهر أمس بسبتة، واستقبلته مجموعة من سكان المدينة في مخرج المطار، بشكل عنيف وكلمات نابية، ومنهم من هاجم السيارة التي أقلته نحو الحدود بين المدينة المحتلة والمغرب. وكان منتظراً أن يتوجه سانشيز بعد سبتة إلى مليلية.
ويرى مراقبون أن زيارة رئيس الحكومة الإسبانية لسبتة ومليلية ستزيد من حدة التوتر بين الرباط ومدريد، نظراً لأن المغرب اعتبر دائماً زيارة الشخصيات السامية الإسبانية للمدينتين المحتلتين عملاً استفزازياً.
إلى ذلك، أعادت السلطات الإسبانية فوراً 2700 مهاجر غير شرعي إلى المغرب، على أن يتم إعادة الباقين لاحقاً، فيما جرى الإبقاء على كثير من القاصرين داخل ملاجئ، في انتظار البتّ في مصيرهم.
من جهتها، اعتبرت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية، إيفا جوهانسون، أن تدفق 6000 آلاف مهاجر إلى سبتة «أمر مقلق»، ودعت المغرب إلى «مواصلة منع العبور غير القانوني». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن جوهانسون قولها أمام البرلمان الأوروبي إن الأهم الآن «هو أن يواصل المغرب التزام منع العبور غير القانوني، وأن تتم إعادة الأشخاص الذين لا يحق لهم البقاء في سبتة»، معتبرة أن الحدود الإسبانية «هي حدود أوروبا».
من جهته، انتقد رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق، خوسيه ماريا أزنار، كيفية تعامل حكومة سانشيز مع الأزمة مع المغرب. وقال في خطابه أمام المؤتمر الأيبيري - الأميركي الرابع، إن إسبانيا اليوم «تواجه للأسف مشكلة خطيرة للغاية مع المغرب»، مشيراً إلى أن الأزمة التي حدثت في سبتة «كانت متوقعة». وتابع موضحاً: «يمكن انتقاد المغاربة في بعض المجالات، لكنهم قالوا في الأيام الأخيرة إن الصراع قادم، لكنهم تجاهلوه هنا (مدريد)، وحدث الصراع»، وذلك في إشارة إلى استقبال غالي في إسبانيا بهوية مزورة للعلاج، رغم الشكاوى التي رفعت ضده فيها بتهمة انتهاك حقوق الإنسان من قبل كثير من الضحايا، وجماعات حقوق الإنسان.
ويأتي حادث تدفق المهاجرين غير الشرعيين في سياق التوتر، القائم بين الرباط ومدريد، على خلفية قضية غالي. وسبق لناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، أن صرح لوكالة «إيفي» الإسبانية، بداية الشهر الحالي بأن المغرب «ما زال ينتظر رداً مرضياً ومقنعاً» من طرف إسبانيا، بخصوص قرارها السماح لغالي، المتابع من طرف العدالة الإسبانية على خلفية جرائم إبادة وإرهاب واغتصاب واختطاف، بالدخول إلى ترابها بهوية جزائرية مزورة.
وأوضح بوريطة أن المغرب وإسبانيا تجمعهما «شراكة شاملة»، سياسية، اقتصادية، تجارية، إنسانية، أمنية. مشدداً على أن بلاده ترفض أن تكون «دركي» الاتحاد الأوروبي، فيما يتعلق بقضايا الهجرة، واعتبر أن هذه القضية «تحتاج إلى معالجة شمولية»، وليس مالية فقط.


مقالات ذات صلة

اليونان تعلّق دراسة طلبات اللجوء للسوريين

المشرق العربي مهاجرون جرى إنقاذهم ينزلون من سفينة لخفر السواحل اليوناني بميناء ميتيليني (رويترز)

اليونان تعلّق دراسة طلبات اللجوء للسوريين

أعلنت اليونان التي تُعدّ منفذاً أساسياً لكثير من اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي، أنها علّقت بشكل مؤقت دراسة طلبات اللجوء المقدَّمة من سوريين

«الشرق الأوسط» (أثينا)
العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

جزر الباهاماس ترفض اقتراح ترمب باستقبال المهاجرين المرحّلين

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن جزر الباهاماس رفضت اقتراحاً من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب المقبلة، باستقبال المهاجرين المرحَّلين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا مهاجرون أفارقة خلال محاولتهم اقتحام معبر سبتة الحدودي مع إسبانيا (أ.ف.ب)

إسبانيا تشيد بتعاون المغرب في تدبير تدفقات الهجرة

أشادت كاتبة الدولة الإسبانية للهجرة، بيلار كانسيلا رودريغيز بـ«التعاون الوثيق» مع المغرب في مجال تدبير تدفقات الهجرة.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
المشرق العربي مهاجرون يعبرون بحر المانش (القنال الإنجليزي) على متن قارب (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle 00:32

العراق وبريطانيا يوقعان اتفاقاً أمنياً لاستهداف عصابات تهريب البشر

قالت بريطانيا، الخميس، إنها وقعت اتفاقاً أمنياً مع العراق لاستهداف عصابات تهريب البشر، وتعزيز التعاون على الحدود.

«الشرق الأوسط» (لندن)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.