غضب واستنكار في لبنان لتصريحات وزير الخارجية المسيئة لدول الخليج

عون تبرأ مما قاله وهبة... وإدانات واسعة لإساءاته

TT

غضب واستنكار في لبنان لتصريحات وزير الخارجية المسيئة لدول الخليج

أثارت تصريحات وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة التي اتهم فيها دول الخليج بتمويل تنظيم «داعش» موجة استنكار في لبنان، لم يخفف منها بيان رئاسة الجمهورية الذي تبرأ من التصريحات، ولا اعتذار الوزير الذي وضع ما قاله في خانة «الانفعال». وعلمت «الشرق الأوسط» أن السفارة السعودية في بيروت ستشهد صباح اليوم زيارات لممثلي كتل برلمانية لبنانية للتعبير عن التضامن مع المملكة، والاحتجاج على تصريحات وهبة.
وفي هذا الإطار أجرى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط اتصالاً بالسفير السعودي في لبنان وليد بخاري مستنكراً «الكلام المسيء وغير المسؤول» الذي صدر عن وهبة، مؤكداً إدانته لمثل هذا الكلام الذي لا يعبّر على الإطلاق عن عمق العلاقة الأخوية التاريخية التي تجمع اللبنانيين بدول الخليج العربي، ومعرباً عن التضامن مع المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً.
ورغم تبرؤ رئاسة الجمهورية من تصريحات وهبة، لكنها اعتبرت في المقابل أن ردود الفعل عليها «هي التي تهدف إلى الإساءة للعلاقات الأخوية بين لبنان ودول الخليج»، قبل أن يصدر وهبة اعتذاراً عما صدر عنه معلناً أنه لم يقصد الإساءة للشعوب العربية و«بعض العبارات صدرت عنه نتيجة الانفعال».
ومع تأكيد الرئاسة «على عمق العلاقات الأخوية بين لبنان ودول الخليج الشقيقة وفي مقدمها المملكة العربية السعودية الشقيقة»، اعتبرت «أن ما صدر عن وزير الخارجية والمغتربين يعبر عن رأيه الشخصي، ولا يعكس في أي حال من الأحوال موقف الدولة اللبنانية ورئيسها ميشال عون».
واتصل رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بوهبة لـ«استيضاحه حيثيات التصريحات التي أدلى بها»، وأكد دياب حرصه على أفضل العلاقات مع السعودية ودول الخليج ومع جميع الدول الشقيقة والصديقة وعدم الإساءة إليها، خصوصاً أن هذه الدول لطالما وقفت إلى جانب لبنان، مؤكداً ثقته بأنها لن تتخلى عنه اليوم.
واستنكر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري كلام وهبة، معتبراً أنه «أضاف مأثرة جديدة إلى مآثر العهد في تخريب العلاقات اللبنانية العربية، كما لو أن الأزمات التي تغرق فيها البلاد والمقاطعة التي تعانيها، لا تكفي للدلالة على السياسات العشوائية المعتمدة تجاه الأشقاء العرب»، مؤكداً أن «كلام وهبة لا يمت للعمل الدبلوماسي بأي صلة، وهو يشكل جولة من جولات العبث والتهور بالسياسات الخارجية التي اعتمدها وزراء العهد، وتسببت بأوخم العواقب على لبنان ومصالح أبنائه في البلدان العربية».
وأضاف الحريري «إذا كان هذا الكلام يمثل محوراً معيناً في السلطة اعتاد على تقديم شهادات حسن سلوك لجهات داخلية وخارجية، فإنه بالتأكيد لا يعني معظم اللبنانيين الذين يتطلعون لتصحيح العلاقات مع الأشقاء في الخليج العربي ويرفضون الإفراط المشين في الإساءة لقواعد الأخوة والمصالح المشتركة».
موقف الإدانة نفسه عبر عنه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي اعتبر أن «ما صدر عن وهبة كلام غير مقبول ومدان ومرفوض ومردود على قائله، والتراجع عنه فضيلة، ومن يتعرض للمملكة العربية السعودية وسائر دول الخليج العربي فإنه يتعرض بادئ ذي بدء للبنان، فكيف تُبنى العلاقات بين الإخوة والأشقاء بأسلوب التجريح والقدح والتطاول»، مؤكداً أن «هذا لا يبني علاقات داخلية ولا حتى خارجية، وليس هذا مبدأ السياسيين الذين بنوا قواعد الأخوة بين لبنان وأشقائه العرب على مدى سنوات حكمهم». وشدّد على أن «دار الفتوى لا ترضى بهدم هذه القواعد ولا بتصديعها بل المطلوب دعمها وتثبيتها وترسيخها، فلبنان يتنفس برئتين رئته الداخلية المحلية ورئته العربية التي يحرص على سلامتها وديمومتها».
وصدر عن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بيان رد فيه على وهبة قائلاً: «كان يفترض بالوزير وهبة أن يكون وزير خارجية لبنان واللبنانيين فانتهى به الأمر بوزير خارجية (حزب الله)»، متوقفاً عند أن من أتى بتنظيم «داعش» هي إيران ومعها النظام السوري، كما أن العدو الأول لـ«داعش» وأخواتها هو القيادة السعودية والقيادات الإسلامية الأخرى، بينما المستفيد من «داعش» هو المحور الذي ينتمي إليه وهبة.
ورأى جعجع أن «ما قام به وهبة كان بمثابة هجوم غير مبرر وغير مقبول على مجموعة دول عربية وفي طليعتها المملكة العربية السعودية التي كانت في كل الأوقات مساعداً وظهيراً للبنان»، مضيفاً «ما أقدم عليه الوزير وهبة البارحة هو جريمة بحق لبنان واللبنانيين، خصوصاً في ظل هذا الظرف العصيب، لذا فإن أقلّ المطلوب من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الإسراع في استبدال وهبة وتكليف وزير خارجية سواه لإدارة الشؤون الخارجية إلى حين تشكيل حكومة جديدة أو إجراء الانتخابات النيابية التي وحدها الكفيلة باستبدال التحالف القائم بأكثرية مختلفة تنتخب رئيساً مختلفاً وتعطي الثقة لحكومة إنقاذ مختلفة أصبح لبنان بأمس الحاجة إليها». كما استنكر رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة «الكلام والموقف المعيب الذي صدر عن وزير الخارجية شربل وهبة بحق دول الخليج العربي وخصوصاً المملكة العربية السعودية، وهو الذي يفترض به أن يكون أميناً على تراث الدبلوماسية اللبنانية العريقة، وأن يكون الحريص الأول على رعاية مصالح وعلاقات لبنان واللبنانيين مع أشقائهم العرب؛ فقد كان عليه إما أن يقول خيراً أو أن يصمت».
واعتبر السنيورة «أن العبارات التي تفوه بها الوزير (الصدفة) تعكس مقدار الخفة لديه وعدم إلمامِه بالفقه الدبلوماسي، ومدى تفشي وباء العنصرية الفكرية وداء جنون العظمة والاستعلاء والتكبر الأجوف الذي يتميز به، ومن هو على شاكلته من بعض رجال هذا العهد، والذين لا يتقنون سوى التخريب وإلحاق الضرر بالوطن والمواطنين».
وأكد «أن ما صدر عن هذا الوزير المستقيل لا يمثل الدولة اللبنانية أو اللبنانيين، بل يمثل حالة شاذة ومرضية يتطلع اللبنانيون إلى أن يشفوا منها سريعاً بلقاح العودة إلى احترام الدستور والقوانين والتزام القواعد الأساسية للأصول الدبلوماسية الرصينة».
وفي الإطار نفسه كتب رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي عبر حسابه على «تويتر» «ما قاله وزير الخارجية المستقيل مرفوض ومستنكر وبعيد كل البعد عن تاريخ العراقة الدبلوماسية اللبنانية، ويندرج في سلسلة الإساءات المدمرة إلى علاقات لبنان مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج. حمى الله هذا الوطن من العابثين به وبشعبه».
وكانت مواقف وهبة محور بحث في اجتماع لجنة الشؤون الخارجية النيابية برئاسة النائب في كتلة التنمية والتحرير ياسين جابر (يرأس الكتلة رئيس البرلمان نبيه بري). واستغرب جابر صدور مثل هذه التصريحات على لسان وزير الخارجية، وقال: «ما قاله وزير الخارجية بحق الدول العربية الشقيقة لا يعبّر عن موقف لبنان الرسمي ولا عن سياسة لبنان الخارجية تجاه أشقائه العرب»، معلناً أن «اللجنة بكل أعضائها متضامنة وتستنكر هذا الكلام»، ولفت إلى أن «لبنان الذي يعاني من الانهيار المالي والاقتصادي بحاجة أيضاً إلى أشقائه العرب، ويجب ألا ننسى أن أحد شرايين الحياة المالية والاقتصادية للبنان هو من أبنائه اللبنانيين الذين يعملون في الدول العربية الشقيقة وفي الدول الصديقة، وعلى لبنان أن يتعامل بدبلوماسية عالية وحرص شديدين على إقامة أفضل العلاقات مع مع أصدقائه وأشقائه حتى يستطيع أن يحصل على دعم هذه الدول وأن يبقي علاقاته جيدة مع الجميع».
وعبّر الحزب التقدمي الاشتراكي عن الموقف نفسه مؤكداً «أنّ ما يحتاجه لبنان في هذه المرحلة بالذات هو المواقف الراجحة والمقاربات السديدة التي تسهم في فكّ أزماته الواحدة تلو الأخرى، بدل تعميق تلك الأزمات والإساءة إلى من ساند لبنان ماضياً وحاضراً من خلال إطلاق تصريحات غير مسؤولة». وأكد «أن أي كلام مسيء للعلاقات الأخوية الطيبة مع الخليج العربي مرفوضٌ ومستنكر».
وعبّر أيضاً النائبان المستقيلان في «حزب الكتائب» إلياس حنكش ونديم الجميل عن رفضهما كلام وهبة المسيء، وأمل حنكش أن «لا ينعكس كلام وهبة سلباً على أرزاق وأعمال اللبنانيين في الخارج»، وقال الجميل عبر حسابه على «تويتر»: «ندفع اليوم ثمن معاداة ومهاجمة الدول الشقيقة أكثر من أي وقت مضى، فالعزلة العربية والدولية غير مسبوقة. شربل وهبة المؤتمن على علاقات لبنان الخارجية داس مصلحة البلد العليا، وتناسى أنه وزير خارجية الدولة لا وزير خارجية الدويلة! شربل وهبة أقله استقل»!



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.