محللون: أسلحة «حماس» أقوى وأبعد مدى في مواجهة إسرائيل

نظام «القبة الحديدية» الإسرائيلي يعترض صواريخ أطلقت من قطاع غزة (إ.ب.أ)
نظام «القبة الحديدية» الإسرائيلي يعترض صواريخ أطلقت من قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

محللون: أسلحة «حماس» أقوى وأبعد مدى في مواجهة إسرائيل

نظام «القبة الحديدية» الإسرائيلي يعترض صواريخ أطلقت من قطاع غزة (إ.ب.أ)
نظام «القبة الحديدية» الإسرائيلي يعترض صواريخ أطلقت من قطاع غزة (إ.ب.أ)

توجه حركة «حماس» ضربات أقوى وأبعد مدى انطلاقاً من قطاع غزة المحاصر وتمثل تحدياً للجيش الإسرائيلي ذي التسليح الحديث في حربها المفتوحة مع إسرائيل منذ أكثر من أسبوع.
ويقول محللون إن «حماس» قادرة على توجيه ضربات أكثر كثافة وضرب مناطق أعمق في إسرائيل؛ مقارنة بالنزاعات السابقة، ويرجع ذلك جزئياً إلى تلقيها الدعم من إيران.
هنا نظرة على أسلحة «حماس»، وكيف تطورت في السنوات الأخيرة، وما تأثيرها في مواجهة الجيش الإسرائيلي الذي يعدّ أحد أقوى الجيوش في العالم...
فاجأت «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة الخاضع للحصار الإسرائيلي منذ نحو 15 عاماً إسرائيل بقدرتها على توجيه ضربات عنيفة لتل أبيب ومدن أخرى.
وقال الجيش الإسرائيلي إن أكثر من 3 آلاف صاروخ سقطت على إسرائيل منذ بداية النزاع في 10 مايو (أيار) الحالي، وهو أكبر معدل ضربات على الإطلاق ضد الدولة العبرية، بحسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
تشتبك «حماس» هذه المرة بإطلاق ضربات مركزة؛ فتطلق أحياناً 100 صاروخ في بضع دقائق بهدف إرباك نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي المعروف باسم «القبة الحديدية».
قال فابيان هينز، الخبير المستقل المختص في التسلح بالشرق الأوسط، إن «الأمر الأكثر إثارة للاستغراب في هذه الحرب هو كيف تمكنوا من إطلاق كل هذا العدد من الصواريخ في هذا الوقت القصير؛ إن لم يكن في وقت واحد».
وأكدت «مجموعة الأزمات الدولية» في تقرير أصدرته (الجمعة) أن «قوة (حماس) النارية؛ سواء من حيث عدد الصواريخ ومداها، تفوق بكثير ما رأيناه سابقاً... على الصعيد العسكري؛ فوجئت إسرائيل بقدرات (حماس) العملياتية».
وتستطيع الحركة الوصول بصواريخها إلى القدس، وتقول إن لديها ما يكفي من الصواريخ بحيث يمكنها أن تصمد لمدة شهرين، وقامت للمرة الأولى بإطلاق صاروخ «عياش 250» الذي يبلغ مداه 250 كيلومتراً، ووجهته نحو إيلات في الجنوب؛ لكنها لم تنجح.
حتى سنوات قليلة مضت، كان السودان يقدم الدعم للفلسطينيين، لا سيما من خلال مصانع تجميع الأسلحة المهربة. لكنه توقف اليوم عن ذلك.
كما زودت سوريا «حماس» بالصواريخ في الماضي. ولكن إلى جانب عدد من الشخصيات المقيمة في الشتات، فإن إيران هي التي تقف اليوم على خط المواجهة في مساعدة الفصائل الفلسطينية المسلحة.
وقال «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية»، في أبريل (نيسان) الماضي: «صار دعم الجهات الفاعلة الإقليمية ركيزة أساسية للموقف العسكري الإيراني... ركزت أنشطة الانتشار الإيرانية على النظام السوري والكيانات الفاعلة غير الحكومية، لا سيما في غزة، وكذلك في العراق ولبنان وسوريا واليمن».
من جانبه، قال لوكالة الصحافة الفرنسية خبير أسلحة طلب عدم الكشف عن هويته وينشر أبحاثه عبر حساب «كاليبر أوبسكورا» على «تويتر»، إن «النهج الإيراني يتجاوز نقل الأسلحة... إنه يعتمد على نقل المعرفة ونماذج التصميم والممارسات الجيدة».
هكذا تنتج إيران أسلحة ثقيلة مصممة للفصائل المسلحة الموالية لها و«يسهل تصنيعها وتجميعها بأدوات بدائية». ومن ثم قال الخبير إن إسرائيل تواجه عدواً يتمتع «بقدرات مناسبة... ليست صواريخ عالية الدقة ولا صواريخ باليستية؛ بل قوة مدفعية من المستوى الأساسي».
ويقول الجيش الإسرائيلي إن لدى «حماس» مخزوناً من 15 ألف صاروخ.
ولئن كان يصعب تقدير الطاقة الإنتاجية لدى الفلسطينيين، فإن حساب «كاليبر أوبسكورا» قال إنهم «استعدوا جيداً لهذه اللحظة». وأضاف: «هم لا يريدون أن يصلوا إلى وضع تنفد فيه صواريخهم، وأعتقد أنه جرى التقليل من حجم المخزون».
وأضاف أن «لدى حماس (في الواقع) تاريخاً طويلاً في تصنيع الصواريخ، وقد برهنوا على أنهم أذكياء ومبدعون ومبتكرون»، مذكراً بأنهم جمعوا قذائف تعود إلى الحرب العالمية الأولى من سفينة بريطانية غارقة قبالة غزة.
وتحذر «مجموعة الأزمات الدولية» من أن «حدة العنف قد تتفاقم إذا قررت إسرائيل شن هجوم بري في قطاع غزة».
لكن غزة مليئة بالأحياء السكنية ذات الشوارع الضيقة والمتعرجة حيث يمثل خوض حرب برية كابوساً. ويعرف المقاتلون في القطاع كيف يتنقلون عبر شوارعهم، وقد ساهم ذلك في مقتل نحو 60 جندياً إسرائيلياً خلال حرب غزة عام 2014.
واختصر فابيان هينز الأمر بقوله: «إنها حرب مدن في بيئة معادية تماماً».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».