واشنطن تفرض عقوبات على أعضاء بالنظام العسكري في ميانمار

إرجاء اجتماع بالأمم المتحدة بشأن حظر الأسلحة «لأجل غير مسمى»

محتجون يحملون علم اتحاد طلاب ميانمار خلال مظاهرة ضد الانقلاب العسكري في ماندالاي (أ.ف.ب)
محتجون يحملون علم اتحاد طلاب ميانمار خلال مظاهرة ضد الانقلاب العسكري في ماندالاي (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تفرض عقوبات على أعضاء بالنظام العسكري في ميانمار

محتجون يحملون علم اتحاد طلاب ميانمار خلال مظاهرة ضد الانقلاب العسكري في ماندالاي (أ.ف.ب)
محتجون يحملون علم اتحاد طلاب ميانمار خلال مظاهرة ضد الانقلاب العسكري في ماندالاي (أ.ف.ب)

فرضت الحكومة الأميركية أمس (الاثنين)، مزيداً من العقوبات على ميانمار، حيث طالت تلك العقوبات 16 شخصاً، وكياناً واحداً على صلة بالنظام العسكري في البلاد.
وقال مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة إن «13 من الأفراد الذين تمت معاقبتهم اليوم هم أعضاء رئيسيون في النظام العسكري البورمي، الذي يقمع بعنف الحركة المؤيدة للديمقراطية في البلاد والمسؤول عن الهجمات العنيفة والمميتة المستمرة ضد شعب بورما، بما في ذلك قتل الأطفال».
والثلاثة الآخرون هم أبناء بالغون لمسؤولين عسكريين كبار في ميانمار، في حين أن الكيان هو مجلس إدارة الدولة، وهو «الهيئة التي أنشأها الجيش لدعم الإطاحة غير القانونية بالحكومة المدنية المنتخبة ديمقراطياً»، وفقاً للمكتب.
وسيجري تجميد جميع الممتلكات والمصالح في ممتلكات الأفراد وأي كيانات مملوكة لهم موجودة في الولايات المتحدة أو في حوزة أو سيطرة أشخاص أميركيين ويجب إبلاغ المكتب.
وقال المكتب إن بريطانيا وكندا «فرضتا أيضاً عقوبات على الأشخاص و/ أو الكيانات» فيما يتعلق بالانقلاب ضمن إجراءات متزامنة. وفرضت واشنطن مجموعة كبيرة على العقوبات وغيرها من الإجراءات التقييدية منذ انقلاب أول فبراير (شباط) على يد جيش ميانمار الذي أطاح بأعضاء الحكومة المنتخبة ديمقراطياً واحتجازهم.
وفي سياق متصل، أرجئ «إلى أجل غير مسمّى» اجتماع في الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة مخصّص للبحث في قرار غير ملزم ينصّ على «التعليق الفوري» لأيّ عمليّة نقل أسلحة إلى ميانمار، وذلك لعدم وجود دعم كافٍ للموافقة عليه، حسبما أعلنت الاثنين مصادر دبلوماسيّة.
وقال دبلوماسي طلب عدم كشف هوّيته إنّ مُعدّي النصّ «لم يحظوا بالتأييد الذي توقّعوه» لضمان حصول تصويت بغالبيّة كبيرة في الجمعيّة التي تضمّ 193 دولة عضواً.
وقال مصدر آخر لوكالة الصحافة الفرنسية طلب أيضاً عدم كشف اسمه، إنّهم يريدون «مزيداً من الوقت (لإجراء) مفاوضات، خصوصاً مع آسيان (رابطة دول جنوب شرقي آسيا)».
ووُضع النصّ بمبادرة من ليشتنشتاين، وبدعم من الاتّحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. وشارك في تقديم مشروع القرار ما مجموعه 48 دولة من أوروبا وأميركا وأفريقيا ودولة واحدة فقط تمثل آسيا هي كوريا الجنوبية.
وقال دبلوماسيّون إنّ مشروع القرار كان موضوع مفاوضات على مدى أسابيع عدّة في محاولة للاستفادة، خصوصاً من دعم الدول الأعضاء في «آسيان».
وهذا النصّ غير ملزم، خلافاً لقرارات مجلس الأمن الدولي. ولكن له أهمّية سياسيّة قويّة، وهو ينصّ على «التعليق الفوري لتوريد أو بيع أو النقل المباشر وغير المباشر لجميع الأسلحة والذخيرة والمعدّات العسكريّة الأخرى إلى ميانمار».
ويدعو النصّ السلطات العسكريّة البورميّة التي وضعت يدها على السلطة في الأوّل من فبراير (شباط) خلال انقلاب عسكري، إلى «إنهاء حالة الطوارئ» و«الوقف الفوري لكلّ أشكال العنف ضدّ المتظاهرين السلميّين». كما يدعوهم إلى «الإفراج الفوري وغير المشروط» عن الرئيس وين مْيِنت والزعيمة المدنيّة أونغ سان سو تشي، فضلاً عن جميع المعتقلين تعسّفياً.
كذلك، يُطالب النصّ «ميانمار بأن تُنفّذ بلا تأخير» خطّة العودة إلى الديمقراطيّة التي وضعتها رابطة آسيان، وبأن «تُسهّل بلا تأخير زيارة مبعوثة الأمم المتحدة» التي منِعت حتى الآن من دخول البلاد، وبالسماح بـ«وصول المساعدات الإنسانيّة بلا عوائق».



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.