شكوك في قدرة علاوي والصدر على تشكيل تحالف عابر للمحاصصة الطائفية والعرقية

سياسيون: أهدافه غير واضحة.. والقوى الماسكة بتلابيب العملية السياسية أقوى من أن تخترق

مقتدى الصدر وإياد علاوي
مقتدى الصدر وإياد علاوي
TT

شكوك في قدرة علاوي والصدر على تشكيل تحالف عابر للمحاصصة الطائفية والعرقية

مقتدى الصدر وإياد علاوي
مقتدى الصدر وإياد علاوي

في الوقت الذي عبر فيه سياسيون عراقيون عن ترحيبهم بالخطوة التي أقدم عليها كل من ائتلاف الوطنية بزعامة نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي وكتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر بتشكيل تحالف عابر للمحاصصة فإنهم اختلفوا بين أن يصطدم هذا التحالف بالمتانة التي تتمتع بها الكتل السياسية التي أقيمت على أسس عرقية وطائفية وبين أن يكون مجرد تنسيق بين الطرفين داخل البرلمان من أجل تمرير القوانين المهمة.
وكانت جميلة العبيدي، عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف الوطنية، كشفت أن «ائتلافها يعتزم تشكيل (تحالف إنقاذ العراق) مع كتلتي (الأحرار) بزعامة السيد مقتدى الصدر و(المواطن) بزعامة السيد عمار الحكيم بالإضافة إلى نواب من كتل سياسية أخرى»، مبينة أن «إعلان تحالف إنقاذ العراق سيكون بعد الاتفاق النهائي مع الكتل السياسية». وأضافت أن «الكتل السياسية ماضية بالمباحثات لتشكيل التحالف، لأنه يهدف إلى إنقاذ العراق من الطائفية»، موضحة أنه «في حال عودة الصدر إلى قيادة جناح مسلح سيفكك التحالف».
وبينما دعت كتلة بدر بزعامة هادي العامري التيار الصدري إلى إعادة النظر في الخطوة وقال عضو البرلمان عن الكتلة، محمد كون، في تصريح أمس إن كتلته تعارض وجود كتلة في التحالف الوطني (الكتلة الشيعية في البرلمان) متحالفة مع البعثيين، معتبرا ذلك خرقا واضحا للنظام الداخلي للتحالف الوطني الذي لا يسمح لأي كتلة بالتحالف مع كتلة من خارجه. وأضاف: «إنني أطالب جميع رؤساء الكتل في التحالف الوطني بتخيير كتلة الأحرار بين ترك تحالفه مع علاوي وترك التحالف الوطني».
من جهته، أكد رائد فهمي، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي ومنسق التحالف المدني الديمقراطي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمر لا نتوقع أن يكون بهذه البساطة إذا أردنا الحديث عن تكتل أو تيار جديد لكن ربما هو إطار تنسيقي داخل البرلمان علما بأن التيار الصدري بدأ مثل هذه المحاولات مع آخرين حتى داخل التحالف الوطني، إذ سمعنا أنه فاتح القيادي في ائتلاف دولة القانون علي الأديب بذلك»، مؤكدا أن «كل الدلائل والمؤشرات تفيد بأن هذا الأمر لا يرتقي إلى مستوى جبهة وإنما هو تنسيق داخل البرلمان لتمرير بعض القوانين، علما بأنه حتى مثل هذا التنسيق خطوة جيدة وندعمه ولكن يجب أن لانفرط بالتفاؤل لأن القوى السياسية التي لا تزال تمسك بتلابيب العملية السياسية داخل البرلمان والحكومة لا تزال قوية ومتماسكة، وبالتالي من الصعب خرقها مع أن محاولات من هذا النوع من شأنها زعزعة هذه القوى والتكتلات».
في السياق نفسه، أكد عضو البرلمان السابق وائل عبد اللطيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تشكيل هذا التحالف «أمر لن يكون سهلا رغم أن التحالف الوطني يعاني مشاكل كثيرة بسبب الخلافات الحادة بين طرفيه الرئيسيين، ائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني الذي يضم الأحرار والمجلس الأعلى، إذ لم يتفقا حتى الآن على من يتولى منصب رئيس هذا التحالف».
ومن خلال ما أعلنه ائتلاف الوطنية بشأن العمل على إنشاء هذا التحالف الجديد وبين ما أعلنته كتلة الأحرار لا يزال هناك بون كبير في رؤية كلا الطرفين لمفهوم هذا التحالف. فالصدريون لا يزالون صامتين حيال تحديد موقفهم من هذا التحالف باستثناء بيان واحد صدر عن الكتلة تحدث عن هذا التحالف وقال إنه يأتي في إطار المبادرة التي أطلقها زعيم التيار الصدري قبل فترة والتي تتعلق بميثاق الشرف السياسي.
من جهته، أعلن تحالف القوى العراقية دعمه لهذه الخطوة برغم عدم وضوح مراميها حتى الآن. وقال القيادي في التحالف عصام العبيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «مثل هذه المحاولات ليست جديدة، بل سبقتها محاولات كثيرة ويمكن أن تليها محاولات أخرى لأن المحاصصة أثرت سلبا على الجميع وهناك محاولات للخروج من عنق زجاجتها لكنها لم تنجح بسبب قوة التكتلات القائمة على هذا الأساس»، مبينا أنه «لهذا السبب فإننا نعتقد أن هذه المحاولة، رغم تأييدنا لها، لن تنجح في مثل هذه الظروف لا سيما أن لكل طرف ارتباط مع جهة أخرى، فائتلاف الوطنية لديه تنسيق وارتباط مع تحالف القوى العراقية والتيار الصدري مرتبط بالتحالف الوطني الذي لا يزال قويا ومتماسكا رغم كل الخلافات بين أركانه».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.