إسرائيل تغتال مسؤولاً في «الجهاد» وتستهدف البنية التحتية لغزة

قصف مصانع وخطوط كهرباء يفاقم معاناة الغزيين

رجال الإطفاء يحاولون التغلب على حريق بمصنع بعد قصف إسرائيلي في جباليا شمال غزة أمس (أ.ف.ب)
رجال الإطفاء يحاولون التغلب على حريق بمصنع بعد قصف إسرائيلي في جباليا شمال غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تغتال مسؤولاً في «الجهاد» وتستهدف البنية التحتية لغزة

رجال الإطفاء يحاولون التغلب على حريق بمصنع بعد قصف إسرائيلي في جباليا شمال غزة أمس (أ.ف.ب)
رجال الإطفاء يحاولون التغلب على حريق بمصنع بعد قصف إسرائيلي في جباليا شمال غزة أمس (أ.ف.ب)

اغتالت إسرائيل مسؤولاً كبيراً في «سرايا القدس» التابعة لحركة «الجهاد الإسلامي»، الاثنين، فيما استهدفت بشكل مكثف وغير مسبوق، البنية التحتية في قطاع غزة في اليوم الثامن من المواجهة، مدمرة شوارع ومنازل وخطوط كهرباء ومصانع اقتصادية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه اغتال بضربة جوية، حسام أبو هربيد القيادي في سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في شمال قطاع غزة. ونعت السرايا «قائد لواء الشمال»، فيها، وقالت إنها ستنتقم له بضربات صاروخية على إسرائيل. وقضى أبو هربيد من بين آخرين قتلتهم إسرائيل أيضاً، في القصف الموسع الذي طال سيارات ومنازل ومنشآت ومصانع ومؤسسات حكومية وشوارع ومحطات كهرباء وماء على طول القطاع المحاصر. وأغارت الطائرات الإسرائيلية على شارع البحر السياحي ودمرته بشكل كامل، كما أغارت على مجمع أنصار الأمني ودمرت مصنعاً للإسفنج ومصنع بوظة ومصنع بلاستيك، كما قصفت استراحتي المالديف وجلاكسي وسوت منازل بالأرض، إلى جانب قصف سيارات وشاحنات.
واستهدفت إسرائيل خطوط الكهرباء الرئيسية في غزة، ما أغرقها في ظلام معظم الوقت. وقالت شركة توزيع الكهرباء إن «دماراً كبيراً طال قطاعاً واسعاً من مكونات شبكة توزيع الكهرباء نتيجة العدوان، ما خلف خسائر بملايين الدولارات». وأضافت: «هناك خمسة خطوط رئيسية ناقلة للتيار متعطلة منذ بدء العدوان وتحمل طاقة تقدر بـ60 ميغاواط، والخطوط المتبقية دائمة التعطل والخروج من الخدمة بفعل استهداف وتدمير أماكن كثيرة». وحذرت الشركة من قرب توقف محطة التوليد، نظراً لإغلاق معبر كرم أبو سالم جنوب شرقي القطاع وعدم السماح بإدخال شحنات الوقود اللازمة لتشغيلها، موضحة أنها قامت بشراء كمية وقود من السوق المحلية، لإطالة أمد التشغيل يومين أو ثلاثة أيام من أجل الحصول على كهرباء.
وبينت أن كل المرافق الحيوية والمواطنين يحتاجون ويناشدون من أجل الحصول على كهرباء بشكل عاجل، خصوصاً قطاعات الصحة والمياه والصرف الصحي والخدمات التي ترزح تحت ضغط شديد.
ونوهت بأن معدل ساعات التيار الكهربائي وصل في أحسن الأحوال إلى ثلاث أو أربع ساعات خلال اليوم، غير كافية لقيام المرافق الحيوية بتقديم الخدمة المطلوبة للمواطنين. ووجهت نداء استغاثة للمجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية، بضرورة التدخل السريع والعاجل، لوقف التدهور الخطير المتوقع قريباً في الخدمات الحيوية المقدمة للمواطنين، وفي مقدمتها إمدادات الكهرباء اللازمة لتلك المرافق.
ويعاني الغزيون من نقص في الطاقة بسبب عدم قدرة المحطة الوحيدة على تلبية احتياجات القطاع، وزادت معاناتهم مع قصف خطوط الكهرباء خلال المواجهة الحالية. وقال سلامة معروف مدير المكتب الإعلام الحكومي بغزة، إن إسرائيل شنت في وقت قصير ليلة وصباح الاثنين، أكثر من 240 غارة. وأضاف: «ينوي الجيش قصف مدارس كذلك». وأوضح: «أخبر جيش الاحتلال الإسرائيلي الاثنين، مؤسسات أممية، نيته قصف مدرستي البراق والأقصى في محيط مسجد فلسطين، وهما ضمن المراكز المعدة للإيواء وإحداثياتها موجودة مسبقاً لدى الجهات الدولية».
وأكد المكتب الإعلامي أن خطوة الاحتلال تعني ازدياداً في وتيرة الجرأة على قصف الأعيان المدنية المحمية بقوة القانون. وبررت إسرائيل كل هذا القصف بادعاءات أنها ستستهدف أنفاقاً ومنازل قادة في «حماس». وخلال أسبوع واحد، استهدفت إسرائيل أكثر من 1100 هدف في القطاع عبر 1500 غارة حوية على الأقل، ما خلف 200 شهيد و1253 جريحاً و40 ألف نازح في مراكز الإيواء. وقالت الصحة الفلسطينية إن من بين الشهداء 58 طفلاً و34 سيدة و15 من كبار السن.
ورداً على استهداف البنى التحية في غزة، أعلنت كتائب «القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس»، أنها استهدفت بالصواريخ بارجة حربية إسرائيلية في عرض البحر قبالة شواطئ غزة. وأعلنت القسام أيضاً أنها أطلقت وستطلق موجة من الصواريخ، رداً على «العربدة الجوفاء من الاحتلال ضد أهل قطاع غزة والعدوان المتواصل على الشعب الفلسطيني»، تجاه أسدود وعسقلان وبئر السبع، كما أعلنت «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي»، مسؤوليتها الاثنين، عن «استهداف هرتسيليا شمال مدينة تل أبيب برشقة صاروخية كبيرة، كما استهدفت مدينة أسدود المحتلة برشقات صاروخية كبيرة، رداً على العدوان المتواصل على قطاع غزة».
ولاحقاً، قالت الشرطة الإسرائيلية إن 8 مستوطنين أصيبوا بجروح طفيفة، في سقوط صواريخ على مدينة أسدود. وقال ميكي روزنفليد، المتحدث بلسان الشرطة الإسرائيلية، في تغريدة على «تويتر»، إن أضراراً لحقت بمبنى، دون مزيد من التفاصيل.
من جهتها، قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن وابل الصواريخ الذي استهدف مجلس أشكول في غلاف غزة، أصاب حظيرة في إحدى مستوطنات المجلس بشكل مباشر، وتسبب في حريق اندلع بمكان الحادث. وأطلق مسلحون من قطاع غزة أكثر من 3000 صاروخ باتجاه إسرائيل منذ انطلاق التوتر قبل 8 أيام، وقتل 10 إسرائيليين وأصيب المئات بجروح.



عودة حديث «التهجير» في لقاء ترمب - نتنياهو تلقي بظلالها على مفاوضات الهدنة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ف.ب)
TT

عودة حديث «التهجير» في لقاء ترمب - نتنياهو تلقي بظلالها على مفاوضات الهدنة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض (أ.ف.ب)

التمسك بـ«تهجير الفلسطينيين» كان محوراً رئيساً في لقاء جمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو بواشنطن، بينما تتواصل مفاوضات في الدوحة لبحث الذهاب لهدنة جديدة قد تشمل محادثات بشأن وقف الحرب المستعرة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

تلك العودة الكلامية للتهجير المرفوضة فلسطينياً وعربياً، يراها مصدر مصري مطلع وخبراء في أحاديث منفصلة لـ«الشرق الأوسط»، رسائل سلبية للمفاوضات الجارية بالدوحة، سواء بغرض الضغط أو فرض أمر واقع، مستبعدين أن تؤثر تلك الأحاديث حالياً بشكل جذري على مسار المحادثات الجارية أو التوصل لهدنة ستكون الأسبوع المقبل حال نجحت الزيارة المرتقبة للمبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف لقطر.

وقال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، إن عودة الحديث عن «تهجير» الفلسطينيين في هذا التوقيت الحساس تضر بجهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإبرام الهدنة، موضحاً أن «موقف مصر والموقف العربي عموماً ثابت في هذا الإطار، حيث ينطلق من رفض تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير أهل غزة».

طفل فلسطيني يبكي قرب جثمان أحد أقربائه قُتل خلال غارة إسرائيلية على النصيرات في مستشفى العودة وسط غزة (أ.ف.ب)

وأكد المصدر المصري أن «الجهود الراهنة يجب أن تكون منصبة على تحقيق هدنة تقود لوقف شامل للحرب، وإعادة تأهيل القطاع»، مشيراً إلى الخطة المصرية للإعمار التي حظيت بدعم عربي في هذا الصدد في مارس (آذار) الماضي.

وخلال اجتماع مع نتنياهو، الاثنين، بالبيت الأبيض، عندما سئل ترمب عن «تهجير» الفلسطينيين، قال: «نحظى بتعاون كبير من الدول المحيطة... لذا سيحدث أمر جيد»، بينما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن بلاده تعمل مع واشنطن للعثور على دول أخرى توافق على مثل هذه الخطة، حسبما ذكرت «رويترز».

وعندما سُئل ترمب عما إذا كان حل الدولتين ممكناً، أجاب: «لا أعرف»، وأحال السؤال إلى نتنياهو، الذي أجاب بالقول: «أعتقد أن الفلسطينيين يجب أن يتمتعوا بجميع الصلاحيات لحكم أنفسهم، ولكن دون أن تمنح لهم أي صلاحيات من شأنها أن تهددنا. هذا يعني أن السلطة السيادية، مثل الأمن الشامل، ستبقى دائماً في أيدينا».

وجدّد الرئيس الأميركي، في مايو (أيار)، اقتراحه بتهجير سكان غزة، مكرراً أحاديثه التي بدأها مع توليه منصبه في يناير (كانون الثاني) الماضي، وكررها أيضا في فبراير (شباط)، وأبريل (نيسان)، مقابل تنديد عالمي ورفض عربي واسع لا سيما من مصر والأردن البلدين الحدوديين لفلسطين.

وكشفت «رويترز»، الاثنين، عن خطة لدى مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة أميركياً، اطلع عليها ترمب لإقامة مخيمات على مساحات كبيرة داخل غزة، وربما خارجها، لإيواء فلسطينيين من القطاع، وتبلغ تكلفتها نحو ملياري دولار، تزامناً مع تأكيد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أن الوزارة ستنشئ منطقة إنسانية جديدة في منطقة رفح لاستقبال ما لا يقل عن 600 ألف فلسطيني، وستكون خالية من «حماس».

ويرى أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية الدكتور طارق فهمي، أن عودة ترمب ونتنياهو لهذا الحديث تعد رسالة بأنهما ماضيان في مخطط التهجير، وأن هذه الورقة لم تسقط من حساباتهما بعد سواء بهجرة طوعية أو جبرية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه «من الواضح أن نتنياهو يريد تنفيذ مخططه بنقل الفلسطينيين بغزة إلى رفح التي تمثل نحو 20 في المائة من مساحة القطاع وجعلها منطقة أشبه بسجن لدفع السكان للهجرة القسرية أو الطوعية»، مشيراً إلى أن «عودة ترمب ونتنياهو لهذا الحديث مجدداً وسط مفاوضات دائرة بالدوحة نوع من الإرباك والضغط على المفاوض الفلسطيني».

فتاتان تهرولان بأحد الشوارع عقب غارة إسرائيلية أصابت خيمةً تؤوي نازحين فلسطينيين في مدينة غزة (أ.ف.ب)

ورغم استدعاء واشنطن لحديث «التهجير» مجدداً، فإنها ستوفد ويتكوف لحضور مفاوضات الهدنة بغزة، وقالت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، في تصريحات الاثنين إنه «سيتوجه إلى العاصمة القطرية الدوحة، هذا الأسبوع، حيث سيواصل المشاركة في هذه المناقشات»، مضيفة أن «القطريين والمصريين كانوا شركاء مفيدين للغاية في التوسط بهذه المفاوضات والمناقشات لإحلال السلام في هذه المنطقة، وإنهاء هذا الصراع نهائياً».

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، بالدوحة زيارة ويتكوف دون أن يحدد موعداً لها، مشيراً إلى أن المفاوضات تتركز حالياً على «إطار تفاوضي» للاتفاق، «وسعي إلى جسر الهوة للإطار التفاوضي».

وكانت المفاوضات في اليوم الثالث «صعبة وتركز على بحث آليات الانسحاب العسكري الإسرائيلي من قطاع غزة، وإدخال المساعدات ووقف النار»، بحسب مصدر فلسطيني تحدث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، فيما قال الوزير الإسرائيلي زئيف إلكين، وهو عضو في الحكومة الأمنية المصغرة، لهيئة البث الإسرائيلية الثلاثاء إن هناك «فرصة حقيقية» للاتفاق على وقف إطلاق النار، مضيفاً: «(حماس) تريد تغيير بعض الأمور الجوهرية، الأمر ليس بسيطاً، إلا أن هناك تقدماً».

ونقلت «آي نيوز 24» الإسرائيلية عن مصادر أن «هناك تقدماً في المفاوضات حيث تم حل 75 في المائة من القضايا حتى الآن. ومن القضايا التي لم يتم الاتفاق عليها بعدُ كيفية توزيع المساعدات الإنسانية، ويجري حالياً مناقشة انتشار الجيش الإسرائيلي في غزة خلال وقف إطلاق النار».

ووصل وفد إسرائيلي إلى العاصمة القطرية الدوحة، الأحد، يضم منسق شؤون الأسرى والمفقودين، غال هيرش، والمستشار السياسي لرئيس الحكومة الإسرائيلية، أوفير فالك، ومسؤولين آخرين من الجيش الإسرائيلي والموساد وجهاز الأمن العام (الشاباك)، بحسب القناة ذاتها.

ويعتقد فهمي أن استمرار جلسات التفاوض بالدوحة بحضور مصري منذ السبت بجانب مستوى الوفد الإسرائيلي يدل على أن هناك جدية لإتمام اتفاق، يضاف لذلك أن ويتكوف سيأتي للمنطقة لوضع اللمسات الأخيرة كما فعل في اتفاق يناير الماضي، مؤكداً أن فرص نجاح هذه المحادثات أقوى من فرص فشلها.

ويتوقع الرقب أن يتم في ضوء زيارة ويتكوف تلاقي التباينات تحت ضغوط أميركية والتوصل لهدنة قريبة ربما تكون الأحد أو الاثنين، خصوصاً والمبعوث الأميركي قد يضع اللمسات الأخيرة دون أن تتأثر تلك الجهود بالعمليات الاستنزافية التي تقوم بها المقاومة التي تشكل ضغطاً فقط على إسرائيل، مبدياً تفاؤلاً حذراً بإمكانية استمرار الهدنة بعد تصريحات ترمب ونتنياهو، إذ قد يستغلها الأخير في الحصول على رهائن والعودة لتنفيذ مخطط التهجير تحت أي ذرائع وبضوء أميركي.