جهود التهدئة تصطدم بتشدد إسرائيلي

7 من {القسام} يقودون المعركة مطلوبون للاغتيال على رأسهم الضيف... و{حماس} تريد شمل القدس في أي اتفاق

دبابات إسرائيلية على حدود قطاع غزة أمس (رويترز)
دبابات إسرائيلية على حدود قطاع غزة أمس (رويترز)
TT

جهود التهدئة تصطدم بتشدد إسرائيلي

دبابات إسرائيلية على حدود قطاع غزة أمس (رويترز)
دبابات إسرائيلية على حدود قطاع غزة أمس (رويترز)

كثفت مصر مدعومة من الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة جهودها من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن سيلاً من الاتصالات المكثفة والحوارات والاقتراحات تجري منذ أيام مع مسؤولين إسرائيليين ومسؤولي حركة {حماس} والمسؤولين الفسطينيين في رام الله، من أجل الوصول إلى اتفاق ينهي التصعيد.
وأكدت المصادر أن الجهود تصطدم بتعنت إسرائيلي متعلق برغبة تل أبيب في مواصلة الهجوم وتحقيق صورة نصر ما بعدما أثبتت {حماس} والفصائل الفلسطينية قدرتها على تحقيق الردع وتوازن الرعب في الجولة الأخيرة. كما تصطدم هذه الجهود بطلب من {حماس} بإدراج القدس في الاتفاق.
وبحسب المصادر، فإن المصريين طرحوا اتفاقاً للعودة إلى المربع الأول بما يشمل تخفيف الحصار على قطاع غزة وإدخال تسهيلات مقابل وقف العدوان، لكن إسرائيل رفضت وطلبت وقتاً إضافياً لضرب مزيد من الأهداف، فيما اشترطت {حماس} أن يشمل أي اتفاق وقف الاعتداءات في القدس وإخلاء الفلسطينيين من حي الشيخ جراح. وأبلغت {حماس} الأطراف المعنية بأن الكرة في الملعب الإسرائيلي الذي عليه أن يوقف التصعيد في القدس والضفة وغزة. وتدعم الجهود المصرية كل من الولايات المتحدة التي أرسلت مبعوثاً إلى إسرائيل، وروسيا والأمم المتحدة كذلك.
وكان المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط، هادي عمرو، وصل إلى إسرائيل الجمعة، لبحث {تثبيت هدوء مستدام} بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وقالت السفارة الأميركية في إسرائيل إن عمرو {سيعمل على تعزيز الحاجة إلى العمل من أجل تهدئة مستدامة، والاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس}.
وكان عمرو أجرى في الأيام الماضية، اتصالات حثيثة مع كل من الفلسطينيين والإسرائيليين من أجل التهدئة، لكن قدرته على إحداث اختراق تبدو أقل من مصر بسبب عدم وجود اتصالات بين واشنطن و{حماس}.
وقال مصدر أمني إسرائيلي لصحيفة {يديعوت أحرونوت} إن العملية العسكرية في غزة قد تستمر حتى الأحد (اليوم)، مضيفاً: {إذا تواصلت الإنجازات في غزة، فسيكون من الصواب المضي قدماً في وقف إطلاق النار}. وتابع: {لم نصل بعد إلى هذا الأمر، هناك بعض الأشياء الأخرى التي يجب القيام بها. لن يحدث ذلك غداً، وسوف يستغرق يومين أو ثلاثة ومن ثم سيبدأ الضغط الدولي الأسبوع المقبل}.
ويبدو إن إسرائيل تريد تحقيق إنجاز في غزة قبل ذلك.
وسلطت وسائل إعلام إسرائيلية الضوء أمس، على 7 مسؤولين في {كتائب القسام} يديرون المعركة مع إسرائيل التي تريد رؤوسهم.
وركزت وسائل الإعلام الإسرائليية على محمد ضيف، المسؤول العسكري لكتائب عز الدين القسام، وهو أكثر شخصية مطلوبة على الإطلاق لإسرائيل.
الضيف معروف بـ{الشبح}، فمنذ نحو 3 عقود لم يظهر في أماكن عامة، وحتى الإسرائيليون الذين يسعون وراءه لا يملكون صورة له. واليوم يملك هذا الرجل، حسبما يقول الإسرائيليون، مفاتيح الحرب والسلام في غزة أكثر من أي مسؤول آخر في السلطة و{حماس} وحتى في إسرائيل، إلى الحد الذي تساءل معه صحافيون إسرائيليون عن متى سيقرر الضيف إنهاء المعركة التي خطط لها وأعلن عنها قبل أن تبدأ. وحاولت إسرائيل اغتيال الضيف مرات عدة في السابق، لكنها فشلت في ذلك.
أما الشخص الثاني الذي أشارت إليه وسائل الإعلام الإسرائيلية، فهو يحيى السنوار قائد حركة {حماس} في قطاع غزة، ويعد أحد صقور الحركة ويصفونه في إسرائيل بأنه مندفع وعدواني.
ويحل ثالثاً مران عيسى الذي يقود {القسام} على الأرض، وترى إسرائيل أنه بمثابة {رئيس الأركان} في {القسام} وحل مكان أحمد الجعبري الذي اغتيل قبل سنوات. وهناك أيضاً أحمد غندور قائد الكتيبة الشمالية في حركة {حماس}، وتقول إسرائيل إن رجاله مسؤولون عن إطلاق غالبية الصواريخ من القطاع، ومحمد السنوار، مسؤول الحركة في خان يونس، وهو شقيق يحيى السنوار، وفتحي حماد، عضو المكتب السياسي في {حماس} وكان وزير داخلية في إحدى حكومات الحركة. والشخصية السابعة وقد لا يكون هدفاً حالياً بل في المستقبل، هو أبو عبيدة الناطق باسم {القسام} لما يحمله من مكانة رمزية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.